باحث اجتماعي: المغرب يعيش ظاهرة "قوامة" الزوجات على أزواجهن
يشهد المجتمع المغربي تزايداً في حالات خروج الزوجة للعمل، فيما يلزم الرجل المنزل ليقوم بمهام الزوجة، ما حوّل المرأة لتكون القوّامة والمنفقة على الأسرة، في حين يكتفي الزوج بالإشراف على الأعمال المنزلية، والقيام بأعبائها كلها.
وهذا ما واجه عبدالله، وهو مغربي متزوج وله أطفال، اضطر للعيش فترة من الزمن دون عمل. وهو ما دفعه لملازمة المنزل، ومجالسة أطفاله، وإيصالهم إلى مدارسهم، ثم غسل الأواني والاهتمام بترتيب المكان. وهو ما أدى لانشراح زوجته لما يقوم به، حتى صارت تعتمد عليه في العديد من الأمور المنزلية.
ويعترف عبد الله أنه كان يشعر أيامها بالضيق النفسي، خاصة مع شعوره أن سكان حيّه، وحتى أفراد عائلته، ينظرون إليه بإشفاق على حاله، وهو ما دفعه للعودة والبحث عن عمل، على الرغم من أنه كان ينجز المهام المنزلية بشكل جيد.
حين تنقلب الأدوار
ويعزو الباحث الاجتماعي عبد العزيز أفراتي، ظاهرة قبول الرجل/الزوج بالجلوس في البيت، أو ما يسميه "الرجل البيتي" إلى الشروط الاقتصادية الصعبة، خاصة مع تنامي البطالة بين أوساط الرجال والشباب، فلا يكون هناك بد من الحل الذي يرتضيه الرجل لنفسه بأن يكون "بيتيا".
لكن من جهة أخرى، هناك عامل العنوسة التي تجعل المرأة تقبل بالزوج ولو كان عاطلا لا عمل له، فالأساسي لديها هو الظفر بزوج أو بـ"ظل رجل" كما يقال، فتخرج هي للعمل ويجلس هو للعمل في البيت، فتنقلب الأدوار".
ويضيف: حين تنقلب الأدوار بين الزوجين، تنقلب المهام والتماثلات الاجتماعية أيضا،، فالزوج "البيتي" يصعب عليه في مجتمع ذكوري، كالمجتمع المغربي، أن "يفتخر" بنفسه أو بما يقوم به أو يعلنه على الملأ، مما يجعله عرضة للشعور بالنقص مهما حاول إخفاء تلك الشروخات التي داخله بسبب طبيعة المجتمع الذي اعتاد أن يكون الرجل خارج البيت والمرأة داخله، أو أن يكونا معا خارج البيت يعملان، لا أن يمكث الزوج في البيت ينتظر عودة زوجته مساء من العمل.
وهنا، تُمَس قوامة وقيادة الزوج لأسرته، فلا تصبح له تلك الامتدادات فيها ولا السلطات الذكورية المتعارف عليها اجتماعيا، وهذا كله لا يؤدي إلا إلى مشاكل تواصلية بين الزوجين وأيضا بين أسرتيهما.
الرجل" البيتي" ضعيف
ولا تنحصر العواقب في هذا، بل تتعداها إلى تأثيرات نفسية وخيمة، حيث يعتبر المحلل النفسي حميد الشرادي أن مكوث الزوج بالبيت والقيام بشؤونه اليومية، وخروج الزوجة للعمل والنفقة على الزوج والعيال، لا يمكن أن يمر دون أن يُحدِث ندوبا عميقة في نفسية الزوج بالخصوص، ثم في نفسية الأبناء من بعده.
ويضيف: إن شخصية الزوج تصبح مع مرور الزمن أضعف من شخصية زوجته، لأن الاستطاعة المادية تأتي منها، وهي من تتحكم في دواليب البيت وأموره وميزانيته، وهذا الشعور قد يترجمه الرجل إلى نوع من "الإسقاط" النفسي يقوم به إزاء زوجته إذ يكون أكثر عنفا من الزوج الذي يعمل خارج البيت، وتنعكس الصورة السلبية لهذا الزوج أيضا على الأبناء الذين يشعرون من تلقاء أنفسهم، ولو عن خطأ، بأن أباهم يستغل أمهم ويتكل عليها دون وجه حق.
اجمالي القراءات
5182