الصحافيون العراقيون واجهوا انتهاكات غير مسبوقة في 2024
ودّع الصحافيون العراقيون عام 2024 مثقلين بالتضييق والانتهاكات، التي تنوعت بين الترهيب والإقالة والإبعاد والدعاوى القضائية، في تناقضٍ مع ما وعدت به حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مطلع تشكيلها، من حماية الصحافيين وتحسين وضع الإعلام العراقي.
واعتبرت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، في تقريرها السنوي لعام 2024، أن "السلطات في العراق فرضت حالة أشبه بحالات الطوارئ للنيل من الصحافيين ووسائل الإعلام، حتى تلك الممولة من جهات حزبية شريكة في الحكومة". كذلك كشفت عن تسجيل 457 انتهاكاً خلال العام الماضي، معتبرةً إياها "انتكاسة غير مسبوقة للأسرة الصحافية منذ تأسيس هذا النظام".
وتوزّعت الانتهاكات التي واجهها الصحافيون العراقيون بين القتل والاعتقال والاحتجاز والتهديد والدعاوى القضائية ومنع التغطيات والحظر والحجب، و"لم تخل أي محافظة المضايقات والدعاوى القضائية، أو العنف المستشري ضد الصحافيين".
وأضافت أن "الهيئات المستقلة والنقابات المهنية كان لها دور ضليع في هذا النوع من الانتقام وإرهاب الصحافيين في داخل البلاد، فضلاً عن محاولات فرض الوصاية على وسائل الإعلام بالإنذار، وحجب ظهور الأشخاص بحسب أهواء وأمزجة المتنفذين".
كذلك، بيّنت أن "العاصمة بغداد احتلت صدارة المدن الأكثر تسجيلاً للانتهاكات بحق الصحافيين بتسجيل 105 انتهاكات، كان الجزء الأكبر منها دعاوى قضائية مسجلة من لدن الجهات الحكومية، وفق مواد جرائم النشر في قانون العقوبات العراقي المُشرع في حقبة النظام الدكتاتوري السابق".
وخلال الأسابيع الماضية، شهدت بغداد لوحدها جملة من الانتهاكات التي رفض المتضررون منها أن تبقى مخفية أو مستترة، بل سرعان ما أعلنوا عنها عبر منشوراتهم ومقاطع مصورة نشروها عبر فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، ومنهم مقدم البرامج السياسية قصي شفيق، وزميله حسام الحاج.
إضافةً إلى صالح الحمداني، الذي أحيل إلى التحقيق بسبب تغريدة عبّر فيها عن قبوله التغيير الذي حصل في سورية، وأخيراً مقدمة البرامج الحوارية في قناة الشرقية، زينب ربيع، التي أعلنت أن رئيس الحكومة تقدم بشكوى ضدها بسبب كتابات اعتيادية عبرت فيها عن مواقف سياسية.
وقالت زينب ربيع في حديث مع "العربي الجديد" إن "حرية الرأي والتعبير تتعرّض منذ حوالي عامين إلى تضييق مستمر ومحاولات تقييد عبر إجراءات قانونية أو أساليب الترغيب والترهيب وآخرها الدعاوى الكيدية والشكاوى القضائية، حيث تستغل السلطة حق التقاضي من أجل ترهيب الصحافي ومحاولة إسكاته"، مبينةً أن "قضيتي منظورة حالياً أمام القضاء العراقي، ولدي ثقة بإجراءات القضاء الذي طالما وقف إلى جانب الصحافيين وحرية الرأي".
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، عن توثيق مئات الانتهاكات التي واجهها الصحافيون العراقيون خلال السنوات الأخيرة، مشيراً في بيان إلى أن "الانتهاكات تنوعت بين الطرد التعسفي والملاحقة القضائية والترهيب ومنع التصوير وتكسير المعدات وغيرها".كذلك، نبّه إلى أن العراق حلّ في المرتبة 169 عالمياً من أصل 180 دولة على مؤشر "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة، معتبراً أنّ ذلك يشير إلى ضرورة "تعزيز بيئة العمل الصحافي وكفالة حرية الصحافة وحماية الصحافيين".
وخلال السنوات الماضية، طاول التهديد الصحافيين العراقيين من قبل جماعات مسلحة وقوى مسلحة وأطراف قريبة من الحكومة العراقية وغيرها من شخصيات سياسية حزبية وأمنية، في سبيل تقليل تغطية أحداث معينة، مثل الاحتجاجات أو القضايا الخلافية المرتبطة بحقوق الإنسان.
وزاد من الضغوط على الصحافيين القرار الصادر مؤخراً عن هيئة الإعلام والاتصالات الحكومية، والذي يقضي بتحديد الشخصيات السياسية والمحللين الذين يظهرون في البرامج السياسية اليومية. الأمر الذي أثار اعتراضات كثيرة، ودفع بمقدم البرامج حسام الحاج للإعلان عن رفضه الالتزام بهذا التوجيه، ثم التحق به زميله أحمد ملا طلال.
وقال الصحافي وليد وصفي: "يواجه الصحافيون العراقيون تحديات كثيرة لم تكن لتحدث لولا غياب دور الهيئات والنقابات المسؤولة عن الدفاع وحماية الصحافيين، وقد واجه الميليشيات المسلحة في الوقت السابق، وحالياً يواجه قرارات وتوجيهات تحمل طابع التعسف العلني، ناهيك عن الدعاوى القضائية التي تلاحق العديد منهم".
واعتبر في حديث مع "العربي الجديد" أن "الحكومة بدل أن تتولى مسؤولية حماية الصحافيين، تحولت، للأسف، إلى استخدام الأساليب التعسفية معهم".
من جهتها، رأت عضو نقابة الصحافيين العراقيين نور تحسين أن "الصحافي صار يحتاج إلى الحماية أكثر من أي وقت مضى، لأنه محاصر ما بين السلاح العشائري والمنفلت بيد الجماعات المعروفة وغير المعروفة، وسلاح قوى الأمن أيضاً، بالإضافة إلى الإجراءات والقرارات الحكومية والسياسيين والأحزاب".كما أكدت لـ"العربي الجديد" أن "هذا التضييق سيدفع إلى مواجهة إعلامية قد تكون خطيرة في المرحلة المقبلة، لأنه سيولد حالة من الانفجار ما بين السلطات جميعها، مع السلطة الرابعة التي تريد أطراف سياسية وحكومية ومسلحة جعلها سلطة تابعة لها، من دون أن تمارس أدوار المراقبة والتقييم والمساءلة"، ودعت إلى تدخل القضاء و"قول كلمته" لوقف الانتهاكات بحق الصحافيين.
اجمالي القراءات
458