الرعد والبرق

الجمعة ١٣ - يونيو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
السلام عليكم ، استاذي الغالي بارك الله بعلمك ، هل اجد عندك سبب تقديم الرعد على البرق في الاية الاتية ؛ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ) [الجزء: 1 | البقرة (2) | الآية: 19]
آحمد صبحي منصور :

يقول جل وعلا فى وصف موقف الكفار من الهداية ، يضرب فيهم مثلا تصويريا تشبيهيا : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (18) البقرة ) . أى مثلهم مثل رجل إستوقد نارا ، وأضاءت النار ما حوله ، ولكن بسبب كفره  زاده الله جل وعلا كفرا ومرضا فضاع النور والضياء فأصبح فى ظلمات لا يبصر . النور والضياء يعنى الهداية والقرآن ، والكفر هو الظلمات .

ويقول جل وعلا يضرب مثلا آخر :  ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنْ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) البقرة )

الصيّب يعنى  السحاب المصحوب بمطر ، وقد جاء معه رعد وبرق . وجاءت كلمة الصيب مرة وحيدة فى القرآن الكريم فى صيغة تشبيه بكاف التشبيه: ( كصيب ) . والمثل التصويرى هنا  بمعنى هطول مطر فى الليل  مصحوب برعد وبرق ، ومن شدة الرعد يجعلون أصابعهم فى آذانهم خوفا من الصواعق والموت . ويكاد البرق من لمعانه يخطف أبصارهم . وحين يأتى الضوء يمكّنهم من الرؤية فيمشون ، ، وإذا إنقطع الضوء أقاموا بلا مشى .  الصورة التمثلية هنا مقصود بها أن أولئك الكافرون  الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه تبعا لأهوائهم . فى هذه الصورة التمثيلية جاءت كلمة الرعد سابقة لكلمة البرق .

الرعد صوت ، والبرق ضوء . وسرعة الصوت ليست بشىء مقارنة بسرعة الضوء . أى كان ينبغى أن يأتى البرق سابقا للرعد لأنه الأسرع . ولكن الصورة التمثيلية تركز على مشاعر أولئك السائرين فى الظلام ، والرعد هو اشد ما يُخيفهم ويُفزعهم وهم يمشون فى الظلام ، وهذا ( الرعد ) يخيفهم الى درجة أنهم يضعون أصابعهم فى آذانهم من الصواعق حذر الموت . أما البرق فهو يأتى لهم بالضوء الذى يمشون فيه . وعندما ينقطع البرق  يتوقفون عن المشى . الترتيب هنا ( الرعد ثم البرق ) هو لمراعاة الحال . لذا جاء الرعد مقدما على البرق فى هذه الصورة التمثلية التى بدأت بكاف التشبيه . وبالتالى فهو أسلوب مجاز ( تشبيه ) .   . ومن اسلوب المجاز بالتشبيه قوله جل وعلا : (  مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) (الجمعة )



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 15051
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   ربيعي بوعقال     في   الثلاثاء ٠١ - مارس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[93153]

إنما تُضرب الأمثال لتوضيح المقال : ـ مثل المؤمن كمثل من أوقد نارا


مثل المؤمن كمثل من أوقد نارا، ومثل الذين كفروا كمثل من أدبر معرضا عن ضوءها موغلا في سواد الليل دون رجعة. ومثل الذين في قلوبهم مرض كمثل قوم حيارى كفروا السمع بإصبع وراحوا يسترشدون بالبرق : ((كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ) وإن تعجب فعجب أن يفر المرء من نار الهدى فيجد نفسه أمام نار أخرى: ((نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى(16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17)) وإن تأسف فأسف أن يفر الإنسان من نار مستوقدة فيُختم على قلبه ثم يجد نفسه أمام نار أخرى: ((  نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (7)).



2   تعليق بواسطة   ربيعي بوعقال     في   الثلاثاء ٠١ - مارس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[93154]

كيف ولماذا (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ )؟


(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(7)[2]

  هؤلاء هم الصم البكم العمي الذين لا يرجعون  ( انظر الآية:  17 ـ 18)[2]، أي أنهم مثل الصم لا يسمعون لأي ناصح ولا ينصتون للحق مهما تعددت البراهين: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)، وهم مثل البكم لا يسألوا عن سر الخلق وهذا الوجود ، وثالثة الأثفية السود أنهم غَمَّضُوا أعينهم ثم أوغلوا في ظلمات الجاهلية بلا رجعة  ، فكانت عاقبة امرهم أن ختم الله على قلوبهم (جزاءا وفاقا).



مثلهم كمثل من رأى القرى والهدى فأعرض عنها ، وبالضد يتضح المعنى، وما الضد إلا إقبال موسى على نار الهدى.



3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ٠١ - مارس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[93156]

اكرمك الله جل وعلا استاذ ربيعى بوعقال ، وجزاك خيرا


نشكرك على تفاعلك الرائع فى الموقع .. إنه موقعك ويحتاج الى عُصارة عقلك .

هذا خطاب ورجاء لك ولكل الأحبة أهل القرآن أصحاب موقع أهل القرآن بالمزيد من الكتابة مقالات وتعليقات . حفظكم الله جل وعلا جميعا.

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5290
اجمالي القراءات : 64,914,931
تعليقات له : 5,512
تعليقات عليه : 14,905
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


مسلم شاذ جنسيا: اول شي انا رجل عمري 24 سنه متزوج وعندي طفلين...

عالمية الاسلام: سؤالي كيف لغير العرب التفك ر والتد بر في...

أبى ظالم !!: ان ا شاب ابلغ من العمر 28 عام واختى 32 عاماُ...

ثلاثة أسئلة: الس ؤال الأول : اليهو د اليوم لا يقولو ن ...

أنت مُستفزّ: اسلوب ك ينفّر الناس منك حتى لو إقتنع وا ...

إستغفروا لى .!!: ارجوك م ان تستغف روا الله لي . ...

شتم الصحابة: الاحظ انك تتبنى كل الروا يات التى تسيء...

اولادى تركوا الصلاة: أولاد ى لما كبروا تركوا الصلا ة جماعة معى ،...

الزمن: ما هو الزمن وما تعريف ة او ماهيت ه في القرآ ن ...

ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : هناك تعارض بين الآية 56 من...

الانبياء / النبيون: جاء في القرآ ن الكري م كلمة(...

غشاء البكارة: ما فائدة العذر ية أو غشاء البكا رة؟؟؟ هل...

أكل الخمر.!!: دخلت فى مطعم فى فندق ، وتناو لت الطعا م ، ثم...

مضطر فعلا .!!: استاذ ي العزي ز د. احمد منصور السل ام ...

التخصص فى التراث: لماذا الأست اد:أح د صبحي منصور لايقر أ ...

more