المشاريع الصغيرة في الصومال... نافدة أمل للفقراء

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢٤ - يوليو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


المشاريع الصغيرة في الصومال... نافدة أمل للفقراء

في تحول لافت يعكس قدرة النازحين والمشردين في الصومال على الصمود والتكيّف مع الظروف الاقتصادية والمعيشية، تمكن عدد من المشردين والنازحين داخليًا في مدينة بيدوا جنوب غرب الصومال من تحقيق الاكتفاء الذاتي وإعالة أسرهم من خلال إطلاق مشاريع تجارية صغيرة، بعد توقف المساعدات النقدية التي كانوا يعتمدون عليها لسنوات. وأعلنت منظمة الأمم المتحدة في شهر مايو/أيار الماضي أنها اضطرت لمراجعة خططها الإغاثية للصومال واليمن لأزيد من النصف خلال الشهرين الماضيين، وذلك بسبب التخفيضات العالمية في تمويل العمليات الإنسانية. وأكد مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة أن المنظمة أجرت مراجعة شاملة لاستجاباتها الإنسانية خلال الشهرين الماضيين بما يتماشى مع خطة وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، لإعادة ضبط العمل الإنساني.

وسجلت المنظمة أن خطة الاستجابة الجديدة للصومال تسعى لاستهداف 1.3 مليون شخص بالمساعدات، حيث سينخفض معدل المستفيدين بأكثر من 70% عن العدد المحدد في بداية العام والذي كان يبلغ 4.6 ملايين شخص. وأفادت المعطيات ذاتها بأن هذه الخطوة ستؤدي إلى خفض التكلفة المحددة لدعم المساعدات الإنسانية بالصومال من 1.4 مليار دولار إلى حوالي 367 مليون دولار فقط. وللحد من الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الأسر الصومالية المتضررة من الكوارث البيئية في الصومال منذ عام 2011، أطلقت البنوك المحلية في مقديشو برامج لدعم المشاريع الصغيرة من خلال القروض الميسرة، كما أن بعض الهيئات الإغاثية العاملة في الصومال مثل قطر الخيرية ومكتب العون المباشر (منظمة كويتية) تنفذان مشاريع لدعم الأسر الفقيرة، من خلال مشاريع "أغنوهم عن السؤال"، وهو ما غيَّر حياة كثير من الأسر الفقيرة نحو الأفضل.وتعاني الصومال مزيجاً من التحديات الاقتصادية والأمنية التي تقوّض فرص النهوض والاستقرار، في بلد لا يزال يعاني من آثار عقود من الحرب الأهلية والانهيار المؤسسي. وتشير أحدث التقديرات (البنك الدولي) إلى أن دخل الفرد السنوي في الصومال لا يتجاوز 1135 دولارًا، وهو من أدنى المعدلات عالميًا، ما يعكس حجم الفجوة التنموية التي يعيشها الصوماليون.

قصص نجاح
حسن إبراهيم عبدي، البالغ من العمر 75 عامًا، والمقيم في مخيم ووريشي بضواحي مدينة بيدوا، استطاع أن يُنشئ مشروعًا تجاريًا بسيطًا باستخدام مبلغ 3000 دولار جمعه على مدار خمس سنوات من مساعدات شهرية قدرها 120 دولارًا كانت تقدمها له منظمات الإغاثة، وكان يدّخر منها 50 دولارًا شهريًا. هذا المشروع مكّنه من إعالة أسرته المكونة من عشرة أفراد، ويحقق له اليوم دخلًا يوميًا يتراوح بين 8 و10 دولارات. يقول عبدي في هذا السياق: "كنت أعلم أن المساعدات لن تستمر للأبد، فقررت التخطيط للمستقبل والادخار. واليوم، أعتمد على مشروعي الخاص، وأعمل على تطويره تدريجيًا". كما تمكن حسن من شراء أربعة رؤوس ماشية (أغنام وأبقار) بقيمة 400 دولار، ويأمل أن ينقل أسرته من المخيم إلى سكن دائم، بعد أن كانوا قد نزحوا من منطقة بورام عام 2018 بسبب الجفاف الذي قضى على ماشيتهم.وفي السياق ذاته، استطاع علي محمد إبراهيم أن يؤسس متجرًا صغيرًا لبيع المواد الغذائية والخردوات في مايو/ أيار الماضي، بدخل يومي يراوح بين 9 إلى 10 دولارات، ما ساعده على تسديد ديون بلغت 400 دولار خلال عام، كانت قد تراكمت عليه عند وصوله إلى المخيم. يقول إبراهيم: "في البداية كنا ننتظر المساعدات بقلق. إذا تأخرت كنا نشعر بالعجز، واليوم أصبحت أدير حياتي وأطفالي بفضل مشروع تجاري بنيته بمدخراتي. وادخر إبراهيم مبلغ 1800 دولار خلال عامين ونصف، بعد أن كان يخصص 60 دولارًا شهريًا من المساعدات لهذا الهدف. أما إبراهيم محمد يوسف (29 عامًا)، فاستطاع أن يؤسس مشروعًا صغيرًا لبيع الخضروات بمبلغ 540 دولارًا ادّخره خلال 18 شهرًا. ويكسب الآن ما بين 6 و7 دولارات يوميًا، ويؤكد أن هذا التغيير منحه القدرة على إعالة أسرته وسداد نفقاتهم الصحية والتعليمية، مشيرًا إلى أن الاعتماد على المساعدات لم يكن خيارًا مستدامًا.

المشاريع الصغيرة
تُعد المشاريع التجارية الصغيرة المدرة للدخل واحدة من أنجح الأدوات في دعم النازحين داخليًا واللاجئين، خصوصًا في بيئات مثل الصومال التي تشهد أزمات متكررة من نزاعات مسلحة وجفاف مزمن. فبدلًا من الاعتماد الدائم على المساعدات، تمنح هذه المشاريع الأسر فرصة لاستعادة كرامتها، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي، والاندماج في المجتمعات المحلية. ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الصومال عبدالعزيز ابراهيم، إن المشاريع الصغيرة المدرة للدخل عنصر أساسي لتعزيز الاقتصاد الصومالي وترسيخ الاستقرار الاجتماعي، إذ تسهم بفعالية كبيرة في خلق فرص عمل، لا سيما لفئة الشباب والنساء، مما يؤدي إلى الحد من البطالة ومكافحة الفقر. كما تساهم هذه المشاريع في تحسين دخل الأسر بشكل منتظم، وتفعيل الحركة التجارية داخل الأسواق المحلية، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على النشاط الاقتصادي العام. وبالإضافة إلى ذلك، تتيح للمرأة الصومالية دورًا أوسع في المجال الاقتصادي، وتعزز من ثقافة المبادرة والعمل الذاتي، حسب إبراهيم.
اجمالي القراءات 67
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق