الدكتور أحمد صبحي منصور «زعيم القرآنيين»: النظام يعادي الجميع ولــم يبــق ســوي أن ينقسم علي نفسه
الدكتور أحمد صبحي منصور «زعيم القرآنيين»: النظام يعادي الجميع ولــم يبــق ســوي أن ينقسم علي نفسه
أجري الحوار في شيكاغو شارل فؤاد المصري ٩/١١/٢٠٠٧
الجدل الذي يثيره الدكتور أحمد صبحي منصور المفكر الإسلامي المعروف، لا ينقطع حتي بعد لجوئه سياسيا إلي الولايات المتحدة.. فالرجل لا تنقطع فتواه في الأمور الدينية التي سرعان ما تتحول إلي سلوك يحرك المياه الراكدة ففتواه الأخيرة بَحل زواج المسلمات من مسيحيين، وترجمها إلي تزويج ثلاثة الأولي من بولندي والثانية مغربية والثالثة أمريكية الأب مصرية الأم ـ أثارت عاصفة من ردود الفعل.
منصور يؤكد أنه يستند إلي كتاب الله عز وجل القرآن الكريم ـ علي حد قوله ـ ويدلل علي ذلك بآيات بينات، ويؤكد أنه يريد الإصلاح.
التقيته في مؤتمر أقباط المهجر السادس الذي انعقد في شيكاغو قبل عدة أيام، وانتهزت الفرصة لإجراء هذا الحوار معه الذي وصفه هو بأنه كان «مختلفا» لأنه يري أن الاضمحلال الفكري أصاب كل شيء حتي مهنة الصحافة مثنيا علي تجربة «المصري اليوم» الصحفية.
الحوار تطرق إلي منحنيات خطيرة في حياة الرجل وأفكاره، والتي كانت سببا في اضطهاده ـ علي حد قوله ـ وفصله من الجامعة وملاحقته أمنيا، وأدت إلي تركه مصر ولجوئه إلي أمريكا وعدم كتابة هذه الأفكار ـ حتي الآن ـ بحرية لأن أهله «مطاردون» من أجهزة الأمن.
التعرض لفكر أحمد صبحي منصور ومناقشته كالمستجير بالرمضاء من النار في مجتمع لا يقبل الرأي الآخر، وهو ما حدث في الحوار الذي استغرق نصف ساعة كاملة تناقشنا فيها حول ما إذا كان سيعود إلي مصر أم لا، وعما إذا كان القرآنيون تنظيما أم جماعة، ومن الذي أطلق عليهم هذا الاسم وما وقعه عليه، وحكاية القضية ٥٦٧ حصر أمن دولة عليا وكتبه وآرائه وفتاواه ومساندته الأقباط، وموقفه من الدولة والفكر الوهابي السعودي وما قيل عنه من أنه ينكر السنة وغير ذلك من القضايا، وإلي الحوار:
* د. أحمد صبحي منصور أين أنت الآن؟
- في مرحلة جديدة خاصة أنني أتأهب إلي دخول مرحلة جديدة من العمر، حيث إني في الثامنة والخمسين وقاربت علي دخول الستين، واستمتعت بحرية أن أكتب ما أشاء، وإن كانت ليست حرية كاملة لأن أهلي لايزالون في مصر تحت الضغط الأمني، ولكن هو وضع أرجو أن يتحسن ويتضاعف، ولدي الأمل في المستقبل، وهو مرتبط بحيوية حركة الإصلاح في مصر وخارجها.
* هل تفكر في العودة إلي مصر؟
- أنا كلاجئ سياسي ممنوع أن أرجع إلي مصر، وحتي لو كان مسموحا لي لا أود أن أدخل في تجربة الاحتجاز في المطار، والإذلال المتعمد الذي عانيت منه كثيرا خلال التسعينيات، والحقيقة أنه بدأ قبل عام ٨٧.
* القرآنيون موجودون منذ سنوات، لماذا تم تسليط الضوء عليكم هذه الفترة؟
- القرآنيون موجودون رسميا بالقبض علينا عام ٨٧، ولاتزال القضية تحمل رقم ٥٦٧ حصر أمن دولة وباسم القرآنيين.
