أوسلو في 10 ديسمبر 2009
الطريقُ من الطاقة الذرية إلى الطاقة البشرية ليس مُعَبّدًا بالرغبةِ الشعبية بقدر ما هو ممهور بتوقيعِ الرجل الذي سَيَعْبُره!
أوجه التشابه بين المفاعل النووي وقصر الرئاسة قليلة جدا، فتستخدم أياً منهما في السلام والحرب، في البناء أو الهدم، في التخصيب أو التمدير.
الآن وقد وضعت أصغر أصابعك في فم الضبع، ماذا كانت النتيجة؟
توجيهات من كلاب القصر إلى قرود القلم بتزييف تاريخك، والحط من شأنك، والتهكم على شروطك، والتشكيك في مصريتك بعدما كانوا يمتدحون في كل كلمة تتفوه بها، ويعتبر كل منهم أن جائزة نوبل فخر لكل محرر في الصحيفة التي انقلبت عليك.
كل هذا وأنت لم ترشح نفسَك بعد، ولم تنخرط في عضوية حزب، ولم تناهض الحكم، ولم تفضح جرائمه رغم معرفتك بتفاصيل جحيم المصريين!
بضع كلمات منك جعلت المصريين يتعاملون معك كأنك الرئيس القادم، وجعلت زبانية مبارك يصوّبون نحّوَك سهام الحقد والكراهية لأنك تهدد بقاءهم!
ومع ذلك فأنت لا تزال في المربع صفر، وشروطك مرفوضة من الطاغية، والدستور تم تغييره ليصبح في خدمة العصابة الحاكمة، وقام مبارك بصناعة حزب، وملايين المهووسين، وسَدّ منافذ الوصول للقصر لأي شخص غير ابنه، وأطعم أصحابَ القلم مع التلويح بنزع لقمة العيش من أفواههم، ونزع أظافرهم من أيديهم!
المربع صفر، سيدي الدكتور محمد البرادعي، هو المكان الذي يحتوي الشيء ونقيضه، ولا تنتصر فيه الملائكة أو الشياطين، وتستطيع أن تطلق رصاصا مطاطياً في كل الاتجاهات فيظنك الجميع عدوا لهم، ويظنك الجميع صديقا لهم!
فجأة تسابق المصريون لترشيحك في انتخابات 2011، وانبثق أمل في نفوس أبناء شعب كاد اليأس من اقصاء مبارك أو ابنه يتحول إلى ما يشبه الهواء الملوث في الرئتين.
السلطة، سيدي الدكتور البرادعي، ليست مطالب شعبية أو رسائل غزل، ولكنها انتزاع الحكم من أنياب وحوش كاسرة ظلت محتفظة به لثلاثة عقود.
لو بعث الله نبيه، موسى عليه السلام، مرة أخرى إلى مصر فلن ينجح في انتخابات الرئاسة أمام مبارك، وسيقول له المصريون إن البقر تشابه علينا!
ولو بعث، سبحانه وتعالى، نبيه يوسف الصديق عليه السلام لينافس عزيز مصر وامرأته وابنهما، فسيعلن اللواء حبيب العادلي أن ابن يعقوب لم يتمكن من النجاح في أي دائرة، وأن اخوة يوسف صوتوا لصالح مبارك أو ابنه، وأن النسوة في القاهرة قطعن أيديهن لما رأين جمالاً!
أيها العالم الجليل،
أنت أمام حلين لا ثالث لهما: إما أن تنتظر المصريين وهم ينتظرونك، أو تحارب التنّين فيلتفون حولك!
الفارس لا يضع شروطه على أرض المعركة، وأنت الرجل الوحيد الذي أتيحت له فرصة لم تتح لمصري منذ أن سقط مبارك من على مقعده في العرض العسكري في 6 أكتوبر 1981، ولو أردت أن تكون رئيسَ مصر القادم فمصباح علاء الدين بين يديك، فافركه، وتقدم إلى القصر.
أنت لست في حاجة لأكثر من مؤتمر صحفي مطول تتناقله وكلات الأنباء، وتبثه فضائيات الدنيا، ثم تخرج مصر كلها تلبي النداء، فالمصريون يحتاجون فقط إلى من يقوم بالخطوة الأولى لتحريرهم من مبارك، ونظام الأسرة الحاكمة الفاسدة الذي لن يتحمل نفخة واحدة فيتهاوى كما تسقط قصور الرمال التي يبنيها الأطفال على الشواطيء.
ستتعجب أن مصر كلها ستؤازرك، وأن الجيش سيقف محايدا، وأن أجهزة الأمن والمخابرات التي تعرف خفايا عفن أسرة مبارك ستحجم عن اعتراض المصريين وهم يتظاهرون، وأنه لن يمر يومان بعد مؤتمرك الصحفي حتى يهرب مبارك وأسرته وزكريا عزمي وأحمد عز وأحمد فتحي سرور وحبيب العادلي وأنس الفقي، وستعرف حينئذ أن نمرَنا من ورق.
قدّم برنامجك، ولا تتوجه إلى الطاغية بشروطك لترشيح نفسك، وقل لشعب مصر بأنك تضع نفسك في خدمته، ولحظتئذ سيتغير الدستور، ولن تكون هناك مادة لمزدوجي الجنسية، وستعود إلى مصر محمولا على الأكتاف، وسيتوارى عارا وخجلا وخوفا رؤساء تحرير الصحف القومية.
أما المربع صفر فهو استجداء السلطة غير الشرعية، وهذه ليست فروسية أو بطولة أو نضالا، فلا تترك المصريين في حيرة.
بقدر ما أنت معروف للجميع، بقدر ما أنت مجهول لدى الجميع، وعليك الآن مسؤولية التعريف بنفسك، ورؤيتك لمستقبل مصر، ونظام الحكم، ووضع حلول لأزمات ومشاكل البلد.
المصريون لن ينتزعوا السلطة ليسلموكها، لكن مهمتك أن تنتزعها عنوة لتسلمهم إياها، ولا تكرر غلطة الدكتور أيمن نور عندما ظن أن اللعب مع الكبار في ملعبهم يحمل احتمال النصر والهزيمة، فالترشح أمام مبارك أو ابنه دعم للطاغية، ومنحه الشرعية في ديمقراطية مزيفة، يتحكم في صناديق الاقتراع بلطجية، وسيعترف العالم بفوز مبارك، الأب أو الابن، حتى لو أطلق الرصاص على جميع الناخبين.
إما أن تقول بأنك ضد مبارك ونظامه، وأن لديك حلولا لمعظم مشاكل مصر، أو تصارح الشعب بأنك خائف، وأنك مثل عمرو موسى ، أي مع وضد في نفس الوقت!
إذا أردت أن تصبح رئيسا لمصر فيمكنك تجنيد الشعب كله في عصيان مدني أو انتفاضة وأنت بعيد، وتأثيرك أكبر من تأثير كل قوى المعارضة في الداخل، وعندما تعود، وتقول للذئاب بأنك ستلعب معهم السباق حتى النهاية، فقد وضعت نهايتك بيدك، وحجزت لنفسك زنزانة مَرَّ عليها الدكتور أيمن نور والدكتور سعد الدين ابراهيم وسيمر عليها قريبا الدكتور عبد الحليم قنديل والدكتور محمد مهدي عاكف!
الأستاذ الدكتور محمد البرادعي،
أنت الأقوى في الخارج، والأضعف في الداخل!
أنت الآن على مرمى حجر من تولّى رئاسة مصر شريطة أن لا تضع شروطا، وأن تنأى بنفسك عن لعبة الانتخابات القذرة، وعليك في مؤتمر صحفي يشاهده كل المصريين وقيادات الجيش والمخابرات والأمن أن تعلن بصراحة، كما أعلنها آية الله الخوميني منذ ثلاثين عاما، بأنك عائد برغبة شعبية لتولي الحكم، وأن تهيب بالجيش وأمن الدولة وشرفاء الشرطة أن يقفوا على الحياد، وأنك تطلب من مصر كلها الخروج في يوم محدد لتعلن رغبتها في عودتك، ورفضها ديكتاتور مصر الذي يحكمها بقانون الطواريء منذ ثلاثة عقود.
لا أعرف حتى الآن إن كنت أختلف أو أتفق معك، لكنني أعرف أن طريقك للوصول إلى القصر أقصر من حبل الوريد.
لا تكترث لخفافيش الصحافة القومية التي تهاجمك فهي تأكل من فتات السلطة، وتعمل لحساب وزارة الداخلية وليس وزارة الاعلام.
اللعب مع الكبار يحرق الاثنين معا: الضعيف الشريف و .. الشعب!
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
ؤأنت الأقوى في الخارج، والأضعف في الداخل!
أنت الآن على مرمى حجر من تولّى رئاسة مصر شريطة أن لا تضع شروطا، وأن تنأى بنفسك عن لعبة الانتخابات القذرة، وعليك في مؤتمر صحفي يشاهده كل المصريين وقيادات الجيش والمخابرات والأمن أن تعلن بصراحة، كما أعلنها آية الله الخوميني منذ ثلاثين عاما، بأنك عائد برغبة شعبية لتولي الحكم، وأن تهيب بالجيش وأمن الدولة وشرفاء الشرطة أن يقفوا على الحياد، وأنك تطلب من مصر كلها الخروج في يوم محدد لتعلن رغبتها في عودتك، ورفضها ديكتاتور مصر الذي يحكمها بقانون الطواريء منذ ثلاثة عقود.أنت الأقوى في الخارج، والأضعف في الداخل
أتمنى أن يكون الموضوع بسيط مثل ما ذكرت، وأن تكون هذه الوصفة السحرية مجربة وثبت نجاحها ، لأننا كما قلت لا نريد ضحايا جدد مثل الدكتور أيمن نور لكن وهذا هو السؤال أنت في مقالاتك السابقة تشكك في صحوة الشعب المصري أو على الأقل ما فهمته أنا أما هنا فإنك تبالغ في ردة فعل الشعب وكأنه استيقظ من نومه أخيرا وانتفض وكشر عن أنيابه وهو ينتظر فقط قدوم الدكتور البردعي ليس إلا وبعدها يجعل منه رئيسا في الحال ! أطلب التفسير لو سمح وقت سيادتك طبعا .