منشور قنصلية مرسيليا يحيي مخاوف مصريين بالخارج من التعقب الأمني
أثار منشور صدر أخيراً عن القنصلية المصرية في مدينة مرسيليا بفرنسا، يشير إلى أن بيانات المغتربين ستخضع لفحص أمني وسياسي وجنائي قبل تجديد بطاقات الهوية، جدلاً واسعاً بين مصريين، وأعاد إلى الواجهة المخاوف من استهداف المعارضين سياسياً. وجاء في منشور قنصلية مرسيليا أنه بالتنسيق مع لجان وزارة الداخلية يجري إعداد كشوف الراغبين في إصدار أو تجديد بطاقات الرقم القومي، لإرسال بياناتهم إلى وزارة الداخلية المصرية التي ستقوم بدورها بفحصها أمنياً، سياسياً وجنائيا، قبيل الشروع في اتخاذ قرار بإصدار البطاقة للراغب.
منشور قنصلية مرسيليا
ويشكو معارضون مصريون في الخارج من تضييقات أمنية تعرقل حصولهم على الأوراق الثبوتية اللازمة، ما يعيق حريات التنقل والحصول على الخدمات اللازمة بالخارج.
هشام قاسم: ما يجري كوميديا سوداء لن تسهم في تغيير نهج المعارضين للنظام في الخارج أو تقليل حدة معارضتهم
وتعليقاً على منشور قنصلية مرسيليا الفرنسية، اعتبر الناشر والسياسي المصري هشام قاسم أن خطوة حرمان المصريين من استخراج أوراق ثبوتية مثل الرقم القومي وجواز السفر تنم عن "مراهقة سياسية" وممارسات "صبيانية"، ما أدى إلى تشويه صورة النظام السياسي، وإظهاره أمام العالم والمجتمع الدولي جهة تزدري القانون ولا تحترم حقوق الإنسان، بل إن هذه الممارسات تقطع الطريق أمام أي محاولات لتحسين صورته، وفق رأيه. وأكد قاسم أن هذا النهج يعكس مدى الانتهازية وازدراء الدستور والقوانين، فضلاً عن التزامات مصر الدولية التي يتجاهلها النظام بشكل متكرر.
ووصف قاسم ما يجري في هذا السياق بـ"الكوميديا السوداء" التي لن تسهم في تغيير نهج المعارضين للنظام في الخارج أو تقليل حدة معارضتهم له، بل على العكس، تدفعهم إلى الرد السياسي وتصعيد انتقاداتهم للنظام والتشهير به، ما يصعّب على النظام مواجهة تلك الانتقادات ويفشل محاولاته لتحسين صورته أمام المجتمع الدولي. وأشار قاسم في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى ضعف أهمية اللجوء إلى القضاء لاستخراج هذه الأوراق الثبوتية في ظل ما يعرفه الجميع عن الأوضاع.
خطوة غير قانونية
من جهته، وصف السياسي والأكاديمي المصري يحيى القزاز منشور قنصلية مرسيليا بأنه خطوة "منعدمة"، كونها مخالفة للدستور والقانون، معتبراً أن زجّ الخلافات السياسية بما هي مسوغ لحرمان المواطنين المعارضين من أبسط حقوقهم الشخصية والقانونية خطوة استفزازية وغير مقبولة جملة وتفصيلاً. وقال القزاز: "يقوم النظام المصري بخطوات إقصائية تجاه معارضيه، توجه ضربة قاضية لمفهوم الدولة والمواطنة، وتكرس لمفهوم قانون الغاب، بل يُمعن النظام في التعامل بمنطق القوة الغاشمة التي لا تستند إلى دستور أو قانون". وأكد أن قوة الأنظمة وتماسكها تنطلق من احترامها للدستور والقانون وحقوق الشعب، وهو ما يتجاهله النظام الحالي.
جمال عيد: رفض إصدار الأوراق الثبوتية جريمة قانونية
من جهته، وصف مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، الناشط الحقوقي جمال عيد، هذه الخطوة بأنها "باطلة ومخالفة للدستور والقانون"، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن استخراج الأوراق الثبوتية حقّ مكفول للجميع، وأن ما يحدث يُعد انتهاكاً صارخاً لأبسط مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فضلاً عن التزامات مصر الدولية. وحثّ عيد، المواطنين المصريين، سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها، على توثيق أسماء الموظفين الذين يرفضون إصدار الأوراق الثبوتية، سواء كانوا يعملون في مصلحة الأحوال المدنية أو في سفارات مصر بالخارج، واعتبار هذا الفعل "جريمة قانونية مكتملة الأركان" يجب أن يُحاسب عليها مرتكبوها عاجلاً أو آجلاً.
وتُعد قضية التضييق على المعارضين في الخارج جزءاً من سجل حقوق الإنسان الذي يثير قلقاً مستمراً في مصر، حيث تواجه البلاد انتقادات واسعة النطاق من منظمات حقوقية دولية ومحلية. ويشير مراقبون إلى أن الممارسات التي تشمل التضييق على إصدار الأوراق الثبوتية، وحجب الحقوق الأساسية، وتوظيف المؤسسات الحكومية في تصفية الحسابات السياسية، تسلط الضوء على تدهور العلاقة بين الدولة ومواطنيها، سواء داخل البلاد أو في الشتات.
وعلى الرغم من أن الدستور المصري ينص على ضمان المساواة بين جميع المواطنين، واحترام حقوقهم بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو آرائهم، فإن تقارير متتالية صادرة عن منظمات مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش توثق انتهاكات واسعة النطاق. وتشمل هذه الانتهاكات الاعتقالات التعسفية، وفرض قيود على حرية التعبير، وغياب الضمانات الأساسية في المحاكمات.
اجمالي القراءات
144