صحة مصر واستقرار الرئيس

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٦ - أبريل - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الدستور


حين تكلم الرئيس ومشي وصافح وسلم وجلس وقام وابتسم ووضع باقات الورد وخطب أمس الأول في ذكري تحرير سيناء فقط طمأن مبارك كل المصريين علي صحته لكنه لم يطمئن المصريين علي مصر!



طبعًا سيجد الرئيس ألف من يطبل ويزمر لما تحدث به عن وعوده بنزاهة الانتخابات وترحيبه بالحراك السياسي، لكن الحقيقة أنه ولا كلمة مما قالها الرئيس مبارك جديدة ولا كلمة مما قالها تحققت أو يمكن أن تتحقق، فقد وعد الرئيس كثيرًا من قبل بنزاهة الانتخابات وللأسف لم تتم أي انتخابات في عصر مبارك بأي قدر من النزاهة، فكلها انتخابات واستفتاءات مزورة، ثم إن وعد أو تأكيد الرئيس حرصه علي نزاهة الانتخابات القادمة يعني اعترافًا واضحًا وفعليًا بأن الماضية كانت مزيفة ومزورة، ثم ليس معني وعد الرئيس بالنزاهة أنها ستكون كذلك، فوعد الرئيس مجرد كلمة ولا هي قانون ولا ضمانة، ثم من يتصور أن الرئيس سوف يعترف بأن وعده لم يتحقق؟! ومن سيظن أن الرئيس سيصدق أن وعده لم يتحقق؟! ومن يتخيل أن الرئيس مهتم أصلاً بأن يتحقق وعده؟!

أما الإلحاح الرئاسي علي استقرار مصر فهو أمر يكاد يكون نشيد الرئيس الوطني المفضل طيلة ولايته علي مدي التسعة وعشرين عامًا الماضية، والرئيس يتحدث عن استقرار مصر كأنها كانت تعيش طول عمرها في فوضي وعدم استقرار حتي جاء مبارك، بينما مصر التي شهدت انقلابًا عسكريًا في يوليو 1952وخلع ملك علي عرشه لم تشهد خلال ذلك إطلاق رصاصة واحدة في شارع ولا زعزعة أمن ولا فوضي مدن علي الإطلاق، وحتي اغتيال الرئيس أنور السادات من جيشه في قلب عرض عسكري لم تعرف مصر يومها لا فوضي شوارع ولا حرب حواري ولا مظاهرات غوغاء ولا فوضي من أي نوع، بما فيها إجهاض سريع وهائل لتحرك أبله من مسلحي الجماعة الإسلامية في أسيوط انتهي خلال ساعات، ربما الفوضي الوحيدة التي شهدتها مصر هي في عصر الرئيس مبارك نفسه عندما تمرد رجاله من جنود الأمن المركزي علي رئاستهم وحكومتهم وعاثوا فوضي خلال يوم كامل في 25 فبراير 1986 أنقذنا الله من شرها وشرارها، فلا عرفت مصر الفوضي ولن تعرفها، ومصر دولة مستقرة بفعل تاريخها وطبيعة شعبها، أما المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات فهي تعبير سلمي محترم وطبيعي وليس فوضي علي الإطلاق بل هي حركات تعيشها كل دول العالم المستقرة!

ثم إن الاستقرار الذي يفخر به الرئيس مبارك ويسعي للحفاظ عليه كأنه بدعة أو معجزة مباركة هو استقرار تعرفه معظم الدول العربية، فسوريا وتونس وليبيا دول مستقرة والمغرب والسعودية وعمان والأردن وقطر والكويت دول مستقرة، فلماذا يلح الرئيس علي الاستقرار كأنه مفيش حولنا بلد مستقر غيرنا، ومن ثم فعلينا أن نسجد لله شكرًا علي منحة استقرار السيد الرئيس؟! لكن في الحقيقة أن الاستقرار الذي يفهمه الرئيس مبارك هو استقراره هو وحزبه في الحكم بينما يستقر أربعة وأربعون في المائة من شعب مصر تحت خط الفقر، ويستقر 12مليون مريض فيروس سي وكبد، ويستقر 18 في المائة من السكان في البطالة، ويستقر ثلاثون في المائة مصابون بالقولون العصبي، ويستقر ملايين المصريين شربًا لمياه الصرف الصحي بينما يستقر 67 في المائة من المصريين ليس في بيوتهم سيفون!!

ما أحلي رائحة الاستقرار في مصر!

 

اجمالي القراءات 3478
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق