على السعيدى Ýí 2011-03-05
مقدمة هذا الموضوع كتبته (رداً وتعليقاً) على ما أثاره بعض الإخوان في أحد المنتديات التي أتردد عليها. حول موضوع كان قد كتبه (محمد السماك، أمين عام اللجنة الوطنية (اللبنانية) للحوار الإسلامي المسيحي) بشأن قراءته المـتأنية لنص العهد النبوي لنصارى نجران والتي استخلص منها ان العهد لم يكن لنصارى نجران حصراً. انما للمسيحيين عموما. وان الالتزام الاسلامي بنص العهد لم يكن محددا بمسلمي الفترة الزمنية التي صدر فيها، ولكنه نص ملزم لكل المسلمين في كل زمان ومكان وحتى قيام الساعة.
المزيد مثل هذا المقال
:
http://www.alfikralarabi.org/modules.php?name=News&file=article&sid=8776 حيث أعجب به {العضو (A) في المنتدى} المشار إليه وقام بنقلة وإعادة عرضه في المنتدى , ثم دخل عليه {العضو (B) في المنتدى} وعلق عليه بما يفيد عدم تقبله للموضوع لمخالفته للثوابت التي يعتقدها المسلمين. ورغم أن الأعضاء (A) و (B) كلاهما من عامة المسلمين البسطاء إلا أن كل واحداً منهما قد أختلف في وجهت نظره وثوابته حول الموضوع ليكونا أصدق مثل حي يجسد حال مجتمعات الأديان البشرية وتفاعل أفرادها مع المعتقدات والثوابت الفكرية لها , واختلاف وجهات النظر فيها من فرد لآخر كان نتيجة لاختلاف الطبائع البشرية بدرجة ما حدث من فساد أو صلاح في الدوافع والنوازع الفطرية لديهم نتيجة سلوكيات الخير أو الشر التي تقترفها ومن ثم أتباع الموروثات الصادرة من البشر في أمور دينهم من دون الله. وهذا هو حال معظم أفراد البشر في كل الأديان , سواءً كانوا من (المسلمين) أو (المسيحيين) أو غيرهم فلا تخلوا أمة أو مله من وجود هذه الحالات. وقبل أن ندخل في الموضوع يجب علينا للأهمية بيان معنى (الكفر) و (الإيمان) والفرق بينهما باختصار شديد على الأقل ما أتمكن بموجبه من توصيل الأفكار الواردة في الموضوع إلى مدارك المُطَّلِع , إذ أن بيان مدلولي هاتين الكلمتين يحتاجان إلى بحث مستقل حتى نفيهما حقهما. ولكن باختصار مدلولهما يتضح من خلال:- (الكفر)= معكوس كلمة = (الإيمان) من الأمن والأمان. (الكفر) أو(الإيمان) هما كلمتان من كلمات القرآن ذات المدلول العام الذي يفيد الإنباء عن حدوث مجموعة حالات معاً دفعة واحدة أو أحدها أو بعضها بصورة متتالية بحيث لا تحدث التالية إلا نتيجة لحدوث السابقة نتيجة التحقق المسبق للحالات العامة, ومثال ذلك ما يلي :-
إذا فإن الحالات الجزئية لحالات (الكفر) و (الإيمان) هي ما يحدثه الفرد من تفاعل مع محيطه بطريقين هما:-
لَّقَدْ (كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ) وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ (الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ) عَذَابٌ أَلِيمٌ [المائدة : 73] هذه الآية تؤكد أن الذين (قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ) قد كفروا فكرياً , وإنما لكون هذه الأفكار تعتبر "شرك" فإن أعمالهم ستكون في الآخرة هباء منثورا ولن تنفعهم حتى إن كانوا من المؤمنين في الدنيا لأن الله قد أحبطها جزاء لشركهم. وسيدخلون النار نتيجة أن حسناتهم المُحْبَطَة لم تؤدي دورها في مسح سيئاتهم التي لم يُعْصَم منها أي بشر , إضافة لحرمانهم من رحمة الله لأنهم لم يذكروه وكانوا يسألون ويدعون غيره من خلقه الذين سيكفرون بشركم ويتنكرون لهم ومن ثم لا يجدون من يجيرهم فيحق لهم العذاب. أما الذين كفروا منهم (عملياً ) إضافة لكفرهم (فكرياً) فسيميزون بعذاب أليم (لَيَمَسَّنَّ (الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ) عَذَابٌ أَلِيمٌ). يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [التحريم : 7] اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاء عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الطور : 16]
ولن يعذب الله أحد بسب (قول أو فكر مجرد دون اقتراف عمل) إلا إذا كان كذباً وافتراءً على الله نفسه ومنسوب له من دون أن يُنَزِّل بِه عليهم من سلطان. (وهذا هو الشرك بالله) الذي لا يغفره الله ويغفر ما هو دونه. وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ [الأنعام : 93] وحتى لا اطيل عليكم إليكم ما كتبت حول الموضوع مع تعديل اسماء الأخوة الموجه إليهم الرد وسنرمز لهما بـ (A) و (B):
نحن المسلمين متى نتحرر من الكراهية والبغضاء الدفينة في صدورنا تجاه من يخالفنا الرأي أو العقيدة أخي العزيز "B" اسمح لي أن أحشر نفسي بينكم واخوض معكم في ما طرحه أخونا "A" بارك الله فيه بشأن العهد النبوي لنصارى نجران , والذي أعجبت به من حيث الغاية الحميدة والخَيِّرَة التي سيحققها. ولأهمية وعظم هذه الغاية (رغم ما تضمنته بعض بنود العهد الواردة في الموضوع من تناقضات يستحيل صدورها من النبي صلوات الله عليه) كان لزاماً علينا تجاهلها حتى لا نصد عن سبيل الله (بالتشويش) على ما أراد صاحب الموضوع إيصاله للناس لإصلاح ما فسد فيهم , مما يوجب له (الشكر) وللأخ "A" على مساهمته في نشره وعلينا تشجيعهم على ذلك لا معارضتهم وإدخالهم في متاهات أخرى , نعم قد تكون الملاحظات على بنود العهد مهمة ولكن يمكن إثارتها بعيداً عن هذا الموضوع. ونتيجة لأن قناعاتي الشخصية بشأن (حالنا وعقائدنا نحن المسلمين) قد تكون مخالفة للمألوف. فأنا غالباً أتجنب مناقشة أعضاء المنتدى ومجادلتهم بشأنها , ولكن عند قراءتي لما دار حول الموضوع نتيجة تعليق الأخ "B" شعرت أني سَاُؤسَأل يوم القيامة إن تجاهلت ذلك دون أن أطرح وجهة نظري. وليس شرطاً أن يقتنع الناس بما رأيته وكل شخص مسؤول عن نفسه. وإنما كتبت رأيي ونشرته لأن الموضوع وما دار حوله كان مهماً ويمس عقائدنا وما يترتب عليها من نتائج ستنعكس وتؤثر في حياتنا في الدنيا والآخرة. وعن نفسي فقد اعتبرت ما سأطرحه من رأي أن فيه براءةً للذمة إنشا الله , وأسأل الله أن يوفقني فيه وأن يثبتني ليكون صافياً من أن يخالطه شيء من غايات الدنيا وخالصاً لوجهه سبحانه وتعالى. ولكن قبل أن نخوض في الموضوع أود أن ابين لك أخي "B" أن تحليلي لتعليقك والتعقيب عليه لا أقصد به شخصك الكريم وإنما لأهمية ما ورد فيه من قناعات. وما سأبحثه محصور في القناعات ذاتها دون اعتبارها رأياً اجتهاديا نابعا من شخصك الكريم أو محصورا بك. وذلك لأن ما تضمنه تعليقك هو ذاته ما يصول ويجول في أفكار ومعتقدات أكثر المسلمين المأخوذة من مصادرهم الفكرية والتاريخية , وبالتالي فإن ما طرحته لم يخرج عن فكر ومعتقد أكثر المسلمين , الذين تنتمي أنت إليهم وأنا وأخونا "A" سواءً رضينا أم أبينا , لأننا ولدنا من أبوين مسلمين ونشأنا في أمة المسلمين وتحديداً السنيين منهم. وعليه فإن ما طرحته ليس جديداً أو غريباً علينا , لذا سنحلل ونبحث ما نحن عليه جميعاً من "أفكار ومعتقدات" وليس خاصتك.
وسنبدأ مرتكزين على الاستفهام المستخلص من تعليقك والذي يفيد بما معناه:- "هل نصارى هذا الزمان هم نفس النصارى المذكورين في زمن النبي صلوات الله عليه؟"حتى نتعامل معهم بأحكام ومواعظ الله ورسوله الواردة بشأن النصارى وأهل الكتاب. وقبل الإجابة أود التنويه إلى أن هذا الاستفسار ينطبق تماماً على استفسار آخر مقابل له ويجب طرحه ليجاب عليه وهذا الاستفسار هو:- " هل المسلمين في هذا الزمان هم نفس المسلمين في زمن النبي صلوات الله عليه ؟". ولأن هذين الاستفسارين متساويين بغض النظر عن اختلاف الأمة أو المِلَّة , فأننا عند الإجابة على أحدهما سنكتشف أنها تلقائياً ستفي لتكون إجابة على الآخر. وطبعاً نحن لن نصل إلى دراية حقيقية وشاملة بعقائد وشرائع ديانة نصارى هذا الزمان لأنها ليست ديانتنا ولسنا من أهلها , وكذلك نحن بالنسبة لشرائع النصارى المذكورين في زمن النبي عليه السلام (كون القرآن لم يفصِّلها) وما دونه من المصادر هي روايات تاريخية ظنية ولن تكون يقيناً يحتج به. وبالتالي لن يكون من السهل علينا الوصول إلى نتائج حقيقية وعادلة بشأنها , كما أنه ليس من حقنا الحكم على مناهج وعقائد وشرائع الملل الأخرى بمصادرنا التاريخية ورواياتها وشخصياتها لأنها ليست مجردة بشأن عقائد الملل المخالفة لها , إضافة إلى أنها متناقضة ومتضاربة في مضمونها ولازلنا نحن المسلمين على خلاف بشأنها ولن تكون حجة في حكمنا على ما نختلف عليه في عقائدنا وديننا فكيف بعقائد وأديان الآخرين. وطبعاً النصارى هم كذلك في بالنسبة لمناهج وعقائد وشرائع ديانة المسلمين. إذاً فما لكلاً منهم بشأن رأيه في مناهج وعقائد وشرائع الطرف الآخر إلا أن يعرض رأيه فيها بالحسنى ولكلاً منهم شأنه في تمييز الحق من الباطل واتباع ما شاء الله له أن يختار وحسابه على الله. وأكيد جميعنا يعلم أن (تعاليم الدين عامة).! هي غير (العقائد والمناهج والشرائع التفصيلية ) , وبشأن (تعاليم ديانة) النصارى المشار إليهم في القرآن, ولا أهمية لكون نصارى نجران منهم أم كان المقصود غيرهم أو في أي زمان ومكان تواجدوا. فقد أخبرنا القرآن عن النصارى (الأوائل) الذين هم على شاكلة المسلمين (الأوائل) في زمن النبي , وكلاهما (تَدَيَّن) أي (عمل وتعامل) بنفس التعاليم لأن (دين الله واحد) في جميع الأزمان , والأنبياء والمرسلين جميعاً قد جاءوا (بنفس التعاليم) , والقرآن يذكر أنه قد جاء مصدقاً لما في التورات والإنجيل , و(الكتب المُنَزَّلة من الله) قد تضمنت الأصول العامة والركائز الرئيسية (لدين الله) وهي تعاليم الدين الموجهة للعباد كافة لتحثهم على (عبادة الله وحده) و (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) و (وعمل الصالحات وحث الآخرين عليه) و (تجنب عمل الشر والفساد وتحذير الآخرين منها) والعمل على (نشر وتحقيق الخير والمحبة والعدل بين الناس). وحتماً كان أوائل النصارى والمسلمين على هذا (الدين) لذلك ذكرهم القرآن بالخير ووصى بحبهم ومودتهم , وتعليمات القرآن شاملة ودائمة فاعليتها إلى قيام الساعة. ولا يجب أن نحصر (دين الله الحق) في أوائل النصارى والمسلمين وحدهم أو حصرها بأزمانهم (لأن دين الله القيم) كائن في البشرية فطرياً منذ بداية الخليقة إلى قيام الساعة. { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) [الشمس] } ومن يسلك السلوك المتوافق مع الفطرة السليمة ويتميز بالأخلاق الحميدة والصفات الحسنة (فهو على دين الله الحق) مهما كان مسمى ديانته أو ملته أو زمن تواجده , لأن (الدين المعاملة). و(الخير والشر) موجودان في المعاملات بين (البشر) بدرجات متفاوتة من شخص لأخر , والطبيعة البشرية ثابته فيهم على مر الأزمان. لذا فكل فرداً منهم مُهيَّأ على استشعار (الخير والشر) والتمييز بينهما فطرياً بطرق وآليات ديناميكية لا إرادية , وهي كامنه فيه كجزءً من مكونات خلقة. ولهذا قد أُخْضِع للثواب والعقاب نتيجة ما تقترفه جوارحه من الخير والشر , مما يؤكد إن (دين الله الحق) هو العمل بالفطرة السليمة. والفطرة السليمة (هي الحنفية أو الدين الحنيف) الذي عاش عليها إبراهيم عليه السلام منذ صغره والتي بموجبها وبسببها أنار الله بصيرته ليتفكر في الكون من حوله وليحلل ويبحث ويناقش العقائد الفكرية والدينية المتوارثة المبنية على الأساطير والخرافات , التي وجد أبوه وقومة يعتقدونها فكرياً ويدين بها الكفرة منهم عملياً , ليصل بما كان عليه فطرياً من (خير وصلاح) في (عمله وتعامله) وكان سبباً في استجابة دعوته وإلهامه بالحق , إلى اليقين في تحديد ومعرفة ربه وإخراجه من تخبطه فيما وجد عليه أبوه وقومه من عقائد باطلة توارثوها نقلاً بالغيب عن أقوال بشرية وروايات تاريخية تراكمت فيهم من جيل إلى آخر.(وقد تعصبوا لها من دون أن يكون لهم بها علم منزل من عند الله). لذا فإن مخالفة الفطرة السليمة وإفسادها هو المشار إليه في القرآن بـ (تبديل خلق الله). فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) (لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) ذَلِكَ (الدِّينُ الْقَيِّمُ) وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الروم : 30] وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) [الأعراف] أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ [النور : 41]
أما بالنسبة للشرائع والمناسك والمناهج فلكل أمة أو مِلَّة طريقتها ومسلكها بما تستحسنه لتحقيق دين الله الحق وبما يتناسب مع زمانها ومكانها. وكون (الدين المعاملة) والذي يستشعر ويميز بـ (الفطرة) هو الأصل في الدين وتعاليم دين الله لا تخرج عن إطار ما يوافق الفطرة , إذاّ فما بعث الله بالرسل والرسالات وأوحى للنبيين إلا رحمة وزيادة فضل منه ليتحقق للعباد في حياتهم الدنيا أمرين هما:- 1. إصلاح ما أفسده الشيطان في نفوس الناس وفطرتهم عبر الأجيال المتعاقبة نتيجة ما أحدثه في عاداتهم وأعرافهم المتوارثة من تبديل للحقائق في مفاهيمهم الفكرية لتنقلب لديهم معاني الكلمات ومدلولاتها وكذا مقاصد السلوكيات وغاياتها , ليتحول مع الزمن مفهوم (الخير) في ثقافاتهم ومداركهم إلى (شر) والشر إلى خير أو الحسن إلى سيء والسيء إلى حسن. وبالرسالات يستدل المؤمنين من الناس إلى ما فسد ويعملون على إصلاحه بما بينه الله لهم من الحق. 2. بالرسالات يبشر الله المؤمنين بالجنة جزاءً لما كانوا يعملونه من الصالحات , وكذا يبين لهم الوسائل والأسباب المساعدة على تطهير وتزكية أنفسهم (كالصلاة والزكاة والصيام ... إلخ). وليتقربا من خلالها إلى الله ليهديهم وينير بصائرهم فيتمكنوا من معرفة واستشعار ما في عقائدهم الفكرية من (الحق