اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٤ - سبتمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه
3 معارك انتصرت فيها بلدان أفريقيّة فقيرة على دول أوروبية عظمى
منذ القرن السادس عشر وحتى القرن العشرين، شهدت القارّة الأفريقيّة موجة من الحملات الاستعماريّة من قبل القوى الأوروبيّة؛ وقد شهدت تلك الفترة عدّة معارك وحروب خاضتها هذه الإمبراطوريّات في سبيل إخضاع القارّة السمراء للسيطرة الأوروبيّة، لكن هذه الحملات الاستعمارية الأوروبية على أفريقيا لم تتكلّل بالنجاح دائمًا كما يتخيل البعض، بل إن هناك معارك عسكريّة شهدت انكسار الجيوش الاستعماريّة على أيدي المدافعين عن أرضهم. في هذا التقرير، نتطرّق لثلاث معارك تاريخيّة انتصر فيها الجانب الأضعف والأقلّ تجهيزًا، واستطاع أن يلحق هزائم فادحة بالقوّات الاستعماريّة.
كان للريف المغربي وضع خاص بحكم موقعه الجغرافي النائي عن المدن الكبرى، ورغم تبعيّته المعنوية للسلطان، إلا أنّ أهله كانوا يتصرّفون في شؤونهم بشكل مركزي بشكل كبير، وقد عرف الريف على مدار سنوات طوال الصراع مع الإسبان؛ منذ معركة سيدي ورياش سنة 1839 ثم الحرب التي قادها الشريف محمد أمزيان سنة 1909.
لكن منذ سنة 1912، أصبح الكفاح ضد الإسبان محدودًا من ناحية العدد والعدّة، كما أن «المخزن» المغربي المنوط به حماية البلاد كان يعاني ضعفًا سياسيًّا بسبب الحماية الثائية المفروضة عليه من قبل فرنسا وإسبانيا. في هذه الظروف، برزت شخصيّة محمد بن عبد الكريم الخطابي في الساحة بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، في جوّ عام ساده التطلّع إلى الاستقلال والانعتاق من القوى الاستعماريّة، خصوصًا بعد إقرار مبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون الذي دعى إلى حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، لكن القبضة الاستعمارية الفرنسية والإسبانية كانت تحكم خناقها على المغرب يومًا بعد يوم.
بدأ الصدام العسكري بين قوّات الريف بقيادة الخطّابي والقوّات الإسبانيّة في الفاتح من يونيو (حزيران) 1921، بعد أن تمركزت القوات الإسبانية في منطقة أبران، لتهاجمها قوّة من الريفيين تتكوّن من 300 مقاتل، وتنجح في تحرير المنطقة والاستيلاء على سلاح الجنود. بعد هذا النصر؛ انهالت التأييدات والمبايعات من طرف شيوخ القبائل الريفيّة على الخطّابي وانضمّ إليه ما يناهز 3 آلاف مقاتل.
الإسبان من جهتهم عملوا على تجهيز قوّة عسكريّة بقيادة الجنرال سلفستري من أجل القضاء على المقاومة الريفيّة، فاحتلّوا منطقة أغريبا، التي تبعد ستّة كيلومترات عن منطقة أنوال، مقرّ القوّات الإسبانيّة الرئيسي. بعد تمركز القوّات الإسبانيّة هناك، قرّر قادة الريف حصار منطقة أغريبا مما أدّى إلى نقص المؤونة للجنود الإسبان، الأمر الذي أضرّ بمعنويّاتهم وجاهزيّتهم، ليسقط مركز أغريبا في العشرين من يوليو (تموز) من نفس السنة؛ وتندلع المعركة الكبرى في مركز أنوّال بين الجنود الإسبان البالغ عددهم 22 ألف جندي مدجّجين بالأسلحة الثقيلة والمدفعية؛ إلاّ أن النصر كان إلى جانب الخطّابي ورفاقه الذين هزموا الإسبان هزيمة ساحقة وألحقوا بهم خسائر بشريّة قدّرت بـ19 ألف جندي، وانتهت المعركة بانتحار قائد الجند الجنرال سيلفستري.
غنم الريفيّون الكثير من العتاد العسكريّ الإسبانيّ المقدّر بـ100 مدفع ثقيل و200 مدفع صغير ونحو 1000 رشّاشة و30 ألف بندقية، وقد هرب الجنود الباقون إلى مليليّة التي تبعهم إليها الثوّار وأطبقوا عليها الحصار، إلاّ أن الخطّابي قرّر عدم اقتحامها، في حركة سياسيّة سيعبّر عن ندمه عليها مستقبلًا، إذ إنه رأى فيما بعد أنّ نصرًا آخر في مليليّة كان من الممكن أن يعجّل بإنهاء وجود الإسبان على الأرض المغربيّة نهائيًّا، فقال: «وصلت إلى أسوار مليلية وهناك توقفت ومنعت المجاهدين من القيام باحتلال المدينة خوفًا من أن يحدث ذلك مشكلات دولية. واليوم أتأسّف على ذلك وأعترف أنه كان خطأً ارتكبته في حياتي، وكان بإمكاننا القيام بهذا العمل بكل سهولة، وأن لقاء الإسبانيين في البحر كان بمثابة لعبة بالنسبة للمجاهدين، ولكن الحقيقة هي أنني كنت أفقد آنذاك الرؤية السياسية اللازمة».
قدّ أدّى هذا النصر إلى هزّات سياسيّة كبرى في الداخل الإسبانيّ، إذ استقالت الحكومة وحدثت انقسامات داخل الجيش ووسط الطبقة السياسية التي طالب جزء منها بالجلاء التام عن المغرب لتجنّب مثل هذه الخسارات الفادحة في الأرواح، كما كان لهذه المعركة أثر إيجابي وسط الريفيين، فقد اكتسبوا ثقة في قدرتهم على مجابهة الإسبان من خلال حروب العصابات التي اعتمدوها، وعمل هذا النصر على رفع معنويات الجنود وتشجيع المزيد على الانضمام إلى الثورة، وأعلن هذا النصر خلق كيان مقاوم جديد في الساحة المغربيّة اسمه الرّيف، بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطّابي.
منذ القرن السادس عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر، ساد في إثيوبيا نوع من الفوضى السياسية في مرحلة تدعى «زمن ميسافينت» والتي تعنى عصر الأمراء والتي تذكّر بعهد ملوك الطوائف في الأندلس، إذ يصل إلى العرش عدّة أمراء، يتولى كل منهم السلطة مدّة سنة أو سنتين بفضل تحالف مع جنرالات عسكريين أوروميين، لكن البلاد في الواقع كانت تحكم من قبل أمراء مستقلين متقاتلين فيما بينهم. انتهى هذا العصر سنة 1855 على يد الإمبراطور «كاسا» والذي سمّي فيما بعد تواضروس إثيوبيا الثاني.
بعد عودة السلطة إلى شكل مركزيّ متركّز عند شخص الإمبراطور، شهدت إثيوبيا عدّة حروب ضدّ كل من بريطانيا، ومصر، وإيطاليا، وحتّى السودان الذي كانت تحكمه الثورة المهديّة. في سنوات السبعينيات من نفس القرن كان هنالك شخصيّتان هما الأقوى في إثيوبيا تتصارعان على عرش السلطة؛ يُحنّى الرابع ومينليك، وبعد صراعات عسكريّة بينهما وهزيمة مينليك في إحدى المعارك، اعترف مينليك بأحقيّة يحنّى بالعرش واتّفق الطرفان على زواج سياسيّ بين ابن يحنّى وابنة مينليك؛ على أن يتولّى مينليك السلطة بعد وفاة يحنّى، وأن يعترف يحنّى لمينليك بسلطته على الجنوب الإثيوبي الغنيّ بالثروات المعدنيّة.
