المرأة عورة فى الدين السُّنّى
المرأة عورة فى الدين السُّنّى
القسم الثانى من الباب الثالث : التشريعات الاجتماعية
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
المرأة عورة فى الدين السُّنّى
أولا : مصطلح ( عورة ) فى القرآن الكريم
1 ـ جاءت كلمة عورة مرتين لتصف البيوت المكشوفة غير الحصينة وقت الحرب ، وذلك في معرض اعتذار المنافقين وهربهم من المواجهة أثناء حصار الأحزاب المشركين للمدينة " يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً " الأحزاب : 13 ).
2 ـ وجاءت كلمة عورة مرتين في تشريع إباحة النظر للطفل في زينة النساء ، والطفل هنا اسم جنس يدل على عموم الأطفال : ( الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ) النور :31 )، وجاء في نفس السورة تشريع الاستئذان للطفل والرقيق على الرجال والنساء داخل البيوت في أوقات الراحة والنوم : ( مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ النور : 58 ) . والواضح أن "العورة" هي جزء من الرجل والمرأة ، ولذلك يجب سترها ، ومع احتمال أن تنكشف أثناء النوم كان التشريع القرآني في وجوب تعليم الأطفال الاستئذان على الكبار في أوقات العورات الثلاث ، فإذا بلغ الأطفال مبلغ الرجال وأدركوا معاني الالتقاء الجنسي وماذا يعنيه جسد المرأة بالنسبة للرجل كان عليهم الاستئذان من خارج البيوت كالكبار تماما (النور 59) ..
3 ـ بهذا فليست العورة قصرا على النساء ، بل تشمل الرجال ، وليست قصرا على البشر بل تشمل البيوت ، وفى كل الأحوال تعنى ما ينبغى ستره .
ثانيا : الحنابلة و ( عورة المرأة )
1 ـ الشافعي هو أول من استعمل مصطلح العورة ليدل على جسد المرأة ، وذلك في معرض حديثه عن زي المرأة في الصلاة ووجوب ألّا يظهر منها إلا وجهها وكفّاها ، وما عدا ذلك فهو "عورة" .
2 ـ توقف ابن حنبل في " احكام النساء " بالتفصيل والتقعيد في موضوع عورة المرأة ، فأتى بالجديد والغريب ، والذي لم يعد حتى الآن جديداً ولا غريباً ، ومن مفهومه الخاص للعورة أبدى ابن حنبل مفهومه لزينة المرأة وزيّها..
2 / 1 : فعن قوله جل وعلا : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) يقول عن المرأة في السوق أن كل شيء فيها عورة ، وجهها وكفّاها ، وعلى ذلك فلا يرى التاجر منها في السوق شيئاً ، بل انها إذا كانت مطلقة ، فإن طليقها لا يجوز له ان يأكل معها ولا ان ينظر إليها او إلى كفّيها . وفي حديث آخر ــ أو فتوى له ــ يؤكد على ان كل شيء في المرأة عورة حتى لو كانت عجوزاً ، وحتى لو كان ظُفْر يدها، بل إنه يوجب عليها ان تغطي حذاءها لأنه يصف قدميها ، ثم يتسامح في ان تكشف المرأة رأسها امام زوجها في البيت إذا لم يكن معهما أحد .
2 / 2 : وتناول ابن حنبل تفصيلات أخرى حكم فيها بالتشدد والحظر ، مثل منع العم من النظر إلى زينة ابنة أخيه " حتى لا يصفها لابنه " ، ومنع الخادم والعبد والخصي من النظر إلى شعر سيدته ، او إلى وجهها وكفيها أو أن يأكل معها ، وذلك مع ان القرآن الكريم ذكر العبيد والخدم ضمن المسموح لهم برؤية زينة المرأة مع الزوج والأرحام (النور 31) ، بل انه حظر أن تنظر المرأة من اهل الكتاب على المسلمة ، ولا يحل للمسلمة أن تكشف رأسها امام اليهودية والنصرانية .
تأثير إبن حنبل
1 ـ وفتاوى ابن حنبل تأثر بها مجتمع الحنابلة في عصره فصاغوا على مثالها أحاديث نسبوها للنبي ، ونقلها عنهم البخاري مثل حديث " لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها " . وأحد الرواة الذين اخذ عنهم البخاري هو عمر بن حفص بن غياث ، من أتباع ابن حنبل ، ومعنى الحديث هو النهي لأي امرأة أن تصف محاسن امرأة أخرى لزوجها ، وهذا يذكرنا بفتوى ابن حنبل في تحريم نظر العم لابنة أخيه مخافة أن يصفها لابنه ، أي ابن عمها .
2 ـ تأثر ( مسلم ) أكثر بالحنابلة ، فهو يروي عن أبي بكر بن أبي شيبة الحديث القائل : ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ، ولا يفضى الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ، ولا تفضى المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد. ) . وواضح أنه حديث متأثر بالشذوذ الجنسى الذى شاع فى العصر العباسي بين الرجال ، وبين النساء أيضاً .
إبن الجوزى وفقه العورة
1 ـ إبن الجوزي ( ت 597 ) هو الفقيه الأكبر للحنابلة في القرن السادس الهجري ، وقد اهتم بحديث " لا تباشر المرأة المرأة تنعتها لزوجها .... " وشرحه ، كما أورد ما قيل في تحريم السابقين لتبرج المرأة وسيرها في الشارع ، وأفتى بأن مجرد خروجها من بيتها فتنة ، فإذا تصنّعت في مشيتها ليرى الناس محاسنها فقد اكتسبت إثما فوق إثم . وأتى بأحاديث تمدح المتسربلات من النساء أي اللائي يرتدين الثياب الطويلة ، مما يدل على أن بعض " الكاسيات العاريات " كنّ يرتدين أزياء قصيرة حينئذ .
2 ـ وعلى نفس المنوال أتى ابن الجوزي بأحاديث ــ لم يعرفها شيخه ابن حنبل ــ في نهي المرأة عن قشر الوجه والوشم ، ومنها " يا معشر النساء إياكنّ وقشر الوجه " وحديث " كان رسول الله يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والمستوشمة والواصلة والموصولة " أي أضاف النساء إلى فنون الماكياج طريقة جديدة غير الوشم والباروكة ، وهي تقشير الجلد ليكون اكثر بياضا ، فكان الفقهاء لهن بالمرصاد ، إذ اطلقوا عليهن أحاديث اللعن لتضاف إلى قائمة الأحاديث السابقة ، ومن كلام ابن الجوزي نعرف ان تقشير الوجه كان يتم ببعض الأدوية ويمكن بذلك إزالة الكُلف في الوجه ، وهنا يتراجع ابن الجوزي فيبيح ذلك ان كانت الزوجة تفعله لزوجها ، ويأتي بحديث تقول فيه عائشة يؤكد ذلك . ورواة تلك الأحاديث ــ حسبما يقول (الداهية) ابن الجوزي ــ لم يرد ذكرهن في طبقات ابن سعد ، وهو أول من أفرد مجلداً كاملاً عن النساء الصحابيات والتابعيات ، ولم يكن فيهن ام جليلة ، وكرمية بنت همام ، وآمنة وتحية الراسبية .أى اخترعهن إبن الجوزى . إبن الجوزى كان أكبر مؤلف فى عصره ، وأشهر قصّاص فى العصر العباسى كله ، وأعتبره أكبر كذاب أيضا . نقول هذا من معايشة لكل مؤلفاته .
3 ـ وناقش ابن الجوزي ــ كابن حنبل ــ نظرة النصرانية واليهودية للمسلمة ، ونظرة المحارم للمرأة ، ويؤيده في إباحة نظر المحارم إلى وجه المرأة وكفيها وتحريم نظر الكتابية للمرأة المسلمة في الحمّام ، وهذه التفصيلات في كتاب " أحكام النساء " إلا انه يقول في حزن في كتابه تلبيس إبليس " وقد ينكشف من الحرة ما يبطل صلاتها وتستهين ). أي ينكشف عنقها او أصابع قدميها ، وهذه من العورات ، عندهم بالطبع ، وحينئذ تبطل صلاتها ــ عندهم بالطبع ــ كأنهم اخذوا تفويضاً من الله تعالى بقبول او عدم قبول الصلاة من النساء.
فى العصر المملوكى :
إبن تيمية ( 728 )
1 ـ في رسالة ( الحجاب ) يرى جواز ان تُبدي المرأة زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم ، وأما الزينة الباطنة فلا يراها إلا الزوج والمحارم ، ويرى أن الجلباب يعني النقاب وتغطية الرأس والوجه ، وتلك رؤيته لمعنى قوله تعالى " يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ " الأحزاب: 59 ، وعليه فلا يحل للأجانب إلا النظر للثياب الخارجية للمرأة .
2 ـ وقال ان المرأة لو صلّت وحدها كانت مأمورة بارتداء الخمار ، وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها إذا لم يكن معها أحد غير الزوج .
3 ـ ويؤكد على أن المرأة كلها عورة ، ولهذا كان عليها أن تستتر .
4 ـ وعن النظر للمرأة يرى أنه مع وجود ستر الوجه بالنقاب فما بقي إلا الثياب الظاهرة التي يجوز نظر الأجانب إليها . ونشكره على هذا التسامح ..!
الذهبى ( شمس الدين عثمان بن قيماز ) ت 747
كان إماما فى التاريخ والحديث وهو صاحب ( ميزان الاعتدال ) فى رواة الأحاديث . وفى كتابه ( الكبائر ) يجعل منها تلك "الموضات" التي اخترعها النساء من التشبه بالرجال في الزي ، وارتداء المرأة الثوب الرقيق ، وإظهارها الزينة واللؤلؤ تحت النقاب مع التعطر ، وذكر (موضات ) نسائية مثل توسيع الإكمام وتطويلها .... مع التبرج الزائد ، أي أن النقاب لم يفلح في تنشئة المرأة على التقوى ، بل على العكس أعطاها رخصة الانحلال الخلقي ، إذ كنّ يمشين ــ حسب ما يقول الذهبي ــ " متبخترات مميلات لاكتافهن يمتشطن المشطة المبلاء وهي مشطة البغايا )
ماذا عن النقاب والانحلال ؟
1 ـ نجح الفقهاء في سجن المرأة داخل النقاب ، وكان سجنا ظاهرياً تنتقل به المرأة في دروب الانحلال كيف شاءت ، ويصل إليها ــ بالنقاب ــ العشاق إلى داخل البيوت كيف شاءوا ، والحياة الاجتماعية في العصرين المملوكي والعباسي تحوي الكثير من الشواهد على ذلك.
2 ـ وإذا كان ابن حنبل قد أفتى بأن مكسب الماشطة (الكوافيرة) حرام ، فإن اعمال الماشطات اتسعت واتسع رزقهن (الحرام) ، إذ لم يعد أمام المرأة (بعد حجبها عن التعلم والسمو والتفاعل السليم مع المجتمع) إلا التركيز على الغرائز ، والتفنن في أساليب الفتنة والكيد والحياة السرية داخل البيوت بكل ما تعنيه من انحلال وشذوذ ، وبحيث كانت للماشطة والبلاّنة وظائف أخرى في تسهيل الدعارة والعشق الاختياري.
3 ـ وباتساع مهام الماشطة والبلاّنة احترف بعض الرجال مهمة الماشطة للنساء ، وليس هذا افتراءً بل هو ما عرفه العصر المملوكي وذكره الفقيه ابن الحاج في كتابه "المدخل" في معرض "انفتاح" المرأة على التجار وأصحاب الحرف ، وعدَّ منهم "المزين" ـو الحلاق ، فقال ان المزين مفاسده كثيرة في تعامله مع المرأة ، لأنه ليس كالكتاني او السقّا الذي تتعامل معه المرأة من غير ان تجتمع به ويخلوا بها ، ولكن المزين يباشر تزيين المرأة في بيتها ، وقد لا يكون معهما أحد فتعظم المفاسد ويكثر الخطر . ثم أفتى إبن الحاج بأنه لا يحل للمزين أن يدخل للمرأة إلا إذا كان معه زوج او محـْرم او جماعة من النساء ، وأن يكون ثقة أمينا فلا ينظر أثناء تزيينه للمرأة إلا لموضع الضرورة ..!
أهم المصادر
البخاري 3/262 ، 267 ، 199 ، مسلم 6/165 : 168 ، 1/ 183 ،
ابن حنبل : أحكام النساء 11 : 17 ، 27 : 46
ابن الجوزي : احكام النساء 15 ، 70 ، 93 ، 98 ، 41 ، 27 ، 69 ، تلبيس ابليس 389
ابن تيمية : الحجاب : 9 ، 10 ، 12 ، 17 ، 24 ، 28 ، 14 ، 16 ، 34 ، 30 ..
الذهبي : الكبائر 145 : 147 طــ بيروت
ابن الحاج : المدخل 4/105
اجمالي القراءات
2356
نشكرك أستاذنا الدكتور أحمد صبحى على فضح التراثيين وكشف عوراتهم. وتبا لأعوان ابليس الذين أفنوا عمرهم فى البحث والتضليل واصدار الكتب والمؤلفات فى التفاهات ومنح الدرجات العلميه فى الأكاذيب حتى وصلنا لما نحن فيه وهو التنافس والتناحر من أجل الجلوس على مقاعد المتخلفين الجهله. وأرى ابليس الأن يزهو ويفتخر ويضحك على هؤلاء المحمديين وغيرهم فالحق يقال أنه نجح بالفعل وأنجز مهمته.