القرح والرجز

الإثنين ١٩ - سبتمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
ما هو الفرق بين ( القرح ) و ( الرجز ) وهما من كلمات القرآن الكريم ؟
آحمد صبحي منصور :

القرح

هو الألم الشديد . ومنه  ( قُرحة المعدة )  

وجاء فى القرآن الكريم بمعنى الألم النفسى الشديد ، وهذا فى سياق الهزيمة التى تعرض لها النبى محمد واصحابه فى موقعة ( أُحُد ) . فى قوله جل وعلا :

1 ـ ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) آل عمران )

2 ـ (  الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ  ( 172)آل عمران )

الرجز :

جاء الرّجز ( بضم الراء المشددة ) مرة واحدة فى قوله جل وعلا للنبى محمد فى بداية الوحى : ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) المدثر  ). والرُّجز هنا يعنى عبادة الأصنام والأوثان والأنصاب ، وقد كان يعبدها من قبل ، وتكررهذا النهى له مرات فى السور المكية ، ومنها  :

1 ـ ( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِي الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)   غافر )

2 ـ ( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (56)  الأنعام )

3 ـ ( وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنْ الظَّالِمِينَ (106)  يونس )

4 ـ  (  وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88) القصص ).

وهجر الرُّجز يعنى إجتنابها . قال جل وعلا : (  فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) الحج )

الرّجز ( بالراء المشددة المكسورة )

يعنى العذاب ، وهو أنواع :

1 ـ العذاب النفسى بوساوس الشيطان والقلق ، كما حدث لآهل بدر قبيل الالتحام مع المشركين , قال جل وعلا : ( إِذْ يُغَشِّيكُمْ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ (11) الانفال )

2 ـ العذاب البدنى المؤقت فى الدنيا بالتقرحات والدمامل .

2 /1 :  تعرض لها فرعون وقومه . قال جل وعلا : ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) الاعراف  )

2 / 2 : تعرض لها بنو إسرائيل كما جاء فى قوله جل وعلا :

2 / 2 / 1 : ( وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) البقرة ).

2 / 2 / 2 : ( وَإِذْ قِيلَ لَهُمْ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)  الأعراف )

3 ـ العذاب المُهلك الذى تعرض له قوم لوط فأبادهم ، فى قوله جل وعلا : ( وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35) العنكبوت ).

4 ـ عذاب الآخرة وهو ينتظر الكافرين بالقرآن الكريم :

4 / 1 : الذين يسعون فى القرآن الكريم معاجزين ، فإذا قلنا لهم إن القرآن الكريم نزل تبيانا لكل شىء يحتاج الى بيان قالوا كافرين بالقرآن الكريم معاجزين فيه : فأين كيفية الصلاة ومواقيتها ..الخ . قال جل وعلا عن هذا الصنف وعذابهم الرجزى الأليم يوم القيامة : ( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) سبأ )

4 / 2 : الذين لا يؤمنون بحديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم فقط ، ويتخذون أحاديث شيطانية . قال جل وعلا : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11) الجاثية ).

لهم ( عَذَابٌ مُهِينٌ ) (  عَذَابٌ عَظِيمٌ)  ( عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ). يومها لن يغنى عنهم البخارى وأمثاله شيئا ، سيكون معهم فى عذاب من رجز أليم . وطاعة لأمر الله جل وعلا نبشرهم بعذاب أليم ( فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8).

 ودائما : صدق الله العظيم .



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2876
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5277
اجمالي القراءات : 64,244,381
تعليقات له : 5,506
تعليقات عليه : 14,901
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


الصانع: هل يوصف الله تعالى الخال ق بأنه صانع؟...

إعملوا على مكانتكم : الدكت ور/ احمد صبحي منصور حاولت إرسال ذلك...

ورفعنا لك ذكرك: جاء فى كتاب سيادت كم الأنب ياء فى القرآ ن ...

كتب المستشرقين: السلا م عليكم أخي الكري م أما بعد . أحمد الله...

Rashad Khalifa: Dear Dr. Mansour, I have been debating Edip Yuksel on facebook and he made the...

النساء 27 ، 28: سلام من الله عليكم ورحمة وبركة استاذ ي ...

لفظ الجلالة ( الله ): أتمنى ان تكونو ا بخير فنحن لم نراك في خطبة...

محفوظ ومكنون: ما هو الفرق بين اللوح المحف وظ، والكت اب ...

أمّة قائمة : ليسوا سواء من أهل الكتا ب أمة قائمة يتلون...

مؤتمر لأهل القرآن: من المفت رض أن يعقد موقع أهل القرآ ن كل عام...

صدقة الابن والمسكين: من الطبي عي أن ينفق شخص مؤمن مبلغا من ماله على...

دعوة ابراهيم للحج: كيف كان نبي الله إبراه يم عليه السلا م يؤذن...

طريق زبيدة: حضرت ندوة فى مركز الثقا فة عن خلفاء العصر...

يكتب عقارا لزوجته: هل يجوز ان يكتب الزوج لزوجت ه عقار بنية الخوف...

ملتحد / ملجأ: ما معنى ملتحد ا في الاية 27 من سورة الكهف ؟ ...

more