بعد وفاة يُحنّى الرابع في معركة القلاّبات ضد الثورة المهديّة في السودان، تولّى مينليك السلطة، وعقد اتّفاقيات مع أوروبا لتزويده بالسلاح والعتاد من أجل التوسّع في الجنوب الإثيوبي الغنيّ؛ كما عمل على صنع علاقات دبلوماسيّة إيجابية مع أوروبا.
لكن الأوروبيين – والإيطاليين تحديدًا – كانوا ينظرون إلى أفريقيا التي تُسيل لُعابهم بمنظار آخر، خصوصًا بعد مؤتمر برلين سنة 1885 حيث اتّفقت الدول الأوروبيّة على تقاسم أفريقيا بينهم كالعكعة من أجل توسّعاتهم الاستعماريّة. من هذا المنطق، وقّعت إيطاليا مع الملك مينليك اتّفاقية أوتشيالي في الثاني من مايو (أيار) 1889، وقد ترجم الإيطاليون أحد البنود باعتباره موافقة من الملك على جعل إثيوبيا «محميّة إيطاليّة»، وهي القراءة التي لم تسرّ الملك الإثيوبيّ إطلاقًا، فقد كان يرى بأن البند يعني في اللغة الأمهريّة بأن «للإمبراطور الحريّة في الاستعانة بإيطاليا في العلاقات الخارجيّة»، بينما ترجمها الإيطاليّون بأنّ «على الإمبراطور أن يستعين بالحكومة الايطالية في علاقته مع الحكومات الأخرى»، وهو ما أثار غضب الإمبراطور الإثيوبي وأعلن فسخ هذه الاتفاقيّة نهائيًّا سنة 1893.
بدأت القوّات الإيطاليّة تتقدّم إلى الداخل الحبشيّ بعد أن كانوا متمركزين في ساحل البحر الأحمر في إريتريا، ووقعت عدّة معارك صغيرة بين قوّات إثيوبية محليّة والقوّات الإيطاليّة، من بينها معركة أمبالاجي (Amba Alaghe) التي وقعت في السابع من ديسمبر (كانون الأوّل)، إذ حاصر 30 ألف جنديّ إثيوبيّ وحدة عسكريّة إيطالية صغيرة متكوّنة من حوالي 2500 فرد، واستطاعوا القضاء على نصفها وأخذهم رهائن. هذه الهزيمة ألهبت نيران الثأر في نفوس الإيطاليين وتوجّهوا إلى عدوة، عاصمة إقليم تيجري، وهناك وقعت معركة عدوة الشهيرة.
قاد الجنرال باراتيري، الذي حصل على وسام جديد في روما مباشرة قُبيل الحرب، جيشًا من 20 ألف جنديّ إيطاليّ مدجّجين بأحدث الأسلحة الأوروبيّة، بلباس شتويّ ثقيل يصلح للقتال في أوروبا، لكنه كان كارثيًّا بالنسبة للجنود الذين سيقاتلون في أدغال أفريقيا. انطلق الجنود إلى منطقة عدوة بدون استخبارات مُحكمة ولا خرائط دقيقة، ليجدوا جيشًا جرّارًا يتكوّن من 100 ألف مقاتل إثيوبيّ من مختلف الأعراق والمناطق في انتظارهم. في نهاية اليوم تمّ القضاء على 4 آلاف جنديّ إيطاليّ، وقد كانت حينها أكبر خسارة في التاريخ الأوروبي الاستعماريّ، إذ تمّ القضاء على جنرالين وأسر واحد، والاستيلاء على كل عتاد وسلاح الجيش الإيطالي.
بعد هذا النصر الإثيوبي، جلس الطرفان على مائدة الحوار، وتراجعت إيطاليا على معادة أوتشيالي وألغت اعتبارها لإثيوبيا محميّة إيطاليّة، واعترفت باستقلال إثيوبيا التّام، كما دفعت لإثيوبيا مبلغًا يقدّر بخمسة ملايين دولار ذهبًا.
