هكذا تحوّل تقاعد المصريين من حلم إلى كابوس

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠٢ - مايو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


هكذا تحوّل تقاعد المصريين من حلم إلى كابوس

برز قضية معاشات تقاعد المصريين باعتبارها من أكثر القضايا الاجتماعية والاقتصادية إلحاحاً حيث يعاني المواطنون معيشياً بعد سنوات طويلة من العطاء.

ففي ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها شريحة كبيرة من المتقاعدين في مصر، من عدم كفاية ما يحصلون عليه لتلبية احتياجاتهم الأساسية، لا سيما مع ارتفاعٍ متزايد في تكاليف المعيشة وتراجعِ القوة الشرائية، ورغم وصولهم إلى مناصب قيادية أو قضائهم عقوداً في العمل، يجد عدد من المتقاعدين، ومنهم المدرسون وموظفو الدولة، أنفسهم عاجزين عن مواجهة متطلبات الحياة بعد التقاعد.

معاناة ومعاشات لا تتناسب مع سنوات خدمتهم، أو مع ظروفهم الصحية والاجتماعية الصعبة، مما يدفع الكثيرين إلى البحث عن مصادر أخرى للدخل، أو العودة إلى سوقِ العمل في سن متقدمة، بل واللجوء إلى القضاء أحيانا للمطالبة بحقوقهم المُهدرة.

والمعاش هو مبلغ مالي يصرفه الصندوق القومي للتأمينات الاجتماعية للمؤمن عليه بعد بلوغه سن الشيخوخة، أو انتهاء خدمته بسبب بلوغ سن الشيخوخة أو للعجز أو الوفاة، المعاش هو حق للمتقاعد الذي – من أجله - تم خصم نسبة من مرتبه الشهري على مدار سنوات عمله الحكومي، ومع ذلك ما يتحصل عليه لا يكفيه والزيادة السنوية تلتهمها الزيادة المستمرة في الأسعار.

ومن المتأثرين بهذه الأزمة نادية صقر التي كانت تعمل محاسبة في ديوان عام محافظة الشرقية. تقاعدت وهي على درجة مدير عام، المعاش كان ضئيلا حيث أصبح ثلاثة آلاف جنيه فقط، بعد 30 عاما من الخدمة، لم تكن كافية خاصة وهي أرملة ترعى ثلاث فتيات، ولولا أنها ضمت معاش والدها الراحل؛ لما استطاعت مواجهة أعباء المعيشة.وثمة حالة أخرى عاشتها صفاء عدلي، إذ كانت تعمل في وزارة الزراعة بعقد مؤقت، وكان راتبها ثلاثة آلاف جنيه. حصلت على معاش منذ بضعة أشهر لا يتجاوز ألف جنيه، لولا أنها تتلقى معاش زوجها، لما استطاعت العيش، خاصة وأن لديها ابناً من ذوي الاحتياجات الخاصة، وابناً آخر متخرج من الجامعة ولا يجد عملا.

أما عادل محمود البالغ من العم 61 عاماً، فقد كان مديرا عاماً بوزارة التربية والتعليم. كان راتبه جيداً ويغطي احتياجات الأسرة، لكن بعد التقاعد، أصبح معاشه ثلاثة آلاف جنيه فقط!، يتساءل كيف يمكن لهذا المبلغ أن يكفي؟ خاصة وأن لديه ابنة يستعد لتزويجها، وابناً في المرحلة الثانوية يحتاج إلى دروس خصوصية. لهذا لم يتوقف عن العمل رغم تقاعده، فاضطر للعمل مسؤول حسابات في مخبز! وإلا ماذا يفعل في ظل هذا الغلاء؟

عملت قدرية ثروت، موظفة إدارية في وزارة التربية والتعليم، وتقاعدت منذ عامين. يبلغ معاشها 2800 جنيه، مطلقة ولديها ثلاث بنات؛ إحداهن متزوجة، والدهن لا ينفق عليهن ماليا ويجهلن مكانه. تحمد الله على أنها تعيش في منزل والدها؛ فلا تدفع إيجارا، تسعى للحصول على معاش والدها الذي كان يعمل في مجال المقاولات، وإلا كيف ستكفي 2800 جنيه للمأكل والمشرب والكهرباء والمياه والأدوية وغيرها. تشعر قدرية بالإحباط ولولا مساعدة أخيها الكبير، لما استطاعت الاستمرار.

عامر عز الدين، موظف سابق بالهيئة الوطنية للإعلام، تقاعد في يناير 2017. معاشه زهيد، ولا يستطيع أن يغطي احتياجات أسرته، يقول: "رفعت قضية للمطالبة بحقوقي الخاصة برصيد الإجازات، إضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة، وصدر الحكم لمصلحتي عام 2020، لكن حتى الآن يخبرونني بأن الميزانية لا تسمح، اسمي مسجل، وعندما تتوفر الأموال سيبلغونني! مضت خمس سنوات ونحن نصرخ، ولا أحد يسمع!" بحسب تعبيره، ويتساءل "أين حقوقنا التي كانت تُخصم من رواتبنا طوال هذه السنوات؟ لقد نُهبت، ونحن نتنقل من مكتب إلى مكتب دون جدوى! من يرضى بهذا الظلم؟" وختم داعيا: "الله أكبر على ما حدث في ماسبيرو، وعلى من ضيع حقوقنا".أما ألفت جميل التي كانت تعمل مأمورة للضرائب، فبجانب المعاش هناك فوائد من مبلغ تدخره في أحد البنوك، زوجها مدرس أول رياضيات تقاعد هو الآخر، كان معاراً للخارج؛ لديه بعض المدخرات أيضا إضافة للمعاش، لكن مع ارتفاع الأسعار المستمر، ووجود ميزانية مخصصة لشراء العلاج شهرياً؛ إجمالي الدخل الشهري بالكاد يكفيهم.

والمعلمون في مصر ليسوا أسعد حالاً؛ فعند التعاقد المعاش يساوي نصف الراتب، كحال السيد هشام حسن مدرس الرياضيات، حيث كان يتقاضى ثمانية آلاف جنيه، بعد تقاعد على المعاش أصبح أربعة آلاف، لكن ما "أنقذه" هو المدخرات نتاج الإعارة إلى الكويت لمدة 15 عاما، وهو نفس حال إبراهيم الحلواني حيث اضطر للتقاعد نظرا لظروفه الصحية، لم يكن يعطي دروسا خصوصية، فكان يعتمد كليا على راتبه.

وبسبب ضآلة المعاش، اضطر إلى تأجير شقة اشترتها زوجته من ميراثها لمساعدته في المصروفات، لديه ثلاثة أبناء، تزوجت البنتان، أما الثالث فهو طالب في الثانوية العامة، بجانب المعاش وإيجار الشقة؛ هناك بعض المستحقات من النقابة والتأمينات والإجازات، تكاليف العلاج والدروس الخصوصية تلتهم معظم الدخل، وبعد نفاد هذه المستحقات لا يدري ماذا يفعل.

محمد رمضان مدرس الفيزياء، زوجته ربة منزل، لم يجد فرصة في إعارة للخارج، فكان يعتمد على راتبه فقط، مع دخل بسيط من دروس خصوصية. بعد التقاعد، وجد أن معاشه لا يكفي، فاضطر للعمل في مدرسة خاصة لسد احتياجات المنزل. المدرس عاطف عبد الحميد، قبل تقاعده بسنوات، عمل كاشير في محل مخبوزات مساء. وبعد التقاعد، استمر في هذه الوظيفة بالإضافة إلى معاشه.
اجمالي القراءات 34
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق