أزمة الصحة بالمغرب: مستشفيات على حافة الانهيار وأمل في إصلاح موعود

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٢٦ - سبتمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: فرانس 24


أزمة الصحة بالمغرب: مستشفيات على حافة الانهيار وأمل في إصلاح موعود

تشهد المنظومة الصحية العمومية في المغرب أزمة عميقة تفجر موجة واسعة من الاحتجاجات. فقد سلطت حادثة وفاة ثماني شابات بمستشفى الحسن الثاني في مدينة أكادير الضوء على الاكتظاظ الحاد في أقسام الطوارئ، ونقص التجهيزات، وتدهور ظروف العلاج، بالرغم من إعلان السلطات عن خطة لإعادة التأهيل. هذه التوترات هي شعلة الدعوة للتظاهر في 27 و28 سبتمبر/ أيلول تحت شعار "صوت الشباب المغربي"، حيث انخرط مواطنون وشباب للمطالبة بإصلاح عاجل وعادل لقطاعي الصحة والتعليم، في سياق مطبوع بتصاعد وتيرة الخصخصة وتفاقم التفاوت في الولوج إلى الخدمات الصحية.خلّفت سلسلة وفيات لثماني شابات بمستشفى الحسن الثاني بمدينة أكادير خلال الأيام القليلة الماضية صدمة مجتمعية واسعة في المغرب، أسفرت عن احتجاجات انطلقت يوم 14 سبتمبر/ أيلول تحمّل المسؤولية لاكتظاظ أقسام الطوارئ، وغياب التجهيزات، وتردي ظروف التكفل الصحي.

عقب الفاجعة، أدى وزير الصحة، أمين التهراوي، بزيارة ميدانية أعلن خلالها عن حزمة من العقوبات، وميزانية طارئة قدرها 200 مليون درهم، متعهدا بإنشاء مستشفى جامعي جديد في المدينة. وبالرغم من إعلان تخصيص ميزانية لإعادة التأهيل، يطالب المواطنون بإجراءات فورية وملموسة.

مراقبون ومتابعون للشأن الصحي اعتبروا أن ما حدث كان بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس. ففيما كانت وفاة ثماني نساء عقب عمليات قيصرية سوى الجزء الظاهر من المأساة، سجلت وفاة مراهقة في الرابعة عشرة بعد عملية جراحية بسيطة، وتزايدت حالات العدوى بعد العمليات، كما وُجهت أصابع الاتهام إلى مسؤولين بالمؤسسة الصحية.

ساد إحباط عام على وسط الطواقم الطبية وأجواء من انعدام الثقة الكلي بين المرضى والأطباء. أما العائلات المفجوعة، وغالبيتها من طبقات اجتماعية فقيرة، فتعاني فوق مصابها مرارة بطء إجراءات التشريح وغموضها، في ظل شعور بأن الأطباء يتسترون على بعضهم البعض.

من بين المسؤولين الذين صدر أمر إعفائهم من مهامهم، المديرة الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بسوس ماسة لمياء شاكري التي لم يمهلها الوزير الكثير من الوقت، إذ أعلن قراره بشأنها لوسائل الإعلام خلال زيارته للمستشفى في نفس اليوم.المسؤولة المذكورة رفضت التعليق في حديث لفرانس24 عن قرار الإعفاء، لكنها أكدت أن مشاريعا كانت في طور الإنجاز وأنها عملت على "تجويد وتقوية العرض الصحي بالمنطقة إضافة إلى ورشات أخرى".

أزمة وطنية في المستشفيات العمومية
منذ الثلاثاء 16 سبتمبر/ أيلول، شُكلت لجنة مركزية للمواكبة لمتابعة عملية إعادة تأهيل المستشفى المذكور يوميا. وأعلن الوزير أيضا فسخ عقود النظافة والحراسة لعدم احترامها المعايير، مع إرساء رقابة صارمة على غياب الأطباء. وعلى الورق، تبدو الموارد متوفرة، لكن يبقى السؤال: هل ستُترجم هذه الوعود إلى إصلاح دائم؟

تواصل الاحتجاجات بعدد من مدن المملكة كشف أن المشكل يتجاوز أكادير. فقد واصل الوزير جولته في الشمال، مدركا أن أزمة المستشفى العمومي أزمة وطنية.

