الاختلاف كما من بلاغ الله
الاختلاف من بيان الله
الاختلاف والتفرق والاعتصام والاستمساك
عندما يتحدث الاكثرين ممن يتزعمون الراي والتوجيه عن الاختلاف يعنون على الاغلب- او لاغير- اختلاف الراي والقناعات في المسائل الفقهيه والمذهبيه
وكذلك عندما يتحدثون عن قوله تعالى(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) يقصدون بها عدم الخصومه والتشتت والنزاع ولكني بعد التامل وجدت انها تعني اعمق واهم من ذلك
والمؤدى لهذه المفرده من بيان الله ووفق ايات كثيره هو الارتداد والعصيان والكفر وعدم الاتباع للنبي وبالتالي عدم الايمان
وينقسم الناس الى فئتين ..واحده لم تختلف وهي الفئه المؤمنه ببلاغ رسول الله المرسل اليها
والاخرى تنبذ ذلك وهي الفئه المختلفه وهي فئة المرتدون والمنافقون والكافرون او المرتكسون الى حماة الجاهليه لانهم يحملون اامال وشهوات الدنيا ولا يطيقون تكليف الرب لهم في الطاعه والصبر
وحركة الارتداد بعد وفاة النبي هي من قبيل هذا الاختلاف والركوس .. وهو ارتداد عقائدي لم يقف عند حده الفكري وانما تعدى ذلك الى العصيان المسلح والسياسي والاقتصادي بعدم دفع الضريبه للدوله التي اسسها رسول الله وفق اشراف وتوجيه الله . ووفق المجلس الشوري الذي امر الله رسوله بتاسيسه (وشاورهم بالامر)
والان لنستعرض الايات الداله الى ما ذهبنا اليه::--
(كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم)
اختلفوا اي تركوا او بدلوا وغيرو ا
يقول الله
(ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب)
وهنا ايضا اختلف بمعنى خالف الاتباع بغيا وكفرا بكتاب الله الجديد
يقول الله
(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم
اي خالفوا ولم يتبعوا البينات)
يقول الله
(وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا)
اختلفوا فيه اي في اصله وبشريته التي لابد وانه ليس ابن الله كما يزعمون
وقوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا
اي لا تفارقواحبل الله واعتصموا به
وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب
اجمالي القراءات
16653
أنت تفترض أن الاختلاف هو أن ينقسم الناس الى معسكرين: معسكر إيمان ومعسكر كفر ، و كأنه لا شيء بينهما. يعني يا إما ابيض يا إما أسو.د
و الحقيقة أن قراءة أخرى لبعض الايات تشير أن الاختلاف معناه عدم التوحد على رأي ، و هذا يستتبع وجود و احتمال ءاراء اخرى لها مقادير متفاوته من الصواب.
لا حظ أن الله مثلا ربط الاختلاف بالعلم : (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ)ال عمران/19. و قوله: (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) يونس/93. ممكن واحد يسأل: طب ليش العلم؟ و هل العلم يؤدي الى الاختلاف؟ الحقيقة أنه ليس العلم بذاته هو سبب الاختلاف و لكن مجيئه (لاحظ الدقة) .. و السبب هو اتباع الاهواء بمقادير متفاوته مغايرة لما يطلبه العلم منا.
مثال: نحن نعلم أن ءاية تعددالزوجات تسمح بذلك ضمن سلسلة شروط معينة... الان الجميع (حاليا)متفقون و يسيرون -حسب السنة المصطنعة- على أساس أن الاصل في الزواج هو التعدد. حسنا: لو فرضنا أن احد العلماء قدأوضح بالحجة و البرهان الداحضين لتلك المقولة و بين أن الاصل مش التعدد و لكن الافراد ..الخ ، بمعني ءاخر جاء هذا العالم بـ(العلم) الذي فصل و بين الحق و الباطل.. عندها ستجد الاختلاف قد حدث ... فمنهم من سيؤمن و يطيع ، و منهم من سيبدأ الجدال مع ذلك الرجل في تلك الشروط المعينة و غيره من التفاصيل بهدف الفهم أو تحقيق ما يستطيع من مصالحة و منهم من يكفر بالمسألة كلها.
أي أن الاختلاف لا يعني الانقسام الى شقين و لكن الى أطياف مختلفة و بدرجات متفاوته من القرب أو البعد الى الحق ، و لهذا السبب فإن الله في اغلب المواضع جعل محاسبة الذين اختلفوا فقط بيده ـ لأنه في حالة الاختلاف لا يمكن الفصل بين مين صح و مين خطأ ليس بسبب الاستحالة و لكن للتعذر.
لذلك القول بأن الاختلاف معناه : يا أبيض - يا أسود ... الحقيقة يوقعنا في مشاكل أهمها أننا سنرسخ في ذهننا أن أحد الطرفين يملك كامل الصواب و الحق و الطرف الاخر فقط في النار.. و لا ننسي القاعدة المشهورة: إذا أخطأ أحد في جزئية معينة فلا يستتبع بالضرورة خطأه في الكليات. فمن الممكن أن خطاه في الجزئية هو خطأ تطبيقي فقط مشتق من كلية صحيحة.
نسأل الله لكم و لنا الاقتراب و اللجوء الى الحق دائما. و جزاكم الله خيرا على طرق مثل هذه أفكار و مناقشتها.