محمد عبد المجيد Ýí 2008-02-19
أوسلو في 12 يناير 2008
هذه المرة لن يحتاج التجييش إلى فرسان وخيول وسيوف وخُطَب رنانة يلقيها رؤوس الكنيسة ليباركوا بها الحالمين بأنهار دماء تجري في القدس لتنهي عصر الهلال.
هذه المرة لن يرفع قائدو الحَمَلات الأَعلامَ، وينشدون في الطريق إلى المكان المقدس الثالث لدى المسلمين أناشيد حماسية ضد كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين ودعوة خاتم الأنبياء والمرسلين .. صلوات الله وسلامه عليه.
هذه المَرّة لن يخرج صلاح الدين من مصر ليطلب من حُجّاج بيت الله الحرام العودة من معبر رفح، لكن وليّ أمر المسلمين يشترط على هؤلاء المسنين المرضى أنْ يُقَدّموا أوراقهم الثبوتية لقوات الاحتلال الصهيونية لعلها تختار من بينهم من تخيل وهو يرجم الشيطان في الحج أنه ( يقطع أفعى اسرائيل إلى نصفين ..يمضغ لحم الدبابات، ويأتينا من غير يدين).
ولن يخرج صلاح الدين من سوريا فولي أمر المسلمين في دمشق لم يأمر باطلاق رصاصة واحدة على هضبة المرتفعات منذ عقود.
هذه المرة لم يستطع ثلاثة وأربعون صلاح الدين في ثلاث وأربعين دولة اسلامية أن يردّوا على سيد البيت الأبيض وهو يتحدث علانية عن الحروب الصليبية ثم يقول بأنها زلة لسان.
الحروب الصليبية الجديدة ستدخل كل بيت، وسيعطينا بيل جيتس الفرصة لكي نتابعها عن كثب.لم يحدث في أي عصر من العصور أنْ تبرع المسلمون لخصومهم بخارطة الطريق لمعرفة نقاط ضعفهم، ومن أراد أن ينال منا فلن يحتاج الأمر لأكثر من ساعة زمن يتصفح على النت مواقع اسلامية وردودا وفتاوى وآراء وحوارات حتى تقع بين يديه مئات الأدلة التي سيستخدمها لاحقا كشهود لصالحه في محاكمة عقيدة المسلمين.
علينا أن نتجرأ بعقد مؤتمر اسلامي موسع لتنقية ما يتعارض مع الصورة الجميلة والنقية للقرآن الكريم الذي أنزله الله وحفظه في صدورنا.
لم يعد أي خصم للاسلام في حاجة إلى أن يرتدي خوذته، ويحمل سيفه، ويقفز فوق فرسه، فنحن أصبحنا خصوما للاسلام نقدم على طبق من ذهب كل ما يسيء إلينا، ونتجادل، ونتحاور، ونحفظ عن ظهر قلب فتاوى تصغر بجانبها كل الاسرائيليات التي اقتحمت تراثنا والتصقت به كما يلتصق الخفاش بوجه من يؤذيه.
فتوى تجيز تقليد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بوضع قدح من عيدان تحت الفراش لنتبول فيه، ثم نعيده إلى مكانه كأن الرائحة طوال الليل ستتحول إلى بارفان باريسي.
وفتوى تُحَرّم نظر المرأة للرجل، ولكن لا مانع أن تعطي، مثلا، لجهاز التلفزيون ظهرها وتسمع ما يقوله.
وفتوى تُحَرّم التعامل مع البنوك الاسلامية وغير الاسلامية، أي أنك تُحْرْم دولتك من أموال ستساهم في تقوية الاقتصاد، وتضع مدخراتك ربما تحت الفراش أيضا.
وفتوى تقول بأنه إذا منحتك الدولة عملا وحجبه عنك موظف حتى تدفع له الرشوة فلتدفعها.
وفتوى تقول بتحريم النوم على البطن.
ومسلمة تسأل عن حرمة مشاهدة شقيقها ووالدها لشعرها وهي مضطرة لرفع الحجاب لدى الوضوء!
أما الرد على الذي يدعوه خاله لطعام رغم أن الخال يعمل في كازينو، فهو أن يستجيب للدعوة ويأكل شريطة أن لايشبع!
وسائل يستفسر عن شراء دش، ويضبطه على قناة ( المجد) فقط، فطلب منه الشيخ أن لا يفعل.
وفتوى بخصوص نسبة الكحول الحلال والحرام في أنواع العطور.
أما لو امرأة تصلي وابنها يلعب في أشياء خطيرة قد تؤذيه فلا تخرج من الصلاة إلا أن يكون اللعب النار!
ومسلم يقول بأن لحيته تسبب له متاعب واستدعاءات من جهاز أمن الدولة، وهو خائف على أهله وأسرته فهو عائلهم، فهل يجوز له حلق اللحية؟
وطبعا يقول المفتي بأن هذه الأسباب ليست كافية!
ومسلم يقول بأن له صديقا يعمل والده في أحد البنوك الربوية، وأحيانا يعطيه الزميل مشروبا أو شيئا من الطعام أو أي شيء آخر ( مثل كراسة المحاضرات ) فهل يجوز ذلك؟
وآخر يسأل عن حكم استخدام الكحول في تضميد الجروح، وأحمق يسأل إن كان سلام النصراني عليه باليد ينقض الوضوء؟، ومسلم يسأل: هل يجوز قبول دعم النصارى للمساجد؟ وقال المفتي بأن الدعم لا يجوز، أي أن كل الأموال التي تدفعها حكومات الغرب وأمريكا لدور العبادة يجب استثناء المساجد منها!
والمفتي يقول بتحريم مطالعة ( إحياء علوم الدين ) للإمام أبي حامد الغزالي.
ومسلم يطلب سرعة البت في معضلة تقابله وهي أن أخاه سيكتب عقد قرانه في فندق، فهل يذهب لتهنئته ثم يعود فورا؟ ويرد المفتي بالطلب من الأخ أن يقوم بتهنئة أخيه قبل موعد حفل الزفاف.
والمفتي يقول بأن أطفال المسلمين في الجنة باستثناء الطفل الذي قتله سيدنا الخضر فهو في النار!
ومسلم يسأل عن السهر للمذاكرة بعد أداء صلاة العشاء، وهل يجوز له تحصيل العلم ليلا؟
والمفتي يقول بتحريم الانتخابات التي ستؤدي إلى حكومة فيها شيعي وعلماني ونصراني.
والمفتي يرى عدم جواز المظاهرات، أي لا تحتج كمسلم ولو كان الحاكم ابن ستين ألف كلب.
مئات .. آلاف .. عشرات الآلاف من هذا الهراء والعبث والنتن والتخلف والحماقة والغباء دخلت أنسجتنا، وارتوت بها عقولنا، وصنعت مسلمين في مشارق الأرض ومغاربها قادرين على انتاج طغاة بغزارة، واحتقار حقوق الانسان، ومخاصمة العصر، وازدراء الآخرين الذين يدينون بعقائد مختلفة.
لم تكن الحرب الجديدة صراعا للحضارات، لكنها في الحقيقة محاولات جادة وحثيثة وذكية وخبيثة لانهاء الخطر الأخضر فكريا وثقافيا وعسكريا واقتصاديا.
وظهرت بوادر هزيمة المسلمين للعالم كله عندما قمنا بعد تسليم رقابنا للطغاة باعادة تسليمها للعلماء الفضائيين والإنترنتيين، ثم توسعت دائرة عالم الكراهية فيتكاثر الذين يؤمنون بأن الهراء جزء من ديننا الحنيف، وأصبح الدين بعد ذلك رجالا وفتاوى وعمامة ولحية وموقعا على النت أو منتدى أو برنامجا على فضائية حمقاء يطل منها البطل الجديد.
