آحمد صبحي منصور Ýí 2010-01-10
1 ـ
أكثر من مرة كتبنا ندعو الرئيس مبارك للوصول الى أتفاق يخرج به آمنا من السلطة مقابل تسليم الحكم لحكومة مؤقتة تقيم اصلاحا شاملا و تؤهل مصر لانتخاب حكومة برلمانية تطبق ذلك الاصلاح الشامل . وورد فى جريدة (المصريون)الاليكترونية بتاريخ ( 06 ـ 01-2010) أن د. على الدين هلال هاجم الحديث عن "خروج آمن" للرئيس مبارك من السلطة، ووصفها بأنه "كلام هراء"، لأنه يعتبر أن رئيس الجمهورية "حرامي" وكأن من يدعون لهذا "الخروج الآمن" يعتبرون أن الرئيس الذي حكم البلد لأكثر من 28 عامًا غير آمن، ولديه مخالفات سياسية وأمنية، ورأى أن ترديد مثل هذه الفكرة هو من قبيل الاستهلاك الإعلامي).
هذا الموقف متوقع من الحاشية ، فهى حريصة على مستقبلها ، ولو خرج مبارك آمنا من السلطة وتركهم خلفه فسيدفعون فاتورة ضخمة عن أنفسهم و عن سيدهم الذى نجا بحياته وحياة أسرته . هناك من الحاشية من شاخ فى موقعه ، وقام بتأمين نفسه و تحويشة العمر فى مكان أمين ، وأعدّ للأمر عدته من زمان ، وربما شارك مبارك فى وضع خطط الرحيل الآمن عند الضرورة . ولكن هناك من الحاشية من وفد حديثا فى خريف العمر ودون أن يتمكن بعد من تأمين مستقبله بعد مبارك ، وهو يضع أمله على فترة أخرى فى رئاسة مبارك يستطيع خلالها أن يصنع لنفسه تحويشة للعمر ويؤمن لنفسه مكانا آمنا مريحا يهرب اليه .
ينطبق هذا على دكتور على الدين هلال الذى باع تاريخه الليبرالى وصداقته للدكتور سعد الدين ابراهيم لينضم متأخرا الى حاشية مبارك الابن ، وليكون مع د . اسماعيل سراج الدين ضمن مجموعة ال ( بيبى سيترز :Baby sitters ) للوريث .
مع تضاؤل فرص الوريث وهبوط سمعته للحضيض بعد معركة الجزائر فى أم درمان تعلقت آمال الحاشية بمبارك الاب ، ولهذا جاء انزعاج د. على الدين هلال من اقتراح عماد الدين أديب بالخروج المبكر لمبارك . ومن الطبيعى أن د. على الدين هلال كان سيوافق على الفكرة و يرحب بها لو أن الاقتراح أضيفت له كلمة واحدة هى ( الحاشية ) أو أن يقال : ( الخروج الآمن لنظام مبارك ) ليضم مبارك واسرته وحاشيته .
لا ينطبق هذا على الاعلامى عماد الدين أديب ، فرغم علاقته الشخصية بمبارك ،ورغم نفاقه الفجّ لمبارك الذى نال من مصداقية عماد الدين نفسه واحترام الناس له ، إلا إن عماد الدين أديب اعلامى حرّ وليس موظفا لدى مبارك ، وهو بثروته وعلاقاته يستطيع الطفو و السباحة الآمنة الى مكان آمن بعد غرق سفينة مبارك .
2 ـ رحيل مبارك آمنا عن السلطة لا بد أن يشمل حاشيته ، فليس من الحصافة أن ينعم الرأس الكبير بالعفو والسماح و لا يتمتع أتباعه بنفس المعاملة ، وهم الذين كانوا ينفذون أوامره ، فطالما سينجو المجرم الأكبر من المساءلة و العقاب فلا بد أن يسرى هذا على ملئه وحاشيته .
بهذا الحل يمكن تهدئة مخاوف د. على الدين هلال وأمثاله ، ويمكن أن تنجح المفاوضات فى الوصول الى اتفاق تحت شعار ( عفا الله جل وعلا عما سلف ).
3 ـ المكاسب التى سيحصل عليها مبارك وحاشيته ـ بالرحيل الآمن من السلطة ـ لا يقارن بالمكاسب التى ستحصل عليها مصر وشعبها.
لا أتحدث فقط عن تمتع مصر بتداول سلمى للسلطة يضعها ـ سلميا ـ على طريق الاصلاح بلا خسائر مادية أو بشرية ، وليس فقط بأن تتمتع مصر بالخروج من مستنقع سام وآسن طال وقت إغراقها فيه ، وليس فقط حقن دماء ملايين المصريين وتمتعهم بالحق فى العيش فى كرامة وحرية وعدل تحت القانون العادى بلا طوارىء وبلا تعذيب وبلا نهب وسرقة ، كل ذلك معروف ويستحق العناء فى الحصول عليه ، ولكن هناك أيضا متعة العفو والصفح والشعور بالرضى عن النفس والسمو بها ابتغاء مرضاة رب العزة ، فالله جل وعلا أمر بالعدل والاحسان ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ) ( النحل 90 ) ولكنه جعل الاحسان فوق العدل ، فالعدل أن ترد على السيئة بمثلها ، ولكن الاحسان أن ترد على السيئة بالعفو والصفح ابتغاء مرضاة الله جل وعلا و رغبة فى جزيل أجره يوم القيامة ، يقول جل وعلا ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) ( الشورى 40 )..
ويكفى أولئك الظالمون ما ينتظرهم يوم القيامة من عذاب ، والله جل وعلا يتوعّد كل ظالم بالعقاب فى الدنيا و الآخرة ، هذا بغض النظر عن أساطير الشفاعات و الأمنيات الضالة التى افتراها المسلمون وأهل الكتاب ، والله جل وعلا يقول للمؤمنين وأهل الكتاب أنه لا مجال لأمنياتهم الضالة فى أن يفلت المجرم من العقاب : ( لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ) ( النساء 123).
4 ـ
يبقى أن نقرر أن التوقيت هو أخطر ما فى الموضوع .
مرور الزمن بدون الوصول الى هذا الحل سيعقد الأزمة ، ويؤجج نفثات الغضب و الحقد والكراهية ، وسيرجح من عوامل الانفجار على حساب آمال الصلح والاستقرار . وربما يكون سهلا الآن المطالبة بخروج آمن لمبارك من السلطة ، ولكن قد يكون ذلك مستبعدا بعد عدة أشهر ، وربما يكون ممكنا الآن الدعوة الى رحيل آمن لمبارك وحاشيته ، ولكن قد يستحيل ذلك لو تطورت الأمور ، وهى ـ الأمور ـ لا يمكن أن تظل ساكنة ساكتة ، فالشعب المصرى كالرمال ، لا يخدعك أنك تسير عليها ، فقد تتحول تلك الرمال الى عواصف وكثبان رملية تبتلع داخلها أى مستبد ظلوم .. وعند ترك ـ الأمور ـ بالتهاون لتصل الى نقطة الانفجار فلن تبقى ولن تذر .
ولو جرت مفاوضات قبيل أو قبل الانفجار فسندخل فى دوامة عنف من السهل أن تبدأ ولكن من الصعب أن تنتهى ، وخلالها لن ينجو أحد من الظالمين ، مهما تخفّى ومهما تنكّر .
وياله من انتصار مؤلم ومحزن حيت تنتقم من الظلمة فتقتل منهم بضع مئات ولكن تخسر مئات الالوف ، معظمهم سيكون من الأقباط و الغلابة الذين لا ناقة لهم ولا جمل ،ولكنهم سيكونون وقود الحرب الأهلية القادمة ..
أيها المصريون ..أليس منكم رجل رشيد ؟؟
الشكر للدكتور منصور على هذا النداء الذي لا يبغي من وراءه إلا الإصلاح وتوعية كل صاحب عقل بالعواقب الوخيمة التي تنتظرنا إن لم نفكر سريعاً في إيجاد الحلول المناسبة.
حدث في الثمانينات في رومانيا أن استبد بها هذا الديكتاتور الشيوعي نيكولاي شاوشيسكو لمدة ثلاثين عاماً ، وكانت حاشيته تنهب قوت الشعب الروماني وهو يقمع الحريات والأصوات المطالبة بالإصلاح وتداول السلطة ، وأبى هذا الدكتاتور الانصياع للأصوات المطالبة بالعدالة والحريات والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ، مما زاد الاحتقان الداخلي لهذا المجتمع وانفجر المرجل وتناثرت الأشلاء والضحايا من الشعب الروماني بأبطاله المدافعين عن حريته ومقدراته، كما هو الحال من بوليس النظام ورجال شاوشيسكو ، وانتهت هذه الحالة الثورية للشعب بالغلبة والنصر لهم ، واعتقلوا الرئيس شاوشسكوا وكثير من جنرالاته الطغاة ، وتم إعدامه في ميدان عام بدون محاكمة في قلب العاصمة الرومانية .
ترى هل سوف ينتظر الرئيس أن يحدث له مثل ما حدث لشاوشسكو ، أم يكون من الفطنة بحيث يرحل هو وحاشيته قبل فوات الأوان ؟؟؟
هناك فيلم سنيمايء بعنوان الهروب الكبير ، تدور أحداثه حول مسجون في أعتى السجون الفرنسية سجن ظلماً وعدواناً بعد تلفيق التهم الظالمة إليه ،وإدانته على أيدي قضاة مرتشين فأودع غياهب السجن وليقينه بأنه مظلوم قرر الهروب من هذا السجن المنيع ، وكانت الرقابة شديدة جداً، فحفر نفقاً عظيم من داخل السجن للخروج والانتقام من أعدائه
.نرجوا أن لا يأتي اليوم الذي يحفر فيه الشعب مثل هذه الأنفاق ليهرب من سجنه الذي أحاطه به النظام وحاشيته لينتقم منهم ووقتها سوف يدفنهم في هذه الأنفاق .
لايد أن يكون الإنسان على قدر عال من الحكمة و المقدرة على العفو، كي يصل لما وصل إليه الدكتور منصور.
كثير من الأمور تتغير مع مرور العمر، و السنون لا تمر بنا مرور الكرام دون ترك بصماتها ليس فقط على مظهرنا، بل تكون أعمق و أشد تأثيرا على جوهرنا، و فكرنا و تفكيرنا
أنا أعتقد أن هذا هو الحل الأمثل و الأفضل لمصر و للأمة العربية، تحقن به مصر دماء أبناءها و تكون قدوة و للمرة الألف للعالم العربي.
أدعو الله أن تحقق هذه الأمنية و عفا الله عما سلف، فكما شكا الصديق يوسف ظلم إخوته لله، فقد كان جوابه النهائي (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).
من يتدبر الآيات العديدة في قصة فرعون موسى بالقرآن الكريم يجد أن غرور القوة التي تتملك الفرعون أو الحاكم المصري على مر الأيام ، يتوهم أنه بيده مقاليد الأمور على مر العصور والأجيال عندما يتوهم أن القوة العسكرية لهذا البلد تحت أمره ورهن طوعه وحاشية المشتغلين بالعلم والسياسة ورجال المال ، فيوقن أنه باقً ومخلد إلى مالانهاية ويتصرف على هذا النحو، فيحول نفسه من بشري عادي إلى كائن خالد يتقمص دور الإله وبهذا لا يقبل النصح والأمر بالمعروف ولا يقبل المراجعة والنقد من المخلصين للوطن كل حسب عصره ، فالله سبحانه وتعالى يصف فرعون في الآيات التالية عندما قال {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ }غافر29.
وتكون الطامة على فرعون وملئه وحاشيته عندما يفجع بالغرق ويفاجأ به والموت يحاصره من كل مكان فيستغيث بالخالق الذي خلقه من ماء مهين عندها لا يسمع له وتكون النهاية ، ويكون عبرة لمن يأتي من بعده ، ولا من معتبر من الحكام التاليين .
لنا في رسول الله موسى عليه السلام أسوة حسنة فيما فعله عندما ذهب لفرعون تنفيذاً لأمر الله تعالى {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ، فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى ، وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى }النازعات 17. ،18..19
ولقد نفذ موسى الأمر الإلهي له بالذهاب إلى الطاغية ومواجهته بطغيانه وطلب منه الإقلاع عن هذا الطغيان وأن يزكي نفسه بأن يزيل تبعات طغيانه ويرد الحقوق لأصحابها ، ويحرر بني إسرائيل من أسره وأن يخشى الله ويتقيه ، فما كان منه إلا أن طرد موسى والمؤمنين معه ولم يستجيب لدعوة موسى له وعندما تأكد موسى من عدم استجابة فرعون لأمر الله تعالى {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً }الإسراء102.الظن هنا بمعنى اليقين . فقد بشره بالهلاك ، إلى أن كانت نهايته
تاسياً بموسى عليه السلام يفعل المصلحون والمتقون بأن يأمروا بالمعروف وينهون عن المنكر كل فرعون حكم مصر منذ بداية حكم الفراعين إلى أن يشاء الله .
أخى الكبير أحمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
لن يستجيب مبارك لهذا النداء ولا لغيره فمن تآمر لقتل السادات ولم يعين نائبا له خوفا من أن يفعل به كما فعل بالسادات لن يترك السلطة إلا مغتالا أو ميتا ولن يعين ابنه نائبا حتى ولو كان فى أشد حالات المرض فهو يعرف جيدا تواريخ الملوك والأمراء العرب الذين قتلوا الآباء أو استولوا على الحكم والآباء فى الخارج فأوقف النداءات أنت وغيرك فقد أسمعت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى وشكرا
مع خالص الشكر لكل من تفضل بالتعليق أقول :
لا أمارس السياسة إلا من وجهة نظر اصلاحية ـ أحاول فيها التجرد من مشاعرى الشخصية ، وأنظر الى المصلحة الكلية للشعب و الناس .
وأعرف تماما أن نداءاتى لن يستمع لها أحد ، ولكن لا بد من توجيهها ـ ليس فقط لغرضها الاصلاحى المتجرد من الهوى ولكن أيضا لكى يتحمل الطرف الآخر المسئولية ، ونكون نحن قد نصحنا و أجهدنا أنفسنا فى النصح ، ونسجل بذلك حجة مستقبلية عليه تقرؤها الاجيال القادمة فل اتتعاطف مع ما سيحدث له من مآس.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5130 |
اجمالي القراءات | : | 57,288,967 |
تعليقات له | : | 5,458 |
تعليقات عليه | : | 14,839 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
أسئلة عن : ( بوتين سيقتل بشار ، سوريا وثقافة الاستبداد والاستعباد )
الغزالى حُجّة الشيطان ( الكتاب كاملا )
خاتمة كتاب ( الغزالى حُجّة الشيطان فى كتابه إحياء علوم الدين )
دعوة للتبرع
شيخ محتاج للنفقة: جاوزت الثما نين ومعاش ى لا يكفى واولا دى لا...
التشهد: انا مقتنع بكلام ك فيما يتعلق بالتح يات ...
التمائم: هل التما ئم من الشرك ؟...
إعتناق الاسلام: الأعز اء عليكم متابع ة لكم في موقع الويب...
أمّة قائمة : ليسوا سواء من أهل الكتا ب أمة قائمة يتلون...
more
الدكتور أحمد صبحي أكرمه الله يحاول تقليل خسائر وطنه مصر التى أبعد عنها رغماً عنه ، فهى في قلبه وهو خارج حدودها ، ويحمل همومها ، ويحاول أن يجد الحلول الآمنة التي بها يمكن إنقاذ ما ما يمكن إنقاذه .
وكان هذا هو نداء العقل الذي وجهه إلى العقلاء الراشدين المهمومين مثله بقضايا وطنهم . ولكن هل من مجيب لهذا النداء السلمي الذي يحوي بداخله الخير الكثير وأهم ما يحويه هو حقن دماء المصريين .