وبالرغم من تدابير إعادة التأهيل وإعلان افتتاح مؤسسات صحية جامعية جديدة، يطرح سؤال ملح يتعلق بتحدي وقف نزيف الكفاءات الذي يعتبره محللون من أسباب الخلل في المنظومة، واستعادة ثقة المواطنين في مؤسسات صحية غدت بالنسبة للعديد مرادفا للإهمال.

غضب يتجاوز أكادير
غضب سكان أكادير يعيد للأذهان فضيحة أخرى بقيت بلا متابعة قضائية، تلك المرتبطة بالحقنات العينية الملوثة في مستشفى 20 غشت بالدار البيضاء، والتي تحوم الشكوك والترجيحات بأنها تسببت عام 2023 في إصابة ستة عشر مريضا بالعمى. إذ بعد أكثر من عامين، ما زال عشرات المرضى ينتظرون الحكم.

يقول وحيد مبارك، وهو رئيس القسم الاجتماعي بجريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية، والمهتم بالشأن الصحي وقضايا الصحة إن "الولوج إلى المستشفى العمومي أمر ليس بالسهل والهيّن إذ تعترضه العديد من التحديات والإكراهات وتتخلل أشواطه الكثير من المعاناة، على رأسها طول آجال المواعيد، وحتى حين يضع المريض قدميه في مسلك العلاجات سيجد نفسه في دوامة من التيه والتخبط، بسبب الفقر الكبير الذي تعانيه الصحة العمومية، ليس فقط على مستوى الموارد البشرية، خاصة الأطباء المتخصصين، وإنما كذلك بسبب إشهار ورقة الأعطاب المتكررة التي تطال التجهيزات البيوطبية الضرورية، في حال وجودها، من أجل استكمال الفحوصات بالأشعة وغيرها، كأجهزة الفحص بالصدى أو الرنين المغناطيسي أو غيرها، ونفس الأمر بالنسبة لتحاليل الدم التي تنعدم بسبب غياب المفاعلات المخبرية أو غيرها من الأسباب، دون الحديث عن أن المريض يكون ملزما باقتناء المستلزمات الطبية المختلفة بالرغم من توفره على تغطية صحية، سواء في إطار نظام "AMO أمو تضامن" المجاني أو نظام "أمو الشامل" هذا الأخير الذي يقدم المنخرط فيه اشتراكات شهرية للاستفادة من الحق في الصحة، في حين أن هناك الكثير من المواطنين الذين لا يتوفرون اليوم على تغطية صحية بسبب الخوارزميات التي يستعملها المؤشر لتصنيف الوضعية الاجتماعية للمغاربة والتي أقصت عددا ليس بالهيّن بالرغم من الوضعية الهشة التي يعيشونها اقتصاديا واجتماعيا".

يضيف المتحدث "هذه الإشكالات ليست هي الوحيدة التي تجعل من المستشفى العمومي عبارة عن جدران بدون روح، بل ينضاف إليها الاكتظاظ وارتفاع الطلب مقابل الشحّ في الموارد البشرية كما أسلفنا، والتي تجد نفسها في مواجهة ضغط يجعل عددا من الأطر الطبية والصحية بشكل عام وتعيش حالة من الاحتراق النفسي، خاصة حين يُطلب منها القيام بمهام غير مؤطرة قانونيا ولا توفر لها الحماية للقيام بذلك، كما هو الشأن بالنسبة لتدخلات ممرضي التخدير والإنعاش في غياب الطبيب المختص، أو في حالات النقل الصحي أثناء مرافقة مريض من مؤسسة استشفائية إقليمية إلى مستشفى جامعي نموذجا، مع استحضار ظروف هذا النقل التي تكون محفوفة بالمخاطر".

دعوات للتظاهر يومي 27 و28 سبتمبر/ أيلول
عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وُجهت دعوات للتظاهر تحت شعاري "صوت الشباب المغربي"، لحثّ الشباب وسائر المواطنين على التعبئة والمطالبة بإصلاح جذري وعادل لخدمات الصحة، والتعليم أيضا.

هذه التحركات التي تعكس حالة سخط مجتمعي عميق إزاء نظام صحي يعيش أزمة معقدة، ترمي إلى التنبيه حسب المنظمين إلى انعدام المساواة، ونقص الموارد البشرية، وضعف الاستثمار العمومي.