كنا ونحن صغار نلتف حول مالك بن نبي والشيخ محمد الغزالي ونقرأ ردود الدكتورة بنت الشاطيء على الدكتور مصطفى محمود، ونعيد قراءة معارك الرافعي والمازني والعقاد وطه حسين.
كان تفسير الشيخ محمود شلتوت يدخل العقل والقلب في نفس الوقت، وظلت فتاوى الأستاذ الإمام محمد عبده كأنها لكل العصور، ولعلها سبقت فكر المسلمين لعدة أجيال.
أما الآن فلو وقفت الدكتورة وفاء سلطان تحاور الشيوخ الفضائيين، (إلا قليلا منهم) لأردتهم صرعى من الفصل الأول للحوار. ويتلقى المسلم ضربات موجعة من آلاف المواقع، وتنشر أكثرها الغث والمقزز مخلوطا ببعض العقل ومستندا على آلاف الحكايات من بطون الكتب وأفواه علماء العصر الحديث. لكننا مشغولون ببول الرسول ورضاع الكبير وتحريم قيادة المرأة للسيارة وصديقة ساركوزي التي عرض عليها أحدهم أن يقيم حفل زواج الرئيس الفرنسي بها لتصبح العلاقة بينهما حلالا.
صباح اليوم أدرت روموت كونترول التلفاز فواجهتني ابتسامة رقيقة ولطيفة من الشيخ الحبيب علي الجفري وهو يتحدث عن التبرك بالبهائم التي رأت المصطفى الحبيب ، صلوات الله وسلامه عليه، ونحن نتقرب إلى الله بذكرها، كما ذكر العلامة الفضائي المولود في جدة عام 1971
الإنترنيت هو مصباح علاء الجديد، ولستَ هنا محتاجا لأن تفركه وتنتظر العفريت المارد، فهو أمام أرنبة أنفك وإنْ تحركت أصابعك على الكي بورد، فسيظهر العفريت هذه المرة خلف كلمة ( بحث .. )، ويأتيك بكنوز الدنيا ومعارف الانسانية قبل أن يرتد إليك طرفك، ولو كتبتَ ( أنيسة الحسيني ) مثلا، فستجد نقداً لدينك أكثر مما كتبه عشرات الخصوم في كتب بلغات لم ولن تقرأها.
هزيمة المسلمين لا مراء فيها أو جدال حولها إلا إذا التزم المسلمون بشروط النصر قبل أن يهيل علينا الآخرون التراب، ويعود رئيس أمريكي إلى المنطقة ليتفقد أحوال رعاياه وعبيده العرب والمسلمين.
وأول شروط النصر تبدأ في مؤتمر اسلامي كبير ويستمر شهرا أو أكثر ويحضره مع علماء المسلمين أيضا نقاد وفلاسفة وأكاديميون وباحثون وأدباء ولو كانوا في الجانب الذي لا يرضى عنه عامة المسلمين فهم القادرون على اثارة قضايا وموضوعات تتطلب رؤى عصرية وشرعية ومستنيرة.
والشرط الثاني جمع مئات الآلاف من الفتاوى، (تساؤلات وردود) التي ظهرت في العقود الثلاثة المنصرمة، ثم تعريضها لتشريح كامل، وإنهاء عصر الفتاوى الفجّة، وترك مساحة حرة يتحرك فيها المسلم المختنق.
والشرط الثالث جمع كل ما تم نشره عن الاسلام من نقد وتجريح واهانات وصور كارتونية وكتب ومقالات وموضوعات في منتديات ومواقع وغيرها، ثم القيام بحملة مضادة أكثر ذكاء وعقلانية وتسامحا وانفتاحا دون أن ننال من عقائد الآخرين، ثم ننفي عن الاسلام ما يراه علماء المؤتمر متناقضا مع الاسلام الحنيف.
الشرط الرابع هو اعتبار الاسلام دين التسامح، وأن لا ينشغل المسلم بعقائد غيره، وأن تصدر قرارات تعتبر الخلافات المذهبية والعقائدية والطائفية غير مانعة لكل صور التعاون، وأنَّ تكفير صاحب أي مذهب لمذهب آخر حرام ولو بين يديه كل الأدلة والقرائن.
والشرط الخامس يتحقق بمصالحة العصر على أسس جديدة ليست قائمة على أفكار علماء الكراهية والحقد واللون الأسود والتحريم المتواصل.
والشرط السادس اعادة الاعتبار للقرآن الكريم، فهو المرجع للمسلمين، والقرآن قبل السنة النبوية، وكلام الله العلي القدير يسبق كلام الأنبياء والرسل، وأن ما نختلف عليه في السنة له مرجع واحد هو كتاب الله العزيز.
والشرط السابع اعادة التوجيه الالهي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليصبح العمل بها مناسبا لقضايا وهموم المسلم الحديث، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل التظاهر ضد الطغاة، والمطالبة بالافراج عن المعتقلين الأبرياء، واعتبار تعذيب المواطن شرك بالله، واغتصابه من قبل أي ضابط أمن هو تجديف وكفر وحرب علنية على الاسلام.
والشرط الثامن اعلان مساواة المسلمين بغيرهم في كل شيء، وأننا اخوة في الوطن، واخوة في الانسانية وشركاء في قطعة أرض لا فضل لأحد فيها على الآخر، وفي مصر يصبح المسلم أخا للقبطي مواطنا وإنسانا.
والشرط التاسع لا يتحقق إلا بوقف تحقير الآخرين أوتكفيرهم، وأن المسلم في حالة مصالحة وسلام مع الآخرين كلهم باستثناء قوات الاحتلال.
أما الشرط العاشر فهي الكلمة الطيبة والتي أصلها ثابت وفرعها في السماء، وأن نضرب المثل ببلادنا وسلوك مسلمينا قبل عرض ديننا وقضايانا ودفاعاتنا الفكرية.
وحقوق الانسان هي المحك الرئيس، واخلاء السجون من معتقلي الرأي والضمير هو أول دفاع حقيقي عن قيم الاسلام العظيم.
عندما يتوقف المسلمون على الانترنيت عن خوض غمار عالم الكراهية والعنف وازدراء الآخر والحديث عن خلافات مضت عليها قرون ..
وعندما يتوقفون عن ملاسنة أخوانهم، أو سب وشتم مخالفيهم ...
وعندما يبجلون الثقافة في كل صورها، الشرقية والغربية والآسيوية والأفريقية، ويعيدون الاحترام للكتاب، ويعتبرونه سلاحهم الأمثل والأقوى ...
وعندما لا يعاتبون الآخرين أنْ سقطوا من بطون أمهاتهم على دين غير الاسلام ...
وعندما يتحدوّن العالم كله بثقافة المحبة والتسامح، حتى مع النضال ضد قوى الاستعمار والاحتلال، وقبول الآخر، ومنحه كل الحقوق التي للمسلم ..
وعندما لا يتعجل المسلمون حساب الآخرة أو يخوضوا فيه مسبقا، فنتركه لعلام الغيوب العزيز المتعال ..
فهنا نكون قد حققنا أهم شروط النصر.
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
http://www.ahewar.org/m.asp?i=461
http://taeralshmal.jeeran.com
http://blogs.albawaba.com/taeralshmal
http://taeralshmal1984.maktoobblog.com
Taeralshmal@gawab.com[/COLOR][/RIGHT][/SIZE]
دعوة للتبرع
انتشار الالحاد: أتكلم عن الارت داد والال حاد فى الدول...
البلح الرطب: من الشبه ات التي سمعته اوهي: ول الله في...
أربعة أسئلة: السؤ ال الأول : نحن فى مصر نقول ( لك يوم يا...
العدة والمتعة : قال تعالي " والذي ن يتوفو ن منكم ويذرو ن ...
غفر الله لنا ولك : abuabdalla h55 katawi في - 2007-10-18 أحمد صبحي منصور ماذا...
more