ويوفقهم لتباعه) أو (الباطل ويوفقهم لاجتنابه) وكذا يدلهم على أفضل الطرق والمناسك والأوقات لذكره لتنزل السكينة عليهم وليزدادوا إيماناً إلى إيمانهم. وبالرسالات ينذر الكافرين بالنار والعذاب جزاءً لما كانوا يعملونه من السيئات وكذا لتكون حجة عليهم يوم الحساب ولن يهتدوا بها أبداً. وليس بالضرورة أن تتحد الأمم وأصحاب الملل في المناهج والشرائع إذ ما يجب أن يتحدوا فيه منها إلا فيما حدده الله لهم بموجب رسالته (الكتاب المنزل من عنده). وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ [الحج : 34] لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ [الحج : 67] ... لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [المائدة : 48] وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة : 148]
بقي معانا (في إطار ما سبق توضيحه) أن نُقَيِّم المسلمين في هذا الزمان وهل هم نفس المسلمين في زمن النبي صلوات الله عليه , وهذا ما يخصنا وعلى النصارى تقييم أنفسهم. ومرةً أخرى أرجوك أخي "B" أن لا تفهمني خطاء فيما سأذكره في الفقرة (2) من فئات وحالات مسلمي هذا الزمان إذ سأستخدم ما دار بينك وبين أخونا "A" وسيلة لتقييم مسلمي هذا الزمان ولم أقصدكما في شخصكما وإنما فيما نحمله جميعاً من فكر وعقائد وأنا واحد منكم كنموذج مما يدين به أي (يتعامل به) باقي المسلمين من معتقدات وقناعات فكرية تختلف درجات ومستويات الهداية أو الظلال فيها من شخص لآخر , ولا دخل لي بأعمال وسلوكيات (س) أو (ص) من الناس سواءً كانت صالحة أم فاسدة أو كانت ممارسة في الخفاء أو العلن. وبهذا نحن لا نقيم أشخاصاً بذاتهم فقد يكون (س) مؤمناً وعلى هدى , و(ص) كافراً وعلى ظلال وفي نفس الوقت كلاهما ينتميان للأمة المسماة بالمسلمين. وبالتالي فإن التقييم متعلق بعقائد وممارسات أمة بكاملها وذلك من خلال ما نلمسه ونشاهده في حياتنا اليومية من ثوابت وقناعات فكرية يعتقدها الأكثرية الغالبة من أفراد هذه الأمة , وما يقترفه الأقلية الضئيلة منهم من (جرائم بشعة أو يحدثونه من أهوال منكرة) باسم دين الأمة معتبرين ذلك (تطبقاً عملياً) للثوابت والقناعات الفكرية التي يعتقدها نظرياً الأكثرية ولكن لا تدين بها أي (تعمل بها) إلا الأقلية الكافرة من أفراد هذه الأمة. وذلك نتيجة ما يحمله المسلمين من فكر وعقائد باطلة وحالهم في هذا كحال غيرهم من لأهل الأرض المحكومين بالديانات السياسية سواءً الموجودة في هذا الزمان أو السابقة على مر التاريخ , التي زاغت ومرقت عن دين الله بعدما أظلها الشيطان لتتبع المتوارث من وحيه الباطل من دون الحق المنزل من عند الله , والمسلمين حتى وإن سموا أنفسهم بالمسلمين فإنهم لن يخرجوا كغيرهم عن إطار الحالات والفئات التالية:- 1. فئة شريرة تسعى في الأرض فساداً لأنهم (كافرين) ولن يهتدوا لكونهم يتميزون في أعمالهم بـ (الكذب والإسراف والفسوق والخيانة والفجور والظلم) وهم الأكثرية الغالبة كغيرهم من كفار ومشركي أهل الأرض في كل زمان. ... وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ [البقرة : 243] ... وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [الأعراف : 187] ... وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ [هود : 17] ... فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً [الإسراء : 89]
وأصحاب هذه الفئة إن ماتوا قبل أن يتوبوا ويعملوا من الصالحات بالقدر اللازم لمسح ما قد عملوه من السيئات فإنهم سيكونون في الحياة الآخرة من أصحاب جهنم , وتنقسم هذه الفئة إلى فئتين فرعيتين هما:- • الكافرين الفاسقين وهم مَن غَرتهم الدنيا واستسلموا لشهواتهم وغرائزهم وأشبعوها بما حرم الله (والفاسق هو من يقدم على اقتراف السوء وهو يدرك أو يعلم أنه سوء , أو يخوض في المحذور وهو يعلم أنه محذور). لذا تراهم يرتكبون الجرائم والفجور وغالباً في الخفاء ويتسترون عن أعين الناس حتى لا تنحط قيمتهم في أنظارهم أو خوفاً من الوقوع تحت طائلة القانون وهم غير متدينين ومقصرين في واجباتهم الدينية وغافلون عن ذكر الله (لذا تجدهم يناصرون أو ينتمون إل المذاهب والتيارات الفكرية المناهضة (للأديان عامة) ليس فيما يتوافق مع العمل والدعوة إلى التصحيح وإخراج الناس من عقائد الأساطير والخرافات ولكن في المفاهيم والأفكار التي تتوافق مع أهوائهم ونزعاتهم الشخصية وتخدمها , ليكونوا بإلحادهم قد تحرروا من القيم والأخلاقيات المقيدة لهم التي قد تعارفت مجتمعاتهم عليها كحسنات وفضائل. • الكافرين المشركين يتصفون بالتدين المتشدد خاصة فيما يتعلق بـ (المظهر والهيئة) , وكذا بالمعاملة السيئة والقاسية (باسم الدين) مع اسرهم ومن لهم سلطة عليهم, وذلك في أمور (شكلية وعرفية) وليست من أساسيات الدين , وإنما أخذوها عن التقليد المتوارثة أو مملاة عليهم من أمرائهم وكبرائهم وتراهم يعملون بهذه (الظنون والخرافات) كديناً لهم , بل يحكمونها في كل أمورهم الحياتية رغم مخالفتها ومعارضتها لما جاء في (الكتاب المنزل من عند الله) , ومع ذلك فإنك تحقر صلاتك وقراءتك للقرآن أمام صلاتهم وقيامهم وقرآنهم آناء الليل وأطراف النهار إلا أن قرآنهم لا يجاوز حناجرهم , وذلك لأن صدورهم تفيض بالكراهية والبغضاء لكل من حولهم , لذا فهم لا يتورعون عن سفك دما الأبرياء ممن حولهم لا لشيء وإنما لأنهم قد خالفوهم في الرأي أو العقيدة , وما يقترفونه أو يحرضون على اقترافه من الظلم والجرائم والفجور ويعتبرونه جهاداً في سبيل نصر مقدساتهم الشيطانية , هو بعيداً كل البعد عن دين الله. ومع ذلك يفترون أن هذه التعاليم الشريرة قد جاءتهم من الله ورسوله , سبحان الله وتعالى عما يفترون. والواقع أنهم قد مرقوا من دين الله كما يمرق السهم من الرمية. (وهذه الفئة هي الأبغض إلى الله , وهم الأخسرين الذين يحسبون أنهم يحسنون صُنعاً (هيهات هيهات) وحتى إن وجد شيء من الخير فيما يعملون فسيحبطه الله لهم ويجدونه يوم القيامة سراباً وهباءً منثورا وذلك بما أشركوا بالله ما لم يُنَزِّل به عليهم من سلطان , والله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما هو دونه).
2. فئة خَيِّرَة وتسعى في الأرض صلاحاً وهم (مؤمنين) لكونهم يتميزون في أعمالهم بـ (بالصدق والمحبة والتسامح والرحمة والوفاء بالعهود والأمانة ...). ومن هم على هذه الصفات يكونوا نادرين ومعدودين في مجتمعاتهم لذا فهم أقل أهل الأرض في كل زمان وفي كل الديانات, ومع أنهم ليسوا (كافرين) إلا أن نجاتهم وفلاحهم مرهون بتجنبهم (لعقائد الشرك) بغير ما أنزل الله , وأن تكون جميع أعمالهم ومعاملاتهم (خالصة لله وفي سبيل تقواه). أي (إخلاص الدين لله) حتى تتحقق لهم الهداية ويكونوا من أصحاب الجنة. اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء (قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) [الأعراف : 3] وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ (قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ) [المؤمنون : 78] ... وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) (وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ) ... [صـ : 24] ... ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ (إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ) وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ [البقرة : 83] ... وَمَا (أَكْثَرُ النَّاسِ) وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف : 103]
وكون القرآن قد بين أن المؤمنين عسى أن يكونوا من المهتدين وأن الاحتمال وارد في أن يوجد فيهم من لا يتحقق له الفلاح ولا ينفعه إيمانه يوم القيامة لذا فإن القرآن يصنفهم إلى فئتين هما:- • المؤمنين المشركين (وَمَا (يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ) إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ [يوسف : 106]) أي أن أقل أهل الأرض هم (المؤمنين) والأكثرية من هذه الأقلية هم (مؤمنين مشركين). والمؤمنين المشركين يتساوون تماماً مع فئة (الكفرين المشركين) السابق ذكرها في الفقرة (1) في المعتقدات الفكرية لأنهم أبناء أمة وملة مشركة واحدة. أي إن (كافري ومؤمني المشركين) يجتمعون فيما ولدوا عليه ونشأوا في أطاره من الثوابت الفكرية الباطلة والمعتقدات الخبيثة التي يشركون بها في دينهم. والفرق بينهما هو أن الكافرين هم وحدهم من يجترئون على اقتراف الجرائم والخبائث (تطبيقاً عملياً) لتعاليم عقائدهم الباطلة التي يشركون بها , وذلك لأن فطرتهم السليمة قد فسدت وتلاشت منها كل مشاعر (الخير والصلاح) تدريجياً وبتفاوت من فرد إلى آخر بمقدار ما يصل إليه كل فرد من (الظلال والعدوان والبغي بغير الحق) ليختم الله على قلوبه في نهاية المطاف ليكون حتماً إلى غير رجعة من أصحاب الجحيم. أما بالنسبة للذين لم ينتقلوا بأعمالهم إلى فئة الكافرين ولا زالوا من المؤمنين ولم تُطمَس فطرتهم السليمة كلياً فإن الخبيث والسيء في عقائدهم وثوابتهم الفكرية تبقى محصورة في كيانهم ومشاعرهم كنظريات مجردة لا يمارسونها عملياً إلى عندما يصلون إلى حالة الكفر. والمؤمنين حتى إن تعصبوا لعقائدهم الباطلة والخبيثة فلن يتجاوزوا في الدفاع عنها حدود الجدال والتنظير لأنهم مؤمنين لا يعتدون ولا يحبون السوء. وهم بعد أن يتخلون عن شركياتهم كشرط لصفاء بصائرهم ويَطَّلِعُون على الحق يفرحوا به ويتبعوه. ولأنهم مؤمنين فإن الله يحبهم وهم السبب في إنزال الرسالات السماوية وبعث الأنبياء والمرسلين ليبشرهم بالجنة وليخرجهم من الظلمات إلى النور. ولو رجع المؤمنين المشركين من المسلمين إلى (القرآن الكريم) المهجور في حياتهم العملية كمرجعية للحق ومصدراً وحيداً يُحْتَكَم إليه. ولوا أنهم لم يهتموا بجمال الصوت والتغني والتفنن عند قراءة المناسبات للقرآن , وقرأوه كخطاب جاد موجه لهم من الله وتدبروا آياته. لتبينوا ظلمات ما هم فيه. مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ [آل عمران : 179] المشركين المؤمنين نتيجة هجرهم (لكتاب الله) أصبحوا يتدينون ويتعبدون بالمصادر التاريخية ورواياتها التي وجدوا آباءهم عليها , ويقدسون شخصياتها , ويتعاملوا معها وكأن أخبارها يقينية لا مجال للظن فيها وأصبحت عندهم في مستوى ودرجة (كتاب الله المنزل عليهم) هذا إذا لم يغلبوها عليه. وهذا هو الحال الذي كان عليه (الذين أشركوا) من أهل الكتاب من اليهود والنصارى في زمن بعث النبي برسالة القرآن , واليوم قد وصل المسلمون إلى ما وصل إليه أهل الكتاب من قبلهم وخاضوا خوضهم سواءً بالنسبة لمؤمنيهم أو كافريهم أو الذين أشركوا منهم. لذا تجد مسلمي هذا الزمان يقولون خلاف ما أمرهم الله ورسوله (على سبيل المثال) بشأن ما كتب حول العهد النبوي لنصاري نجران المطروح كدليل على أن النبي حث ووصى بمؤاخاة النصارى والتعايش معهم بالخير والسلام , :- اقتباس: من تعليق "B" من هم نصارى نجران ؟ (إن لم تخني الذاكرة ) فربما من كانوا بالحبشة . ولنتذكر هنا أن موفد قريش لملك الحبشة حين أراد الإيقاع بالمسلمين ، طلب من الملك أن يسأل المسلمين عما يقولونه في عيسى عليه السلام . فلما تلوا عليه القرآن اعترف أن هذا ما جاء به عيسى عليه السلام. تحليل التعليق: في حين أن الروايات الواردة حول هذا الموضوع وفي نفس الأحداث ذاتها قد تختلف أو تتناقض من مصدر تاريخي إلى آخر ومن راوي إلى آخر, ولكنهم يتكلمون عن الروايات التاريخية ويسردونها بصيغة الثقة كخبر يقين لا نقاش فيه وكأنهم كانوا حاضرين وشهود عيان لما يروونه : لاحظ من العبارات ...(إن لم تخني الذاكرة) ... (ولنتذكر هنا أن موفد قريش ... إلخ). لم يكلفوا أنفسهم بأن يكتبوا أو يقولوا مثلاً: حسبما قرأنا في الكتاب الفلاني عن الراوي الفلاني ليتجردوا على الأقل من تبعية مسؤولية صدق أو كذب الرواية أمام الله , أو حتى ليستشعر المتلقي منهم أن ما يقرأه أو يسمعه إنما هو عن بشر ينقل بالغيب عن بشر وليس عن معايشه ومشاهده حاضرة يقينية لا مجال للريب فيها. نعم أن هذا قد حدث منهم لا إرادياً ودن قصد , ولكن ما حدث إلا نتيجة لأنهم قد جعلوا لهذه المصادر ورواتها في كيانهم من أهمية ومستوى عالي من القداسة والتي جعلتهم لا شعورياً يكتفون بها وبما فيها , ويستغنون عن القران , ومع أن القرآن الكريم وحده هو ما يهمنا خبره ويمكن أن نورده كخبر صادق مسلم به يقيناً دون الحاجة إلى ذكر الراوي والمصدر المأخوذ عنه كونه معروف بتفرده إذ لا شبيه له في أسلوب الصياغة أو الكتابة. ومع ذلك نقول قال الله تعالى في سورة (...) آية (...). وفي زمننا هذا من الممكن أن تقبل صيغة الثقة واليقين القطعي في القول أو الكتابة في غير القرآن وذلك إذا كان الراوي ينقل أحداث فليم شاهده ولكن بعد أن يذكر في المقدمة اسم الفيلم وموضوعه. ولكون المؤمنين المشركين مسالمين ولا يحبون الاعتداء لذا تجدهم متناقضين مع أنفسهم بشأن تعاليم دينهم التي يشركون بها بالباطل , نتيجة الصراع الحادث في كيانهم ومشاعرهم لا إرادياً بين فطرتهم التي لا زالت سليمة وبين ما يعتقدونه نظرياً من التعاليم الخبيثة والعدوانية مثال ذلك مايلي: اقتباس: من تعليق "B" والمعاهدة تشير إلى من هم على دين أهل نجران . وهنا يتغير جل ما يأتي به صاحب الموضوع من تحليل. تحليل التعليق: يحاولون التشكيك في كل ما يمس ويبطل سلامة ملتهم وما تحويه من العقائد النظرية المبنية على الكراهية والبغضاء تجاه كل من يخالف ملتهم.
اقتباس: من تعليق "B" فهل يدخل المسيحي الذي يؤمن بأن عيسى هو الله في دائرة الفئة المؤمنة ؟ إذا كان لا ، لعدم توحيدهم لله عز وجل ، (فلا عهد) لأن العهد أعطي لمن على شاكلة أهل نجران. تحليل التعليق: " لا عهد لمن لا يوحد الله" أي أن نقض عهودهم وقتالهم وارد في ملتهم , لا لشيء وإنما لمجرد كونهم لا يوحدون الله "من أين أتوا بهذه التعاليم الشيطانية" حيث وأن القرآن لم يأمرهم بذلك ومع ذلك تجدهم يتناقضون في ثوابتهم ويقولون:
اقتباس: من تعليق "B" أتفق مع الطرح حول ما جاء حول الحديث الشريف : المسلم من سلم الناس ........ وهذا يعني أن السلام ليس للمسيحي فقط ، بل لليهودي والمجوسي وأي شخص على وجه الأرض مهما دان دينه أو حتى لو كان ملحدا . فكلمة الناس عامة. وهذا من طبع المسلم. فهو لا يعتدي ليس فقط على الإنسان ، بل يتعدى ذلك إلى الحيوان ، فمهمته المحافظة على ما خلق الله. تحليل التعليق: سبحان الله كيف تجتمع هذه النقائض في نفس بشرية واحده وفي موقف واحد وفي اللحظة ذاتها لدرجة تناقض ما يرد عنا سطراً بسطر " إلا إذا كان الشيطان يتخبطها" لذا فهم عمي لا يبصرون , والحقيقة أنهم لم يسلموا لله وإنما أسلموا للشيطان ليتخبطهم ويعيدهم إلى ظلالهم ويدفعهم ليناقضوا ما سبق أن عقلوه من معاني وغايات كتاب الله ويتركوه ليتراجعوا للوراء. وهنا تتحدد درجات الأهمية والقدسية للمصادر والمراجع ووحدانية الرب والإله الذي يُدْعَى ويُتَبَع.
اقتباس: من تعليق "B" لكن حال المسيحيين معنا الآن مختلف . فنحن لم ننس الحروب الصليبية ، ولا اغتصاب أرض فلسطين . وإن كنت أقر أن على المسلم ألا يؤذي أحدا إلا دفاعا عن النفس . وألا يأخذ أحدا بجريرة أحد . فلا يحق لي كمسلم أن أفجر كنيسة وأقتل عشرات الناس لأن مسيحيا واحدا اعتدى على مسلم . أكرر : لا نأخذ أحدا بجريرة أحد. ولا إيمان لمن لا يوحد الله عز وجل. ولا هجوم أو اعتداء . ولكن دفاع عن النفس والمقدسات . تحليل التعليق: المسلمين حتى المؤمنين منهم من خلال هذه التناقضات هم لا إرادياً يخرجون المكنون بداخل صدورهم من الكراهية للمسيحيين والتي اكتسبوها بالوراثة من الآباء والأجداد أو من خلال الكثرة الغالبة في المجتمع أو غلبة واتساع أثر وسائل الإعلام المروجة لهذه التعاليم الخبيثة والباطلة والمخالفة لما أمرهم الله به , ولأنهم يغلبونها على أوامر القرآن فهم (يشركون بها) في دين الله. ولوا كان للقرآن أهمية في نفوسهم لتبينوا وفهموا خطاب الله الموجه لهم من خلاله والذي يثبت أن لا قتال في سبيل الله إلا دفاعاً عن النفس تجاه المعتدي بذاته في حدود رد الاعتداء وبمثل ما اعتدى به وليس انتقاماً من غيره , بل يحثهم على الصبر والصفح. وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة : 190] الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة : 194] وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ [النحل : 126] ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ [الحج : 60] وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة : 109] فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة : 13] فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف : 89]
وأيضاً قد حث القرآن على أن نبرهم ونقصد إليهم ما داموا لم يعتدوا علينا ولم يقاتلونا في ديننا , ولهم الحق في العيش بيننا في سلام لكونهم جزءً من مجتمعنا. لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة : 8]
