اقتصاديون مصريون يضعون وصفة بديلة لإنقاذ "أمة في خطر"

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٦ - يناير - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


اقتصاديون مصريون يضعون وصفة بديلة لإنقاذ "أمة في خطر"

ررت نخبة من كبار الاقتصاديين في مصر، يمثلون كافة ألوان الطيف السياسي، وضع وصفة لإنقاذ البلاد من تدهور اقتصادي يهدد أمنها ويثير مخاوف متعاظمة لدى المواطنين ورجال الأعمال بالداخل والخارج. وتحت عنوان "أمة في خطر"، وهو العنوان الذي اقتبسه وزير المالية الأسبق سمير رضوان، ذو الفكر الاشتراكي، من برنامج الرئيس الأميركي الأسبق اليميني رونالد ريغن، سجَّل الخبراء في لقائهم الموسع بنقابة التجاريين مخاوفهم من خطورة توجه الحكومة نحو تعويم متكرر للجنيه، وبيع للأصول العامة، والاعتماد على الأموال الساخنة، وتوجيه مدخرات المصريين بالبنوك لشراء سندات الخزانة، في وقت تتزايد فيه معدلات الدين الخارجي والمحلي بما يهدر 100% من الناتج المحلي، دون رؤية واضحة لمسار اقتصادي يخرج البلاد من الركود والتضخم وأزماتها المتكررة.
مقالات متعلقة :


اتفقت النخبة، التي تضمّ سياسيين وتكنوقراطا، على مواصلة حوار مجتمعي بديل لمسار "الحوار الوطني" الذي دعت إليه مؤسسة الرئاسة منذ عامين وتوقف فجأة دون معرفة نتائج أعماله، للخروج برؤية شاملة توضع أمام القيادة السياسية لمساعدتها في حل أزمة اقتصادية خطيرة تهدد الدولة وأفراد المجتمع. وأشار نقيب التجاريين حافظ الغندور إلى اختيار الحكومة مسارًا وحيدًا مع صندوق النقد الدولي، غير مدركة أن الصندوق، كالمستشفى الذي يحتوي على عدة تخصصات، يطلب منها المريض ما يناسبه للعلاج. وأكد الغندور اكتفاء الحكومة بالاتفاق على علاج الأزمة الاقتصادية بتطبيق التشدد النقدي، ومرونة سعر الصرف، ورفع الفائدة لجذب الأموال الساخنة وكبح التضخم، بينما تكمن مشكلة مصر الحقيقية في عدم وجود برامج تنموية تساعد على حل المشكلات الاقتصادية المتراكمة منذ 60 عامًا، ما رفع معدلات الفقر إلى 60% من تعداد السكان.

وأبدى الغندور دهشته من رغبة الحكومة في تقليص الدعم عن الفقراء دون خطة تضمن تقليص أعدادهم. كما تساءل عن توقف "الحوار الوطني"، الذي استهدف الخروج من الأزمة الاقتصادية، دون إعلان نتائجه أو تطبيق الحلول المقترحة خلال جلساته في أي مشكلة تواجه الدولة حاليًا. وبيّن أن الحوارات التي أجراها رئيس مجلس الوزراء مؤخرًا مع بعض رجال الأعمال أظهرت ضيق أفق المتحدثين، وعشوائية الحلول التي تعكس طلبات فردية دون مشاركة بحلول كلية للمشاكل التي تعاني منها الدولة.

وعبّرت أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس والبرلمانية السابقة يمن الحماقي عن قلقها على المستقبل، قائلة: "نحن في وضع لا نحسد عليه. لم أخف على مصر في حياتي كما أخاف عليها الآن، لأنني لا أجد مسارًا واضحًا تسير عليه الدولة يخرجنا من الكارثة الاقتصادية التي تؤذي الجميع اجتماعيًا واقتصاديًا". وأشارت الحماقي إلى أن عدم إدارة الموارد الاقتصادية بشكل سليم يحرم الدولة من تحقيق نسب نمو يمكن الوصول إليها بسهولة، تزيد عن 8%. وأوضحت أنه لا يوجد توازن بين إدارة الموارد العامة للدولة والمصالح الخاصة، في ظاهرة مستمرة منذ عقود. واتهمت الحماقي جماعات مصالح داخل الأجهزة الحكومية بإسناد المناقصات والأعمال إلى شركات وهمية بأسماء أقاربهم، مستغلين غياب نظم مكافحة الفساد، بما يقضي على معدلات التنمية والنمو.

أكدت الحماقي أن الفجوات العميقة بين المصلحة العامة والخاصة تهدر موارد الدولة الواسعة. وطالبت بوضع أولويات تحقق معدلات أعلى من النمو، يأتي على رأسها رؤية اقتصادية واضحة، والحد من سيطرة المصالح الخاصة على المصلحة العامة، ومكافحة الفساد. وأوضحت أن عدم الاستقرار الكلي ناجم عن ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، مشيرة إلى أن السياسات التجارية غائبة تمامًا وتتوزع إدارتها بين وزارات المالية والتجارة والاستثمار، رغم أهميتها لدعم الصادرات.الحكومة إلى تعويم الجنيه منذ عام 2016 بأنه "ثلاثة زلازل" أدت إلى خفض قيمته من مستوى 15 جنيهًا إلى أكثر من 50 جنيهًا مقابل الدولار، مما تسبب في معدلات تضخم غير مسبوقة، أثرت بشدة على المنتجين والمستهلكين معًا، وأدت إلى توقف العرض والطلب، بما عطّل النمو الاقتصادي. وحذّرت الاقتصادية المصرية من خطورة عدم استقرار سعر الصرف، مؤكدة أن مصر لن تتحمل تعويمًا جديدًا. وبيّنت أهمية زيادة التدفقات النقدية من الخارج، عبر تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز الصادرات للحفاظ على التوازن بين العرض والطلب على الدولار وسعر الجنيه.

وأوضحت الحماقي أن الحكومة تعتمد على أميين في إدارة أسواق السلع اليومية للجمهور، ولا تهتم برفع كفاءة السوق وتشجيع الصناعات الصغيرة التي تمثل نسبة 4% من حجم الصادرات، بينما ترتفع تلك النسبة إلى 45% في فيتنام، وسببت النهضة الصينية. ودعت الحماقي إلى مكاشفة المواطنين بحقيقة الأزمة الاقتصادية ومحاربة الفساد، بدلاً من التفاخر بأرقام غير واقعية في حفلات مكلفة تُجرى في فنادق خمس نجوم، مشيرة إلى ضعف الأداء وعدم كفاءة القائمين على البرامج الاقتصادية.

من جهته، كشف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية، محمد البنا، عن مؤشرات خطيرة تعكس تفاقم الأزمة الاقتصادية، كما أكد أن الدولة تسير بدون هوية اقتصادية واضحة تُحدد سُبل حل المشاكل وتُبرز دور الحكومة في النشاط الاقتصادي. وطالب البنا بخفض معدلات الفقر وتعزيز مظلة التأمين الاجتماعي والصحي والتعليم العام، مؤكداً على أهمية وجود رؤية اقتصادية واضحة تُحدد دور الدولة والقطاع الخاص لتحقيق معدلات تنمية شاملة.

بدوره، عبّر خبير التمويل والاستثمار حسن الصادي عن مخاوفه من انهيار الدولة أمام الضغوط الاقتصادية، مشددًا على ضرورة تحقيق طفرات نمو تُعادل أضعاف النمو السكاني للحد من الفقر والتضخم. وانتقد الصادي تدخل الدولة في السوق ومزاحمتها للقطاع الخاص، مشيرًا إلى خروج العديد من الشركات المصرية للعمل بالخارج بسبب السياسات الاقتصادية غير المستقرة. ودعا إلى ضرورة اعتماد سياسات شفافة ومستقرة تُشجّع المستثمرين.

واختتم الصادي حديثه بالدعوة إلى وقف استنزاف الموارد في مشروعات البنية التحتية غير المنتجة، والتركيز على استغلال الطاقات الإنتاجية الحالية لتوظيف الموارد المالية بشكل فعّال. وفي الختام، شددت أستاذة الاقتصاد منى الجرف على ضرورة حوكمة الاقتصاد ومحاسبة المسؤولين عن القرارات الاقتصادية، مع التركيز على النمو الحقيقي عبر الإنتاج الصناعي والزراعي.
اجمالي القراءات 87
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق