عن الذمة المالية وشكل الحياة والمعيشة، يتحدث كتابنا هذا، لأن مهنة الرئيس ليست إلا وظيفة، مثلها كأي وظيفة صغيرة كانت أو كبيرة، سواء جاء الرئيس بالإنتخابات أو بالإنقلابات، في النهاية هو شخص ما تولى وظيفة، وبالتالي هو ليس بمنزه عن العبث أو الأخطاء، لأنه إنسان في نهاية الأمر، يصيب ويخطئ، وليس ملاكاً خلقه الله للخير فقط، و لا هو مفوضاً من الله فقد إنتهى زمن الأنبياء، ولا يحمل صك الأبوية للشعب، فلكل إنسان عائلته، حتى وإن كان يتيماً، إن وظيفة الرئيس في الدول الديمقراطية، لا تحمل تقديساً لمن يتقلدونها، فالرئيس في النهاية زائل، والوطن باق.
إن حملة المباخر كثيرون، يتميزون بالقدرة على التلون وتغيير ماء الوجه، وحيث أن ثقافة الديمقراطية حديثة على دول العالم الثالث، نجد أن الجهل هنا لا يصيب الشعب فقط، بل إنه يصيب أيضاً من يتولى منصب الرئيس، فيصدق ما يُصدر إليه من حملة المباخر، كتاباً كانوا أو شعراء، أو وزراء، فيمتطيه الغرور، وتأخذه العزة بالنفس، وينسى أنه ليس إلا شخص محدود القدرات، قد يكون أتى لكرسي الرئاسة بالصدفه، وليس لكونه سياسياً مناضل.
ولكن إن أراد الشعب حقاً، أن تكون دولته قويه، فيجب أن يحاسب كل من أراد تولي منصب الرئيس، قبل الحصول على المنصب، حتى وإن إستطاع النفاذ من أمور شائكة أمام القانون، فعلى الناس أن تعيد مساءلته، فهذا حق للشعب، فعليهم أن يعلموا كل كبيرة أو صغيرة، عن الشخص الذي سيتولى مقاليد أمورهم، في كل شيء وأولها :
1- معرفة الذمة المالية، وتفاصيل أملاكه.
2- معرفة الذمة المالية لعائلته، وتفاصيل أملاكهم.
3- معرفة مكان سكنه، وقيمة ممتلكاته الصغيرة، مثل السيارات، والساعات، والدراجات، وخلافه.
4- معرفة مصدر أمواله، وهل جاءت من طريق مشروع، أم غير مشروع، وحتى إن جاءت بما لا يتعارض مع القانون، فهل هذا القانون إستثنائي ظالم، أم قانون عادل.
وبعد أن يتولى الإنسان منصب الرئيس، على الشعب مراقبته، ومعرفة التالي :
أولاً/ ما تحت يديه من أموال الشعب، ومحاسبته على طريقة صرفه لتلك الأموال، فهل هي تصرف من خلال نظام مالي يتمتع بالشفافية أم تصرف بشكل سري يثير الريبة، أم بأمر مباشر من الرئيس فقط.
ثانياً/ مراقبة أداء الرئيس، ومعرفة إن كان الطريق الذي صرف فيه أموال الشعب، كان لأجل الشعب والدولة حقاً، أم لأجل الحصول على مكاسب شخصية.
ثالثاً/ معرفة حقيقة معيشة الرئيس، هو وعائلته والمقربين إليه، في حال طالب الرئيس الشعب بتحمل الفقر، والأزمات، وتبعاتهما.
رابعاً/ على الشعب مراقبة مدى العدل عند الرئيس، فهل هو يميل لطبقة عن طبقة أخرى، أو فئة من الناس عن فئة أخرى، أم أنه يعدل بين كل الفئات والطبقات، وكذلك هل هو يعدل فيما بين مؤسسات الدولة، أم يميل لمؤسسات عن مؤسسات أخرى.
في النهاية :
ليس الرئيس إلا كما ذكرنا آنفاً، إنسان يصيب ويخطئ، وليس إلا موظفاً عند الشعب، فإن تجاوز يحاكم، وإن أبلى بلاءاً حسناً، فتلك وظيفته ولا يستوجب الأمر شكره أو مكافأته، فالأصل أنه جاء ليصلح، ولكن ستظل محاسبة الرئيس موجودة فقط في البلاد الديمقراطية.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت
اجمالي القراءات
8151