* هل تعتبر تسمية القضية بقضية القرآنيين تسمية سلبية؟
ـ القرآنيون اسم إيجابي، ولكن الاسم السلبي هو إنكار السنة الحقيقية العملية للنبي عليه الصلاة والسلام.
ونحن ننكر الأكاذيب المنسوبة إليه، والظروف التي يدخل فيها النظام الآن تتطلب منه أن يحافظ علي وجوده بأن يدخل الشعب في قضايا متعددة حتي يصحو كل يوم علي قضية جديدة، وهو «سيستم» جري عليه النظام خلال العشر سنوات الأخيرة بتلفيق القضايا لإلهاء الناس عن مشاكلهم، وكلما زادت المشاكل زادت القضايا الملفقة، إضافة إلي صراعهم مع الإخوان، فالنظام يريد أن تحدث عملية مواءمة بالقبض علي القرآنيين واضطهاد البهائيين وتضييق الخناق علي الأقباط، وهو نظام يعيش حالة عداء مع كل النشطاء وهو لم يبق علي أحد، ويبقي أن ينقسم علي نفسه وهو شيء منتظر.
* ما مشكلتكم مع الأزهر، وما مشكلتكم مع النظام.. وهل الأزهر والنظام تحالفا ضدكم؟
- المشكلة مع الأزهر أنني كنت قد كتبت بحثا ونشر في مجلة القاهرة بعنوان «الأزهر والتنوير» ورصدت فيه حركة التنوير في الأزهر، وقلت إنه دائما منبع للتنوير والاجتهاد والتقليد في الوقت نفسه، وحللت الظاهرة بسبب أن الأزهر يقوم علي حفظ القرآن الكريم، فالباحث الذي يتجه إلي القرآن الكريم رأسا، ومن خلاله ينظر إلي التراث لابد أن يكون تنويريا، ولابد أن تصيبه محنة الاجتهاد والاضطهاد ومثال ذلك الإمام محمد عبده وطه حسين وكل من ينتمي إلي هذه المدرسة التنويرية.
لاحظ أن كل الذين قاموا بالنهضة منذ عصر محمد علي كانوا من أبناء الأزهر وتلاميذه، إذن التنوير من الأزهر، ولكن المشكلة أن التنوريين في الأزهر هم دائما قلة وضد المستوي العام للشيوخ، وحتي قبل أن تأتي الهجمة الوهابية علي الأزهر، كان يتم الجدل بين التنويريين القلة والأكثرية المقلدة والمحافظة في نطاق البحث العلمي وإلي حد ما كان يوجد نوع من الخصومة الشريفة، ومثال ذلك أن الشيخ حسن عليش، كان ضد الشيخ محمد عبده وكان عليش يطارد تلاميذ عبده في الأزهر، ولكن لم يحدث أن استحكمت الخصومة، وأصبحت غير شريفة إلا بعد أن دخل الأزهر في النفوذ السعودي، لأن السعودية تريد أن تسيطر علي مصر ثقافيا ودينيا بالوهابية، وجزء من ذلك القضاء علي أي أحد يأخذ اتجاها مغايرا تنويريا،
خصوصا إذا كان صاحب حجة وأزهريا، وحجته من داخل الإسلام، ومن هنا كانت الخصومة شرسة ووصلت إلي ترك الجامعة والمطاردة الأمنية ودخول السجن، وهو كما معروف فإن السعودية بأموالها تشتري قيادات هنا وهناك وبأموالها تستطيع أن تنفذ إلي كل شيء في الإعلام، وكذا وكذا ومن هنا جعلت الخصومة تدخل في عدم الشرف.
* ما معني أنكم تلتزمون بحرفية القرآن الكريم؟
- الالتزام بحرفية القرآن الكريم كلمة علمية تصدق علي أي كتاب آخر، أما بالنسبة لي فأنا أؤمن بالقرآن الكريم أؤمن ـ استنادا لكلامك ـ بكل حرف فيه، وأجتهد من خلاله، ومن خلاله أيضا أنظر إلي التراث كعمل بشري إذا اتفق مع القرآن الكريم، وهذا جيد لصاحبه «المؤلف»، وإذا اختلف مع القرآن الكريم، فهذا خطأ من صاحبه الذي كتب هذا الكتاب، ومثلا «البخاري» أنا أقول إن ما أسنده البخاري من أحاديث إلي النبي، لا يسمو للمنهج العلمي، فالبخاري متوفي ٢٥٦ هجرية، أي بعد عصر النبي بـ٢٠٠ سنة، فكيف تستند للنبي أقوال بأثر رجعي أو مهما قلت من كلام فلا يمكن أن يصمد بأي شيء من الأشياء، وهناك بحث لي اسمه «الإسناد» منشور علي موقعنا الإلكتروني، ولكن المهم أن ما يقوله البخاري، فهذا كلامه هو، وأنا أنكر نسبة هذا الكلام للنبي بمنهج علمي وقرآني وعقلي، ولكن أحتكم إلي القرآن الكريم في كل التراث بهذا المنطق.
* يقول البعض أنك تجتهد في تفسير القرآن الكريم؟
- كلمة تفسير أنا اعتبرها إساءة أدب إلي القرآن الكريم، فالقرآن الكريم كتاب مبين يفسر بعضه بعضا، ولا يحتاج إلي تفسير من البشر وهو ليس كتابا غامضا، وأنا أقول إنني أتدبر القرآن الكريم، وهذا هو أمر إلهي أفلا تتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها.. «أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا» فتدبر القرآن فرض علي المسلم العالم.
* إذن أنت مع الاجتهاد؟
ـ نعم أنا أتدبر القرآن الكريم، والتدبر هو عملية منهجية في فهم القرآن الكريم بمعني أنني أمشي دبر الآية أي خلف الآية وهو المنهج العلمي في فهم أي كتاب فأنت تجمع كل المعلومات وتستخلص ما يقوله الكتاب، وهذا ما أفعله في القرآن الكريم، بعد أن نفهم مصطلحاته من داخل القرآن، وهذا اجتهادنا في فهم القرآن الكريم واجتهادنا هو اجتهاد بشري يقبل الخطأ والصواب.
* هل يتساوي الاجتهاد مع الفتوي؟
ـ الفتوي هي نوع من الاجتهاد في إبداء الرأي والفتوي تعبر عن عقلية صاحبها وليس فقط في إصدار الفتوي، ولكن في منهجيتها وإذا دخلت علي موقعي ستجد فتاوي في السياسة والاقتصاد والقرآن والتراث والإسلام والتاريخ وأشياء كثيرة، وأدلي فيها برأيي وأعرض فتاوي علي أي إنسان يعلق عليها وأؤكد بهذا أن ما أقوله ليس رأيا للدين وليس رأي الإسلام، ولكنه رأي أحمد صبحي منصور، وهو رأي بشر يخطئ ويصيب، وقابل للمراجعة وللنشر وهذا الاختلاف بيني وبين الآخرين في أن الآخرين يقصرون فتاواهم علي نواح مكررة ومعروفة في موضوعات الفقه، ثانيا: يقول رأي الإسلام كما لو كان متحدثا باسم رب العزة جل وعلا وهذا ما أرفضه تماما، وأقول إن هذا رأيي وهذا اجتهادي ولا أريد أن أزكي نفسي وأقول: إن فتاواي أفضل من فتاوي الآخرين وأجد من الثقة في نفسي أن أضع فتاوي للقارئ العادي كي يعترض عليها.
* لماذا حضرت مؤتمر الأقباط وبأي منظور كانت مشاركتك؟
ـ حضرت مؤتمرين للأقباط ورفضت أن أحضر مؤتمرات تاليه مع أنه قدمت لي دعاوي كريمة من المهندس عدلي أبادير لأن المؤتمرات التي جاءت قبل هذا هي مجرد عويل وبكاء وصراخ إلي آخره وأناأريد كمصلح ـ والعمر يمضي ـ أن نصل إلي أشياء ملموسة ينتج عنها إصلاح للأغلبية المسلمة، وإنقاذها أن تقع أسيرة التطرف، ومعرفتي بالمهندس كميل حليم رئيس التجمع القبطي في الولايات المتحدة وهو صديق عزيز ونائب رئيس المركز العالمي للقرآن الكريم أنه رجل عملي فقلت له سأحضر علي أمل أن تكون هناك نقلة نوعية في الحركة القبطية تتخلص بها من آثار الصراخ الماضي وتبدأ بها حركة جديدة تنفتح بها علي المسلمين ولهذا تواجدت في هذا المؤتمر.
* هل القرآنيون طائفة أم تنظيم؟
ـ لا يمكن لحركة اجتهادية أن تكون طائفة أو تنظيما لأكثر من سبب فالتنظيم لابد أن تكون له أهداف دنيوية ولابد أن يسعي إلي السلطة ونحن ضد السعي إلي السلطة وضد خلط الدين بالسياسة.
التنظيم لكي يسعي إلي السلطة لابد أن يتحبب إلي الناس ونحن نصدم الناس بما نقول لأننا نريد الإصلاح الذي معناه أنك تضع يدك علي الجرح فالمريض يقول آه.. ولا يحبك ونحن نقول للناس مالا يرضاه الناس، إذن، ولهذه الأسباب لا يمكن أن نكون تنظيماً، وثالثا: كحركة إصلاحية أو اتجاه إصلاحي دائما نعلن كل شيء لأن الإصلاح معناه أن تعلن، ومعناه أننا نريد إصلاحا ثقافيا، وتعلن للناس وتعرض ما نقول علي محك المناقشة، وأخيرا أن كل اتصالنا بالناس يتم عن طريق الإنترنت فأنا لا أعرف أحداً ممن يكتب معي علي حقيقته فالغالبية تكتب بأسماء مستعارة ولا يهمني أن أعرف اسمه ولكن ما يهمني هو رأيه.
* أعلنت أنك قمت بتزويج ثلاث مسلمات إلي ثلاثة مسيحيين إلي أي الأسانيد تستند في هذا؟
ـ إلي القرآن الكريم.
* كيف؟
ـ القرآن الكريم في الآية ٥ من سورة المائدة يقول «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات..»
هذه الآية تقول إن طعامي حلال لك أيها الكتابي وطعامك حلال لي ونساؤكم بالزواج حلال لي ونسائي حلال لك فالآية واضحة وصريحة وهم حاولوا أن يتلاعبوا بالمعني ولكن المعني صريح وموقفهم كالآتي منهم من قال: إن الآية تتحدث عن أهل الكتاب السابقين وليس هذا العصر وهذا الكلام خاطئ لأن اليوم معناه من هذا اليوم إلي قيام الساعة، وبعضهم يقول نتزوج بناتهم ولا يتزوجون منا، وهذا أيضا فهم خاطئ للآية ويناقض العدل في الإسلام، لأن الإسلام أساسه العدل وكل الرسالات السماوية تقوم علي العدل والله سبحانه وتعالي يقول في الآية ٢٥ من سورة الحديد «لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط» والقسط هو أساس، والقسط كيف يكون الأساس، وأنا أتزوج منك ولا تتزوج مني.
* هل قمت بتزويج الفتيات الثلاث المسلمات من المسيحيين الثلاثة في مصر أم في أمريكا؟
ـ هنا في أمريكا قمت بتزويجهم.
* هل لأن القوانين هنا تسمح بذلك؟
ـ هناك بنات مسلمات حريصات علي دينهن ويريدن الزواج من شبان مسيحيين ومتفقون علي ذلك ولكن عائلاتهم ترفض فيتجهون لي ويطلبون مني أن أقنع الأهل وهذا ما حدث مع فتاة مغربية من عائلة وذات مركز عال جداً وأقنعت أهلها رغم أنهم قالوا لي إن هذا الرأي رأي غريب علينا فقلت لهم ليس هذا رأيي فاقرأوا القرآن والآية التي ذكرتها وحكم عقلك.. هل الإسلام دين العدل أم غير ذلك.. فالرجل والد الفتاة اقتنع وجاء هو ووالدة الفتاة من مراكش وجاء العريس بأهله من بولندا وخطبت خطبة العقد باللغة الإنجليزية وذكرت لهم أن الإسلام يقول «إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، والتعارف أجمل شيء، والاختلاف ليس لكي نتحارب ولكن لنتعارف، ومن ضمن التعارف الزواج المشترك أو المختلط وهو ما نشجعه وهو الإسلام الحقيقي وليس مثل إسلام بن لادن وقد أعجب الكلام الحاضرين وكانت تجربة حلوة.
أما التجربة الثانية كانت مع فتاة من البنغال ـ بنجلاديش ـ ووالدها رافض تماما، وحدّث بعدم موافقته وكان قد تكلم معي وحاولت أن أشرح له أن أي إنسان مسالم فهو مسلم، وهذا نص القرآن الكريم، وأن كل العقائد ترجع إلي الله سبحانه وتعالي، ولكن الإنسان الكافر في السلوك هو الذي يعتدي وهو الإرهابي في مفهومنا مثل بن لادن هؤلاء الذين قال عنهم القرآن الكريم «ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا» بمعني الأمان، وحاولت أن أفهمه فقال لي أنا رجل هندي مسلم، فهل يعقل أن أتساوي مع الهندي الهندوسي، وقلت له نعم طالما كان مسالماً، فرد علي لا.. أبداً.
* هل الفتاة الثالثة مصرية؟
- لا، فهناك فتاة أمها مصرية ووالدها أمريكي، وهي بالطبع ٩٩% طبعها أمريكاني، ولكن بسبب أن أمها مسلمة فقبل أن تتزوج في الكنيسة صممت أمها أن تتزوج زواجاً إسلامياً وجاءوا جميعاً إلي منزلنا وعقدنا القران وكان العريس منبهراً وأخذ فكرة جيدة عن الإسلام.
* لك مقولة شهيرة هي «تمصير الإسلام» وشبهت فيها التدين المصري الإسلامي بالتدين المصري المسيحي.
- جاء ذلك في كتاب لي صدر عام ١٩٨٤ وهو أن مصر تمصر كل وافد إليها، فالكتاب اسمه شخصية مصر بعد الفتح الإسلامي، وقلت إن مصر تعاملت مع الفتح الإسلامي علي أنه غزو، لأنه عسكري، وعلي أنه دين، أما فكيف تعاملت معه، تتبعت كيف دخل أجدادنا الأقباط الإسلام مرحلة مرحلة فوجدت أنهم دخلوا أفواجاً أفواجاً في الإسلام الشيعي، ثم التصوف، ثم التصوف السني إلي آخره، وأنه تم تمصير الإسلام، وكنت قد رجعت إلي كتاب آدم ميتز عن الديانة المصرية القديمة، وقارنت بين ما يقوله ميتز وما كان يقال في تاريخ الصوفية المصرية في العصر العثماني، وما قاله المقريزي في كتابه الخطط ، خرجت بأن هناك وحدة أساسية هي الدين المصري.
وأضرب لك مثلاً.. فالسيدة زينب بنت علي بنت السيدة فاطمة، لم تأت مصر علي الإطلاق، وأقيم لها ضريح عام ٩٥٥ مع بدايات العصر العثماني، وضريح يطلق عليه ضريح الرؤية لأن رجلا صوفيا رأي في المنام أن السيدة زينب جاءت وحطت هنا فأقيم لها ضريح، وهذا استجابة لرغبة شعبية في أن تكون هناك السيدة، ففي الديانة المصرية القديمة توجد عبارة السيدة التي هي «عزي» التي هي «إيزيس» التي بعد ذلك هي «العذراء» ثم بعد ذلك السيدة زينب، إضافة إلي الأشياء الأخري.
وأيضاً كلمة آمون هي كلمة أمين الموجودة في الإسلام والمسيحية، ما أود أن أقوله أنه سبقني كثيرون في تحليل الديانة المسيحية من وجهة نظر معينة بسبب المؤثرات الفرعونية الموجودة فيها واعتمدت علي كلامهم في الموضوع بالنسبة للمسلمين المصريين.
* اتهمت بإنكار السنة عام ١٩٨٧ عقب إصدارك كتاب «المسلم العاصي» ما موقفك منها الآن؟
- الاتهام بإنكاري السنة مستمر، ولكنني أؤمن بالسنة التي جاءت في القرآن الكريم بالمفهوم القرآني، لأنها هي شرع الله سبحانه وتعالي، والآية في سورة الأحزاب تقول: «ما كان علي النبي من حرج فيما فرض الله له، سنة الله في الذين خلوا من قبل...».
