حافة التغيير الجذري بيد إسرائيل
بعد بداية الحرب الحقيقية بين إسرائيل وإيران، والتي بدأتها إسرائيل يوم الجمعة 13 يونيو 2025، لنلقي نظرة مقارنة بين إسرائيل، وإيران من حيث عدد السكان وأعداد أفراد الجيش :
أولاً إسرائيل :
عدد سكانها نحو 9.8 مليون نسمة، وعدد أفراد الجيش الإسرائيلي : حوالي 170,000 جندي، وعدد الإحتياط : حوالي 465,000 جندي، والإجمالي عند التعبئة القصوى نحو : 635,000 جندي.
ثانياً إيران :
عدد سكانها نحو 89 مليون نسمة، وعدد أفراد الجيش الإيراني حوالي 610,000 جندي، والإحتياط: نحو 350,000 جندي
وقوات الحرس الثوري حوالي 190,000 جندي (منفصل عن الجيش التقليدي)، والإجمالي عند التعبئة القصوى : أكثر من 1,150,000 فرد مسلح.
ورغم تفوق إيران العددي، إلا أن إسرائيل متفوقة تكنولوجياً، وتسليحياً.
لقد هُزمت إيران والحربُ لازالت في بدايتها.
وتقارير رسمية تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 78 شخصاً، وإصابة ما يزيد عن 320 في الضربات الجوية الإسرائيلية، تشمل كبار القادة العسكريين، وعلماء نوويين، بالإضافة إلى مدنيين.
لقد دُمّرت منشآت حيوية في إيران، تشمل مراكز تخصيب نووي (نطنز وفوردو)، ومقرات للحرس الثوري، والبُنى التحتية للدفاع الجوي.
ومن أبرز الشخصيات التي قُتلت في إيران، عدة قادة عسكريين وعلماء نوويين بارزين، من بينهم :
1- محمد باقري (رئيس هيئة الأركان).
2- حسين سلامي (قائد الحرس الثوري).
3- غلام علي رشيد.
4- أمير علي حاجي زاده.
5- علي شمخاني.
6- من 6 إلى 9 من العلماء النوويين.
بدأ واضحاً للعالم كله : أن جيش إسرائيل لا يضرب جوياً أو يقصف عسكرياً بشكل عشوائي، إنه يعرف هدفهه، وكيف يرميه بمقتل.
إن هذه الحرب قد تؤدي إلى نتائج مخيفة بالنسبة لـ مصر، ومعظم الدول العربية، لأنها تمس الأمن القومي، والإقتصادي، والسياسي في تلك الدول مثل :
اولاً/ زعزعة إستقرار الإقليم.
فـ مصر ترى أن الحرب ستشعل المنطقة وتعيد خلط الأوراق، وقد تؤدي إلى تدخل قوى دولية أو خلق فراغ أمني ينعكس سلباً على الجوار العربي، خصوصاً في سوريا، ولبنان.
ثانياً/ تهديد أمن قناة السويس.
فأي تصعيد في الخليج أو البحر الأحمر قد يؤثر على حركة الملاحة في قناة السويس، وهو مصدر دخل حيوي لمصر، وإيران قد تستخدم الميليشيات (كالحوثيين) لتهديد الملاحة، مما يربك التجارة العالمية، ويفقد مصر ميزة إستراتيجية.
ثالثاً/ إنهيار توازنات الردع.
تدرك مصر أن ضرب إيران قد يُضعفها، لكنه قد يُطلق العنان للميليشيات الشيعية المتحالفة معها في المنطقة (كحزب الله، والحشد الشعبي والحوثيين)، مما يهدد الأمن العربي الشامل.
رابعاً/ الخوف من تفكك إيران.
فعلى عكس ما يتصوره البعض، فإن تفكك إيران قد يؤدي لظهور كيانات مسلحة طائفية على حدود العراق، والخليج العربي، مما يخلق صراعاً طائفياً أكبر في المنطقة.
خامساً/ استهداف مباشر أو غير مباشر.
إن دول الخليج، وخصوصاً السعودية، والإمارات، والبحرين، قد تصبح أهدافاً لصواريخ أو طائرات مسيّرة إيرانية أو لميلشيات تابعة لطهران، وكذلك منشآت النفط، ومحطات الطاقة، ستعتبر أهدافاً مغرية لأي رد إيراني على الدعم العربي لإسرائيل أو الغرب.
سادساً/ ارتفاع أسعار النفط.
بالرغم من أن بعض الدول ستستفيد من ارتفاع أسعار النفط، إلا أن الأسواق ستتأثر بالركود العالمي، فالدول المستوردة (مثل مصر، والأردن، وتونس) ستُعاني من أزمة اقتصادية أكبر.
سابعاً/ مخاوف من تصاعد الطائفية.
أي حرب واسعة ستزيد من تأجيج الإنقسام السني الشيعي، خصوصاً في الدول ذات التوازنات الطائفية الهشة مثل العراق، ولبنان، وسوريا، والبحرين.
ثامناً/ احتمال دخول أطراف غير مرغوب بها.
إن تصعيد الحرب قد يُعطي ذريعة لتركيا، أو حتى لروسيا، أو للصين، لتوسيع نفوذهم في مناطق نفوذ عربية تقليدية، وهو ما تراه بعض الأنظمة تهديداً مباشراً لها.
تاسعاً/ سقوط إيران قد يفجّر الداخل العربي.
بالرغم من أن سقوط النظام الإيراني مطلب عند البعض، إلا أن ذلك قد يُضعف الجبهة الشرقية للعرب، ويخلق حالة من الفوضى تصعب السيطرة عليها، كما حدث بعد سقوط نظام صدام حسين.
ومما سبق :
ما أراه هو أن النصر سيكون حليف إسرائيل، وكيف لا تنتصر وهي دولة ديمقراطية، لديها نظام داخلي يعمل بشفافية، ولا أحد فيها فوق القانون.
فها هو (بنيامين نتنياهو) يحقق إنتصار تلو الإنتصار لشعب إسرائيل، ثم ينتقده شعبه، ويحاسبه، بل ويسعى لمحاكمته، لذلك ستنتصر إسرائيل بسبب الديمقراطية.
أما في إيران، فلدينا نظام شمولي يحكم بالحديد والنار، وهو نظام (الملالي).
نظام يخاف حتى من جيشه النظامي، فقام بإنشاء كيان موازي له، وهو (الحرس الثوري) ليكون أداة ردع لجيش الدولة !.
أي نظام هذا يخشى من أبناء جلدته، ويسعى أو يحلم حتى بالإنتصار.
لا تقل هزمت (إيران)، بل قل : هَزم الغرور نظام شمولي متعجرف حكم إيران.
إنه نظام (الملالي) الذي تسبب بانتهاكات حقوق الإنسان للشعب الإيراني الذي يعاني من (تضخم) يتجاوز 40%، و (فقر) يصل إلى نحو 50% من السكان.
شعب يعاني من قمع احتجاجاته، واعتقالات تعسفية، وحرمان من الحريات، والإفتقار لعدالة مؤسسة على حقوق الإنسان.
وبلا شك فإن (الحكم الشمولي) قد حد من قدرة النظام على التكيّف السريع، وتطوير الدفاعات، كما خنق المجتمع، وإجراءاته منعت ترقية فعالة، وشاملة في الأداء العسكري، والإقتصادي.
قد قامت الحرب بهدف تدمير القدرات النووية الإيرانية، وضرب العمق الإستراتيجي للحرس الثوري، وخفض نفوذ (إيران) في المنطقة عبر ضرب حلفائها (حزب الله، الحوثيين... الخ).
تلك ليست أهداف إسرائيل وحدها، بل هي أهداف كُل العالم الغربي الديمقراطي.
في النهاية :
ما تريده أو تتمناه الدول العربية من حرب محدودة غير مفتوحة، تضرب المشروع النووي الإيراني، دون أن تؤدي إلى فوضى شاملة، قد لا يتحقق، وقد تتطور الأمور إلى ما تخشاه مصر، ويخشاه العرب.
فالوضع الداخلي في إيران الآن يبدو حرجاً، فالغضب الشعبي يعمّ، لكن نظام (الملالي) يستخدم القمع للحفاظ على السلطة، من خلال العنف، والرقابة، والإعتقالات لمنع التغيير السريع، بالرغم من أن الضربات الخارجية الإسرائيلية قد تحفّز مزيداً من السخط الداخلي.
لكن : يبدو أن الصراع قد يستمر لأشهر طويلة، و(إسرائيل) مستعدة للتصعيد، وإيران تمتلك أدوات رد بطيئة، وتوازن غير مستقر.
وآخر كلماتي :
الحرب الحالية تمثّل تحولاً استراتيجياً في الشرق الأوسط، فإسرائيل تستخدم قوتها التكنولوجية ضد النظام الإيراني الهش، والمتوتر داخلياً، وخارجياً.
والديمقراطية تُظهر قوة أكبر على المدى الطويل مقارنة بالأنظمة الشمولية، كما أن إسرائيل مدعومة دولياً لتكون الأكثر تفوق عسكرياً.
بيد أنه : سيبقى الصراع معقد، والمنطقة على حافة تغيير جذري.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت
#شادي_طلعت
#المنطقة_على_حافة_التغيير_الجذري_بعد_حرب_إسرائيل_وإيران
#هزيمة_ايران
اجمالي القراءات
112