تحدد "MoroccanYouthVoice" أيضا قواعد للمشاركين، مشددة على أن المظاهرة ستكون "سلمية وقائمة على مبدأ اللاعنف". ويصر المنظمون على أنه لن يتم التسامح مع أي شكل من أشكال "العنف أو الاعتداء أو التخريب"، داعين المشاركين إلى احترام "المواطنين وقوات الأمن" والتصرف بـ"أدب ولباقة".

وعود حكومية
خلال كلمة ضمن فعاليات اللقاء الخامس من "مسار الإنجازات" لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يرأسه، بمراكش، أقر من جانبه رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش بوجود مشاكل واختلالات في قطاع الصحة وأكد أن الحكومة "قامت بعمل كبير بخصوص الصحة في المغرب، سواء تعلق الأمر بإعداد القوانين أو ميزانية هذا القطاع، وتوجد مجموعة من المستشفيات الجامعية التي سيتم افتتاحها خلال هذه السنة، وأخرى خلال السنة المقبلة".

لعرض هذا المحتوى من اليوتيوب من الضروري السماح بجمع نسب المشاهدة وإعلانات اليوتيوب.

قبول
أعدل اختياراتي
يقف ضحية الزلزال المغربي العربي آيت جلولات على أنقاض قريته المتضررة بينما يواصل انتظار المساعدة الحكومية لإعادة بناء منزله، في قرية أنيرني، أزكور، المغرب، 6 سبتمبر/أيلول 2025.

02:47
رئيس الحكومة، أوضح، أنه "تم في إطار مسلسل الإصلاح، إطلاق المجموعات الصحية الترابية، والتي كانت أولاها بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، في أفق تعميمها على جميع جهات المملكة".

الصحافي وحيد مبارك أكد هو الآخر أن كل الأعطاب المذكورة "لا تعني بأن المغرب لم يقطع أشواطا مهمة من أجل تطوير منظومته الصحية، بل العكس من ذلك، فقد خصص لها ميزانيات جد مهمة، ارتفعت بالتوالي خاصة بعد جائحة كورونا، وإن لم تصل بعد إلى المعدل الذي توصي به منظمة الصحة العالمية ما بين 10 و 12 في المائة، وهي اليوم تقارب 7 في المائة. كما أعدّ الخبراء والمختصون مخططات وبرامج وخطط وسياسات مختلفة، محدودة في الزمن والأثر"

يستدرك وحيد مبارك قائلا "لكن وبكل أسف، إن استطاع بعضها تحقيق نتائج متوسطة أو مهمة في بعض الحالات، فإن الكثير منها لم يؤت أكله لأسباب مختلفة، يحضر فيها "الذاتي" و "الموضوعي"، على رأسها ما يمكن تسميته بـ "التهافت السياسي" الذي جعل الصحة في مرات عديدة "رهينة" تقديرات وتجاذبات تتجاوز خدمة الصالح العام، وهو ما جعل الكثير من الفاعلين ينادون في مناسبات كثيرة بإحداث هيئة عليا للصحة، على أمل أن تكون "مؤسسة حيادية" تضمن "التوزان" وتحرص على استمرارية السياسات الصحية مع تقييمها في كل أطوارها من أجل إعادتها إلى سكّتها الصحيحة متى أدى عامل من العوامل المختلفة إلى مغادرتها لها، "طوعا" أو "قسرا" ".

هجرة الكفاءات الصحية
من بين أسباب الأزمة وتجلياتها في الوقت ذاته، الهجرة الطبية التي باتت مصدر قلق مزمن، إذ يختار العديد من الأطباء والممرضين مغادرة البلاد سعيا وراء ظروف عمل أفضل، مما يضاعف حدة النقص في الكفاءات بالمستشفيات العمومية.

هذا الأمر ينعكس بالضرورة سلبا على المناطق القروية والنائية، حيث تشير معطيات وزارة الصحة إلى أن 74% من الأطباء المعيّنين في المناطق القروية أو النائية يرفضون الالتحاق بمناصبهم، ما يفاقم فجوة الولوج إلى الرعاية خصوصاً في الهوامش.