• المؤمنين الحنفاء وهم أقل الأقلية في الأرض التي تتميز في أعمالها بـ (بالصدق والمحبة والتسامح والرحمة والوفاء بالعهود والأمانة ...). وإضافة إلى ذلك أن أصحاب هذه الفئة هم يشكلون أمة مستقلة في إطار مجتمعهم لأنهم لا ينقادون لمعتقدات مجتمعاتهم ولا يسمحون لها أن تسيطر عليهم حتى ولو كمعتقدات نظرية. وأفضل مثل لها سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي سعى في الأرض وفقاً للفطرة السليمة التي خلقه الله عليها ولم ينقاد لتعاليم وعادات الملل البشرية وإنما تعامل معها وفقاً لما يتفق مع الفطرة ولم يتعصب لها , ولأنه الوحيد الموجود في زمانه من يعمل بالفطرة السليمة الخالية من أي شرك , لذا فقد قال القرآن عنه أنه كان أمة منفرداً بذاته. إذ تتحدد الأمة والأمم ويتم التفريق بينها استناداً للأفكار والمعتقدات التي تميز كل منها عن الأخرى بغض النظر إن كانت على الحق أو على الباطل. أما الملة فتتحدد ويتم التفريق بينها وبين الملل الأخرى استناداً إلى الطرق والمناهج والشرائع التي هي في الأساس ناتجة عن اجتهادات تعارف عليها البشر وساروا عليها , وبها تميز كل مِلَّة عن الأخرى بغض النظر إن كانت على الحق أو على الباطل. وإبراهيم لم ينتمي أو يتعصب إلى أي أمة أو مِلَّة وكانت ملته العمل والتعامل بالفطرة السليمة. وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [البقرة : 135] مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [آل عمران : 67] قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [آل عمران : 95]
وقد لمسنا من ردود وتعليقات أخونا "A" أنها مجردة من أي مغلاة أو تعصب (لمنهج أو معتقد ملَّة معينة) وإنما كان مماثلاً لردود أفعال أصحاب الفطرة السليمة (المِلَّة الحنفية) ومجسداً لها نسأل الله أن يجعلنا منهم إنه على كل شيء قدير. ليكون رده على تعليق "B"أفضل مثل على ما تحمله هذه الفئة من سلامة للنية والبساطة والتلقائية (أي تتصرف وتتعامل على سجيتها السليمة) متجاهلة كل ما أجمع عليه مجتمعها من التعاليم الشركية التي تأمرهم بما يخالف فطرة الله من السوء والفحشاء , ونص رده كما يلي :- اقتباس: من تعليق "A" اولا اشكرك استاذ "B" علي ردك ورايك ولا ادري ماذا اعلق على كلامك ولكن اقول باننا نعلم بان نصاري نجران وملك الحبشة وان كانوا غير نصاري اليوم ولكن يجب ان نتعامل معهم علي نفس الاساس الذي وضعة لنا رسول الله محمد علية الصلاة والسلام وان ننفذ ونطبق ما امرنا بة عل وعسي انة وبطريقة تعاملنا الصافية النقية ان يهتدي منهم احد ويكونوا اخوة لنا في الدين فالدين المعاملة ومن لم يهتدي هو حر ولكن لة ما علينا ولنا ما علية في الحياة والمواطنة والدفاع عن ارضنا واعراضنا سويا كما كان يحصل علي مر التاريخ في حروب المسلمين الدفاعية عن حقوقهم ضد الصلبيين وكيف كان نصاري العرب يحاربون مع المسلمين ضد الصلبيين وطبعا لا يجب ان لا ننسي انة كان هناك اقباط يعيشون مع المسلمين في مصر وكانوا ضدهم في الخفاء ولكنهم كانوا قلة لا تذكر ولم ياثروا ففي رايي ان ننسي الفرق بين نصاري نجران ونصاري اليوم وان نتعامل ونطبق ما امرنا بة رسولنا الحبيب محمد علية الصلاة والسلام فما رايك في هذا الكلام اليس هذا افضل
رد "A" لا يحتاج تحليل ولكن نورد بشأنه الملاحظة التالية ملاحظة:حسن أخلاق المسلم وصلاح معاملاته مع الغير يجب أن تكون صادقة ومعبرة حقيقةً عن شعوره ومشاعرة حتى يرضي الله بها , لكونها في الأساس لمصلحة المسلم نفسه إي أن الباعث والدافع لهل هو ابتغاء وجه الله ومرضاته , بغض النظر عما سيترتب عليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة من مصالح أو فوائد للملَّة أو معتقداتها ومفاهيمها الفكرية تجاه الغير. لأن الهداية إلى الحق لا يمنحا الله إلا للمؤمنين وخاصةً الذين كانوا يتقون منهم ولم يكونوا من (الذين أشركوا) سواء كانوا من المسلمين أو من المسيحيين أو من غيرهم. هذا ما رأيت عرضه براءة للذمة ونسأل الله أن يتقبل منا ويتجاوز عن ما جهلنا علي السعيدي
|
"أسامة بن لادن " وانفصام مفاهيم وثوابت أحفاد المسلمين
في سبيل إرجاع الكلم إلى مواضعه (1): [العمل] (1-1)
نحن المسلمين متى نتحرر من الكراهية والبغضاء الدفينة في صدورنا
دعوة للتبرع
عين حمئة : سأل احد الملح دين عن اية 86 من سورة الكهف يقول...
عندك حق : ارجو أن تقبلو ا بنشر هذا الرأي البسي ط ...
سؤالان : السؤا ل الأول : كانت لى تجربة مع واحد شيخ ،...
الوصية قبل الموت: قلت ان الوصي ة مكتوب ة على المؤم ن إذا حضره...
ألم نشرح لك صدرك: سورة ألم نشرح خاصة بالنب ى أم عامة للمسل مين ...
more