فسنة الله وأمر الله وفرض الله، هي أمر واحد، وبالنسبة للنبي ليست له سنة ولكنه أسوة، «قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» ولم يقل سنة.
والرسول هو الذي نقتدي به في تنفيذ السنة، فالسنة هي شرع الله فيما يخص العبادات، وأنا والحمد لله لا أقطع فرضاً وأزكي وأتمني أن أحج، وهو ما يسميه الفقهاء السنة العملية أو الفعلية، ولا اختلاف بيني وبينهم في هذا.
* أين يوجد الخلاف؟
- الخلاف فيما يقولون عنه السنة القولية أو الأحاديث، فأنا أري أن هذه الأحاديث مقطوعة الصلة بالإسلام، وهي تنسب إلي المسلمين، وإلي عمل بشري للمسلمين، فكتاب البخاري اسمه كتاب البخاري، وهو مسؤول عن الموجود فيه.
وسنة الشافعي تنسب إليه ورسول والإسلام يقول «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً» سورة المائدة، يصبح أي شيء بعد اكتمال الإسلام ينسب إلي المسلمين، فأنا عندما أقول إن هناك «حتة تانية» وأنسبها إلي البخاري الذي ينسبها إلي وحي، فبذلك أنا أتهم النبي بأنه لم يبلغ الرسالة، ومعني هذا أنه كتبه البخاري وابن حنبل، فهذا يعتبر طعنا في النبي عليه الصلاة والسلام، ومن هنا أنا أؤمن بأن السنة القولية جاءت في القرآن الكريم في قول الله تعالي للنبي «قل» حوالي ٣٣٠ مرة، بعد ذلك قال الله تعالي: «ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين»، إذن هو قل ولا تقل أي شيء خارج القرآن فيما يخص الدين.
أما حياته الخاصة ففي التاريخ ولا تهمنا ولكن الدين الذي بلغه هو القرآن.
أما الأقاويل التي تنسب لي فأنا أقول لهم إن السنة القولية هي ما جاء في القرآن الكريم وهم يقولون إنها جاءت في البخاري، وهذا هو الاختلاف بيننا.
* بعض مواقع الإنترنت تقول إن لك رؤيتين للإسلام، وأن المصريين لهم رؤية واحدة ما رأيك؟
- هذا القول قول جاهل، أولاً لأن المسلمين في مصر ليست لهم رؤية واحدة للإسلام، وهذا خطأ والإنترنت، أتحفنا بالكثير من الجهلة وأحياناً أسميها «نعمة الجهل» وهو فرح بجهله، وأحياناً أسميهم صعاليك الإنترنت لمجرد أنه يستطيع أن يكتب علي جهاز الكمبيوتر يبدأ في الفتوي ويضع رأسه برأس العلماء الراسخين في العلم، ثم من قال إن المسلمين في مصر لهم رأي واحد، هناك صوفية وسنة وشيعة وبهائيون، إذا اعتبروا أنفسهم ضمن الإسلام أو خرجوا منه، فالسنة ليسوا شيئاً واحداً، فهم أربعة مذاهب موجودة ومختلفة، والشيعة حوالي ٥ مذاهب، والصوفية كل شيخ وله طريقة، ومن قال هذا؟
فهناك تنوع، وتنوع شديد.
الموضوع هو أنه جاءت غزوة فكرية مسلحة بالدولار والريال السعودي وبأمن الدولة وبرغبة سياسية في خلق حركة دينية سياسية، لكي يبقي عليها نظام الحكم فزاعة للغرب لأسباب سياسية هي التي جعلت نبرة مذهب واحد هي الأعلي، ولاحظ أن الوهابية هذه جزء من تيار اسمه تيار ابن تيمية وليست كل مذهب ابن تيمية وهو بدوره جزء من تيار اسمه المدرسة الحنبلية، وهي جزء من تيار اسمه السنة، فهي جزء من جزء من جزء والسؤال هنا من قال إن المسلمين في مصر يجمعون علي رأي واحد؟
اجمالي القراءات
4706