في هذا السياق، يتخذ تردي جودة الخدمات بالمدن الكبرى وقعا أشد حين يتعلق الأمر بقرى أو مدن أقل استفادة من التنمية المجالية، ومثال ذلك مدينة بن أحمد المتاخمة للعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، حيث يعيش المستشفى المحلي أوضاعا كارثية أفرزت استياء كبيرا وسط سكان المدينة، الذين ذكر بعضهم أن المؤسسة الصحية تعرف حالة عارمة من الفوضى واحتجاجات متكررة للمرضى وعائلاتهم في ظل "غياب المعدات الطبية ومطالبة الأطباء والممرضين لهم باقتناء بعض المعدات من أجل علاجهم مما يؤدي إلى تكدس ضعاف المرضى في ظروف مزرية، الأمر الذي يضطر بعضهم من ميسوري الحال إلى التوجه صوب المصحات الخاصة" وفقا لما أكده سكان محليون لـ"فرانس24".

"هذه مأساة حقيقية"
فاطمة الراجي مواطنة مغربية تشغل في نفس الوقت منصب الكاتبة العامة لجمعية العمال والعاملات المنزليات، تروي تجربتها مع المستشفيات العمومية فتقول "نعيش اليوم وضعا صحيا مؤلما داخل مستشفياتنا العمومية، حيث نعاني من غياب المعدات الأساسية ومن النقص المهول في عدد الأطباء، مما يجعل من حق العلاج أمرا بعيد المنال لعدد كبير من المواطنين. والأسوأ من ذلك هو سوء المعاملة التي يتعرض لها المرضى، والتي تمس كرامتهم وتزيد من معاناتهم."

تضيف المتحدثة "الكثير من الناس لم يعودوا يثقون في المستشفيات العمومية، ويضطرون للجوء إلى المصحات الخاصة، بالرغم من التكاليف الباهظة التي لا يقدر عليها الجميع. مؤخرا، تعرضت شابة لحروق خطيرة، فنقلناها إلى مستشفى الزموري الجامعي بالقنيطرة – الذي يُفترض أنه حديث التشييد ومجهز – لكن قيل لها ببساطة إنهم لا يستطيعون فعل شيء. لولا تدخل محسنة، تكفلت بعلاجها في مصحة خاصة، لكانت حالتها أكثر مأساوية".

في السياق ذاته، يحكي الزبير، وهو مواطن مغربي خمسيني لفرانس24 تجربته في أحد أكبر مستشفيات مدينة الدار البيضاء، فيقول "قبل أيام، قدمت مستشفى 20 غشت لطلب إجراء فحص بجهاز الفحص بالأشعة السينية- لكنهم أخبروني أنه معطل، ووجهوني نحو مصحة خاصة ما كان سيكلفني نحو 3000 درهم، بما أنني معوز لا أستطيع دفع مبلغ مماثل، عدت إلى بيتي في انتظار البحث عن حل بديل".

يضيف بنبرة ملؤها الحزن والأسى، "ما حز في قلبي أكثر هو سوء المعاملة واستفادة أشخاص آخرين من الجهاز الذي قيل لي إنه معطل، أنا كذلك مواطن مغربي ويحق لي الاستفادة من الخدمات الصحية كما يحث على ذلك ملكنا ويؤكد عليه دائما، هذه مأساة حقيقية صراحة".

فرانس24، حاولت استقاء تفسيرات من المدير الجهوي لوزارة الصحة بجهة الدار البيضاء الكبرى، عبد المولى بولمعيزات، لكنه أكد في اتصال هاتفي معه أنه غير مخول للتصريح بهذا الشأن وأن دوره إداري فقط، محيلا على الوزير المكلف لمعرفة تفاصيل أكثر حول المجهودات المبذولة لتجويد العرض الصحي في المستشفيات العمومية.

كذلك، حاولت فرانس24 التواصل مع وزير الصحة الذي أكد أن حضوره اجتماعا يحول دون جوابه عن أسئلتنا، ووعد بإعادة التواصل معنا حين يكون متفرغا.

المصحات الخاصة... "بديل اضطراري"
تردي جودة الخدمات الصحية في القطاع العام يدفع آلاف المرضى للاقتراض أو اللجوء على الجمعيات الخيرية قصد تمويل علاجهم في المصحات الخاصة.

