مولود مدي Ýí 2017-07-29
-1) المعتزلة اعتمدوا على المنهج العقلي في دراستهم الفلسفة وقراءتهم للقرآن الكريم والسنّة النبوية بوعي، لقد رأت المعتزلة أن التفكير هو فرض عين لا فرض كفاية، ومعظم آيات القرآن الكريم تأمر الإنسان بالنظر والتأمل والتفقّه في العلم الديني والدنيوي معًا دون تفضيل، ومن ثم لم يكن أمام المعتزلة في الظروف التي ظهروا فيها الا أن يصطدموا بالرجعيين والنكوصيين من الدين السلفي والشيعي والخوارج والمرجئة، لأن فكر المعتزلة يعطي للعقل مساحة واسعة للتحرّك عكس التّيارات الإسلامية الأخرى التي رأته سبيلا إلى الضلال والبدعة.
-2) المعتزلة لم تضع أصولا للعقيدة كسائر المذاهب الاسلامية والتي تحوّلت إلى أديان أرضية، بل وضعت قواعد في كيفية التعامل مع العقيدة، وقدّمت فهمًا خاصًا لأصول العقيدة الاسلامية، والفهم الذي أنتجته المعتزلة هو استجابة منها لحل أزمة الصراع المذهبي بين المسلمين، فمن أسباب نشوء المعتزلة هو الحاجة إلى فهم جديد للنص الديني بعيدًا عن الخلفيات الأيديولوجية فالشيعة والخوارج وأهل السنّة تأثرت آرائهم وفهمهم للنص بالصراعات السياسية للمسلمين فيما بينهم، فكان ظهور المعتزلة هو لتلبية ضرورة فكرية ودينية وسياسية وخلقية بعيدًا عن الآراء الفقهية النابعة من خلفيات سياسية وبأثر رجعي والتي كانت تهدف إلى الدفاع عن مواقع سياسية.
-3) جاءت المعتزلة حاملة معها فكرًا جديدًا ومختلفًا عن الأطروحات السابقة، وهو طرح يمثّل عصب الفكر الاعتزالي ونقصد هنا النزعة العقلية أو ما عرف عنهم بـ «الواجبات العقلية»، فعوض اللجوء إلى تفسيرات الغابرين للنص القرآني وآرائهم في العديد من المسائل الفقهية ، ترى المعتزلة أن الناس محجوجون بعقولهم، فالعقل في نظر المعتزلة هو حجة الله على الإنسان سواء قبل الرسالة أو بعدها، لذا صراع المعتزلة هو صراع مع اللاتفكير والتقليد وذم الرأي وهو تيّار تزعمه أهل الحديث، وليس صراعًا مع القرآن كما ادّعوا.
-4) من الأفكار المعروفة عند المعتزلة أنهم يجعلون العقل مصدر التقبيح والتحسين أي ما يسمى حاليًا بـ«علمنة الأخلاق»، لكن هذا لم يعن أن المعتزلة قد استبعدوا دور النص القرآني في الاخلاق بل المعتزلة يؤمنون بعدم وجود تعارض بين النقل أي النص القرآني وبين الفطرة السليمة، بحيث قالوا لا يمكن لمحمد أن يقول افعل والعقل لا تفعل أو يقول العقل افعل ومحمد لا تفعل، فليس هناك تعارض بين سلطة العقل وسلطة الوحي، وهذا ليس تسطيحًا للأمور واستهانة بالصراعات التي حدثت حول هذا الموضوع، لكن العقل هو مناط التكليف، فلا معنى للنقل من دون العقل، ولا وجود له الا في وجود العقل، وذلك بوجود الإنسان.
-5) موقف المعتزلة من العلاقة بين العقل والنقل أفضى إلى نتيجة مهّمة وهي رفض الوصاية على العقل المسلم، وكذلك الحجر على الفقهاء المجتهدين والقول أنهم كتبوا في كل شيء، وهذا يعني أنه ليس ثمة مذاهب على مستوى العقيدة، كما أن التمذهب هو من أحد صور الأخطار التي بيّنها القرآن بالتحذير من تفريق دين المسلمين شيعًا، فيجب الدعوة إلى الاسلام النقي الأصلي من دون مذاهب، ولا بد من الوقوف ضد التصنيفات على شاكلة سنّي وسلفي وشيعي وفضح الغاية منها، لأن هذه التصنيفات هي التي تسببت في تشتيت صفوف المسلمين وإلهائهم عن أعدائهم الحقيقيين بمشاكل هامشية لا تؤدي إلى تغيير ملحوظ في حياة المسلم وواقعه.
-6) المعتزلة حول قضية مرتكب الكبيرة تبنّت موقفًا وسطًا بين أديان المسلمين الأرضية المتمثلة في دين السنّة أو دين المرجئة الأرضيان بحيث رفضوا رأي الدين السني القائل أن المسلم المرتكب للمعصية هو مؤمن منافق، لأنه في المنطق لا يمكن الجمع بين موقفين متناقضين، ورفضوا موقف المرجئة القائل بأنه لا تضر مع الإيمان معصية، لأن هذا الموقف سيؤدي إلى انتشار الفحشاء والمنكرات التي جاء الإسلام لمحاربتها، ففي خضم هذا الصراع، رفض المعتزلة الفصل بين الإيمان والعمل، فالعمل جزء من الإيمان، لا بد أن يترجم ويطبّق على الواقع، فقالوا بأن المؤمن المرتكب للكبيرة هو بين منزلة من المنزلتين أي بين الكفر والإيمان.
1-) المعتزلة وضعت نصب أعينها قضية الحريّة، وكان موقفها من الحريّة هو رد واضح على الأوضاع السياسية الجائرة في العهد الأموي، فرفضت الموقف الجبري النابع من الدين السنّي الأرضي والقائل بأن الظلم الحاصل في حق المسلمين هو قدر من الله الذي لايمكن ردّه لذا وجب على المسلمين الصبر، ثم أتى الحديث المشهور الموضوع المنسوب للنبي لينتصر لهذا الرأي بـ«لا خروج عن الحاكم»، فكان رد المعتزلة بأنه لا يمكن نسبة الظلم المقترف من طرف البشر إلى الله، فهذا يعني عندهم أن الانسان هو الذي يخلق أفعاله وهو المسؤول عليها وسوف يحاسب عليها خيرًا كانت أم شرًا، فالانسان حرّ في أن يكون مسلمًا أو ملحدًا أو لادينيًا، فالحرية شرط أساسي لكي يتحمل الانسان مسؤولياته كاملة وإلا لماذا يحاسب الله الإنسان على أفعال هو غير مسؤول عنها؟ وبالتالي ما الغاية من عبادة الله وما الغاية من تواجد الحساب ما دامت أفعال الإنسان مقررة مسبقًا؟، وبهذا الطرح رفض المعتزلة كل أشكال الوساطة بين العبد وربّه، فالعقيدة هي عقيدة كل مسلم وهي مأخوذة من القرآن ومن السنّة التي لا تعرف استقلالا عن القرآن، فالايمان لا يجب أن يمر على أي سلطة دينية بل يجب أن يمر على ما يسمى بـ«القناعة» فالتديّن مبني على الاقتناع لا على الإكراه.
-2) المعتزلة رأوا بأن الإمامة أي الرئيس بمفردات عصرنا ليست ذات أصل ديني وهذا رد على من قالوا بوجوب الإمامة، وجعلها أصلا من أصول الدين، ثم وضع المعتزلة شروطًا لتعيين الإمام، أي الرئيس، فقالوا بأن اختيار الرئيس يتم عن طريق الجماهير التي سوف يحكمها هذا الرئيس، وليس عن طريق سلطة لاهوتية ترتدي عباءة الدين، والتي أطلق عليها المسلمون أهل الحل والعقد، إن المعتزلة بهذا الموقف قد أعطت للأمة الإسلامية الصلاحية المطلقة في اختيار حاكمها، بينما نجد أن الدين الشيعي الأرضي قد حرم المسلم منه برد منصب الإمامة إلى الاختيار الإلهي وانتظار المهدي الغائب، لقد تمت علمنة مفهوم الحاكم عند المعتزلة لأن الإمامة كما فهمها المعتزلة هي قضية مصلحية بالمقام الأول، والإمام ليس إلا رجلا عاديًا لكنه برز في حقل العلم والعمل وممتلكًا لقدرات قيادية، لكن ذلك لا يعني حرمة نقده أو الخروج عليه.
من خلال دراستنا المختصرة والمبسّطة لبعض أفكار المعتزلة، نجد أننا بأمس الحاجة إلى هذا اللون من الفهم والتفكير، فعصرنا عصر العلم وعصر العقل انجازاته التي لا حدود لها، والتاريخ علّمنا أن احياء الدراسات القديمة ونقدها يعزز مسيرة الأمم نحو المستقبل ويشكّل سندا لها للحاضر، كما يمكن لهذا الموروث الفكري أن يساعد على انتشال العالم الاسلامي من الشرنقة التي يتخبّط فيها، فالأفكار لا تحفظ فقط في الكتب ثم تنتسى بل يمكن أن تشكل جزءا من الواقع والمستقبل.
دعوة للتبرع
فى بيتى لحم خنزير: زوجتى مسيحي ة ونعيش فى بلد أوربى ، وهى...
باب للزواج : Sender Name : محمد اشرف فوزي الصفط ي Sender Name :...
إقرأ كتاب الصيام : إذا صمت في هذه الأيا م الطوي لة مع...
منطق الالحاد: هذا سؤال وجّهه لى صديق فى مجلس أصدقا ء : قال...
ليس نجسا : الطها رة بعد العاد ة السري ة بدقائ ق تجف...
more