مصر: ترحيل قسري لمعتقلين سياسيين إلى سجن بعيد يفجر موجة غضب

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٣٠ - سبتمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


مصر: ترحيل قسري لمعتقلين سياسيين إلى سجن بعيد يفجر موجة غضب

في واقعة جديدة تضع ملف السجون في مصر تحت الأضواء الدولية، وثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ترحيل السلطات 63 معتقلاً سياسياً من سجن أبو زعبل 2 إلى سجن الوادي الجديد، وهو السجن الذي يصفه السجناء وذووهم منذ سنوات بـ"سجن الموت" بسبب قسوته المفرطة وبعده الجغرافي عن أي تجمع سكاني. الخطوة، التي جرت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، فجرت حالة من الغليان داخل الزنازين، وصلت إلى حد محاولات انتحار جماعية وإشعال النيران في البطاطين احتجاجاً على القرار.
مقالات متعلقة :


وبدأت الأحداث التي رصدتها الشبكة، في بيان، صباح أول من أمس السبت حين أبلغ ضابط الأمن الوطني في السجن، المعروف بين المعتقلين السياسيين باسم "عمر عدلي"، السجناء بأن قرار الترحيل سيشمل نقلهم إلى سجن المنيا، لا إلى الوادي الجديد. غير أن ما اعتُبر "وعوداً بالتهدئة" اتضح سريعاً أنه مجرد خداع؛ فالمنيا لم تكن سوى محطة مؤقتة قبل أن تُستكمل الرحلة نحو الوادي الجديد. وعندما أدرك السياسيون الوجهة النهائية، أقدم بعضهم على محاولات انتحار بقطع الشرايين، بينما أشعل آخرون النيران في البطاطين. ورغم تدخل الضباط لتهدئتهم بوعود إضافية، وُضِع الجميع في حافلات انطلقت بهم عبر مئات الكيلومترات إلى الصحراء الغربية.

بحلول مساء السبت، وصل 40 سجيناً سياسياً إلى سجن الوادي الجديد بعد المرور بالمنيا، فيما تبعتهم دفعة ثانية من 23 معتقلاً صباح أمس الأحد، ليبلغ العدد الإجمالي 63 شخصاً. جميعهم تقريباً من محافظات القاهرة والجيزة والدلتا، أي على مسافات تصل إلى 900 كم من السجن، بحسب البيان. ما يعني أن زيارات عائلاتهم، التي لا تتجاوز عشر دقائق في أفضل الأحوال، أصبحت شبه مستحيلة في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة. النتيجة، كما يصفها حقوقيون، هي عقوبة مزدوجة للسجناء وأسرهم، لا تتوافق مع لوائح السجون نفسها.

ويقع سجن الوادي الجديد في مدينة الخارجة على بعد نحو 650 كم من القاهرة و900 كم من الإسكندرية، وسط ظروف مناخية قاسية في قلب الصحراء الغربية. وعبر عقود، حمل السجن أسماء مثل "الواحات" و"المحاريق" و"المنفى" و"توكر"، وكلها تعكس صورته سجناً عقابياً بامتياز. بالنسبة للحقوقيين، هو ليس مجرد منشأة احتجاز، بل أداة لعزل السجناء عن مجتمعهم وأسرهم، في خرق واضح للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وتضمنت قائمة المُرحّلين التي رصدتها الشبكة أسماء مثل عبد الله عبد المنعم، أشرف عمر السيد، محمود أحمد عبد الحميد، كريم عطية، خالد يسري زكي، أحمد محمد مراد، مصطفى رجب، هاني عزت، خالد رمضان خميس، أحمد عبد الصبور همام، حسن فاروق حسن، محمد شعبان محمود، عبد الرحمن السيد العربي، سامح السيد مختار، خالد أحمد راشد، محمود حمدان محمد، شاكر عثمان بن عفان، عبد الرحمن محمد محب، محمد أحمد راشد، عبد الله صالح، محمد إمام سمير، محمود محمد كامل، أحمد محمود أحمد، محمد رمضان محمد، عبد الله عادل، إبراهيم أحمد محمد قطب، أحمد مصطفى السيد، سيد محمد سليمان، محمد يسري عبد العزيز، عبده عبد الستار مبارك، أحمد جميل مرعي، طارق وجدي محمد، وليد عصمت حسن، عبد الرحمن محمد حسن، فتحي عبد الفتاح أحمد، أمجد أحمد عبد الصبور، صهيب عماد، علي أمين علي، أحمد محمد أحمد الصغير، مصطفى حسين السيد، عادل جمعة صالح، رجب عبد المنعم عبد القادر، محمد علي حسن، ناصر حامد عبد الستار، وأسامة جابر فرحات، إلى جانب آخرين.

وكانت منظمات حقوقية مصرية رصدت، في الأسابيع الأخيرة، موجة متصاعدة من قرارات "التغريب" (الترحيل القسري للسجناء إلى سجون نائية) ووصفتها بأنها "التغريبة الثالثة" خلال سبتمبر/أيلول وحده. وأشارت الشبكة المصرية أيضاً إلى نقل 19 سجيناً سياسياً من أبو زعبل 2 إلى برج العرب بالإسكندرية، فيما تسربت رسائل من داخل الزنازين تعبّر عن اليأس والغضب، إحداها جاء فيها: "موتونا هنا، لأننا إذا رحّلنا فسنموت هناك، ولن نرهق أهالينا ونموتهم في طريق الموت إلى سجن الوادي الجديد".

لطالما حملت منظمات حقوقية، منها "هيومن رايتس إيجيبت"، السلطات المسؤولية الكاملة عن أي حالات انتحار محتملة، ووصفت السياسة بأنها "عبثية" لا تهدف إلا إلى تكدير السجناء وأسرهم. ومنظمات دولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش سبق أن رصدت، كذلك، أوضاع السجون المصرية باعتبارها من بين الأسوأ عالمياً، بسبب الاكتظاظ ونقص الرعاية الصحية والقيود على الزيارات.ويرى مراقبون أن سياسة الترحيل القسري تعكس أزمة مزدوجة: من جهة، تدهور مستمر في أوضاع حقوق الإنسان داخل السجون، ومن جهة أخرى، ضغوط اقتصادية واجتماعية هائلة تقع على عاتق أسر المعتقلين. العائلات التي بالكاد تؤمّن قوت يومها تجد نفسها مضطرة لقطع مئات الكيلومترات في رحلات شاقة ومكلفة لرؤية أبنائها بضع دقائق، أو التخلي عن الزيارة كلياً.

الاحتجاجات داخل السجون مرشحة للتصاعد، خصوصاً أن السجناء السياسيين، لم يعودوا يملكون سوى خيارات قصوى: الإضراب عن الطعام أو التهديد بالانتحار. في ظل هذه الأجواء، يحذّر حقوقيون من أن استمرار سياسة التغريب قد يدفع الوضع نحو انفجار أكبر، داخل الزنازين وخارجها على حد سواء. فالقضية لا تمس فقط حقوق السجناء السياسيين، بل تمتد إلى آلاف الأسر المصرية التي تتحمل العبء الأكبر من سياسات العقاب القسرية.
اجمالي القراءات 134
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more