اليوم، تستحوذ العيادات الخاصة على نحو 90% من البنية الصحية الأولية في المغرب، وتدير أكثر من ثلث الطاقة الاستشفائية الوطنية. بينما تراجع عدد أسِرّة المستشفيات العمومية، ارتفع عدد الأسرة في القطاع الخاص بنسبة 50% بين 2017 و2022.

ويرى خبراء أن تعميم التغطية الصحية الإلزامية، بدل أن يقوي المستشفى العمومي، خلق فرصة ذهبية للمستثمرين الخواص. ومع أن هذا التطور حسّن العرض الصحي، إلا أنه أثار مخاوف من اختلال التوازن و"تفكيك" النظام الصحي العام، في ظل شكاوى من ممارسات تجارية مثيرة للجدل، مثل العمولات، الشيكات كضمان، وإطالة فترات الإقامة الطبية لزيادة الفوترة.

وفقا لمبارك وحيد تشير"الأرقام في هذا الصدد إلى أن 97% من نفقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS للأجراء و96% من نفقات CNSS لغير الأجراء تذهب إلى المصحات الخاصة، بل أن حتى الفئات الهشة المستفيدة من "AMO أمو تضامن" يوجّهون حوالي 57% من ملفاتهم نحو القطاع الخاص، في حين أن مؤمني CNOPS الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، وهم موظفو الدولة، فتصل نسبة من يستفيدون من خدمات نفس القطاع إلى 84 %، وهو ما يحيلنا على إشكالية ضمان استمرارية المستشفى العمومي الذي لم يعد يقوم بدوره الأساسي لأنه يجب أن يكون قاطرة للصحة لا العكس، وهذا يتأكد حين نجد أنه لا يستفيد سوى من نسب جد ضعيفة تتراوح بما بين 3 و 16 %، وبالتالي فهذا الاختلال في التوازن سيؤدي إلى إفلاس المستشفى العمومي، حتى وإن كانت الجهود تتوجه اليوم لتنزيل مجموعات صحية ترابية من خلال تجميع كل المؤسسات الصحية في الجهة على مستوى بنية واحدة لها استقلالية مالية وإدارية، التي تعاني أصلا من خصاص في الموارد البشرية وفي التجهيزات، ومن ضعف التمويل، ويزداد السوء أكثر بالتوجه نحو التخلي عن المستشفيات العمومية تحت مسمى "التمويلات المبتكرة".

من جانبه، يؤكد رضوان السملالي رئيس الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة أن "المنظومة الصحية الناجحة تقوم على وجود نظام صحي عام وخاص متكامل، حيث يتعاون القطاعان ويتنافسان تنافسا شريفا يخدم مصلحة المواطن. فالطب هو أساسه تقديم خدمات مهنية وإنسانية متكاملة."

ويضيف المتحدث "اليوم، اتخذ القطاع الخاص مسارا مهما، إذ اضطر للتكيف مع العديد من التحديات والإكراهات، مما دفعه إلى توفير بدائل وحلول تضمن وصولا أسهل للخدمات الصحية. ولا يمكن اعتبار نجاح القطاع الخاص وامتلاكه لتقنيات متطورة أمرا سلبيا، بل هو عامل أساسي يدعم المنظومة الصحية بشكل عام. لذا، فإن الشراكة والتنسيق بين القطاعين العام والخاص في استخدام الوسائل والتقنيات الطبية أمر ضروري ومرحب به".

من جهة أخرى، قال السملالي "نتمنى أن يخرج القطاع العام من قوقعته ليكون شريكا فعالا ومستعدا لتطوير الخدمات الصحية. كما نؤكد أن هناك العديد من الجهات التي تستثمر في القطاع الخاص وتقدم خدمات صحية محترمة، بل أصبح القطاع الخاص حاضرا بشكل واضح في القرى والمناطق النائية. هناك دور مهم للجهات المختصة، وعلى رأسها وزارة الصحة، في الحفاظ على أخلاقيات المهنة ومنع التجاوزات، إذ تقع مسؤولية الحفاظ على هذه الأخلاقيات على عاتق الجهات الرقابية، وليس على المستثمرين الذين يساهمون في توفير التقنيات ووسائل العلاج المتطورة لخدمة المواطنين."
اجمالي القراءات 212
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق