الفتاوى القرضاوية ومصير العقارب
نقصد بالفتاوى القرضاوية جميع الفتاوى المحرضة على القتل التي يصدرها أمثال الشيخ يوسف القرضاوي ومن يسيرون على نهجه أو هديه أو ضلاله.
ونخص من تلك الفتاوى التحريضية، ما يمكن تصنيفه تحت بند فتاوى القتل وليس القتال، وشتان بين القتل والقتال، فالقتال يكون بهدف فرض الإرادة عن طريق العنف، ولا يستهدف أو يؤدي للقتل بالضرورة، فقد ينتهي باستسلام الطرف المطلوب فرض الإرادة عليه، وهنا يجب معاملته وفق القواعد المتعاقد عليها في الاتفاقيات الدولية المنظمة لمعاملة الأسرى، والمستمدة من التراث الإنساني، والخبرة والمرارة الإنسانية الطويلة مع القتال والمتقاتلين، تلك القواعد التي جاءت الأديان – وعلى الأخص الإسلام – بالتأكيد عليها، احتراماً للنفس الإنسانية.
والقتال وفق هذا التعريف الذي نظنه صحيحاً لا يستهدف الجسد أو النفس الإنسانية للآخر العدو، وإنما هو موجه ضد نوعية أدائه أو فعالياته العدائية ضدنا، وبالتالي يكون القتال موجهاً ضد قدرة آلته العسكرية على الفعل الذي هو فرض لإرادته علينا، وليس القتال والحالة هذه موجهاً ضد أجساد جنوده ذاتها، ومن هنا كان تحريم استخدام ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل، لاستهدافها الإفناء الفيزيقي (الجسدي) لقوات الآخر، وليس محاولة تعطيل أو شل قدرتها على الفعل بالأساس، والتي قد يكون القتل ذروتها المأساوية، التي ينبغي على كلا الطرفين تحاشيها بقدر الإمكان، ولصالح الطرفين معاً بطبيعة الحال.
ومن الواضح بالطبع أن القتال لا يمكن إلا أن يكون إلا في مواجهة مقاتلين يحملون السلاح، بل ويستخدمونه بغرض فرض الإرادة، أما غير المسلحين، بل غير المهيئين للقتال حتى لو كانوا مسلحين فلا يجوز قتلهم أو قتالهم، بل يكتفى بأسرهم، ناهيك بالطبع عن المدنيين من رجال ونساء وأطفال، لأن الحالة في مواجهة هؤلاء لا تكون القتال وإنما القتل، الذي هو أحط وأبشع فعل يصدر عن الإنسان، ومن السذاجة أو افتراض السذاجة في المستمعين أن تتحدث الفتوى عن قتال المدنيين الأمريكيين في العراق وليس قتلهم، وإلا فليخبرنا الشيخ - لا فض فوه - كيف يكون قتال المدنيين من مهندسين وأطباء ونساء وأطفال، وهل سنقاتلهم بالسلاح وهم غير مسلحين، أم سنقاتلهم بالأيدي والأرجل بدون سلاح؟!!
كل ما ذكرنا معروف ومحفوظ من قديم الأزل، ولا يحتاج لتوضيح أو شرح، لكنه الزمن الأغبر الذي جعلنا في حاجة إلى تكراره، زمن القرضاوي والزرقاوي والقاتلاوي، فهذه القواعد هي شروط الخصومة الشريفة، التي يتمسك بها المقاتلون والقادة الشرفاء، احتراماً لأنفسهم ومبادئهم، قبل أن يكون احتراماً أو رحمة بالآخر العدو، وما أحوجنا لتذكرها في عصر التحريض على النذالة والخسة والوضاعة والبشاعة غير الإنسانية، وحتى دون الحيوانية، والتي يروج لها ذئاب موتورة، متنكرة في ثياب رجال دين هو منهم ومن مقولاتهم بريء.
والآن ما هي النتيجة أو النتائج المترتبة على مثل هذه الفتاوى التحريضية القاتلة؟
· تشويه وتلويث الضمير الجمعي للشعوب، بحيث يصبح غير مستهجن للممارسات الدموية الخسيسة.
· تعتقد قطاعات عريضة من شعوبنا المتدينة بطبعها في انتماء هذا الفكر وتلك الممارسات لصحيح الدين، وفي إثابة صاحبها في الآخرة بجنات الخلد.
· تحفز نفر من الشباب المتحمس والراغب في إرضاء ربه على التحول إلى قاتل متجرد من كل ضمير، كما نرى الآن ممارسات شبابنا بامتداد الكرة الأرضية من أوسيتيا إلى نيويورك، بدل أن يكون عامل بناء وتعمير لمجتمعه وللبشرية، كما هو مأمول من الشباب المؤمن بهدي السماء وباريها.
الشيخ يوسف القرضاوي ومن يسير على نهجه يحول شرقنا الكبير إلى مزرعة للكراهية، تنجب القتلة وقاطعي الرؤوس وقاطعي الطرق.
الشيخ يوسف القرضاوي ورعاته ومروجوه يحولون شعوبنا إلى حشود من العقارب السامة، تلدغ البشرية والإنسانية لدغات قاتلة، فماذا سيكون المصير؟ ستصاب البشرية والحضارة بخسائر جسيمة لا ريب، لكن ماذا سيكون مصير العقارب؟ سوف تسحقها الأقدام، ستدهسها قاطرة الحضارة - التي لن تتوقف - تحت عجلاتها، هذا هو ما يدفعنا إليه الشيخ القاتلاوي.
إن فتوى الشيخ القرضاوي بقتل المدنيين (رغم المغالطة في التعبير) الأمريكيين في العراق مقدمة لفتوى أو اجتهاد آخر بجواز قتالهم (قتلهم) في مصر.
تخرج مثل هذه الفتاوى عن تصنيف حرية إبداء الرأي، كما تخرج عن تصنيف الفتاوى أو التعاليم الدينية، فالفتاوى والتعليم الديني يكون باستنباط قواعد أخلاقية أو دينية عامة يسترشد بها المؤمن في علاقته بربه أو علاقته بالناس، وليس التحريض على قتل (قتال) جنسية بعينها من البشر.
أطالب السلطات المصرية السياسية والقضائية، والتي نجحت حتى الآن نجاحاً مشهوداً في مقاومة الإرهاب، بالتعامل مع الشيخ يوسف القرضاوي، وكل من ينهج نهجه، بما يكفل درأ الشر المستطير الذي يمثله، فثعبان الإرهاب الذي نجحنا شعباً وحكومة في دحره، يمكن أن يعود ليطل برأسه الغبي الكئيب، بفضل فتاوى وممارسات مثل هذا الشيخ ومريديه.
كما أتجه بنفس الطلب لسلطات دولة قطر، التي يتخذ هذا الشيخ من أرضها وآلياتها الإعلامية، جحراً يختبئ فيه، وينقض منه على شعوبنا يسمم عقولها وقلوبها.
اجمالي القراءات
16407