خيار التعامل مع قطر

كمال غبريال Ýí 2017-06-15


خيار التعامل مع قطر
     

بغض النظر عن حقيقة وكامل الخلافات بين قطر وتحالف مقاطعيها. وعن حقيقة ما يطلبه المقاطعون من قطر، وما ‏قد يكون ملفوفاً كما بورق سوليفان بالمطالب المعلنة، والمعنونة بالكف عن تمويل الإرهاب، ذلك العنوان الذي في ‏الحقيقة يدين الجميع مقاطَعاً ومقاطِعين، فإن الموقف الراهن من قطر كنموذج فج شبه علني في تمويل الإرهاب ‏والتحريض عليه، يجعل الموقف الحالي أبعد من أن يكون مجرد إشكالية وخلاف إقليمي في منطقة خطيرة ملتهبة.‏


حالة الحصار التي فرضتها الدول العربية الأربعة على قطر وضعت العالم كله أمام نقطة خيار محورية، لنوعية ‏السياسة التي سيتبعها في مقاومة الإرهاب. . هل سيستمر في السياسات المتبعة حتى الآن، والتي تتسم بالمهادنة ‏والتروي، أم أن الوقت قد حان لاتخاذ مواقف حادة وحاسمة، إزاء مصادر تمويل وإنتاج الإرهاب؟
الكيفية التي سيتم بها حل المشكلة القطرية الراهنة، لن تتوقف نتائجها ومؤشراتها على مجرد إنهاء هذه المشكلة. فالأمر ‏أبعد وأكثر خطورة من ذلك. ونرى أنه سيمتد إلى مستقبل الحرب على الإرهاب في السنوات القادمة.‏
هناك انقسام الآن في الإدارة الأمريكية، يتمظهر في الموقف من قضية قطر والمتحالفين ضدها. لكنه يمتد عمقاً وبعداً، ‏إلى سياسة محاربة الإرهاب والموقف من مموليه بصورة عامة.‏
هو الفارق الذي نرصده بين تغريدات ترامب على تويتر وتصريحاته هنا وهناك، وبين بيانات الخارجية الأمريكية، ‏والبنتاجون وموقفه الأخير من إرسال قطع بحرية أمريكية، لإجراء تدريبات مع البحرية القطرية في هذا التوقيت.‏
ترامب القادم الجديد من خارج دائرة السياسيين التقليديين بثوريته في جانب، والمؤسسات الأمريكية ومراكز صناعة القرار ‏التقليدية في جانب مقابل. ومعها إدارات الدول الأوروبية المعنية بشئون وثروات منطقة الخليج مثل فرنسا.‏
ترامب يريد أن تدفع الدول تكلفة حماية أمريكا لها، عبر دفع مباشر أو صفقات استثمار وسلاح، وأن تكف دول الخليج ‏الممولة للإرهاب عن تمويله الآن وفوراً.‏
الجانب المقابل يرى أن ما يريده ترامب حماقة لا تمت لعالم السياسة بصلة. حيث يعطي أولوية للمحافظة على مستوى ‏الاستقرار الراهن، ولدوام تدفق الاستثمارات الخليجية وصفقات الأسلحة. وعدم اتخاذ مواقف راديكالية حاسمة، قد تكون ‏جسيمة النتائج والخسائر. هذا مع استمرار سياسة الضغط الهين على الدول الممولة للإرهاب، لحثها على التوقف عن ‏تمويله، ولابأس من إغماض الأعين عما لا يتحقق من هذا الهدف. تلك هي السياسة العملية البرجماتية، التي تفضل ‏المكسب القليل المضمون السهل، على مغامرة مكلفة غير مضمونة العواقب لتحقيق كامل الأهداف. ‏
هي إذن ثورة الثائر للحسم، مقابل عقل العقلاء الرابضين فوق عالم يتفجر من تحت كراسيهم، والذين أوصلوا العالم ‏بحكمتهم هذه إلى الحالة الكفيلة بذهاب الجميع عاجلاً وليس آجلاً للجحيم.‏
ترامب الثائر المشجع لتحالف مقاطعة قطر يريد أن تتوقف قطر تماماً عما تفعل منذ عقدين على الأقل تمويلاً للإرهاب ‏وللقلاقل في المحيط العربي.‏
والحكماء العقلاء في الإدارة الأمريكية وفرنسا وغيرها، لا يريدون إغضاب قطر، ولا هز الاستقرار بالمنطقة، ويقنعون من ‏الغنيمة بمزيد من صفقات السلاح لكل الأطراف، ولابأس إن تفضلت قطر وتراجعت بعض تراجع جاداً كان أم مظهرياً.‏
ترى لمن ستكون الغلبة، لتيار الحسم الثوري، أم للحكمة البائسة؟

 

Kamal Ghobrial

Alexandria- Egypt

اجمالي القراءات 9232

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-03-23
مقالات منشورة : 598
اجمالي القراءات : 5,498,375
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 264
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt