ما تداعيات قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله وما هي خياراته؟

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٠٦ - أغسطس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: فرانس 24


ما تداعيات قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله وما هي خياراته؟

في خطوة غير مسبوقة منذ عقود، قررت الحكومة اللبنانية الثلاثاء، تكليف الجيش وضع خطة لنزع سلاح حزب الله. ولكن هل يمكن لهذه الخطة، إن وُضعت، أن تجد طريقها للتنفيذ، وما هي خيارات حزب الله وأي تداعيات لها؟كلفت الحكومة في لبنان الجيش الثلاثاء، بتحديد خطة تهدف إلى نزع سلاح حزب الله. ولكن ما مدى إمكانية الجيش من تحقيق ذلك؟ وهل للحزب خيارات وكيف ستكون التداعيات؟

أهمية قرار الحكومة اللبنانية
للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية (1975-1990) ونزع سلاح المليشيات التي شاركت فيها، قامت الحكومة اللبنانية بإصدار قرار بنزع سلاح حزب الله، الفصيل الوحيد الذي احتفظ بسلاحه حينها بحجة "مقاومة" إسرائيل.

وبهذا، سينزع القرار الشرعية السياسية عن سلاح حزب الله التي كرّستها الحكومات السابقة في بياناتها الوزارية، من خلال ما عُرف بثلاثية "جيش وشعب ومقاومة"، وعندما كان حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في البلاد ويحظى بدعم من دمشق وطهران.

وقد تغير الوضع عند تشكيل السلطة الحالية على وقع تغير موازين القوى. إذ خرج الحزب ضعيفا من حربه الأخيرة مع إسرائيل العام الماضي، بينما تلقت طهران ضربة موجعة إثر حرب مع إسرائيل دامت 12 يوما في حزيران/يونيو الماضي، إضافة إلى سقوط حكم بشار الأسد في سوريا.

وكانت محاولات سابقة لطرح مصير سلاح حزب الله أو بناه التحتية واللوجستية المستقلة عن الدولة، قد تسببت في أزمات سياسية وفوضى أمنية، لعلّ أبرزها ما حصل في العام 2008 حين قررت الحكومة وقف شبكة اتصالات الحزب السلكية. فاجتاح حزب الله بيروت في السابع من أيار/مايو، وحصلت مواجهات بين عناصره وأنصار خصومه السياسيين أودت بحياة أكثر من 65 شخصا.وبات سلاح الحزب محلّ انقسام سياسي بين فريق يطالب بسيادة الدولة على جميع أراضيها وإمساكها بقرار الحرب والسلم، وفريق آخر يقوده حزب الله، يتمسك بالسلاح لمواجهة إسرائيل وحماية لبنان. لكن لطالما تعرّض الحزب لاتهامات باستخدام سلاحه للتحكّم بالشأن الداخلي للبلاد.

"الخطيئة الكبرى"
جاء رد الفعل الأول من حزب الله على قرار الحكومة عنيفا. إذ رفض الأربعاء، نزع السلاح ، وقال إنه سيتعامل معه "وكأنه غير موجود"، واصفا إياه بـ"الخطيئة الكبرى". وبالتالي، وإن كانت الخيارات محدودة أمام الحزب، تبدو جميعها مكلفة.

بعد رفضه القرار، يمكن للحزب أن يصعّد عبر استقالة الوزراء الأربعة المحسوبين عليه وعلى حلفائه، وتعطيل عمل البرلمان حيث له كتلة وازنة مع حلفائه، أو إثارة الفوضى عبر تحريك مناصريه في الشارع والظهور المسلح، من أجل إشاعة جو من الترهيب.

لكن أي صدام في الداخل ستكون له تداعيات كبرى على السلم الأهلي ودور حزب الله.

وفي هذا الصدد يقول الباحث في الشأن اللبناني لدى مجموعة الأزمات الدولية دايفيد وود "أعتقد أن حزب الله يريد أن يقلّل قدر الإمكان من احتمال دخوله في مواجهة مع الجيش، لأنه يعلم أن البلد كله سيكون ضده، باستثناء مؤيديه، وسيشكّل ذلك كارثة حقيقية على صورته".

وقد دحض النائب عن حزب الله علي عمار احتمال حصول مواجهة مع الجيش، بتأكيده الأربعاء أن الجيش والحزب "أكثر المؤسسات تفهما وتفاهما مع بعضهما البعض لما فيه مصلحة لبنان وحمايته".

كما يمكن لحزب الله أن يصعّد مجددا ضد إسرائيل. لكن خوضه "أي حرب سيكون مدمرا لأنه لا يملك خطوط إمداد، بعد أن خسر الكثير مع انهيار النظام السوري وتأثرت قدراته الاستخباراتية واللوجستية"، بحسب ما يشرح المحلل العسكري رياض قهوجي.

وخرج الحزب منهكا من حربه ضد إسرائيل التي قتلت عددا كبيرا من قادته، ودمّرت جزءا ليس بهيّن من ترسانته العسكرية. وبات حصوله على السلاح والمال من إيران عملية معقدة للغاية، مع تشديد السلطات اللبنانية والسورية الجديدة تدابيرها على المعابر الحدودية، وإخضاع مؤسسات تمويله في لبنان والخارج لرقابة مشددة وعقوبات متزايدة.

هذا، وقد يكون السيناريو الأكثر تفاؤلا أن يوافق حزب الله على نزع سلاحه في النهاية وينصرف إلى العمل السياسي على غرار ما فعلت الميليشيات التي شاركت في الحرب الأهلية. لكنّ مصدرا لبنانيا مواكبا للمحادثات قال لوكالة الأنباء الفرنسية في وقت سابق إن الحزب "لن يفعل ذلك من دون مقابل". علما أن قرار التخلّي عن السلاح يرتبط كذلك بإرادة طهران.

و يرجّح الباحث في مركز "أتلانتيك كاونسل" نيكولاس بلانفورد أن "يحاول حزب الله كسب الوقت" في المرحلة المقبلة، إذ "يستحيل أن يوافق على نزع سلاحه بالكامل."

"علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار وإما الاستقرار"
ويواجه لبنان ضغوطا كبرى تشترط حصر السلاح بيد القوى الشرعية، وهي من بين أمور أخرى للحصول على دعم دولي وعربي لتحقيق الاستقرار والازدهار في هذا البلد الصغير. ويكمن مصدر الضغوط بشكل خاص في دول الخليج، الجهة المموّلة تاريخيا للبنان بعد كل أزمة، والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. فيما قال الرئيس اللبناني الخميس "علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار، وإما الاستقرار".

إلى ذلك، وفي حال إصرار حزب الله على رفض أي جدول زمني لتسليم سلاحه، قد تجد السلطات اللبنانية نفسها في "مأزق"، وفق بلانفورد، بسبب التردّد في استخدام القوة في مواجهة الحزب في بلد شديد الانقسام طائفيا وسياسيا.

ويشرح بلانفورد قائلا "سيكون من الصعب جدا على الحكومة اللبنانية إجباره على التخلي عنه. وإذا لم تستطع تحقيق ذلك سياسيا، فهل سترسل الجيش اللبناني لمواجهة حزب الله؟ هذا لن يحدث. لذلك، لا بد من التوصل إلى نوع من التسوية أو الاتفاق، وهو أمر لن يكون سهلا".

وفي الأثناء، قد يدفع ذلك إسرائيل للتحرّك مجددا عسكريا، لأنه سبق للدولة العبرية وأن أوصلت رسائل واضحة للبنان عبر الإعلام والقنوات الدبلوماسية، بأنها لن تتردّد في شنّ عمليات عسكرية مدمّرة، إذا لم ينفّذ بند نزع سلاح حزب الله الذي ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين.
اجمالي القراءات 12
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more