محاكمات سياسية متصاعدة في مصر آخرها للأكاديمي تقادم الخطيب
يشهد ملف المحاكمات ذات الطابع السياسي في مصر تصعيداً جديداً، بعدما أحالت نيابة أمن الدولة الأكاديمي المصري تقادم الخطيب المقيم خارج البلاد، اليوم الأربعاء، إلى المحاكمة الجنائية ضمن قضية تضم 167 متهماً آخرين. وأوضح المحامي الحقوقي خالد علي أن النيابة أحالت الخطيب إلى المحاكمة في القضية رقم 29 لسنة 2025 جنايات التجمع الخامس، بتهمتي "الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"الاشتراك في اتفاق جنائي"، على أن تنظر دوائر الإرهاب بمحكمة بدر القضية يوم الأحد 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.
وبيّن علي أنّ الدكتور تقادم الخطيب، المقيم خارج مصر منذ أغسطس/ آب 2013، واجه منذ عام 2017 سلسلة من الإجراءات التعسفية عقب مساهمته في جمع وثائق قضية جزيرتي تيران وصنافير. وأدت تلك الإجراءات إلى إنهاء منحته الدراسية لنيل الدكتوراه، ومطالبته من قبل وزارة التعليم بالعودة إلى مصر. ورغم إصراره على إكمال دراسته وحصوله على الدرجة العلمية، إلا أن ذلك أعقبه إنهاء خدمته بالجامعة المصرية، وصدور حكم ضده يُلزمه برد قيمة المنحة الدراسية.
كما واجه تقادم الخطيب صعوبات إدارية وقانونية في استخراج أوراقه الرسمية، من جواز سفر وبطاقة شخصية، فضلاً عن قيود أثرت على حياته المهنية والأسرية. ويؤكد مقربون منه أن ما تعرض له ترك أثراً بالغاً على وضعه الإنساني، رغم أنه لم يكن يسعى إلا لإنصافه وتمكينه من ممارسة حقوقه الأساسية في العمل والتعليم والتنقل بحرية، وفقاً للقوانين المحلية والاتفاقيات الدولية، كما أوضح المحامي خالد علي.
وتأتي إحالة تقادم الخطيب للمحاكمة قبل ساعات من استئناف الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق حكماً بالسجن لخمس سنوات، في قضية يرى فيها حقوقيون وسياسيون استهدافاً لحرية الرأي والتعبير. وتنظر المحكمة، يوم غد الخميس، ثاني جلسات استئناف فاروق على حكم حبسه خمس سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة". ويواصل سياسيون وشخصيات عامة دعمهم للخبير الاقتصادي والمطالبة بالإفراج عنه وإسقاط التهم الموجهة إليه، باعتبارها مرتبطة مباشرة بحرية الرأي والتعبير السلمي.
ودعت المفوضية المصرية للحقوق والحريات اليوم الأربعاء، إلى حملة تدوين لدعم عبد الخالق فاروق والمطالبة بالإفراج عنه عبر وسم #الحرية_لعبدالخالق_فاروق، بالتزامن مع عقد الجلسة الثانية من الاستئناف أمام محكمة جنح مستأنف الشروق وبدر. وكانت المحكمة قد أصدرت في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري حكماً بسجنه خمس سنوات على خلفية اتهامه بـ"نشر أخبار كاذبة". تأتي هذه التطورات في ظل أزمة حقوقية متفاقمة تشهدها مصر، تتعرض بسببها لانتقادات دولية متصاعدة. فقد كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في مذكرة رسمية موجهة إلى الحكومة المصرية، عن إخفاق الدولة في تنفيذ التزاماتها الحقوقية التي تعهدت بها خلال الاستعراض الدوري الشامل (UPR)، مطالبة بإجراء إصلاحات عاجلة وشاملة لوقف الانتهاكات المستمرة.
وأوضحت المفوضية أن مصر تلقت 343 توصية من الدول الأعضاء، قبلت منها 265 فقط، وهي نسبة أقل من مراجعتها السابقة، ما يعكس تراجعاً في الإرادة السياسية للإصلاح. وأكدت أن معظم التوصيات المقبولة لم تُنفذ فعلياً، وظلت تصريحات دعائية دون خطوات ملموسة. وشددت المذكرة على ضرورة تعديل تعريف جريمة التعذيب ليتوافق مع الاتفاقية الدولية، ومراجعة تشريعات مكافحة الإرهاب التي تُستخدم لتبرير القمع، مع إنهاء ممارسات الإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، وضمان رقابة مستقلة على أماكن الاحتجاز. كما طالبت بتقليص نطاق عقوبة الإعدام تمهيداً لإلغائها نهائياً.
وانتقدت المفوضية استمرار استخدام تهم الإرهاب لمعاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمحامين، مؤكدة أن الإفراجات المحدودة التي شهدتها البلاد لا تغيّر من واقع الاحتجاز التعسفي الواسع والقيود المفروضة على المجتمع المدني وحرية التعبير. وفي السياق ذاته، رأت منظمة عدالة لحقوق الإنسان (JHR) أن المذكرة الأممية تمثل توبيخاً صريحاً للسلطات المصرية، ودليلاً على اتساع فجوة الثقة بين الحكومة والتزاماتها الدولية. ودعت المنظمة إلى وقف الانتهاكات فوراً، ووضع خطة تنفيذ وطنية ملزمة لتطبيق توصيات الأمم المتحدة تحت رقابة مستقلة.
اجمالي القراءات
9