الاجتياح الإسرائيلي يحوّل غزة إلى مدينة أشباح... تدمير الأسواق والأبراج

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٧ - سبتمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


الاجتياح الإسرائيلي يحوّل غزة إلى مدينة أشباح... تدمير الأسواق والأبراج

تواجه مدينة غزة، العاصمة الاقتصادية والإدارية لقطاع غزة الذي يتعرض لعدوان شامل منذ نحو عامين، انهياراً غير مسبوق على جميع المستويات، عقب اجتياحها براً أمس من قبل جيش الاحتلال، كما سبق أن حولها العدوان الإسرائيلي المستمر إلى مدينة أشباح على مدى العامين الماضيين، والمدينة التي كانت تشكل المركز التجاري الأول داخل القطاع المحتل، وتضم الأسواق المركزية والمصارف والمؤسسات الحكومية والشركات الكبرى، باتت اليوم مدمرة بشكل شبه كامل، يعمق من حالة الدمار تلك الاجتياح البري الحالي، وإعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن "غزة تحترق" في ظل تصاعد القصف الإسرائيلي العنيف على المدينة.

ويجمع مختصون على أن استهداف مدينة غزة تحديداً يعني ضرب ما تبقى من الاقتصاد الغزي في عمقه، لأنها تمثل القلب النابض لجميع محافظات القطاع، حيث تحتضن المؤسسات الاقتصادية والتعليمية والصحية الكبرى، وبذلك فإن تدميرها لا يؤدي فقط إلى خسائر عمرانية هائلة، بل يعطل الدورة الاقتصادية بأكملها، ويضاعف من معدلات البطالة والفقر في القطاع المحاصر.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن الخسائر في الأبراج التجارية والمجمعات السكنية والبنية التحتية الحيوية في مدينة غزة وحدها تقدر بمليارات الدولارات، في وقت فقد عشرات الآلاف من السكان منازلهم ومصادر رزقهم، فيما توقفت الأنشطة التجارية والمصرفية والتعليمية بشكل شبه كامل.

مدينة عريقة تُمحى
بدوره، أكد المهندس المعماري، يوسف حماد، أن مدينة غزة ليست مجرد تجمع سكني، بل واحدة من أعرق مدن العالم المأهولة بالسكان، حيث تعود جذورها إلى آلاف السنين. وقال حماد في حديث لـ"العربي الجديد": "المدينة احتضنت عبر التاريخ مباني أثرية، ومساجد، وبيوتاً قديمة ذات طابع معماري فريد، إلى جانب أبراج حديثة كانت تعكس صورة التطور العمراني في القطاع".وأوضح أن استهداف هذه المباني يهدف إلى محو هوية حضارية ممتدة لقرون وليس فقط إلى تدمير بنايات سكنية أو تجارية، "فالأبراج التي كانت تضم مئات الشركات والمحلات التجارية مثلت شريان الحياة الاقتصادية للقطاع، ومع سقوطها تحول المشهد العمراني إلى ركام في محاولة لطمس ملامح المدينة وتاريخها".
وقدّر تقرير صادر عن الأمم المتحدة في فبراير/ شباط الماضي، تكلفة إعادة الإعمار والتعافي في الأراضي الفلسطينية بنحو 53.2 مليار دولار خلال عشر سنوات، مع احتياجات عاجلة تصل إلى أكثر من 20 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الأولى.
وتجدر الإشارة إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة تعادل أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج المحلي السنوي للأراضي الفلسطينية، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية وغزة، حوالي 17.4 مليار دولار في عام 2023. وذكر التقرير أن هذه الاحتياجات تشمل إعادة بناء شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وتأهيل المستشفيات والمدارس والمساكن التي دمرت بالكامل أو تضررت بشكل كبير، مشيراً إلى أن الخسائر في غزة تحديداً تمثل الجزء الأكبر من هذه الأرقام، نظراً لحجم التدمير الذي طاول البنية التحتية والمراكز الاقتصادية.

دمار واسع بالبنية العمرانية
في حين، تظهر بيانات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن العدوان على المدينة ألحق دماراً واسعاً بالبنية العمرانية والاقتصادية للمدينة، حيث جرى تدمير أكثر من 1600 برج وبناية سكنية متعددة الطوابق تدميراً كاملاً، إضافة إلى أكثر من 2000 برج وبناية أخرى تعرضت لتدمير بليغ. كما طاول الاستهداف أكثر من 13 ألف خيمة تؤوي النازحين، ما يعكس حجم الانهيار في البنية السكنية التي تشكل الركيزة الأساسية للنشاط الاقتصادي والاجتماعي.
وقال المكتب الإعلامي: "منذ مطلع سبتمبر/ أيلول الجاري، نسف الاحتلال أكثر من 70 برجاً سكنياً وتجارياً وألحق أضراراً جسيمة بـ120 برجاً إضافياً، إلى جانب تدمير أكثر من 3500 خيمة.
وكشف تقرير حديث صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي أن نحو 90% من البنية التحتية في القطاع دُمّرت بعد مرور 700 يوم على الحرب، حيث لحق الدمار بمختلف القطاعات الاقتصادية.
هذه الأرقام تعني أن قطاعات التجارة والخدمات التي كانت تتركز داخل تلك الأبراج، من مكاتب ومحلات ومراكز اقتصادية وطبية وتعليمية خرجت بالكامل عن الخدمة، وهو ما أدى إلى شلل شبه تام في الدورة الاقتصادية للمدينة.
ضربة اقتصادية كبيرة
من جهته، أكد المختص في الشأن الاقتصادي، عماد لبد، أن مدينة غزة كانت تستحوذ على أكثر من نصف النشاط الاقتصادي في القطاع قبل بدء الحرب، إذ تضم الأسواق الكبرى والمقار الرئيسة للبنوك والشركات، إلى جانب الجامعات والمست وقال لبد لـ"العربي الجديد" إن العدوان الذي يتركز حالياً بمدينة غزة لم يقتصر على تدمير الأبراج السكنية والتجارية، بل أدى إلى خروج عشرات المنشآت الاقتصادية عن الخدمة بشكل كامل، بما في ذلك الأسواق المركزية، والمصانع الصغيرة والمتوسطة، والفنادق، والمراكز التجارية.

وأوضح أن هذه المنشآت كانت تمثل شريان الحياة للاقتصاد المحلي، ومع توقفها فقد آلاف العمال وظائفهم، ما أدى إلى ارتفاع البطالة إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، "ومع انهيار هذه البنية التحتية الاقتصادية تعطلت حركة رأس المال، وتوقفت الدورة المالية الداخلية، ما انعكس مباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين وتفاقم معدلات الفقر بشكل حاد".
وأشار لبد إلى أن الخسائر لم تقتصر على قطاع التجارة، بل شملت المراكز الخدمية الحيوية، مثل الجامعات، والمستشفيات الخاصة، والمراكز الطبية، التي كانت تشكل عصباً أساسياً في تقديم التعليم والصحة، لافتاً إلى أن تعطيل هذه المؤسسات لا يعني فقط خسائر اقتصادية آنية، بل يترك آثاراً ممتدة على رأس المال البشري في القطاع، ويهدد بفقدان أجيال كاملة فرص التعليم والعمل.
وختم لبد حديثه مع "العربي الجديد" بالقول: "تكلفة هذه الخسائر لا تقاس فقط بحجم الدمار المادي بل بمدى تعميق الفقر والبطالة، إذ تحولت آلاف الأسر في مدينة غزة من فاعلة اقتصادياً إلى معتمدة كلياً على المساعدات".

دلالات
اقتصاد غزة
الأبراج السكنية
الاحتلال
أسواق
الأكثر مشاهدة
مشاركة الرئيس الصومالي بافتتاح سد النهضة... موازنة بين مصر وإثيوبيا

الاحتلال يسرّع إخلاء مدينة غزة ويبيدها عمرانياً

إسقاط الجنسية عن 3 مصريين تظاهروا أمام البعثة المصرية في نيويورك

القمة العربية الإسلامية تؤكد الوقوف مع قطر في خطوات الرد على العدوان

تحفظات تفرمل زيارة "المجلس الوطني الكردي" إلى دمشق

زبيدة خرباش باتجاه غزة.. سيدة جزائرية تركت الخوف وراءها

المزيد في اقتصاد
ارتفاع حاد في أسعار لحوم المغرب (جيوفاني ميريجيتي/Getty)
أسواق
أسعار اللحوم لا تنخفض في المغرب رغم نمو الثروة الحيوانية

سوق في حي الجمالية بالعاصمة المصرية القاهرة، 24 يونيو 2024 (محمود الخواص/Getty)
اقتصاد عربي
مصر نحو زيادة الإنفاق العسكري بعد اجتياح غزة

مبنى الكابيتول هيل الأميركي، واشنطن، 26 يناير 2023 (Getty)
اقتصاد دولي
مشروع إنفاق جمهوري مؤقت لتجنب إغلاق الحكومة الأميركية

اشترك في النشرة البريدية *
البريد الإلكتروني
أسعار اللحوم لا تنخفض في المغرب رغم نمو الثروة الحيوانية
أسواق
الرباط
مصطفى قماس

17 سبتمبر 2025 | آخر تحديث: 06:12 (توقيت القدس)
Facebook
X
WhatsApp
Share
سعر كيلوغرام من اللحوم يتراوح بين 10 و12 دولاراً (جيوفاني ميريجيتي/Getty)
+
الخط
-
إظهارالملخصicon


تأبى أسعار اللحوم الانخفاض في المغرب، رغم كشف إحصاء القطيع عن ارتفاع أعداد رؤوس الأغنام والتدابير التي اتخذت بهدف دعم تسهيل استيراد اللحوم ودعم المربين لتدارك تراجع أعداد رؤوس الماشية بسبب الجفاف.

وتراوح أسعار اللحوم الحمراء في سوق التجزئة بالمغرب بين 10 و12 دولاراً للكيلوغرام، وهي أسعار كان يُنتظر أن تنخفض، خصوصاً بعد قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى بهدف إعادة تشكيل القطيع.

ويذهب صاحب محل جزارة عبد الله العبدي، إلى أن ارتفاع الأسعار في سوق التجزئة له علاقة بمستوى الأسعار في أسواق الجملة، التي تفضي إلى تقليص هوامش أرباح الجزارين وترفع الأسعار للمستهلك.

ويشدد العبدي في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن التدابير التي اتخذت من قبل الدولة بهدف دعم مربي الماشية، لم تعط نتائجها، خصوصاً مع غلاء الأعلاف التي تثقل على صغار المنتجين.

ويسجل مراقبون أنه رغم انخفاض التضخم إلى 0.9 في المائة في العام الماضي، وترقب حوالى 1.2 في المائة في العام الحالي، إلا أن القدرة الشرائية للأسر ما زالت متضررة بفعل مستويات التضخم المسجلة في 2022 و2023، حين وصلت على التوالي إلى 6.1 و6.6 في المائة. ويؤكدون أن الأسعار استقرت، لكنها تبقى مرتفعة بفعل التضخم والجفاف.

سياح في الموقع الأثري لوليلي، المغرب، 1 ​​نوفمبر 2023 (مارتن برتراند/ فرانس برس)
سياحة وسفر
هكذا أسعف المغتربون السياحة في المغرب

ويسجل صاحب محل جزارة، محمد السعيدي، أن أسعار اللحوم ارتفعت منذ بداية موجة الغلاء في الثلاثة أعوام الأخيرة بحوالى 30 في المائة، ما أفضى إلى خفض استهلاك الأسر المتوسطة والفقيرة.

ويشير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن بعض الجزارين الذين يشتغلون في السوق الرسمي تراجعت إيراداتهم، في ظل تراجع الطلب نتيجة لجوء أسر إلى تعويض اللحوم الحمراء بلحوم الدواجن. ودأب مراقبون ومسؤولون على توجيه أصابع الاتهام، بعد ارتفاع أسعار اللحوم، للمضاربين والوسطاء الذين يسعون لتوسيع هوامش أرباحهم على حساب المهنيين والأسر، في الوقت نفسه الذي ثارت تساؤلات عن الأسباب وراء عدم مساهمة الاستيراد في خفض الأسعار رغم الدعم الذي صرف لفائدة المستوردين.

وشُدِّد على أن انخفاض أعداد رؤوس القطيع ناجم عن توالي سنوات الجفاف التي أفضت إلى تراجع الكلأ في المراعي، ما أفضى إلى اتخاذ قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى بهدف إعادة تشكيل القطيع.

غير أن الوزارة كشفت في أغسطس/ آب الماضي، عن ارتفاع أعداد رؤوس القطيع الوطني، حيث قدرتها بحوالى 32.83 مليون رأس، موزعة بين 23.15 مليون رأس من الأغنام، و7.47 ملايين رأس من الماعز، و2.09 مليون رأس من الأبقار و106 آلاف رأس من الإبل.

وأوضحت الوزارة تسجيل ارتفاع في إجمالي رؤوس الماشية، باستثناء الأبقار والإبل التي تراجعت بنسبة 30 في المائة مقارنة بالمستوى المعهود، حيث شددت على التوجه نحو مواصلة دعم استيراد الأبقار.

وكان المغرب قد بلور خطة لإعادة تشكيل قطيع، وأعلن وضع تدابير لفائدة مربي الماشية تراوح بين إعادة جدولة الديون ودعم أسعار الأعلاف وتقديم دعم مالي مباشر، بما يساعد على إعادة تشكيل القطيع الوطني الذي تراجع بفعل تداعيات الجفاف.

اجمالي القراءات 12
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق