تحديات الشريعة :
التجديد الديني دعوة حضارية ملحة
شريف منصور
Ýí
2006-08-06
ديسمبر 2003
يقف العالم الاسلامي الآن فى فجوة حضارية شاملة مع معطيات العصر ، يمكن ردها إلى ثلاثة أسباب رئيسية :- أولا :الإرهاب ، وما خلفته الرؤية الشائعة للجهاد ، و انتشار الاسلام بالسيف ، والواقع المرير الذى يشهد حوادث ارهابية متزايدة يتم التبرير والتنظير لها دينيا . - ثانيا : نقص الحريات وحقوق الانسان والمساواة : حيث تتعارض بعض التشريعات التقليدية فيما يخص حقوق التعبير (اضطهاد المخالفين فى الرأى واقامة حد الردة وقانون الحسبة) ، والتمييزضد أصحاب الديانات الأخرى ، والمعاملة غير المتكافئة للمرأة في بعض القضايا (الميراث – الشهادة – القوامة)، داخل المجتمعات الاسلامية مع ما تعارفت عليه الحضارة الغربية حديثا فى إعلان حقوق الانسان . - ثالثا : كراهية العلمانية وفصل الدين عن الدولة وتقرير حكم القانون وتحديد مصدر السلطة حيث تفرض الرؤية الدينية التقليدية للإسلام منطقا مشابها للحكم الثيوقراطي يستمد الحكم فيه من خلال الحق المقدس للحاكم ، وليس من خلال الحكم الديمقراطي الذى تستمد فيه السلطة من الشعب، ففى التجارب الاسلامية المعاصرة ، مثل التجربة الشيعية الايرانية ، فإن السلطة كلها تقع فى يد المرشد الأعلى للثورة ، فى ضوء مبدأ حكم الفقيه ، وفى التجارب السنية الأخرى ، فى نظام البشير والترابي فى السودان ، وطالبان فى أفغانستان تقف سلطة رجال الدين فى تدعيم رجال السلطة المستبدين. فى الوقت الذى ترسخت قيم الديمقراطية وحكم الشعب و مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية الاعلام وحريته فى الحضارة الغربية.
وفى ضوء التحديات المعاصرة السابقة يقف الفقهاء التقليديون محاصرين بين المتغيرات المتسارعة للعصر من جهة وبين ما اعتادوا عليه من تقديس لاجتهادات الفقهاء السابقين - التى تحولت بمرور الوقت وغياب فريضة الاجتهاد أو تقليص دوره بتحديده بأن لا يكون مع وجود "نص" - من جهة أخرى ، فيلجأون لمعاداة التطور الحضارى بالدعوة للردة الحضارية والتصادم مع الغرب وتكفيره .ويتناسى هؤلاء أن بعض الصحابة والتابعين عندما اجتهدوا فإنهم اجتهدوا لعصرهم وأنهم لم يدعوا امتلاكهم للحقيقة وأن الشافعي عندما انتقل من بغداد إلى مصر – وهو انتقال مكانى فقط بين مجتمعين يقعان فى نفس الزمن – فإنه اضطر إلى تغيير مذهبه الفكرى ، حيث كتب كتابه الجديد "الأم" ، فكيف بنا الآن وبعد أكثر من ألف عام على وفاة الشافعي؟
وفى ذات الوقت يقف دعاة الإسلام المستنير رافعين راية الاجتهاد كحل فعّال ومؤثر للقضاء على التحديات المذكورة ، منادين بالفصل بين الدين والفهم الديني ،وتقوم دعوتهم عى أن الاجتهاد يكون من داخل الشريعة نفسها ، أى من داخل النص، بتصحيح المفاهيم ، عن طريق التدبر الحقيقي لمعاني وآيات القرآن الكريم وعدم الاعتماد على المرويات والاجتهادات الفقهية القديمة ، والاعتماد فى المقابل على سماحة وعمومية الآيات القرآنية واتساع مساحة الاجتهاد حتى مع وجود النص ، مغلبين الفهم المقاصدي للتشريع ، ومؤكدين أن بهذا فقط يكون الاسلام صالحا لكل زمان ومكان . حيث يرون أن نظرية التشريع فى الاسلام تقوم على أن الأحكام والتشريعات تخضع لقواعد تشريعية تكون فى اطار مقصد تشريعي عام ونبيل . ويتطبيق هذا النموذج على إشكالية الجهاد والإرهاب ، حيث يقول الله تعالى (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) : (البقرة 195) ، نرى أن الأمر التشريعي هنا هو القتال ، ولكن القاعدة التشريعية تقيد هذا الأمر بأن يكون فى سبيل الله وأن يكون بدون اعتداء ، أى دفاعا عن النفس، والمقصد التشريعي م
اجمالي القراءات
18972