أهالي ميناء العريش يواصلون احتجاجاتهم ضدّ هدم منازلهم
يواصل مصريون متضرّرون من توسعة ميناء العريش في محافظة شمال سيناء شرقي البلاد احتجاجاتهم اليومية على عمليات هدم منازلهم وإزالتها من أجل تنفيذ المشروع، في ظلّ غياب وزير النقل والمواصلات كامل الوزير عن السمع، مع العلم أنّه كان قد تعهّد لأهالي حيّ الميناء بالحفاظ على حقوقهم كاملة وعدم إخراجهم بالقوة.
ويتجمّع أهالي حيّ ميناء العريش يومياً، فيما توجد مرافقة أمنية تؤازر الآليات الهندسية التي تتوجّه إلى الحيّ من أجل أعمال الإزالة تدريجياً، بعد إخلائه من سكانه وإجبارهم على القبول بتعويض غير متكافئ مع قيمة منازلهم، وفقاً لما أفاد به عدد من أهالي الحيّ المتضرّرين "العربي الجديد".
وقال نوار (اسم مستعار) من أهالي حيّ ميناء العريش إنّ كلّ آلية هندسية ترافقها قوات عسكرية من الشرطة وإدارة المحافظة، وهي تنفّذ عمليات هدم وتجريف لأراضٍ ومبانٍ يملكها الأهالي، على الرغم من رفضهم الخروج من منازلهم في مقابل مبالغ من المال لا تعوّض ما تساويه المنازل في الواقع، ولا تتناسب مع القيمة في السوق المحليّة في هذا التوقيت.
وأشار نوار إلى أنّ أهالي حيّ ميناء العريش لا يملكون سوى الصراخ والاحتجاج في وجه القوات الأمنية المدجّجة بالسلاح، التي يُقدَّر عددها بمئات العناصر الذين يؤمّنون عملية هدم المنازل أمام أنظار سكانها. وتابع أنّ قوات الأمن تحاول إسكات المواطنين وتهديدهم بالاعتقال والتنكيل بهم في حال استمرّت احتجاجاتهم، مبيّناً أنّ الأهالي باتوا على ثقة بأنّ الوعود التي قدّمها نائب رئيس الوزراء وزير النقل والصناعة كامل الوزير للأهالي في عام 2023 كانت "كاذبة"، وشرح أنّ الوزير كان قد وعد بتقديم التعويض المناسب للمواطنين المتضرّرين بناءً على توصية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأكد نوار أنّ ما يجري على الأرض حالياً يخالف تلك الوعود تماماً، لا بل بخلاف ذلك تجبر قوات الأمن والآليات الهندسية، ومن خلفها إدارة محافظة شمال سيناء، الأهالي على إخلاء منازلهم وهدمها فيما متعلقاتهم الخاصة ما زالت في داخلها.
من جهته، قال مصدر مسؤول في مجلس مدينة العريش لـ"العربي الجديد" إنّ المشروع الذي يُقام في ميناء العريش من ضمن اختصاص وزارة الدفاع، فيما تنفّذ الجهات المدنية المتمثّلة بمحافظة شمال سيناء والشرطة المدنية أوامر الإخلاء، في ظلّ وصف القرار الجمهوري مصدراً لهذا المشروع، إذ إنّ أراضي حيّ ميناء العريش ملك لوزارة الدفاع ولها حرية التصرّف بها وفقاً للمصالح العليا. وبيّن المصدر المسؤول نفسه أنّ محافظة شمال سيناء عقدت لقاءات عدّة مع أهالي حيّ ميناء العريش، وقدّمت التعويضات المالية اللازمة لعدد منهم، وهم الذين قبلوا بإخلاء منازلهم في مقابل تعويض مالي جرى تقديره وفقاًوكانت الدولة المصرية قد بدأت في تنفيذ مشروع تطوير ميناء العريش بتحويله إلى "منطقة ذات نفع عام"، تبعتها قرارات بنزع ملكية آلاف الأمتار من الأراضي السكنية المحيطة ونقل تبعية الميناء بالكامل إلى وزارة الدفاع بقرار رئاسي، مع استبعاد الهيئة الاقتصادية لقناة السويس من إدارته. وتشير التقديرات إلى أنّ أعمال التوسعة تسبّبت في هدم ما لا يقلّ عن 1.108 مبانٍ سكنية بالإضافة إلى 32 مبنى تجارياً و23 منشأة حكومية ومرفقاً عاماً، فيما وصفت الأسر بغالبيتها التعويضات التي حصلت عليها بـ"الهزيلة" وبأنّها لا تتناسب مع خسائرها.
وعلى الرغم من مناشدات عديدة وجّهها أهالي حيّ ميناء العريش المتضرّرون إلى الجهات الرسمية، من بينهم أطفال بعثوا برسائل مصوّرة يطالبون فيها بعدم طردهم من منازلهم، لم تتراجع الدولة عن تنفيذ عمليات الإزالة، في ظلّ خطط الدولة لتحويل الميناء إلى بوابة رئيسية لتصدير خامات سيناء التعدينية إلى الأسواق الخارجية. في هذا الإطار، كان الرئيس المصري قد علّق في وقت سابق على عمليات الإزالة في ميناء العريش بالقول: "نحن لا نعمل ضدّكم ولكن من أجلكم ومن أجل بلدنا"، واعداً بتعويض الأهالي وتوفير فرص عمل لهم في إطار مشروع تطوير ميناء الصيد القديم، إلّا أنّ تصريحاته لم تُترجَم إلى التزامات ملموسة على الأرض، بحسب تأكيدات السكان.
تجدر الإشارة إلى أنّ ميناء العريش أُنشئ في عام 1996 بوصفه ميناءً تجارياً على البحر الأبيض المتوسط، يشمل رصيفاً تجارياً بطول 242 متراً وآخر مخصّصاً للعائمات الصغيرة، إلى جانب مساحات للتخزين. وهو يستخدم، في الوقت الراهن، لتصدير المواد الخام من سيناء واستقبال السفن الصغيرة. في سياق متصل، يفيد محللون وخبراء بأنّ إمكانيات الميناء ما زالت "متواضعة"، وبأنّه يفتقر إلى تجهيزات حديثة، مشيرين إلى أنّ اختياره للتوسعة جاء على حساب المنطقة السكنية الوحيدة المتبقية على ساحل شمال سيناء، على الرغم من توفّر بدائل في مناطق أخرى مثل "الكيلو 17"، يمكنها أن تتيح توسعة الميناء من دون إزهاق حقوق مئات العائلات. لمساحة كلّ منزل وأرض شًيّد عليها بعد المقارنة بأسعار الأراضي والمنازل في مدينة العريش.
اجمالي القراءات
100