تزايد وفيات السياسيين داخل السجون المصرية وسط اتهامات بالإهمال الطبي

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٠ - أكتوبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


تزايد وفيات السياسيين داخل السجون المصرية وسط اتهامات بالإهمال الطبي

تتواصل حالات الوفاة داخل السجون المصرية ومقار الاحتجاز الرسمية وسط اتهامات متصاعدة للسلطات الأمنية بممارسة الإهمال الطبي المتعمد وحرمان المعتقلين من الرعاية الصحية الأساسية، ما يشكّل، بحسب منظمات حقوقية، انتهاكاً خطيراً للحق في الحياة والمعايير الدنيا لمعاملة السجناء.

ففي أحدث الوقائع، أعلنت عدة منظمات حقوقية، من بينها مركز الشهاب لحقوق الإنسان وهيومن رايتس إيجيبت ومنظمة عدالة لحقوق الإنسان (JHR) والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، وفاة المعتقل أحمد حامد بشندي، البالغ من العمر 68 عاماً، داخل سجن أبو زعبل، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة ما وصفته تلك المنظمات بـ"الإهمال الطبي المتعمد".

بحسب مركز الشهاب، فإن بشندي، وهو موظف سابق بمجلس مدينة طوخ في محافظة القليوبية، كان محتجزاً على ذمة القضية رقم 185 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، بعدما اعتُقل العام الماضي أثناء سفره إلى السعودية لأداء مناسك العمرة، حيث أوقفته السلطات في مطار القاهرة.



ووفقاً للمعلومات التي نشرها المركز، فقد تعرّض بشندي قبل أيام من وفاته لانسداد معوي حاد داخل محبسه بسجن أبو زعبل، ولم يتلق الرعاية الطبية اللازمة في الوقت المناسب، ليُنقل في وقت متأخر إلى مستشفى سجن بدر حيث فارق الحياة متأثراً بحالته.

منظمة عدالة لحقوق الإنسان أكدت الواقعة مشيرة إلى أن وفاة بشندي "تضاف إلى سلسلة طويلة من الوفيات الناتجة عن الإهمال الطبي وسوء أوضاع الاحتجاز في السجون المصرية"، محمّلة وزارة الداخلية المسؤولية عن استمرار ما وصفته بـ"النهج المنهجي في حرمان السجناء من العلاج". ودعت المنظمة إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف ومستقل في ملابسات الوفاة ومحاسبة جميع المسؤولين عن التقصير أو الإهمال.

أما الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد أوضحت أن بشندي كان محبوساً احتياطياً منذ ديسمبر/كانون الأول 2024 داخل سجن أبو زعبل 2، وأُصيب بانسداد معوي حاد لم تنجح محاولات علاجه داخل السجن نتيجة ضعف الإمكانات الطبية، ما استدعى نقله إلى المركز الطبي بمجمع الإصلاح والتأهيل بدر، حيث تدهورت حالته الصحية حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.



وأكدت الشبكة أن ما حدث يمثل نمطاً متكرراً من الوفيات الناتجة عن الإهمال الطبي الجسيم وغياب الرعاية الصحية، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تشكل "انتهاكاً صارخاً للدستور المصري والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب".

وشُيّعت جنازة الراحل في مسقط رأسه بقرية طوخ فجر اليوم، وسط حالة من الحزن والاستياء بين ذويه الذين طالبوا بمحاسبة المسؤولين عن وفاته.

ولم تكن وفاة بشندي الحالة الوحيدة هذا الأسبوع. فقد رصدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أيضاً وفاة شاب يُدعى خليل محمد أبو هبة داخل قسم شرطة ثالث المحلة الكبرى، نتيجة ما وصفته بـ"تعذيب وحشي أثناء احتجازه". وأكدت الشبكة أن "جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم"، مطالبة بفتح تحقيق فوري وشفاف ومحاسبة المتورطين دون استثناء، ودعت كل من يمتلك معلومات أو وثائق حول الواقعة إلى التواصل معها بسرية تامة.

كما وثّقت الشبكة وفاة سجين سياسي ثالث هو محمد السعيد شمعون (50 عاما) من محافظة الدقهلية، الذي تُوفي بعد يومين فقط من إخلاء سبيله من مقر الأمن الوطني بالمنصورة قبل أيام، وأوضحت الشبكة أن شمعون كان قد نُقل من سجن جمصة شديد الحراسة بعد انتهاء مدة محكوميته، إلا أن السلطات أخفته قسراً داخل مقر الأمن الوطني رغم تدهور حالته الصحية الخطيرة، إذ كان يعاني من تسمم دم وفشل كبدي ونزيف دموي متكرر.

وأضافت الشبكة أن السلطات أفرجت عنه بعد أن باتت حالته حرجة خشية وفاته داخل مقار الأمن، لكنه توفي بعد ساعات من نقله إلى المستشفى. واعتبرت الشبكة الواقعة "مثالاً صارخاً على سياسة التدوير والاحتجاز التعسفي التي تمارسها السلطات بحق المعتقلين السياسيين"، مؤكدة أن ما تعرض له شمعون "ليس حالة فردية، بل نموذج متكرر لمعاناة مئات المرضى داخل السجون المصرية".ودعت الشبكة إلى تحقيق قضائي مستقل وشفاف في ظروف وفاته، مع الإفراج الفوري عن المرضى وكبار السن من المعتقلين، وتمكين المنظمات الحقوقية والمجلس القومي لحقوق الإنسان من زيارة السجون ورصد أوضاع المحتجزين.

تأتي هذه الوقائع في وقت تتزايد فيه الدعوات الحقوقية المحلية والدولية لمراجعة أوضاع السجون المصرية، بعد تصاعد التقارير التي توثق حالات وفاة متكررة بسبب الحرمان من العلاج وسوء الرعاية الطبية، وهو ما تعتبره المنظمات الحقوقية "نوعاً من التعذيب الممنهج الذي ينال من الحق في الحياة ويقوّض التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان".

ويؤكد مراقبون أن استمرار هذه الحالات، في ظل غياب الشفافية والمساءلة، يعكس أزمة عميقة في منظومة العدالة الجنائية وأوضاع السجون في مصر، حيث يُستخدم الإهمال الطبي وسوء المعاملة أدوات ضغط وعقاب ضد المعتقلين السياسيين، في انتهاك واضح للدستور المصري الذي ينص على أن "الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها بأي حال من الأحوال".
اجمالي القراءات 52
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق