أكبر موجة محاكمات سياسية في مصر منذ سبتمبر 2024: 6 آلاف متهم و186 قضية

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٤ - مايو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


أكبر موجة محاكمات سياسية في مصر منذ سبتمبر 2024: 6 آلاف متهم و186 قضية

حذرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، من تصاعد وتيرة إحالة قضايا حصر أمن الدولة العليا للمحاكمة بشكل غير مسبوق بداية من سبتمبر/أيلول 2024، بعدما أحالت نيابة أمن الدولة العليا للمحاكمة ما لا يقل عن 186 قضية، بخلاف كون القضايا المُحالة والمُرشحة للزيادة، مفتوحة خلال الأعوام من 2015 وحتى عام 2024، وتضم أكثر من ستة آلاف شخص متهمين بـ"الإرهاب" ومن بينهم أطفال وأكثر من نصفهم محبوس احتياطيًا.

كما حذرت المبادرة، اليوم الأحد، من خلال تقرير مفصل بعنوان "مداواة الانتهاكات بالمزيد منها: مصر تطلق أكبر موجة من المحاكمات السياسية لآلاف المعتقلين"، من خطورة المرحلة القادمة والتي يُنتَظَر أن يفصل خلالها القضاء المصري في عشرات القضايا في محاكمات جماعية.

وأشارت المبادرة إلى أنه "إلى الآن، لم تتحدد دوائر الجنايات المعنية بالنظر في الغالبية العظمى لهذه القضايا، ولم يتمكّن دفاع المتهمين من الاطلاع على أي من ملفات هذه القضايا؛ الأمر الذي لا يبشر بضمان محاكمات عادلة لآلاف المتهمين المهددين باستمرار حبسهم احتياطيًا لمدد مفتوحة، في ظل احتمالية استمرار محاكمتهم لسنوات أخرى قادمة. كما أن الوضع الذي تخلقه نيابة أمن الدولة العليا حرج وغير مسبوق، ويهدد ما تبقى من سمعة منظومة القضاء المصري مثلما يهدد مصائر آلاف المتهمين. حيوات أولئك المتهمين وأسرهم لا تحتمل التجريب أو الاستهانة بالوقت أو غض الطرف عن ضمانات المحاكمة العادلة بدعوى ضخامة الأعداد. خاصة وأن عددًا مُعتبرًا يواجه اتهامات قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، بينما يعرض قانون الإجراءات الجنائية الجديد آلاف المتهمين لخطر إخضاعهم للمحاكمة عن بُعد، مفصولين عن محاميهم، ودون مواجهتهم بشهود بسبب تقنين حجبهم".

وفي محاولة الإجابة على سؤال "من يحاكم أكثر من ستة آلاف متهم دفعة واحدة؟"، أكدت المبادرة، أنه "حتى اللحظة الراهنة لم يبدأ النظر أو تحديد جلسات لبدء المحاكمة سوى لما يقرب من 20 قضية فقط. لكن دائرتي الإرهاب المنعقدتين في مجمع محاكم بدر، وحدهما اللتان يُتوقّع أن تفصلا في كل هذه القضايا في الدرجة الأولى، وهما نفس الدائرتين اللتين لم تصدرا قرارًا واحدًا بإخلاء سبيل أي من المحبوسين احتياطيًا أثناء نظر تجديد حبسهم أمامهما منذ تشكيلهما في العام القضائي الحالي، حيث سبق أن أصدرتا آلاف القرارات بتمديد الحبس بمخالفة القانون بحق عدد من المُحالين، في جلسات افتقر معظمها للحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة، أو حتى محاولة الحفاظ على الشكل القانوني للجلسات".
كما شددت المبادرة على خطورة أنه "في حال صدر حكم أول درجة -خلال العام القضائي الحالي- وحاول المتهمون استئناف الأحكام الصادرة ضدهم، فلن يكون متاحًا أمامهم سوى دائرة استئنافية واحدة، برئاسة المستشار حمادة الصاوي، النائب العام السابق الذي حققت نيابة أمن الدولة في معظم هذه القضايا خلال توليه منصب النائب العام، وهو ما يجعل توليه أياً من هذه القضايا مخالفة صريحة لنص المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية التي تحظر على القاضي أن ينظر دعوى قام فيها بوظيفة النيابة العامة".

حبس احتياطي لا ينتهي
وتحت عنوان فرعي "محاكمات متأخرة وحبس احتياطي لا ينتهي"، ذكرت المبادرة أن "قرارت نيابة أمن الدولة الأخيرة، والتي سيحاكم بناءً عليها الآلاف دفعة واحدة، تطرح أسئلة مشروعة حول مفهوم السلطات المعنية عن العدالة الناجزة، حيث أبقت نيابة أمن الدولة عشرات القضايا مفتوحة دون استكمال تحقيق أو ظهور أدلة جديدة، قبل أن تقرر إحالة متهمين على ذمتها فجأة بعد سنوات من التحقيق معهم فيها. بينما قررت النيابة إحالة آخرين عقب التحقيق معهم مباشرة على ذمة قضايا أخرى مفتوحة منذ سنوات أيضًا، إلا أنهم لم يُعلنوا باتهامهم على ذمتها سوى قبل الإحالة بأسابيع معدودة. وفي أغلب القضايا المحالة، تقول نيابة أمن الدولة إن الاتهامات المذكورة وقعت في مدى زمني استمر لسنوات قبل ظهور القضية من الأساس".

ولفتت المبادرة، الانتباه إلى أنه من المهم الأخذ في الاعتبار أن محاكمة الآلاف بدعوى "الإرهاب" دون وقائع ملموسة، ودون وقوع ضرر حقيقي "أثّر على سلامة المواطنين والممتلكات العامة أو هيبة الدولة"، لن يؤثر على المتهمين فحسب، لكنه سيطال عائلاتهم الممتدة، فضلًا عن إثقال كاهل مرفق العدالة المصري بأعداد ضخمة من القضايا قد يمتد نظرها لسنوات. وأن الأخطاء تقع، وإصلاحها بدلًا من التمادي فيها، سيكون دائمًا القرار الأصوب".

وقدمت المبادرة، قائمة من الحلول التي يتيحها القانون المصري، وترى المبادرة أنها ستساعد على حل هذا الوضع المأزوم ووقف هذه الجرائم، ومن أبرزها "اتخاذ النائب العام المستشار محمد شوقي، قرارًا بإنفاذ القانون، والإفراج الفوري عن كافة من تخطوا الحد الأقصى القانوني للحبس الاحتياطي، والذي حددته المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي. وحفظ القضايا المفتوحة دون استكمال تحقيقات أو تحريات فيها منذ سنوات. ومراجعة النيابة العامة بشكل عاجل لكافة أوامر الإحالة الصادرة، قبل تحديد جلسات المحاكمة، لضمان الالتزام بالقانون وعدم محاكمة الشخص نفسه أكثر من مرة على خلفية اتهامه بارتكاب الجرائم ذاتها"، فضلًا عن "إلزام النيابة العامة بمبدأ الشفافية المنصوص عليه في المادة 68 من الدستور، وإتاحة حصر يَسهُل للعامة الوصول له بكافة قضايا أمن الدولة العليا المُحالة أو المتداولة أمام القضاء، وأسماء كافة المتهمين على ذمتها سواء من المحبوسين أو غيرهم. وتحديد دوائر كافية لنظر القضايا المُحالة بشكل عاجل، بما يضمن تماشيها مع القانون، مع تحديد إطار زمني واضح لإنهاء أعمالها. على أن تقوم هذه الدوائر بالأخذ في اعتبارها ضرورة مراجعة قيد ووصف الاتهامات الموجهة. وتعديل قانون مكافحة الإرهاب، رقم 94 لسنة 2015 ليتماشى مع الدستور المصري، بما يضمن فاعليته لمكافحة الإرهاب فعلًا، دون أن يمتد للأفراد وخاصة الأطفال. والعمل على إعادة صياغة تعريف مُحكم وعام ومُجرد، بما يضمن عدم مساواته بين الأحزاب والنقابات والمنظمات الحقوقية والأفراد المنتمين إلى هذه الكيانات وبين التنظيمات الإرهابية. مع ضمان عدم تطبيقه على الأفراد بسبب ممارستهم لحقهم في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي.

كذلك أوصت المبادرة بوجوب نص قانون الإجراءات الجنائية على الإفراج عن المتهمين فور إتمامهم الحد الأقصى القانوني للحبس الاحتياطي، من خلال آلية واضحة، مع عدم جواز اتهام الشخص بارتكاب جرائم مشابهة في مدى زمني متقارب على ذمة قضايا مختلفة. ووجوب نص قانون الإجراءات بشكل واضح على ضرورة حضور المتهمين جلسات محاكمتهم بشخصهم مع محاميهم، مع إلزام الجهات المعنية بإتاحة وتيسير الحصول على كافة الأوراق الخاصة بالقضية، والتشاور مع فريق الدفاع قبل بدء المحاكمة. وأخذ السلطات المعنية وعلى رأسها رئيس الجمهورية ومجلس النواب، بنص المادة 76 من قانون العقوبات في الاعتبار، والعمل على إصدار قانون بالعفو الشامل، ما يسمح بمراجعة موقف الآلاف ممن لم يتسببوا بأي أضرار مباشرة، وذلك إعمالًا لروح القانون ونصوصه.
اجمالي القراءات 27
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق