ما بين نوح ويعقوب عليهما السلام ونفى الشفاعة.

عثمان محمد علي Ýí 2023-11-24


ما بين نوح ويعقوب عليهما السلام ونفى الشفاعة.
سؤال وإستفسار.
مسا الخيرات سؤال لو تكرمت::
عندما نادى نوح عليه السلام ربه : (وَنَادَىٰ نُوحٞ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ (45)) فقال الله تعالى له قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦعِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ (46)) فهنا نهى الله تعالى نبيه نوح عليه السلام عن الاعتراض على حكم الله وفي قصة يعقوب و يوسف عليهما السلام : يعقوب حزن على يوسف حزنا شديدا ولم ينهه الله عن ذلك أليس حزن يعقوب يخالف الرضا بقضاء الله طبعا حسب رؤيتنا (و حاشا ليعقوب ذلك )الم يكن يعلم ان هذا قضاء الله و يجب عليه ان يصبر ولا يبالغ في حزنه ؟
==
التعقيب::
الموضوع مختلف تماما ..فطلب ورجاء نوح عليه السلام بنجاة ابنه ليس لنجاته من الموت ولكن لنجاته مع المؤمنين من عذاب النار.وجاء ذلك الطلب بعد موت إبنه .فلو رجعنا لسياق الآيات سنجد فيها دعوة نوح عليه السلام وطلبه من إبنه بأن يؤمن بالله ويترك الكافرين وينضم للمؤمنين ويركب معهم السفينة إلا أنه أبى وتكبر وإستمرعلى عناده وكُفره بالله جل جلاله ،وبالتالي فنوح عليه السلام كان يعلم أن إبنه بعناده وتكبره صار كافرا حتى آخر دقيقة في حياته ومع ذلك طلب له النجاة في الآخرة،وهذا ممنوع عليه.(( وَقَالَ ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡر۪ىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ (41) وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ (42) قَالَ سَـَٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٖ يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّۖ وَقِيلَ بُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ (44) وَنَادَىٰ نُوحٞ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ (45) قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡـَٔلَكَ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِي وَتَرۡحَمۡنِيٓ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ))(47هود).
وكما تعلم حضرتك أن قوم نوح أُغرقوا فدخلوا من بعدها النار بما فيهم إبن نوح ((مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا )) فهنا يكون نوح عليه السلام قد طلب (الشفاعة مجازا) لإبنه الكافروهو يعلم أنه لا شفاعة ولا مُعقب على حُكم الله جل جلاله. فلهذا عاتبه ربه سُبحانه وتعالى ونصحه بألا يعود لمثل هذا ،وإلا صار من الجاهلين ،وقد تصل به إلى أن يكون يوم القيامة من الخاسرين ((قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡـَٔلَكَ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِي وَتَرۡحَمۡنِيٓ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ)) (47هود).
أما يعقوب عليه السلام فكان حزنه حزن اب على فراق ابنه،ولكنه كان على علم تام بأن إبنه سيكون من المسلمين،بل ربما سيكون نبيا من الانبياء .وان الله جل جلاله وعده بأنه سينجيه من كيد اخوته و سيكون له شأنا عظيما وسيجتمعون به مرة اخرى .وهذا كله جاء فى الآيات الأولى من القصة وخاصة عندما رجع إخوته وقالوا اكله الذنب فنزل إليه الوحى يربط على قلبه ،وطلب منه إلا يخبرهم بما فعلوه بأخيهم (إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ (4) قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ (5) وَكَذَٰلِكَ يَجۡتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ ءَالِ يَعۡقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَا عَلَىٰٓ أَبَوَيۡكَ مِن قَبۡلُ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٞ )(6يوسف)
=
(فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (15 يوسف).
ومن هنا فحزن يعقوب عليه السلام لم يكن اعتراضا على قضاء الله ولكن على فراق ابنه فقط وهذا مسموح به فى المصائب .
ومن هنا كان حزن يعقوب على فراق يوسف عليهما السلام ليس إعتراضا على قضاء الله ولكنه حُزنا على فراقه وخاصة أنه كان طفلا صغيرا ولم يعد يعلم عنه شيئا.فالفرق بين الحالتين فرق كبير .فنوح عليه السلام طلب الشفاعة لإبنه من النار وهذا ممنوع ،وممنوع التدخل في حُكم الله ولا التعقيب عليه (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾
أما يعقوب فلم يعترض على قضاء الله ولم يُعقب على حكمه سبحانه وتعالى .
==
صديقى صاحب السؤال قال :
و فعلا نستنتج من قصة نوح درسا عظيما بانه لا توجد شفاعة لأحد مهما كان بل لله الشفاعة جميعا.
اجمالي القراءات 1404

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   رضا عامر     في   الإثنين ٢٧ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94868]

زادك الله من فضله يا دكتور عثمان


أخى الحبيب الدكتور عثمان أشكرك جدا على المقال الذى أستهدف قضية خطيرة وهى قضية الشفاعة. واحب أن أضيف إلى استنتاج السائل الكريم أن البشر تكون الشفاعة عندهم فى الدنيا وهى إما أن تكون شفاعة حسنة كما فى حالة (ابن) نوح أو تكون شفاعة سيئة. والشفاعة فى الدنيا تأتى غالبا بمعنى الهداية.


لاحظ حضرتك اننى وضعت كلمة إبن نوح بين قوسين لأنه كما افهم من النص القرآنى ولد غير شرعى نتج من خيانة زوجة نوح. وردا على الذى يقول مستنكرا : كيف تكون زوجة نبى الله خائنة ؟ أقول وقلت فى تعليق سابق إنه لايضير نبي الله ولا يقلل من قدره أن تكون امرأته خائنة فهذا اختيارها هي وستحاسب وحدها .   ورب العزة قالها صريحة لنبيه نوح انه ليس من اهلك. وفى سورة التحريم عندما ذكر امرأة نوح وامرأة لوط قال سبحانه كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما.. والمعنى واضح بل وصريح وانظر إلى دقة التعبير الإلهي (تحت عبدين) .  


والحق انتى أفهم من قراءة آيات القرآن الكريم أن معنى (الشفاعة) سيكون بشكل أو بآخر موجودا يوم الحساب وهذا واضح لى في الآيات :


يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴿١٠٩ طه﴾


وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿٢٣ سبإ﴾وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٨٦ الزخرف﴾


وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦ النجم﴾  وكما هو واضح أنها تأتى دائما على الاستثناء من بعد النفى الصريح. هذه القضية تحتاج إلى التفكير والمشورة والمشاركة وانتم خير أهل لهن.


تحياتى لحضرتك وامنياتى بالصحة والسعادة


2   تعليق بواسطة   حمد حمد     في   الثلاثاء ٢٨ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94881]

الشفاعه ومعنى خانتاهما


أخي العزيز هناك بحث خاص للدكتور أحمد في موضوع الشفاعة وكذلك فيما يتعلق زوجات النبي لوط ونوح ومعنى خانتاهما وهي خيانة بالدعوه او الرساله وهو موجود في صفحة فاسألوا أهل الذكر. مع خالص التقدير لكم



3   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الخميس ٣٠ - نوفمبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[94883]

شكرا جزيلا دكتور رضا عامر وأستاذ حمد حمد.


تعقيب رائع وممتاز دكتور رضا عامر .ربنا يبارك فيكم .. وشكرا أستاذ حمد على التنويه عن مقالات أستاذى دكتور منصور  عن الموضوع .... نعم أعلم هذا وهو أستاذنا فى تدبر القرءان العظيم وقرأت مقالاته حول هذا الموضوع ،ودائما ما نتعلم منه . بارك الله فيه وفيكم جميعا وجزاكم خير الجزاء فى الدنيا والآخرة .. 



بصدد كتابة مقال للرد على تعقيبات الأساتذة الكرام  عن الموضوع هنا وعلى الفيس بوك وسأنشره قريبا .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق