حمام العسل" أحدث وسيلة للتعذيب في سجن بصحراء مصر الغربية

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٦ - يوليو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


حمام العسل" أحدث وسيلة للتعذيب في سجن بصحراء مصر الغربية

كشف تقرير أصدرته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، ممارسة أسلوب تعذيب غير مسبوق داخل سجن الوادي الجديد بصحراء مصر الغربية، أطلق عليه المعتقلون اسم "حمام العسل" الذي يتضمن إذلالاً جسدياً ونفسياً ينفذ في ظل درجات حرارة تتجاوز 45 درجة مئوية في قلب الصحراء الغربية المصرية.

واستند تقرير الشبكة إلى شهادات موثقة أدلى بها معتقلون سابقون وأفراد من عائلات سجناء سياسيين حاليين. وهي وصفت الممارسة بأنها "جريمة تعذيب مكتملة الأركان تُنفَّذ بانتظام وبعلم العناصر الأمنية داخل السجن الذي يقع في إحدى أكثر المناطق النائية والمعزولة في مصر".

وفقاً لشهادات حصلت عليها الشبكة، "يبدأ حمام العسل" بتجريد المعتقل من ملابسه وربطه بأحد الأعمدة أو تقييده بأصفاد، ثم طلي جسمه بالكامل بالعسل الأسود، وتركه في ساحة مكشوفة خلال ساعات الظهيرة الحارة إذ يُسكب عليه تراب ساخن، ما يؤدي إلى التصاق الغبار بجسده المتعرّق والمحترق. ويتعرض المعتقل بعد ذلك لهجمات الذباب الصحراوي ولسعات الحشرات، بينما يحترق جلده بفعل الشمس والعسل الساخن، ويُترك على هذه الحال ساعات من دون تدخل".

وتؤكد الشهادات أن هذا الأسلوب يُستخدم إما عقاباً على عدم الامتثال لأوامر الأمن، أو بسبب انتماء المعتقل السياسي. ويُنفّذ على نحوٍ ممنهج، ما يشير إلى أنه تصرّف غير فردي، بل جزء من سياسة متعمدة لإذلال المعتقلين وقمعهم نفسياً وجسدياً.وتعرّف الشبكة سجن الوادي الجديد باسم "سجن الموت"، وتوضح أن "موقعه الجغرافي المنعزل على مسافة 350 كيلومتراً في قلب الصحراء، يجعل الرقابة الحقوقية والإعلامية عليه شبه مستحيلة، في وقت يصعب وصول أهالي المعتقلين إليه بسبب تكاليف السفر الباهظة. وهو يمثل بالتالي بمثابة تصعيد خطير في مستويات القسوة والانتهاك"، ولطالما وثّقت منظمات مصرية ودولية "انتهاكات واسعة داخل هذا السجن، من بينها الحبس الانفرادي المطول، وحرمان السجناء من الزيارة، والإهمال الطبي، والتغذية غير الآدمية. وهذه الانتهاكات تشكل تصعيداً خطيراً في مستويات القسوة".

ونقلت الشبكة عن معتقل سياسي سابق أُفرج عنه أخيراً من سجن الوادي الجديد قوله: "شاهدت على مدار سنوات زملاء يُسحبون عراة إلى الساحات. يُقيَّدون ويُطلون بالعسل الأسود، ثم يُسكب تراب فوق أجسادهم، وكنت أراهم يعودون إلى الزنزانات محروقين ومتهالكين".

وفي وقت اعتبرت الشبكة أن "هذه الشهادات تشكل أدلة دامغة على انتهاك فاضح للقانون المصري والدولي، وتستوجب إجراء تحقيق عاجل وشفاف"، نفت وزارة الداخلية المصرية في بيان نشرته على صفحتها على "فيسبوك" صحة التقرير، وأكدت أن "سجن الوادي الجديد يتمتع بكل الإمكانيات المعيشية والصحية للنزلاء، ويخضع لإشراف قضائي في إطار تحديث منظومة العقوبات وفقاً لأعلى معايير حقوق الإنسان الدولية". وتطعن المنظمات الحقوقية المستقلة في مصداقية هذه التصريحات، خاصة في ظل التعتيم المستمر على أوضاع السجون ومنع الزيارات الميدانية المستقلة.

وطالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان باتخاذ إجراءات عاجلة، من بينها "فتح تحقيق مستقل وفوري في ممارسات التعذيب داخل سجن الوادي الجديد، خاصة في ما يُعرف بحمام العسل، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، أكانوا ضباط أمن أو قيادات عليا، وتعزيز الرقابة القضائية والحقوقية المستقلة لكافة السجون المصرية. وتوفير الرعاية الصحية والنفسية العاجلة للضحايا، ودعوة المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب لتقصي الحقائق داخل السجون المصرية".

وتضامن مع هذه المطالب الحقوقي البارز جمال عيد الذي أعاد نشر بيان الشبكة، وكتب: "لا أفترض صحة أو كذب هذا التقرير، لكن من واجب النيابة العامة أخذه على محمل الجد. يجب إرسال بعثة عاجلة تضم أعضاءَ من النيابة وحقوقيين وصحافيين مستقلين لا علاقة لها بالجهات المتواطئة التي فقدت مصداقيتها، وإذا ثبتت صحة هذه الانتهاكات فهذه جريمة ضد الإنسانية تستدعي إقالة ومحاكمة وزير الداخلية".

واختتمت الشبكة تقريرها بتأكيد أنّ "حمام العسل ليس مجرد تسمية ساخرة يتداولها المعتقلون، بل جريمة تعذيب ممنهجة تُرتكب باسم الدولة، وبدعم أو تغاضٍ من مؤسسات يفترض أنها تضمن العدالة. وهذه الجريمة لا تسقط بالتقادم، وستظل شاهدة أمام الضحايا والضمير الإنساني والقضاء الدولي".
اجمالي القراءات 29
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق