حصيلة ضخمة لمصادرات الأملاك في مصر

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٢ - سبتمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


حصيلة ضخمة لمصادرات الأملاك في مصر

فتح البيان المشترك الصادر الأسبوع الماضي عن النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، ووزير المالية، أحمد كوجك، باباً واسعاً للحديث عن واحد من أكثر الملفات غموضاً وإثارة للجدل في مصر، وهو ملف المصادرات والمضبوطات المتراكمة منذ عقود.

البيان أكد أن النيابة العامة اتخذت إجراءات حاسمة لتعزيز موارد الدولة عبر التصرف في هذه المضبوطات، ما أدى إلى زيادة الإيرادات بنسبة تجاوزت 300% خلال السنوات الأربع الأخيرة، إلى جانب تسليم 200 كيلوغرام من الذهب – بعد تحويلها إلى سبائك – للبنك المركزي المصري لتعزيز الاحتياطي النقدي.
يقول الرئيس السابق بمحكمة استئناف القاهرة، أشرف مصطفى، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن "القيمة الضخمة التي أعلنتها النيابة العامة ليست وليدة اليوم، بل نتاج تراكم مخالفات وغرامات ورسوم قضائية وجمركية وضريبية منذ الثمانينيات والتسعينيات".

ويضيف: "هناك سيارات فارهة وتجارية، وبضائع مهربة، وأجهزة إلكترونية، وذهب، ظلت محتجزة لعقود طويلة دون أن يُبت في مصيرها، ما خلق ثغرة كبيرة سمحت بانتشار مافيا تتحكم في مصير هذه المضبوطات".
حسب تصريحات مصطفى، فإن المزادات العلنية التي تُجرى للتصرف في هذه المصادرات، كثيراً ما تحولت إلى ساحة لتربّح كبار التجار والسماسرة، حيث تُفصَّل الإجراءات في بعض الأحيان على مقاس فئات بعينها، ويضيف: "هذه المافيا أهدرت مليارات على الدولة، إذ بيعَت سيارات وبضائع بأسعار بخسة، ليعاد ضخها في السوق لاحقاً بأضعاف قيمتها".الخطوة التي قامت بها النيابة العامة بتحويل الذهب المضبوط إلى سبائك وتسليمه للبنك المركزي مثّلت، وفقاً لمصطفى، "نموذجاً ناجحاً لتوظيف المصادرات في دعم الاقتصاد الوطني مباشرةً"، لكنه شدد على ضرورة تعميم هذه التجربة على باقي الملفات، سواء السيارات أو البضائع أو الأموال المحتجزة منذ عقود.
من جانبه، يؤكد رئيس مجلس إدارة مؤسسة "رايتس للاستشارات القانونية والتحكيم الدولي"، مصطفى علوان، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن استمرار التحفظ على هذه المضبوطات لعقود يرجع إلى "بطء الإجراءات القضائية وتعقيد الدورة البيروقراطية، فضلاً عن غياب آليات حوكمة واضحة في الماضي للتصرف السريع في المضبوطات".
ويوضح أن "بعض القضايا عالقة منذ الثمانينيات، وأصحابها ما زالوا يطرقون أبواب المحاكم لاسترداد حقوقهم، لكنهم يصطدمون بتشابكات إدارية وقانونية تجعل استردادها شبه مستحيل".
ويؤكد علوان أن القانون يلزم بتشكيل لجان متخصصة من وزارة المالية والجهات الرقابية لتقييم المضبوطات وتحديد سعرها قبل طرحها في المزاد، لكن الإشكالية – كما يقول – تكمن في غياب الشفافية الكاملة، ويتابع: "لا بد من تطوير تشريعات تنظم بيع المصادرات بشكل أكثر صرامة، معويضيف أن ضعف التنسيق بين الجهات التنفيذية والرقابية أدى إلى "تكدس آلاف القضايا والمصادرات داخل المخازن دون إدارة رشيدة، حتى تحولت بعض المخازن إلى عبء على الدولة بدلاً من أن تكون مورداً اقتصادياً".

ويشير إلى أن طول فترة التحفظ على هذه المضبوطات ارتبط أيضاً بغياب الشفافية في القرارات الإدارية، حيث كانت تصدر أوامر تحفظية دون جدول زمني واضح، ما جعل بعض السيارات أو البضائع تظل محتجزة لعقود كاملة. كذلك إن ازدواجية القرارات – بين النيابة، ومصلحة الجمارك، ووزارات معنية أخرى – جعلت كل جهة تلقي بالمسؤولية على الأخرى، فظل الملف معلقاً لعقود حتى تحركت الدولة أخيراً لتسويته بشكل شامل.

ويرى الخبراء أن الخطوة الحالية تعكس وعياً متزايداً بضرورة الاستفادة من الأصول المجمدة والمصادرات لدعم الاقتصاد، لكنها تظل قاصرة ما لم تُعالج جذور الأزمة المتمثلة بغياب الشفافية وبطء الإجراءات.

تشير البيانات الرسمية إلى أن معظم هذه المضبوطات جاءت من قضايا متنوعة، بعضها جنائي وبعضها إداري أو اقتصادي، فهي تشمل على سبيل المثال سيارات ضُبطَت في قضايا تهريب جمركي أو استيراد غير مشروع، وأخرى نتيجة مخالفات مرورية جسيمة لم يسدد أصحابها الغرامات المقررة، إضافة إلى بضائع مهربة كالأقمشة والأجهزة الإلكترونية والمشروبات الكحولية والمخدرات، فضلاً عن الذهب والقطع الأثرية التي جرى التحفظ عليها في إطار محاضر ضبط أو نزاعات قضائية طويلة الأمد. نشر بيانات المزادات على الملأ، حتى لا تتحول إلى بوابة خلفية لتربح قلة على حساب المال العام".
اجمالي القراءات 173
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق