عصابات الاتجار بالأطفال في العراق: نشاط يقلق أجهزة الأمن
ما زالت عصابات الاتجار بالأطفال في العراق تُسجّل نشاطاً خطيراً في عموم محافظات البلاد، فيما أكدت مصادر في وزارة الداخلية العراقية تكثيف خطط ملاحقتها، وسط دعوات لوضع معالجات مناسبة تُحجّم الظاهرة المتنامية في المجتمع العراقي.
ونشطت جرائم الاتجار بالأطفال في العراق خلال السنوات الأخيرة، إذ تُسجَّل حوادث شبه يومية منها، وسط انتقادات للإجراءات والخطط للحدّ من تلك الجرائم الخطيرة، ما دفع السلطات الأمنية في البلاد إلى تشكيل لجنة خاصة ضمّت عدة وزارات وجهات أمنية، وقد باشرت عملها منذ ستة أشهر.
وألقت قوات الأمن العراقية القبض على عشرات المتورطين في قضايا الاتجار بالبشر خلال الأشهر الماضية، وأمس الجمعة، ووفقا لبيان للمتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري، فإن "مفارز وكالة الاستخبارات، الوكالة المختصة بمكافحة الاتجار بالبشر، نفّذت عمليتين منفصلتين، أسفرتا عن تفكيك شبكتين تعملان على استدراج الأطفال واستغلالهم في التسوّل وفي أعمال غير مشروعة في جانب الرصافة من بغداد".
وأضاف أن "هذه العمليات جاءت استناداً إلى معلومات استخبارية دقيقة مكّنت الفرق المختصة من تحديد مواقع المتهمين وإلقاء القبض عليهم، حيث بلغ عددهم ستة، وحُرّر الضحايا بعد استحصال الموافقات القضائية الأصولية". وأشار إلى أنه "خلال التحقيقات، اعترف المتهمون صراحة بإدارة هذه الشبكات بهدف جمع الأموال بطرق غير قانونية"، موضحا أنه "بعد استكمال الإجراءات القانونية وإحالتهم إلى الجهات القضائية المختصة، صدرت أحكام بالسجن لمدة عشر سنوات بحق المدانين".
ملاحقة عصابات الاتجار بالأطفال في العراق
من جهته، أكد ضابط في مكافحة الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية العراقية أن القوات الأمنية بالتعاون مع الجهد الاستخباري ومؤسسات الدولة الأخرى تعمل بشكل مكثف على ملاحقة عصابات الاتجار بالأطفال في العراق، سواء في بغداد أو في عموم محافظات البلاد الأخرى، مبينا لـ"العربي الجديد"، ومشترطا عدم ذكر اسمه، أن "عمليات الملاحقة حقّقت نتائج جيدة في الأشهر الستة الأخيرة، وأطاحت عشرات العصابات".
واستدرك بأن "الجريمة ما زالت منتشرة، وأن تلك العصابات تتفنّن في تنفيذ إجرامها باستدراج الأطفال، ومن ثم استغلالهم بالتسول وممارسة الأعمال غير القانونية"، مشيرا إلى أن "هناك تراجعاً ملحوظاً في نسب الجريمة إلا أنها ما زالت في عداد الجرائم الخطيرة". وأكد أن "الوزارة مهتمة بالملف وتبذل جهداً كبيراً ومتواصلاً للقضاء على تلك العصابات الخطيرة".
من جانبهم، يؤكد ناشطون حقوقيون أن الملف يعد من الملفات "شبه المهملة" من قبل الجهات المسؤولة، وقالت الناشطة إيمان العزاوي إن "معظم الأطفال الذين يستدرجون ويستغلون في أعمال غير قانونية هم ضحايا الظروف التي عاشها البلد، وتتحمل الحكومات مسؤوليتها"، مبينة لـ"العربي الجديد" أن "الظاهرة استشرت في المجتمع العراقي بسبب ظروف النزوح والحروب، إذ وجد آلاف الأطفال أنفسهم بلا مأوى ولا معيل، فتسربوا من المدارس، وقد استُدرجوا من قبل ضعاف النفوس".وشددت على أن "هذه الأسباب تقع مسؤوليتها على الحكومات جميعها، ومن ثم فإن تلك الحكومات لم تتحرك لمعالجتها، فنجد النزوح مستمراً وآلاف الأطفال ما زالوا متسربين من المدارس حتى اليوم، كما أن الكثير منهم لا يجدون لقمة العيش، لذا فهم لقمة سائغة لتلك العصابات"، مؤكدة أن "العلاج يبدأ بوضع استراتيجية شاملة لمنع ظاهرة تسرب الأطفال وعمالتهم وأن يجرى إيواؤهم وتوفير فرص التعليم لهم مع ظروف مادية مناسبة، عند ذاك سيُقضى على الظاهرة"، محملة الحكومة "مسؤولية ذلك".
وسبق أن كشفت مفوضية حقوق الإنسان في العراق عن نشاط لشبكات الاتجار بالبشر داخل المقاهي والكافيهات التي تعمل فيها فتيات في بغداد والمحافظات الأخرى، مطالبة باتخاذ إجراءات حازمة للقضاء على هذه الممارسات الخطيرة. ويعرّف القانون العراقي جريمة الاتجار بالبشر بأنها أي تجنيد، أو نقل، أو إيواء، أو استقبال لأشخاص من خلال التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر بهدف البيع، أو الاستغلال، أو العمل القسري، أو الاسترقاق، أو التسول، أو المتاجرة بالأعضاء، ويفرض القانون عقوبات مشددة بالسجن والغرامة المالية على المتاجرين بالبشر.
اجمالي القراءات
349