قانون الأسرة في المغرب لم يمنع المغاربة من تعدد الزوجات
لم تمنع قوانين جديدة سنها المغرب منذ أكثر من أربع سنوات في مجال حقوق المرأة والأسرة أن تضع شروطا صارمة على طالبي التعدد المواطن المغربي محمد.ا من الزواج بثانية في عقدها الثالث بعد أن قضى مع زوجته الأولى أكثر من 18 سنة.
يقول محمد (51 سنة) لرويترز "هذا حقي كفله الله لي ولا أحد يمكنه منعي من ذلك." ويضيف "لا زلت أحب زوجتي الأولى ولن أتخلى عنها.. لكن عند التقائي بزوجتي الثانية شعرت بمشاعر الحب تجتاحني من جديد والأفضل أن يكون لهذا الحب اطار يرضي الله ورسوله."
ونظر كثير من أنصار حقوق الإنسان المغاربة والأجانب إلى قانون الأسرة الذي سنه المغرب في اواخر عام 2003 على أنه "ثورة اجتماعية هادئة" اذ يضع شروطا صارمة على تعدد الزوجات الى درجة تقترب من المنع وأعطي للمرأة أيضا الحق في الزواج دون ولي ورفع سن الزواج من 16 سنة الى 18 سنة والحق في حضانة الاطفال كما يجعل الطلاق والزواج بيد القاضي.
وفي حين كان المدافعون عن حقوق المرأة يأملون في الغاء تعدد الزوجات اكتفى القانون الجديد بتقييد تعدد الزوجات بوضع شروط صارمة للتضييق على طالبي التعدد كقدرة الزوج على "توفير العدل على قدم المساواة مع الزوجة الاولى وأبنائها في جميع جوانب الحياة واذا ثبت لديه المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد."
كما يمكن للمرأة أن تشترط كتابيا على زوجها عدم التزوج عليها و"اذا لم يكن هنالك شرط وجب استدعاء المرأة الاولى لأخذ موافقتها واخبار ورضى الزوجة الثانية بأن الزوج متزوج بغيرها. وهذا مع اعطاء الحق للمرأة المتزوج عليها في طلب التطليق للضرر."
لكن احصائيات رسمية تقول أن عدد طلبات الزواج من امرأة ثانية في عام 2006 بلغ أكثر من 4000 طلب زواج تعددي تم البت في 3339 ملفا وتم قبول 1450 ملفا في حين تم رفض 1889 طلبا. ويصعب مقارنة تطور نسبة تعدد الزوجات في المغرب قبل وبعد المدونة الجديدة بسبب غياب احصائيات دقيقة.
وقال مصدر من وزارة العدل المغربية طلب عدم نشر اسمه لرويترز "لا نتوفر على احصائيات دقيقة لتطور طلبات التعدد منذ دخول المدونة حيز التطبيق في العام 2004." واضاف "ان احصاء حالات التعدد لم يبدأ الا في العام 2005 اذ لم تكن توثق حالات التعدد قبل العام 2003."
واستنتنج "بالتالي لا يمكننا أن نقوم بمقارنة لتطور حالات التعدد وان كان هناك تراجع في الحالات لاعتبارات اقتصادية واجتماعية فانه لا يمكن الغاء التعدد من المجتمع المغربي."
ويقول المحامي حسن حلحول "المشرع المغربي حاول التقليل من حالات التعدد الا أن هناك فراغا قانونيا يمكن للمواطن استغلاله للاستمرار في طلب التعدد." وأضاف "بعض الرجال خاصة ممن يتشبعون بالمرجعية الاسلامية يتشبثون بالنص القرآني الذي حث على التعدد بل حتى الفقراء منهم يعددون بالرغم من الظروف الاقتصادية المزرية."
ويقول انه لا يمكن الغاء التعدد مادام هناك نص قرآني يبيحه كما يرى عدد من المحللين أنه لا يمكن الغاء التعدد بسبب مرجعية الحكم في المغرب.
وكان العاهل المغربي محمد السادس الذي هو في نفس الوقت أمير المؤمنين حسب الدستور المغربي قال إبان الإعلان عن سن القانون الجديد للأسرة في العام 2003 انه لا يمكن أن "يحل ما حرم الله او يحرم ما احله."
ويمكن للقاضي أن يوافق على التعدد في حالة الحصول على اذن من الزوجة لكن المهتمين بشؤون الاسرة والقانون يقولون انه لتقييد التعدد أكثر يجب الا يكتفى بمجرد الحصول على اذن كتابي من الزوجة وانما يستدعي الامر حضور الزوجة وان تصرح للقاضي بذلك.
يقول بعض المحللين ان التعدد مرتبط أيضا بعقليات وتقاليد متوارثة الى جانب الظروف الاقتصادية. ففي المجتمع المغربي لا يزال هناك نساء يخترن بمحض ارادتهن تزويج أزواجهن لضمان بقاء الزوجة الاولى مديرة لشؤون البيت وأم الاولاد كما ان تشبث عدد من النساء المغربيات بالمرجعية الاسلامية يجعلهن يأذن لازواجهن بالتعدد.
في حين ترتبط نتائج الموسم الزراعي الجيد في البوادي برغبة الزوج في التعدد كنوع من الاحالة الى الرغبة في زيادة الخصوبة والربط بين خصوبة الارض وخصوبة الزوجة.
غير أن المدافعات عن حقوق المرأة لم يفقدن الامل في الغاء التعدد نهائيا من المجتمع المغربي وتقول خديجة الرويسي وهي ناشطة حقوقية مغربية ورئيسة جمعية (بيت الحكمة) "ان من بين القوانين المجحفة التي لا نزال نأمل في الغائها نهائيا تعدد الزوجات لانه لا يحترم لا شعور المرأة ولا انسانيتها ولا يحمي الاسرة والاطفال."
وتضيف "الدين لم يحرم التعدد لكن الله تعالى وضع شروطا صارمة على التعدد تقترب من التحريم باشتراطه العدل وجزمه في نفس الوقت بصعوبة تحقيق هذا الشرط (ولن تعدلوا)."
وتتفق عدد من الناشطات في مجال حقوق المرأة على أن "الاشكاليات المطروحة في هذا المجال متعددة" مسجلة "ايجابية القانون بالرغم من أنه لا يطبق بالصفة التي وجد من أجلها." وتقول ان الاشكاليات مرتبطة "بتغيير العقليات ومحاربة الرشوة والفقر والجهل والامية خاصة في أوساط النساء."
ويلجأ بعض المغاربة الى استغلال الثغرات الموجودة في القانون الجديد للزواج من ثانية كتقديم المرأة الثانية التي يرغب في الزواج منها الى هيئة المحكمة وهي حامل لحث القاضي على السماح بالتعدد "لاثباث النسب."
ويقول الحقوقيون ان تفشي الرشوة في المجتمع المغربي يسمح بتجاوز القيود التي يضعها القانون الجديد على طالب التعدد. وصنف تقرير منظمة الشفافية المغرب في مجال الرشوة في المرتبة 72 من أصل 163 بلدا.
ويقول محمد انه لم يواجه اي عراقيل في الزواج للمرة الثانية "صحيح لقد تعقدت الاجراءات اكثر وكان علي أن اذهب بين المحكمة والزوجة الاولى اكثر من مرة لكننا وصلنا الى حل يرضي الجميع في الاخير."
اجمالي القراءات
5316