ارتفاع فاتورة استيراد القمح 19% لتصل 3.46 مليار دولار يكشف فشل الحكومة المصرية

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٩ - ديسمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: أخبار الغد .


ارتفاع فاتورة استيراد القمح 19% لتصل 3.46 مليار دولار يكشف فشل الحكومة المصرية

في مفارقة صادمة لأبناء الشعب المصري ومع تسارع وتيرة الوعود الحكومية بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، تُسجل البلاد ارتفاعًا مهولًا في فاتورة استيراد القمح خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.

حيث ارتفعت قيمة الواردات بنسبة تصل إلى 19% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتسجل 3.46 مليار دولار، وذلك مقابل 2.91 مليار دولار في عام 2023.
مقالات متعلقة :


هذه الزيادة تأتي في وقت كانت فيه الحكومة المصرية قد وعدت بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، لكن الواقع يثبت عكس ذلك تمامًا.

هذا الارتفاع في فاتورة الاستيراد يكشف بوضوح عن تقاعس الحكومة المصرية في تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها مرارًا وتكرارًا. ومن المفارقات المؤلمة أن الهيئة المسؤولة عن شراء السلع الأساسية تعاقدت في سبتمبر الماضي على شراء 430 ألف طن من القمح من روسيا عبر آلية الشراء المباشر وليس عبر المناقصات المعتادة، ما يثير الشكوك حول وجود شبهات فساد في عمليات الشراء، وهو ما يعكس ممارسات حكومية لا يمكن إلا أن توصف بالإهمال والتخاذل في العمل من أجل حماية مصالح الشعب المصري. في ذات الوقت، لا نرى أية تحركات فعلية على الأرض لتحسين الإنتاج المحلي للقمح أو لتوسيع الرقعة الزراعية التي يمكن أن تساهم في تقليل الاعتماد على الواردات.

تظل مصر واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث لا يكاد يمر عام إلا ويستورد القطاعين الحكومي والخاص ما يقارب الـ 12 مليون طن. هذه الأرقام تدل على فشل ذريع في استراتيجيات الحكومة لضمان توافر القمح محليًا بديلاً عن الاستيراد، رغم الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها البلد في مجالات الزراعة والري. ليس ذلك فحسب، بل وتأتي مصر أيضًا على رأس قائمة أكثر الدول استهلاكًا للقمح على مستوى العالم، حيث من المتوقع أن يتجاوز استهلاكها 20 مليون طن في موسم 2023/2024، وهو ما يمثل نحو 2.6% من الاستهلاك العالمي، وفقًا لتقرير صادر عن وزارة الزراعة الأميركية.

المثير للاستغراب أن الحكومة المصرية تواصل تقديم وعود بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بحلول عام 2026/2027. ورغم مرور سنوات على هذه الوعود، إلا أنه لم يتم تنفيذ أي خطوات جادة نحو هذا الهدف. حتى الآن، تزداد فاتورة الاستيراد عامًا بعد عام، مما يعكس واقعًا مؤلمًا يواجهه الشعب المصري من جراء فساد الحكومة وتقاعسها عن الوفاء بالتزاماتها. على الرغم من الوعود الكثيرة التي أطلقها المسؤولون في الحكومة، لا توجد أية مؤشرات على تغير إيجابي في هذا الملف، بل تزداد المخاوف من تزايد الاعتماد على الخارج في تأمين احتياجات البلاد من القمح وغيره من السلع الأساسية.

ويأتي ذلك في وقت يواجه فيه المواطن المصري تحديات اقتصادية غير مسبوقة جراء أزمة ارتفاع الأسعار وتدني مستويات الدخل، مما يجعل فاتورة الاستيراد الباهظة من القمح عبئًا إضافيًا على كاهل المواطن. وفي حين كان من المفترض أن تركز الحكومة على تعزيز القدرات المحلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، نجد أن سياسة الاستيراد على ما هي عليه، بل وتزداد بشكل غير مبرر. فكلما ازداد الضغط على خزينة الدولة بسبب استيراد القمح من الخارج، تزداد معاناة المواطن المصري في ظل غياب أي حل جذري لهذه المشكلة.

من العجيب أن هذه الأزمة في استيراد القمح تتزامن مع حديث مستمر من قبل الحكومة عن تطوير مشروعات زراعية وتحسين الإنتاج المحلي. ومع ذلك، ما نراه على أرض الواقع بعيد كل البعد عن هذه الوعود. لا يوجد أي برنامج فعال لتطوير زراعة القمح أو أي استثمار حقيقي في هذا المجال. ولا يكاد يمر يوم دون أن تزداد أعباء الشعب المصري، بينما تظل الحكومة غارقة في تبريرات فارغة وسعي حثيث نحو الحصول على القروض والمساعدات الخارجية، بدلاً من العمل على تطوير الاقتصاد المحلي وحماية الأمن الغذائي.

من الواضح أن الحكومة المصرية تفتقر إلى الرؤية الفعالة لحل أزمة القمح التي أصبحت عبئًا اقتصاديًا مستمرًا. فلا سياسات زراعية حقيقية يتم تنفيذها ولا مشروعات استراتيجية تهدف إلى تحسين الإنتاج المحلي للقمح. تتعامل الحكومة مع ملف القمح وكأنه مجرد صفقة تجارية تدر عليها الربح، دون أدنى اهتمام بمصالح الشعب المصري الذي يعاني من تبعات هذا التقاعس الحكومي المتواصل.

إن الحكومة المصرية التي تدعي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في المستقبل القريب، فشلت في تحقيق هذا الهدف بشكل قاطع حتى الآن، بل على العكس، تزداد أزمة القمح من سيئ إلى أسوأ. لن يقتصر الأمر على فشل الحكومة في تحقيق الاكتفاء الذاتي فحسب، بل سيكون لهذا التقاعس تأثيرات سلبية على الاقتصاد المصري بأسره. فالوضع المتأزم الذي تعيشه البلاد في هذا الملف يعكس أزمة أعمق في إدارة شؤون الدولة بشكل عام، ويضع الحكومة في دائرة الاتهام بالتقصير والتراخي أمام مسؤولياتها تجاه الشعب.
اجمالي القراءات 15
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق