حراك عمال مياه الشرب في مصر يتواصل بيومه الـ11 وسط تضامن واسع
يواصل عمال شركة مياه الشرب والصرف الصحي في مصر حراكهم الاحتجاجي لليوم الحادي عشر على التوالي، والذي بدأ بوقفات مطلبية في القاهرة، وسرعان ما اتسعت رقعته ليشمل محافظات الجيزة والشرقية وبني سويف والمنيا، في موجة غضب عمالي تُعد الأبرز في الآونة الأخيرة. ويطالب العمال المحتجون بحزمة من الحقوق المالية والإدارية، تأتي في مقدمتها مراعاة التدرج الوظيفي عند تطبيق الحد الأدنى للأجور، وتثبيت العمالة المؤقتة التي تعاني من عقود هشة منذ سنوات، بالإضافة إلى صرف العلاوات المتأخرة المستحقة منذ عام 2016، وإقالة نائب رئيس مجلس الإدارة للشؤون المالية والإدارية.
وشهدت ساحات الشركة هتافات عمالية موحدة مثل "إيد واحدة" و"يا شركتنا يا تكية.. يا وسية"، في تعبير عن رفضهم ما وصفوه بسياسات التسويف المستمر من قبل الشركة القابضة ووزارة الإسكان.
تفاقم الوضع المعيشي في مصر
وأشار المحتجون إلى أنّ نضالهم ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتحركات بدأت منذ نحو عامين قوبلت بوعود لم تنفذ، ما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي للعمال في ظل اختلال التوازن بين الارتفاع الجنوني للأسعار وتآكل قيمة الأجور، ووصل الأمر بإدارة الشركة إلى الامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية نهائية تقضي بصرف مستحقات بعض العمال، رغم أن هذه الحقوق ينبغي ألا تستلزم تقاضياً للحصول عليها.
وتأتي مطالب العمال عقب وعود رسمية بتحقيق الحد الأدنى للأجور في مصر عند 7 آلاف جنيه (147,6 دولاراً)، وفقاً لقرارات رئاسية وبرلمانية، مع وعود الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، التي تحتكر الخدمة في وادي النيل والدلتا ومعظم المناطق الساحلية والصحراوية، بتحسين أجور العاملين فيها، في الوقت الذي تمكنت فيه من رفع أسعار بيع المياه للجمهور بزيادة تصل إلى 50% سنوياً، مع تحصيل 40% من قيمة مبيعات المياه لخدمات الصرف الصحي، وزيادة أسعار عدادات وتوصيلات المياه إلى المنازل والشركات.
تضامن سياسي وحقوقي
وعلى الصعيد السياسي والحقوقي، أعلنت قوى حزبية ونقابية ومنظمات مجتمع مدني، اليوم الأحد، تضامنها الكامل مع مطالب العمال عبر بيان مشترك، مؤكدة أن هذه المطالب هي حقوق أصيلة أقرّتها الدولة نفسها.
ووقّعت على البيان أحزاب سياسية منها الحزب الاشتراكي المصري، وحركة الاشتراكيين الثوريين، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وأحزاب تحت التأسيس مثل "العيش والحرية" و"تيار الأمل"، إلى جانب لجان نقابية للعاملين بالاتصالات والضرائب وصحيفة الوفد. كما انضمت منظمات حقوقية بارزة في مصر إلى قائمة المتضامنين، منها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ودار الخدمات النقابية، ومركز الأرض لحقوق الإنسان.
وطالب الموقعون على بيان التضامن وزارة الإسكان بالتدخل الفوري للنظر في مطالب العاملين، وناشدوا وزارة العمل بفحص مدى التزام الشركة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، معربين عن قلقهم البالغ حيال الظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها العمال.
قانون العمل "غير منصف"
واعتبر المتضامنون أنّ قانون العمل الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في مصر أخيراً، "فشل في حماية هذه الفئات أو إنصاف آلاف المؤقتين، ولم يضع آليات رادعة تُلزم شركات قطاع الأعمال العام بتطبيق الحد الأدنى للأجور، ما جعل الاحتجاجات الحالية كاشفة لقصور التشريعات العمالية الحالية". وفي سياق متصل، وصفت حركة "الاشتراكيين الثوريين"، في بيان لها، الحراك العمالي بأنه نضال ضد "سياسات التجويع"، مشيرة إلى أن اتساع دائرة الاحتجاجات وتطور أدوات العمال من الوقفات إلى الاعتصام والإضراب التباطؤي يعكسان صلابة المشاركين ووعيهم بحقوقهم.
وأكدت الحركة أنّ العمال "لا يخوضون معركة مالية فحسب، بل يدافعون عن العدالة الاجتماعية في ظل مؤشرات اقتصادية تظهر تدني حصة الأجور من الناتج المحلي مقابل هيمنة رأس المال"، داعية القوى السياسية في مصر إلى "إعلان دعم واضح لهذا الحراك الذي قد يفتح الباب لموجة أوسع من المطالبة بالحقوق العمالية والديمقراطية".
اجمالي القراءات
16