تُعرف معركة عدوة بأنها أعظم معركة بين أوروبا وأفريقيا منذ حنّبعل، وقد شكّلت حينها صدمة للرأي العام والطبقة السياسية في أوروبا، وأقنعته بأن الحملات الاستعمارية في أفريقيا ليست نزهة خالية من العواقب كما كان يتخيّل؛ وقد وقع خبر الهزيمة النكراء كالصاعقة على إيطاليا وكامل أرجاء أوروبا، إذ تمّت محاكمة الجنرال باراتيري الذي قاد الهزيمة الإيطالية، ورغم عدم إدانته، إلاّ أن حيثيات الحكم وصفته بـعدم الكفاءة.
شهدت بدايات القرن التاسع عشر قيام مملكة في الشمال الشرقي لدولة جنوب أفريقيا حاليًّا تُدعى زولولاند، وقد أرادت حينها الإمبراطوريّة البريطانيّة دمج هذه مملكة ضمن كونفيديرالية واحدة تضمّ ولايات بوار وباقي الممالك في تلك المنطقة، تكون بريطانيا هي المسيطرة عليها.
رأى السير هنري فرير، المبعوث البريطاني لتلك المنطقة أن مملكة الزولو التي تتقوّى يومًا بعد يوم ستكون عائقًا لإقامة هذه الاتحاد الذي تطمح إليه بريطانيا، وبالتالي فإن تحييد هذه المملكة وإخضاع جيشها البالغ 40 ألف مقاتل يعدّ أولوية بالنسبة للبريطانيين من أجل تحقيق غايتهم المنشودة، كما رأى فرار بأن التغلّب على هذه مملكة من شأنه أيضًا أن يرسل رسائل تخويفيّة للمناطق الأفريقية الأخرى تبعد عن مخيّلتها أي أفكار للتمرّد على الحكم البريطاني.
في الحادي عشر من يناير (كانون الثاني) 1879، احتّل 5 آلاف مقاتل بريطاني مملكة زولولاند، وبدأوا في التقدّم شيئًا فشيئًا من أجل مواجهة الجيش، وقد كان يرى قائد الحملة، اللورد تشملسفورد أنّ حملة كهذه ضد جيوش «بدائيّة» ستكون خاطفة وأن النصر سيكون حاسمًا وسريعًا، وقال في ذلك: «ينبغي أن أضع نفسي في موضع أريهم فيه أنهم بلا حول ولا قوة مقارنة بقوتنا القتالية رغم كونهم أكثر عددًا».
بعدها بتسعة أيّام اتجه تملسفورد إلى تلّة تدعى «إزاندلوانا» -والتي ستلقّب باسمها المعركة- أقام مخيّمه العسكريّ هناك في انتظار المواجهة مع جيش الزولو. بعدها بيومين، اتجه قائد الحملة رفقة ثُلُثي الجيش ليلاحق ما اعتقد أنه جيش الزولو الرئيسيّ، ليجد نفسه محاصرًا بقوّة تبلغ 20 ألف مقاتل، بصدورهم العارية ورماحهم وسيوفهم التي تنتظر أن تُغرز في لحوم الغُزاة الأوروبيين.
انتهت المعركة بهزيمة مدوّية للجيش البريطانيّ، فمن بين 1750 شاركوا في المعركة، قُتل 1350 فردًا. في الداخل البريطانيّ حاول القصر إخفاء هذه الهزيمة والتقليل من شأنها، لكنها تبقى في نظر المؤرّخين إلى اليوم واحدة من المعارك الكبرى التي تجرّعت فيها الإمبراطوريّة البريطانيّة في أوج قوّتها وتوسّعها هزيمة نكراء.
دعوة للتبرع
خمسة أسئلة : السؤ ال الأول : ما رأيك فى قول عنترة بن شداد :...
ابو لؤلؤة المجوسى: أبو لؤلؤة المجو سى قاتل عمر بن الخطا ب : هل...
لا سلام على طعام : هل السلا م على الطعا م حرام ؟ ...
حفظ القرآن فى القلب: حول حفض القرآ ن على ضهر قلب فال الله...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : قال تعالى : ( سَحَر ُوا ...
more