من العزل الى الاجهاض ( تشريعات المرأة الاجتماعية )
من العزل الى الاجهاض ( تشريعات المرأة الاجتماعية )
القسم الثانى من الباب الثالث : التشريعات الاجتماعية
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
أولا : العزل :
1 ـ هو أن يعزل الرجل ما ينزل منه عند الممارسة الجنسية فلا يدخل مهبل المرأة حتى لا تحمل منه .
2 ـ العزل يكون بإتّفاق بين الزوجين . ولكنهم فى الدين السُنّى الذكورى جعلوه حقا للرجل ، وأجازوه فى أحاديث مصنوعة تعكس الملامح الاجتماعية فى العصر العباسى ، من السبى واستحلال المملوكة بمجرد تملكها بلا زواج ولا عدّة ولا عقد زواج ولا مهر ، خلافا للاسلام الحنيف . نذكر بعض هذه الأحاديث :
فى ( صحيح ) البخارى
( قول جابر : كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .) ( قول جَابِرٍ أيضا : " كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ .)
2 ـ عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو صِرْمَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَأَلَهُ أَبُو صِرْمَةَ فَقَالَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْعَزْلَ ، فَقَالَ : نَعَمْ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ اَلْمُصْطَلِقِ ، فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ ، فَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ ، وَنَعْزِلَ ، فَقُلْنَا : نَفْعَلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، لَا نَسْأَلُهُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَتَكُونُ .)
فى (صحيح ) مسلم
1 ـ ( قول جَابِرٍ " كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ . زَادَ إِسْحَقُ قَالَ سُفْيَانُ : لَوْ كَانَ شَيْئًا يُنْهَى عَنْهُ لَنَهَانَا عَنْهُ الْقُرْآنُ .).
2 ـ ( - عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمُنَا وَسَانِيَتُنَا ، وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ فَقَالَ : اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا ، فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَبِلَتْ ، فَقَالَ : قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا . ) .
3 ـ ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارِيَةً وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ وَأَنَا أُرِيدُ مَا يُرِيدُ الرِّجَالُ وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ مَوْءُودَةُ الصُّغْرَى قَالَ : كَذَبَتْ يَهُودُ ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ . ) .
4 ـ وهناك رواية تراثية عن رجل كان يريد الزنا بإمرأة ، فاشترطت عليه العزل ، فقال لها : " بلغنى أن العزل حرام "، فقالت له : " ألم يبلغك أيضا أن الزنا حرام ؟ "!
5 ـ وهناك الإختصاء :
أى قطع العضو الذكرى للرجل . ونزعم إنه لم يكون هناك وجود للخصيان فى القرن الأول الهجرى . ولكن البخارى فى العصر العباسى ينسب حديثين متناقضين فى هذا . ينسب للنبي أنه نهى أصحابه عن الاختصاء : "حديث ابن مسعود: كنا نغزو مع النبي ليس لنا نساء فقلنا يا رسول الله أن نستخصى؟ فنهانا عن ذلك". وفى الصفحة التالية مباشرة حديث أبى هريرة وفيه سماح النبي له بالاختصاء "قلت يا رسول الله إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسى العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء... فقال النبي: يا أبا هريرة جفَّ القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر.." . وهذا الحديث يتناقض مع أحاديث أخرى رواها البخارى وغيره فيها إستحلال السبى من النساء والفجور بهن إغتصابا ، أى لا حاجة الى الاختصاء يا أباهريرة !.
ثانيا : الاجهاض
موطأ مالك
1 ـ بغياب الرجال فى الفتوحات سنوات تاركين زوجاتهم متمتعين بالسبايا الفاتنات عاشت الزوجات فى حرمان جنسى ، أطفأنه بالعلاقات المحرمة ، فتكاثر اللقطاء ، فاضطر عمر فى خلافته لإنشاء ديوان خاص بهم . لو كان وقتها إجهاض ما حدثت هذه الظاهرة .
2 ـ فى خلافة يزيد بن معاوية حدثت مذبحة كربلاء وإنتهاك حرمة البيت الحرام ، وإقتحام المدينة فى موقعة الحرة فى عام 64 هجرية لأنها خلعت الطاعة . كان القائد مسلم بن عقبة ، وقد أباح لجيشه المدينة ثلاثة ايام ، يقتلون الناس ويأخذون الأموال ويغتصبون النساء . ورووا فظائع عما جرى فى المدينة . قالت إحداهن : ( رأيت امرأة من قريش تطوف فعرض لها ( شخص ) أسود فعانقته وقبلته، فقلت: يا أمة الله أتفعلين هذا بهذا الأسود؟ قالت: هو ابني ، وقع عليّ أبوه يوم الحرة فولدت هذا.)، وعن اغتصاب بنات المدينة العذارى روى المدائني : ( ولدت ألف امرأة بعد الحرة من غير زوج ). المستفاد من هذه المأساة أنه لم ترد رواية عن إجهاض .
3 ـ أقدم كتاب فى الفقه وهو ( الموطأ ) لم يتعرض لموضوع الاجهاض ، مع إن مالك يروى فيه عن إبن شهاب الزهرى عن سعيد بن المسيب فقيه المدينة الأشهر فى عهده ، وقد كان حاضرا وقت مأساة ( الحرة ) ، وكاد أن يقتله مسلم بن عقبه . ثم إنه من المعروف أن مالك يجعل عمل أهل المدينة مصدرا تشريعيا ، فلو كان هناك إجهاض لأى سبب لتعرض له مالك فى الموطأ .
4 ـ ثم إن الأمويين لكى يشغلوا أهل المدينة عن الثورة فقد جعلوها ماخورا جنسيا ، وأصبحت مركزا للمغنيين والمغنيات ، وتكاثر فيها اللقطاء . لم ترد روايات عن الاجهاض فقهيا أو تاريخيا .
ابن الجوزى
1 ـ ناقش ابن الجوزي هذه القضية تحت عنوان " إثم المرأة إذا تعمدت الإسقاط " ، وقد اعتبر ذلك ــ في حالة التعمد مخالفة لمراد الحكمة في الزواج وهو طلب الولد ، وجعل مساوياً لجريمة قتل المؤمن ، إذا كان الجنين قد دبّت فيه الحياة . وعلى طريقة الوعّاظ حكى ابن الجوزي أسطورة عن أفعى ضخمة التفت حول امرأة في الحج ثم نهشتها ، وكان السبب أنها حملت من زنا ثلاث مرات ، وفي كل مرة تقتل وليدها حراً . والأسطورة مع ركاكتها فليس لها علاقة بموضوع الإجهاض او إسقاط الحمل .
2 ـ ثم يذكر ابن الجوزي أن المرأة إذا تعمدت إسقاط الجنين بتناول دواء ، فليس عليها شيء إذا لم يبلغ الجنين مرحلة " نفخ الروح " فيه ، أى ليس عليها فدية أو كفّارة ، وان كانت آثمة ، وإن كان بعضهم يرى وجوب الفدية عليها ان كان الجنين مجرد مضغة وشهدت القوابل انه جنين آدمي ، والكفّارة عندئذ تكون عتق رقبة مؤمنة . ويرى ابن الجوزي ان كفارة الجنين المكتمل ــ إذا أسقطته أُمُّه ــ نصف عُشْر دية أبيه أو عُشْر دية الأم ، ويرث هذه الكفارة ورثة الجنين ، من غير الأم الجانية ، وهذا بالإضافة إلى عتق رقبة فإن لم تجد صامت شهرين متتابعين فإن لم تستطع أطعمت ستين مسكينا على اختلاف في الآراء .
3 ـ وفي كتاب " تلبيس إبليس " يعترف ابن الجوزي ان نساء عصره بعيدات كل البُعد عن هذه الآراء الفقهية ، ويقول : " وقد تستهين المرأة بإسقاط الحمل ولا تدري أنها إذا أسقطت ما قد نفخ فيه الروح فقد قتلت مسلما ، وقد تستهين بالكفارة الواجبة عليها عند ذلك الفعل."
فى عصرنا
1 ـ انتهى الشيخ شلتوت إلى ان اختلاف العلماء في جواز إسقاط المرأة لحملها في مبدأ الحمل مبني على عدم المعرفة الكاملة بمراحل تطور الجنين ، أو أن حرمة الإجهاض في تلك الحالة ليست كحرمتها عند تكامل خلْق الجنين ، واستطلع الشيخ شلتوت آراء علماء الطب ، ولذلك اكمل الفتوى إلى نهايتها قائلا " وبذلك يتبين بوضوح التقاء النظريتين الشرعية والطبية وكفى الله المؤمنين القتال ..". وانتهى الشيخ شلتوت إلى حرمة الإسقاط في كل وقت ، مع تقدير الضرورات في أي وقت .
2 ـ وبهذا الأفق الواسع أفتى الشيخ شلتوت في الخمسينيات في موضوع التلقيح الصناعي ، وكان في بدايته العلمية ، فقد كان رحمه الله شيخا يعيش عصره ، ومختلفا عن عوام الفقهاء الذين يعوِّضون حرمانهم من نعمة الاجتهاد بالنقل عن الأئمة السابقين في العصور الوسطى ، فيزداد بهم الناس تخلفاً . ويقول الشيخ شلتوت ان الله تعالى ألهم الإنسان بموضوع التوالد بالتلقيح من قديم الزمان فاستطاع استنبات أصناف جديدة من النبات ، وإنتاج فصائل جيدة من الحيوان ، ولكن المستوى الإنساني يأبى هذه النوعية من التلقيح إلا اذا كانت خاضعة للشرائع والقوانين ، وعليه فإنه يجوز التلقيح الصناعي إذا كان بماء الرجل ولزوجته وللحصول على ولد شرعي . أما إذا كان بماء رجل اجنبي او بدون زواج فإن ذلك يخرج بالإنسان عن المستوى الإنساني ويهبط به إلى مستوى الحيوان .
أخيرا : ونقول : متى يكون الإجهاض حراما وقتلا للنفس ؟
خلق الأنفس ، ثم دخول كل نفس جسدها ( الجنين )
قال جل وعلا :
1 ـ ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) الأعراف ). هنا خلق الأنفس كلها مرة واحدة قبل خلق آدم ، ثم أمر الملائكة بالسجود له . وفى هذا الخلق للأنفس كان تصوير كل نفس بملامحها .
2 ـ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) (1) النساء ). كانت نفسا واحدة ثم انبثقت منها كل الأنفس ، كل نفس لها ملامحها الخاصة.
3 ـ ( وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ) (98) الانعام ). كل نفس بشرية فيها مستقر لما سبقها من أنفس ، وهى مستودع لما سيأتى بعدها من أنفس . وكل نفس بشرية تدخل الجنين المقدر لها سلفا في الموعد المحدد ، وفى موعد محدد تولد إنسانا بنفس تسيطر على جسدها ، وفى موعد محدد تفارق هذا الجسد نهائيا بالموت أو بالقتل .
4 ـ ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) آل عمران ). الجنين في الرحم يأخذ صورة النفس بمشيئة الخالق جل وعلا .
5 ـ ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) عبس ) . لأن كل نفس تحمل ملامح جسدها فإن الأنفس في الآخرة تتعارف ، فيعرف الشخص أخاه ووالديه وبنيه وزوجته.
هذه النفس البشرية يحرم قتلها ظلما وعدوانا
تكرر تحريم قتل (النفس ) البشرية البريئة في قوله جل وعلا :
1 : في الوصايا العشر : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الانعام )
2 : في وصايا للمؤمنين : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) (33) الاسراء )
3 : في صفات عبد الرحمن ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) (68) الفرقان )
في موضوع الجنين فهل فيه ( نفس ) أي دخلت فيه ( نفس ) أم لا يزال كتلة من الخلايا تتكاثر وتتشعب ولم تصل الى مرحلة دخول النفس فيها . يكون الإجهاض قتلا إذا كانت فيه نفس ، أي أصبح الجنين انسانا ، لكن لم يحن بعدُ خروجه الى النور .
متى تدخل النفس في الجنين ويصبح بها إنسانا ؟
يقول سبحانه وتعالى :
1 :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) الحج 5 ).
2 : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون ).
نلاحظ :
1 ـ ( العلقة ) تكون في الأسبوع الرابع من الحمل حين تلتصق النطفة بجدار الرحم وتتعلق به. ثم تستمر الخلايا بالانقسام لتصبح قطعة لحم صغيرة ، أو ( مُضغة ) ويتكون حولها كيس الحمل ( المشيمة )، أو كما قال جل وعلا : ( ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) الحج 5 ). الجنين داخل هذا الكيس ينمو ، وتبدا أعضاؤه في الظهور مع الأسبوع الخامس الذى يبدأ فيه تكون العظام .( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ) . أي تتَحَوّل قِطعَةِ المُضغَة وَهِيَ عِبارَة عَن قِطعَةِ لَحِم إلى هيكَل عَظمِي فِي الأسبوع السابعِ تَحديداً ليكُونَ على شَكلِ صُورَةٍ آدَميّة. في هذا الأسبوع السابع ، يتضاعف حجم الجنين ثلاث مرات، ويتشكل الدماغ ، بما يمكن تسجيل موجاته ، وينمو الدماغ بشكل أكثر تعقيدًا، وتتكاثر الخلايا العصبية بمعدّل مذهلٍ قد يصل إلى 100,000 خلية في الدقيقة، وينبض القلب بانتظام بمعدل 150 نبضة تقريبًا في الدقيقة أي بما يعادل ضعف متوسط معدل ضربات قلب البالغين، وتتطوّر ملامح وجه مميزة للجنين. وَيبقَى هذا الطور إلى نِهايَةِ الشهر الثاني (الأسبوع الثامن)، وَيبدأ بعدَها تَكوّن الجنين ونشأتهِ، وينتَهِي طَورِ الأجنّة بِحَسَبِ ما يَصِفَهُ العُلماء.
2 ـ ( ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ). فِي بِدايَةِ الأسبوع التاسع تُصبِحُ الأعضاء جاهِزَةً بأن تَقُومَ بِوظائِفِها، وفي هذِهِ المَرحَلَة تدخل النفس في الجنين بَعدَ مرورِ أربعةِ أشهر من الحمل فيصبح إنسانا مختلفا ( خلقا آخر ) عن وضع الجنين الذى كان مجرد قطعة لحم حيّة ـ كأى كائن حى مثل الدودة أو الأميبا . هنا أصبح ذلك الكائن الحى داخل الرحم إنسانا داخله ( نفس ) . يكون الإجهاض هنا قتلا للنفس . الجنين قبل ذلك لم يكن إنسانا ذا نفس ، لذا لا يكون الإجهاض في هذه المرحلة قتلا للنفس.
اجمالي القراءات
2383
الإجهاض مشكلة عالمية مختلف عليها بقدر الإختلاف على تصور الجنين واعتباره كنفس (مخلوق حي) أم لا. أحمد الله تعالى أنني لست مسؤولًا عن قرار السماح أو المنع.
ما جاء في المقال عن قضية العزل أثار عندي نوعًا من الإشمئزاز والقرف تجاه مجتمعاتنا. هم الرجل (الشرقي والعربي خاصة) بالدرجة الاولى الوصول إلى اللذة الجنسية – لقد كنا هنا نقول عن الرجل القادم إلى اوربا بأنه يحمل ذكره على كتفه (طبعًا المشكلة هنا لها سبب آخر)، والمشكلة لا تكمن بهذه الغريزة وإنما بكيفية الحصول عليها وخاصة وقت الحروب وغياب الرجال لمدة طويلة عن نسائهم، أضف إلى ذلك تفادي أي عواقب للعملية الجنسية. لنعود الآن إلى الحقبة الاولى من الدولة الإسلامية، أيام يزيد بن معاوية. مسلم بن عقبة أباح لجيشه المدينة لثلاثة أيام، بما في ذلك اغتصاب النساء - نفس العرف الذي كان متبعًا في كافة الحروب، مع الفارق أن ما حصل في المدينة كان في حضور الإسلام، يعني بتفويض ديني. وإذا لاحظنا السنة التي حصلت بها هذه الإباحة (64 ه)، يتبين لنا أن الزمن لم يكن بعيدًا عن أيام الرسول والخلفاء الأربعة، لكي نعتبر هذا العرف كعادة جديدة دخيلة على المجتمع الإسلامي – السلب والنهب وسبي النساء كان متعارفًا عليه قبل الإسلام. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف كان الرجال يتصرفون أيام الرسول في وقت الحرب؟ أكثر المعارك التي حصلت كانت تدور خارج المدن، ثم يعود كل طرف لبلده، هناك فقط غزو القبيلة اليهودية في ديارها، فماذا حصل هناك؟ أثناء فتح مكة لم يحصل قتال.
هل يمكن القول بأن هذه المشكلة لم يكن لها وجود في ذلك العصر لأن زمن القتال كان قصيرًا؟ وأن هذه الظاهرة بدأ تواجدها عندما طال وقت الحرب؟ علاوة على أن العرب أخذوا من البلدان التي غزوها بعض ما كان متبعًا من أعراف؟ ثم بعد ذلك أتِيَ بالأحاديث عن النبي وكيف كان يتصرف الرجال آنذاك في السبي، لتبرير ما كان يحصل في زمن كاتبي هذه الأحاديث؟