الرد على الدين السنى من داخل الدين السُّنّى : الحلقة الأولى
الرد على الدين السنى من داخل الدين السُّنّى : الحلقة الأولى
1 ـ دين السنة عندهم هي ما صدر عن رسول الله من قول أو فعل أو تقرير . هى عندهم ثلاثة أقسام السنة القولية : هي الاحاديث التى نسبوها للنبى في الأغراض المختلفة والمناسبات المتعددة والقضايا والنوازل التي تعرض للناس في شئونهم الدنيوية والأخروية..والسنة الفعلية : هي الأفعال التى نسبوها له بقصد التشريع ، كوضوئه ، وصلاته ، وأدائه لمناسك الحج..والسنة التقريرية : هي ما نسبوه للصحابة من أقوال أو أفعال فأقره إما بسكوته وعدم إنكاره ، وإما بموافقته ، أو إظهار استحسانه..بالتالى فنحن أمام دين كامل ، فيه الوحى لأنهم يعتبرون هذه السُّنة بأحاديثها يعتبرونها وحيا ، ولكن لم يتم تسجيل هذا الوحى فى عهد النبى وعهد الخلفاء الراشدين والأمويين . فهل من المعقول أن يظل وحى الاهى بلا تدوين طيلة قرنين وأكثر ؟ وهل يمكن الوثوق بتدوينه بعد موت النبى بعشرات السنين .؟
2 ــ وهم يعترفون أن كتابة هذه الأحاديث لم تحدث في عهد النبي عليه السلام كما دُون القرآن . وهم بالتالى يتهمون النبى عليه السلام بأنه ترك جزءا من الدين لم يبلغه . وهذا إفتراء لأن الرسول بلّغ الدين كاملا وهو القرآن الكريم . وكل رسول ججاء بكتاب واحد . ولم يحدث أن نزل على رسول كتاب و سُنّة . أى إن هذه السّنة هى دين شيطانى لا شأن له بالاسلام بل هو يناقض الاسلام .
3 ــ وهم يقولون ان النبى اتخذ كتبة للوحي يكتبون آيات القرآن عند نزولها ، ولكنه لم يتخذ كتبه يكتبون وحى السُّنّة ، أو ( الوحى المزعوم بالسّنة ) . فهل لو كان تلك الأحاديث دينا ووحيا الاهيا ألا يجب أن يكون لها كُتّاب وحى مثل وحى القرآن ؟
4 ــ وهم يروون أحاديث كثيرة تنهى عن تدوين الحديث ، منها ما رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله قال : " لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه " . وبالتالى فهم يعترفون أن تدوين تلك الأحاديث عصيان للرسول عليه السلام . أى إن أئمة السُّنّة كلهم عُصاة . من مالك الى الشافعى وابن حنبل والبخارى وابن تيمية وابن القيم ..ألخ ..
5 ــ وهم يعترفون بوجود وضع أى تأليف أحاديث وصنعها أى لم يقلها النبى . وهذا فى حد ذاته يعنى الشّك فى دينهم ، طالما أنه ليس محفوظا من لدن الله جل وعلا كالقرآن الكريم .
6 ــ وهم يعترفون بصعوبة حصر ما قال الرسول أو فعل في مدة ثلاثة وعشرين عاما من بدء الوحي إلى الوفاة . أى يعترفون بأن تلك الأحاديث لا ضابط لها ، وليس لها أول ولا آخر ، حيث بدأ تدوينها بعد موت البنى بقرنين ، ثم إستمر وتزايد عدد الأحاديث بمرور القرون . أى ليس لها آخر . ولم يحدث أن توقفوا عن صناعة الأحاديث ، فأى دين هذا الذى ليس له أول وليس له آخر ؟ لا يكون سوى دين أرضى يملكه أصحابه .
7 ــ وهم يجعلون أئمة الحديث من بلاد لم يسمع عنها النبى وعصره ، من أواسط آسيا الى شمال أفريقيا . والنبى عليه السلام لم يكن يعلم الغيب أصلا ، ولم يكن يعلم بأن أصحابه سيقومون بالفتوحات وفتح بلاد وإستعباد سكانها ، ومجىء جيل من هؤلاء السكان يؤسس أديانا أرضية من التشيع والسنة والتصوف ، ويخترع أحاديث .
واعترفوا بأنه استباح قوم لأنفسهم وضع الحديث ، ونسبته كذبا إلى رسول الله..
فلما فتحت الفتوح ، ودخل في الإسلام من لا يحصى من الأمم المفتوحة من فارسي ورومي وبربري ومصري وسوري ، وكان من هؤلاء من لم يتجاوز إيمانهم حناجرهم ، كثر الوضع كثرة مزعجة..
وقالوا فى أسباب وضع الحديث :ــ
1ــ العصبية الحزبية والعصبية القبلية والعصية للمكان ، فالخصومة بين على وأبي بكر ، وبين على ومعاوية ن وبين عبد الله بن الزبير وعبد الملك ، ثم بين الأمويين والعباسيين ــ كل هذا كان سببا لوضع كثير من الحديث ، وتلمح أحاديث كثيرة لا تكاد تشك وأنت تقراها انها وضعت لتأييد الأمويين او العباسيين أو العلويين أو الحط منهم ، كالخبر الذي روى أن رسول الله قال في معاوية : " اللهم قه العذاب والحساب وعلمه الكتاب" وكالخبر الذي روى عن عمر بن العاص ان رسول الله قال : إن آل أبي طالب ليسوا بأولياء ، غنما وليي الله وصالح المؤمنين "
ويتصل بهذا النحو أحاديث وضعها الواضعون في تفضيل القبائل العربية .. وكم من حديث وضع في تفضيل العرب على العجم والروم ، فقابلها هؤلاء بوضع احاديث في فضل العجم والروم والحبشة والترك..
ومثال ذلك العصبية للمكان فلا تكاد تجد بلدا كبيرا إلا وفيه حديث بل أحاديث في فضله : فمكه والمدينة وجبل احد والحجاز واليمن والشام وبيت المقدس ومصر وفارس وغيرها ، كل وردت فيه الأحاديث المتعددة في فضله ..
2ــ الخلافات الكلامية والفقهية : فمثلا اختلف علماء الكلام من معتزلة ومرجئة وشيعة وخوارج في القدر والجبر والاختيار ، فأجاز قوم لأنفسهم ان يؤيدوا مذهبهم بأحاديث يضعونها ينصون فيها حتى على التفاصيل الدقيقة ، وحتى ينصون فيها على اسم الفرقة المناهضة لهم ، واسم رئيسها ولعنه ولعنهم..
وكذلك في الفقه ، فلا تكاد تجد فرعا فقهيا مختلفا فيه إلا وحديث يؤيد هذا وحديث يؤيد ذاك ..
3ــ متابعة بعض من يتسمون بسمة العلم لهوى الأمراء والخلفاء ، يضعون لهم ما يعجبهم رغبة في ما في أيديهم .. كالذي يحكي عن غياث بن إبراهيم أنه دخل على المهدي بن المنصور ، وكان يعجبه اللعب بالحمام فروى حديثا : " لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح " فأمر له بعشرة آلاف درهم .. فلما قام ليخرج قال المهدي : أشهد ان قفاك قفا كذاب على رسول الله .. ما قال رسول الله "جناح" ولكنه أراد أن يتقرب إلينا ..!!
4ــ تساهل بعضهم في احاديث الفضائل والترغيب والترهيب .. مما لا يترتب عليه تحليل حرام أو تحريم حلال ، واستباحتهم الوضع فيه ، فملئوا كتب الحديث بفضائل الأشخاص ، وبفضائل آيات القرآن وسوره بعنوان : إن من قرأ سورة كذا فله كذا ..
5ــ الناس كانوا لا يقبلون من العلم إلا ما اتصل بالكتاب والسنة اتصالا وثيقا .. وما عدا ذلك فليس له قيمة كبيرة ، فالحكمة والموعظة الحسنة إذا كانت من هندي أو يوناني او فارسي أو من شروح التوراة والانجيل لم يؤبه لها ، فحمل ذلك كثيرا من الناس على أن يصبغوا هذه الأشياء كلها صبغة دينية حتى يقبلوا عليها ، فوجدوا "الحديث" هو الباب الوحيد المفتوح على مصراعيه ، فدخلوا منه على الناس ، فكان من ذلك أن ترى في الحديث الحكم الفقهي المصنوع ، والحكمة الهندية ، والفلسفة الزردشتية والموعظة الإسرائيلية أو النصرانية..
فما شأن الاسلام بهذا كله ؟
وهل يتحمل الاسلام أوزار المسلمين ؟
للحديث بقية .
اجمالي القراءات
10461
شكرا استاذ احمد فتحى . وفى إنتظار مقالاتك عن تجربتك مع التنوير ،ومع مسيرة جمال البنا (يرحمه الله ) .