تخطِّط الحكومة الصينية حاليًا للعثور على كويكب ومطاردته ثم هبوط البشر عليه، وذلك بغرض القيام بعمليات تعدين فوقه وربما حتى العيش عليه. قد يبدو هذا الكلام أقرب للخيال العلمي بالفعل، لكنّ التاريخ يقول إن كل إنجاز علمي كان خيالًا في يومٍ من الأيام. قال مسؤولون من برنامج الفضاء الصيني إنّ بكين تأمل في أن تكون قادرة على الحصول على المواد الثمينة والنادرة التي يعتقد أنها تتواجد داخل العديد من الكويكبات وذلك من خلال اصطياد أحد هذه الكويكبات وإرسال رواد فضاء للتعدين على سطحه فى وقتٍ مُبكِّر من عام 2020.
- الصين الطبل الأجوف
- عمال التنظيفات(الزبالة) هم بعض من شبيحة نظام الأسد.
- وجهة نظر في عالم الفضاء والاتصالات
- كيف تُقْهَرُ وتُسْتَعْبَدُ الأمم...؟
- الفلم السينمائي : " نزول المسيح " للمخرج البخاري
- الصين - شاهد شاف حاجات -
- الصين وغزو العالم بأطفال الكتالوج
- النفس البشرية : ذلك الفضاء الداخلى المجهول
- وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً
مشروعٌ طموح
قال «يى بيجيان»، كبير قادة ومصممي برنامج الصين لاستكشاف القمر، إنّ الصين ستُطلق أوَّل مركبة فضائية لها خلال السنوات الثلاث القادمة أو نحو ذلك. ولكن المشروع سيكون أوسع بكثير من ذلك، ففي نهاية المطاف سيجري استخدام الكويكبات كقاعدة لمحطَّة الفضاء الصينية. هذا الإعلان هو أحدث مشروعات الفضاء الصينية الطموحة. فقد كشفت مؤخرًا أنها ستبحث عن بناء قاعدة على سطح القمر، يحتمل أن تكون بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية.
وستشمل البعثة الصينية هبوط مركبة فضائية على كويكب ومن ثم استخدام الصواريخ لتغيير مساره. وإذا تمكنت من فعل ذلك بنجاح، فسيُمكن دفع الصخور إلى مدار القمر، وبالتالي يصبح جاهزًا لعملية التعدين عليه والحصول على المعادن الثمينة المستخرجة. وتأمل الصين في أن تدفع قيمة المعادن التي تؤخذ من الكويكب تكاليف هذه المهمة الطموحة.
«ناسا» أيضًا تدخل المنافسة
في 4 يناير (كانون الثاني) 2017، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» اختيار اثنتين من البعثات الفضائية الجديدة، كلتاهما باتجاه الكويكبات. وستقوم البعثة الأولى، التي تدعى لوسي، بدراسة الكويكبات، المعروفة باسم «كويكبات طروادة»، المحاصر حول جاذبية كوكب المشتري. بينما المهمة الثانية، التي تسمى «سايك»، ستستكشف جسمًا فضائيًا كبيرًا جدًا ونادرًا في حزام الكويكبات التابع للنظام الشمسي والمصنوع من المعدن، ويعتقد العلماء أنه قد يكون نواة كوكب فقد طبقاته الخارجية الصخرية نتيجة لسلسلة من الاصطدامات العنيفة.
مهمَّة «لوسي» من المتوقع إطلاقها في عام 2021، ومهمة «سايك» من المتوقع أن تنطلق في عام 2023. وقال توماس زوربوشن، المدير المساعد لمديرية بعثة العلوم في ناسا في واشنطن في بيان: «سيزور لوسي بيئة غنية بالمعادن المستهدفة في كويكبات طروادة الغامضة التابعة لكوكب المشتري، في حين أن سليك سوف تدرس كويكبًا معدنيًا فريدًا من نوعه لم تجرِ زيارته من قبل. هذا هو الهدف الرئيس من برنامج البعثات الفضائية؛ الذهاب بجرأة إلى أماكن جديدة كليًا من أجل تطوير العلم والمعرفة».
ويعدّ التعدين على الكويكبات أيضًا محور اهتمام بعض الشركات الخاصة، التي تأمل أنّ هناك تريليونات من الدولارات التي يمكن العثور عليها في الصخور الفضائية. في عام 2015، مرر باراك أوباما قانونًا يحقُّ بموجبه للمواطنين الخاصين امتلاك الأجرام السماوية، وهو ما فتح الباب للناس لشراء وامتلاك الكويكبات الخاصة بهم.
صناعة بمليارات الدولارات
قال المؤسس المشارك والرئيس المشارك لشركة بلانيتري ريسورسز «Planetary Resources»، إريك أندرسون، في تصريحات لشبكة سي إن بي سي «CNBC» يوم 10 مارس (آذار) 2016، إن الموارد غير المحدودة الموجودة في الفضاء سوف تساعد على دفع الاقتصاد العالمي وازدهاره في المستقبل. أشار أندرسون أيضًا إلى أنَّ هذا المجال الجديد من الأعمال سيكون بقيمة تريليونات الدولارات، وبالتالي فإن الشركات الأولى التي ستستثمر في هذا المجال ستعود إليها أرباح بمئات المليارات ومن الممكن أن تصل بالفعل إلى التريليونات.
ويقصد بالتعدين الفضائي أو التنقيب في الأجرام السماوية: استغلال المواد الخام من الكويكبات والكواكب القزمة، بما فيها الأجرام السماوية شديدة القرب من الأرض. فالمعادن والمواد المتطايرة يمكن أن يتم استخراجها من كويكب قريب أو مذنب، ثم يتم استخدام هذه المواد في عمليات الاستخدام في الموقع «in-situ utilization».
بمعنى آخر فإننا نقوم بالتنقيب عن المعادن والمواد الهامة في الكويكبات والمذنَّبات ثم نستخدمها في صناعة مواد البناء والصواريخ مثلًا في نفس موقع الاستخراج. أيضًا فإن بعض المواد المستخرجة يمكن بالطبع إعادتها إلى الأرض للاستفادة منها بطرق مختلفة. وتشمل المواد المستخرجة كلَّا من: «الذهب والإيريديوم والفضة والأوسيميوم والبلاديوم والبلاتين والرنيوم والروديوم والروثينيوم والتغستن»، وهذه هي المواد التي يتم إعادتها للأرض. بينما من المواد التي تستخدم في عمليات صناعة الصواريخ بنفس مواقع الاستخراج فهناك «الحديد والكوبالت والمنغنيز والألومنيوم والموليبدنيوم والنيكل والتيتانيوم». كذلك فهناك الماء والأكسجين بغرض الحفاظ على حياة رواد الفضاء. وأضف لهذا كله الهيدروجين والأمونيا والأكسجين لاستخدامها في وقود الصواريخ.
ونتيجة لارتفاع تكاليف عمليات النقل الفضائي، فإن تقنيات الاستخراج والتنقيب لا تزال قيد التطوير وسط شكوك حول إمكانية القيام بهذا الأمر على مستوى واسع وتجاري. ولا يزال بالطبع الاعتماد الرئيس للحصول على المعادن والمواد الهامة يعتمد على التعدين الأرضي. لكن من المرجح بقوَّة أن يتغيَّر هذا الأمر في المستقبل، خصوصًا مع ندرة الموارد الموجودة على كوكب الأرض واستهلاكها بشكلٍ متزايد في السنوات الأخيرة. العلماء حاليًا يعملون بكل قوة على التوسع في تطوير تقنيات تنقيب وتعدين تلائم الأجرام الفضائية، بالإضافة لتطوير تقنيات أقل تكلفة للسفر عبر الفضاء.
طبقًا للاحتياطات الأرضية لمعدلات الاستهلاك الحالية مع الارتفاع الكبير في النمو السكاني، فإن العناصر الأساسية اللازمة للصناعة الحديثة والإنتاج الغذائي يتوقع أن تستهلك خلال 50 – 65 عامًا من الآن. أبرز هذه العناصر هي الفوسفور والأنتيمون والزنك والقصدير والرصاص والإنديوم والفضة والذهب والنحاس.
من هنا ظهرت فكرة التعدين على سطح بعض الكويكبات الغنية بهذه المعادن الهامة والنفيسة وإرسالها إلى كوكب الأرض بغرض جني الأرباح من جهة، وبناء أقمار صناعية تعمل بالطاقة الشمسية والمركبات الفضائية الخاصة بحياة رواد الفضاء خارج كوكب الأرض. ويجدر الإشارة هنا إلى أنه نتيجة للجاذبية الكبيرة لكوكب الأرض مقارنةً بالكويكبات المحيطة، فإن غالبية المعادن المحبة أو الشبيهة بالحديد قد تم جذبها إلى قلب الكوكب في الوقت الذي كان فيه الكوكب منصهرًا. هذا الأمر جعل القشرة الأرضية فارغة تمامًا من هذه المعادن النفيسة إلى أن بدأت عمليات هطول الكويكبات والتحامها بالأرض لتمنح القشرة الأرضية مخزونها الحالي من هذه المعادن.
شركاتٌ خاصة
كما ذكرنا سابقًا، فإن منتجات عملية التعدين يمكن استغلالها عبر إعادتها إلى الأرض، أو من خلال عمليَّات التصنيع في مواقع الاستخراج. هناك خيارٌ ثالث يمكن القيام به، يتمثل في نقل الكويكب إلى مدار معين حول الأرض أو حول القمر. هذا الأمر من شأنه – نظريًا – أن يسمح باستخدام جميع مخرجات عملية التعدين وعدم فقدان أيٍّ منها.
هذه الفكرة وضعتها ناسا من خلال مهمة مستقبلية تدعى مهمَّة تغيير مسار الكويكب «Asteroid Redirect Mission». ولا يزال هذا المشروع في مراحل التخطيط الأولى. ويتمثَّل هذا المشروع في توجيه مركبة فضائية نحو كويكب كبير يقترب من الأرض، ثم تستخدم ذراعًا ضخمة متصلة بالمركبة للقبض على جزء صخري من الكويكب بحجم ستة أمتار، وتوجيه الكويكب إلى مدار معين حول القمر.
وتختلف عملية التعدين باختلاف الكويكب، فهناك بعض الكويكبات التي يتمّ الحصول على المواد الثمينة منها عبر كشط هذه المواد من التربة السطحية باستخدام مغرفة، خصوصًا وأن هناك أدلة قوية على أن العديد من الكويكبات تتكوَّن من أنقاض. أيضًا فإنّ بعض الكويكبات تتضمن عمليات التعدين بها حفر منجم واستخراج المواد عبر فتحة المنجم هذه، وهذا يتطلب معرفة دقيقة بمكان تواجد المعادن الموجودة من خلال عملية مسح شاملة. هناك تقنيات أخرى تتمثل في استخدام مغناطيس كبير لسحب المواد المعدنية القريبة من السطح.
في عام 2012، أعلن عن خطة من قبل رجل أعمال ملياردير للقيام بعمليات تعدين للكويكبات. الشركة المعلنة هي شركة «بلانيتري ريسورسز» ومالكها «إريك أندرسون وبيتر ديامانديس». هذه العملية التي ستتكلَّف عدة ملايين من الدولارات ستتضمن استخدام مركبات فضائية روبوتية لضغط المكونات الكيميائية للوقود والمعادن مثل البلاتين والذهب في الصخور.
ويهدف المشروع إلى إنشاء مخزن للوقود في الفضاء بحلول عام 2020. تخيل أن تكون هناك محطة وقود في الفضاء تستخدمها الرحلات الفضائية المختلفة للتزود بالوقود. وقد رد العديد من العلماء على هذه الفكرة الجريئة بأنَّها صعبة التنفيذ ومكلفة للغاية، فالأوقيَّة الواحدة من الذهب يبلغ سعرها على الأرض 1600 دولار أمريكي، ومهمة ناسا القادمة التي تهدف إلى العودة بحوالي أوقيتين فقط من الذهب ستكلف حوالي مليار دولار.
هناك شركة ثانية تدعى «Deep Space Industries» أعلنت عن نيتها في البدء بعمليات التنقيب والبحث عن الكويكبات المناسبة للتعدين خلال عام 2016 والعودة إلى الأرض بعينات من بعض الكويكبات. وتنوي الشركة التعدين على سطح بعض الكويكبات على نطاق واسع نسبيًا خلال عام 2023.