السيسي يشترط إلحاق موظفي الدولة الجدد بالأكاديمية العسكرية ويحذر من التغيير والثورة
تعهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء بعدم السماح بالتحاق أي مواطن بالوظائف العامة والقضاء والشرطة دون الالتحاق بفترة دراسية بالأكاديمية العسكرية، منوهاً بدورها في تعليم المواطنين معنى الانضباط والوطنية. وحذر السيسي من "تداعيات التغيير والثورة على مقدرات الدولة المصرية، التي قد تعود بها إلى الخلف 50 عاماً"، محملاً الثورات سبب الأزمات في مصر. واعتبر أن "سبب الأزمات ليس الرئيس أو الحكومة، وإنما الناس أنفسهم، ولذلك عملت على صياغة مشروع لإعادة بناء مؤسسات الدولة، يكون مبنياً على تصويب العوار في الأشخاص".
وفي تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية، كشف السيسي، على هامش احتفال أكاديمية الشرطة، بمناسبة يوم الخريجين، بأنه "يسعى إلى تأسيس بناء مختلف في مؤسسات الدولة عن السابق، من خلال وضع معايير للإصلاح والتطوير"، مستطرداً بأن "المواطن لن يلمس التغيير بين يوم وليلة، لأن الفكرة قائمة على عدم ضخ دماء جديدة في مؤسسات الدولة إلا بعد الانتقاء والفرز والاختيار الدقيق، فضلاً عن التأهيل والإعداد، بما يضمن الوصول إلى نتائج مختلفة".
وأضاف السيسي أنه "لن يسمح بدخول أحد للعمل في مؤسسات الدولة من دون المرور بتلك المرحلة، في إطار تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص عند الاختيار، بعيداً مع المجاملة أو الاعتبارات الأخرى". وأكمل: "أتحدث عن نوعية الأشخاص الذين تضخ دماؤهم في شرايين الدولة المصرية، سواء في الشرطة أو الجيش أو القضاء أو وزارة التربية والتعليم". وأردف: "التحضر الإنساني والفكري والعلمي والثقافي والاقتصادي يستغرق ما بين 50 إلى 100 عام، وإصلاح مؤسسات الدولة يحتاج إلى قبول المجتمع بهذا التغيير الكبير في معايير الاختيار".وقال "نضع برنامجاً يستند إلى ثلاثة معايير، أولها مناخ الحرية الحقيقي من دون الإضرار أو إحداث حالة من الفوضى التي تؤثر على أمن واستقرار البلاد، لأن الحرية يجب أن تتوقف حين تصل إلى حد الإضرار بالآخرين"، وفق تعبيره. وأردف السيسي أن "المعيار الثاني مرتبط باستمرار عملية التطوير لأجيال متعاقبة، وعدم انتهائها بمرور جيل أو عصر أو قيادة أو حكومة. والمعيار الثالث هو تحول الشعب المصري إلى كتلة واحدة، بحيث لا يسمح لأحد أن يأخذه مرة ثانية إلى الهدم والتكسير وهدم الدولة، مثلما حدث من قبل". وأضاف: "أقول للجميع إن ربنا نجانا في 2011 (الثورة)، ونجانا أيضاً في 2013 (الانقلاب)".
ومضى قائلاً: "أجهزة الدولة تعمل جاهدة على بناء وانضباط مؤسساتها، وضخ دماء جديدة فيها، بما في ذلك قطاعات مثل التعليم والصحة والإعلام. وأرى أن هناك ضرورة في إيجاد اتجاه وطني عام خلال المرحلة الراهنة، ولذا وضعت فكرة بأن الرئيس ليس له حزب، وتركت هذه المسألة إلى مرحلة تالية". وتابع: "الفترة التي أتواجد فيها هي مرحلة أنني المسؤول الذي اخترتموه، ويعلم الله أنني كنت أتمنى أن الاختيار يكون من عندكم من دون تأثير للأحداث".
وواصل السيسي حديثه: "أتحدث دائماً عن المشكلات التي حدثت في السنوات الماضية بسبب الأحداث في 2011، وأحاول قدر الإمكان أن أرمم كثيراً من التداعيات التي حدثت في مصر، وبناء أرضية يمكن من خلالها الانطلاق إلى مشروع كبير لإعادة صياغة مؤسسات الدولة بشكل هادئ ومنضبط، يكون فيه الانتقاء بمعايير محددة". وختم السيسي بأن "الإصلاح الحقيقي لا يتحقق بالتوصيات النظرية التي نقرأها في الصحف، وإنما بالإجراءات التنفيذية والأفكار القابلة للتطبيق. ومشروع الإصلاح لا يجب أن يطبق بشكل جزئي، وإنما على مستوى الدولة بالكامل، إذ إنه بعد عشر دفعات من الخريجين وفق تلك المعايير، سنجد مؤسسات الدولة قد تغيرت بالفعل، وهذا هو الفرق بين الثورة والإصلاح، فالثورات قد تدفع الأوطان عقوداً إلى الوراء، بينما الإصلاح الحقيقي يبني الإنسان ذاته في مختلف المجالات".
ولا يفوت الرئيس المصري مناسبة إلا ويشن هجوماً على ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، ويتهمها بأنها "سبب الخراب" في السنوات السابقة لتوليه الحكم. ولطالما كرّر في تصريحاته السابقة بأنها "السبب كذلك في التدهور الاقتصادي لمصر، والتراجع الإقليمي لمكانتها، وأزمة نقص مياه النيل جراء بناء سد النهضة الإثيوبي". وفي السنوات الأخيرة، توسعت الأكاديمية العسكرية المصرية في اختيار وإعداد الكوادر المدنية بالدولة بناءً على توجيهات السيسي، ومنها أعضاء النيابة العامة، والسلك الدبلوماسي، وأئمة الأوقاف، والمرشحون للتوظيف في الوزارات والجهات الحكومية، من خلال إخضاعهم لمدة ستة أشهر لتدريبات عسكرية مكثفة، والاصطفاف العسكري، وممارسة الرياضات التي تمكن لاعبها من فض التظاهرات ومكافحة الشغب، والاستماع إلى محاضرات في الشؤون الحربية والأمن القومي.ويعد تدريب معاوني النيابة العامة، وهم قضاة المستقبل، داخل منشأة عسكرية، سابقة نوعية في العلاقة بين المؤسستين القضائية والعسكرية، ما أعاد طرح تساؤلات حول حدود الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، خصوصاً في ظل تأكيد مسؤولين أن التدريب تضمن جوانب تتعلق بالانضباط والوعي الأمني إلى جانب الجوانب النظرية.
اجمالي القراءات
25