مقتنياتك تكاد تخنقك.. فما السبب الكامن الذي يمنعك من التخلّص منها؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل سمعت من قبل عن اضطراب الاكتناز أو التكديس القهري؟ إنه صعوبة مستمرة في التخلّص من المقتنيات أو التخلّي عنها بسبب اعتقادك أنك بحاجة مستمرة للاحتفاظ بها.
وقد صنّفته منظمة الصحة العالمية كحالة صحية نفسية في العام 2018، أي بعد خمس سنوات من إدراجه في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية التابع للجمعية الأمريكية للطب النفسي.
وبالنسبة لكيم، التي طلبت أن يتم التعريف بها باسمها الأول لحماية خصوصيتها، لم تطلب المساعدة إلا عندما أصبح الوضع غير آمن، وقالت: "تبدأ الأشياء بالتراكم، وتضيق الممرات، وتبدأ بالتعثّر داخل منزلك".
وأضافت الأم العزباء: "التخلص من الأشياء في القمامة صراع كبير، لكن إذا عرفنا أن هذه القطع قد يذهب إلى مكان مناسب، نشعر بتحسن".في البداية، كانت كيم تكدّس الأغراض حول سريرها وداخل غرفة نومها، لكن مع مرور الوقت، امتدّ الاكتناز ليشمل مناطق أخرى من المنزل، ضمنًا غرفة المعيشة.
وبحسب تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الأمريكي في العام 2024، فإنّ ثلثي الأشخاص المصابين باضطراب الاكتناز يعانون من حالة نفسية أخرى على الأقل.
ويقدّر عدد المصابين بهذا الاضطراب في الولايات المتحدة بحوالي 14 مليون شخص، مع نسب إصابة مماثلة في دول الغرب الأخرى.
ويشرح الخبراء أنّ الاكتناز قد يُسبّب العديد من المشاكل، إذ قد تصبح الحمامات والمطابخ غير صالحة للاستخدام، ما يؤثر على النظام الغذائي والنظافة الشخصية. وقد تهدّد السلطات السكنية بالإخلاء، ما يؤدي إلى التشرّد، وفي الحالات القصوى قد تقوم خدمات الرعاية الاجتماعية بسحب الأطفال من العائلات.
هناك أيضًا خطر على الحياة، فالاكتناز المفرط للمقتنيات، لا سيما الكتب والأوراق، يشكّل خطر حريق جسيم وعائق أمام جهود الإنقاذ من خلال حجب طرق الهروب.
لماذا يقوم الناس بالاكتناز؟
قد يكون التجميع جزءًا من حمضنا النووي، وفقًا للدكتور نيك نيف، أستاذ علم النفس في جامعة نورثامبريا بالمملكة المتحدة، ومدير مجموعة أبحاث الاكتناز في الجامعة، فـ"على مدار التاريخ، كانت الممتلكات دومًا مهمة، إذ ترى الناس يُدفنون مع مقتنياتهم".
وأضاف: "هذه الرغبة بجمع الأشياء جزء من شخصيتك وثقافتك. لذلك فإن الاكتناز أمر طبيعي، جميعنا لدينا مقتنيات لا نحتاجها".لكن، ما يفرّق الجمع العادي عن الاكتناز في كثير من الأحيان هو الصدمة، بحسب نيف.
وقال:"جميع الأشخاص الذين يعانون من الاكتناز والذين قابلتهم عاشوا طفولة صعبة، سواء كان اعتداء جسديا، أو اعتداء جنسيا، أو إهمالًا، أو خلفيات فوضوية، أو غياب الأبوين".
وهذا يتماشى مع تجربة كيم، التي ظهرت لديها الأعراض بعدما مرّت بعلاقة مؤذية، ووفاة صديق، وتشخيص طبي خطير.
قالت كيم، التي تعيش في ولاية نيويورك: "نسميها الأشياء تحت الأشياء. أحد المعالجين يصفها بأنها الضربة الأولى، ثم الثانية، ثم الثالثة. يمكنك التعامل مع صدمة واحدة، وربما اثنتين، لكن بعد ذلك، سيبدأ اضطراب الاكتناز بالتسلل إلى حياة الكثيرين".
وأضافت: "حاولت ملء الفراغ في قلبي وروحي بهذه الأشياء".
وأوضح نيف أنّ الاكتناز يُجسّد "استراتيجية تأقلم تبدأ بالعمل بشكل جيد" لكنها قد "تتدهور بسرعة إلى إدمان شديد ومشكلة نفسية يصعب حلّها"، مضيفًا أنّ الشعور بالخجل والوصمة قد يؤديان إلى مزيد من العزلة.
وتابع: "الأمر الواضح يتمثّل بالتخلّص من الفوضى، لكن ذلك لا يحل مشكلة السبب الذي جعلهم يحتفظون بها في المقام الأول. وإذا لم تعالج تلك المشكلة، فستعود مجددًا".
من جانبها، تقوم كارولين رودريغيز، مديرة برنامج أبحاث اضطرابات الاكتناز في جامعة ستانفورد، باختبار تدخّل باستخدام الواقع الافتراضي. وقالت لـCNN:"تركز العديد من العلاجات الحالية على المهارات المتعلّقة بالتخلص من المقتنيات واتخاذ القرارات بشأنها، والتي يمكن ممارستها في منزل المريض".
وأضافت: "في كثير من الحالات، يكون التخلّص من الأشياء في الحياة الواقعية صعبًا جدًا، أو تكون زيارات المنزل غير ممكنة لأسبابوأوضحت أن ممارسة التخلّي عن الأشياء تعد مهارة مهمة للغاية، وأضافت : "لذلك أردنا خلق بيئة افتراضية وآمنة للقيام بذلك".
وطُلب من 9 مشاركين التقاط صور بزاوية 360 درجة لأكثر غرفة مزدحمة في منازلهم، إضافة إلى 30 قطعة من المقتنيات للتخلص منها. وبعد إنشاء النسخ الافتراضية، تمكن المشاركون من التجول داخلها باستخدام نظارات الواقع الافتراضي وأجهزة التحكم المحمولة باليد.
وقالت رودريغيز: "بالنسبة للأشخاص الذين يشعرون بضيق كبير حتى عند محاولة التخلي عن مقتنياتهم، من الجيد أن يتمكنوا من ممارسة هذا النشاط في فضاء افتراضي بالإضافة إلى معالجة المشاعر المرتبطة به"، معربة عن أملها في توسيع المشروع.
وفي هذه الجلسات التي تستمر مدة ساعة واحدة، تعلّم المشاركون فهم ارتباطهم بالأشياء بشكل أفضل، ومارسوا وضعها في صناديق افتراضية لإعادة التدوير، أو التبرّع، أو النفايات، حيث كانت الأخيرة تُزال بواسطة شاحنة قمامة افتراضية. ثم كُلّفوا بمهمة التخلّص من العنصر الحقيقي في منازلهم، وفقا لرودريغيز.
وأجريت هذه الجلسات كجزء من برنامج العلاج الجماعي Buried in Treasures (مدفونون في الكنوز). استنادًا إلى كتاب يحمل الاسم ذاته من تأليف ديفيد تولين، وراندي فروست، وجيل ستيكتي، وهو مبادرة تستمر لمدة 16 أسبوعًا يقودها الأقران وتُطبق في دول عدة منها الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا. مثل الموقع أو تراكم الفوضى لدرجة تجعل من الخطر على الفريق الدخول".
اجمالي القراءات
23