6 أشهر على قانون العفو العام في العراق: مماطلة وبطء في التنفيذ

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢١ - يوليو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


6 أشهر على قانون العفو العام في العراق: مماطلة وبطء في التنفيذ

رغم مرور ستة أشهر على إقرار قانون العفو العام في العراق، لم يشمل غالبية المحكومين المفترض شمولهم بالقانون العفوُ لغاية الآن، إما بسبب رفضهم طلبات إعادة التحقيق والمحاكمات، وإمّا جرّاء بطء سير الإجراءات في المحاكم نتيجة الزخم الحاصل في الطلبات المقدمة وعدم وجود لجان قضائية تكفي للنظر في تلك الطلبات ومعالجتها بشكل سريع. وتتصاعد الدعوات للإفراج عن المعتقلين المحكومين بتهم الإرهاب، خاصة أن أكثر من 70 % من المعتقلين صدرت بحقهم أحكام تعسفية نتيجة بلاغ "المخبر السري" أو إخباريات كيدية، ولا سيما في الفترة التي أعقبت استعادة القوات العراقية السيطرة على المدن التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم داعش ما بين (2014- 2017).

وأقر البرلمان العراقي، في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، قانون العفو العام بصيغته التي تتضمن منح الفرصة للمحكومين الذين يثبت تعرضهم للتعذيب والإكراه خلال التحقيق، أو المحكومين بناء على وشاية "المخبر السري"، بطلب إعادة محاكمتهم مجدداً، وهو إجراء سيمنح عشرات الآلاف فرص الحصول على محاكمات عادلة، تسمح بإطلاق الأبرياء منهم. وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة العدل العراقية فإن عدد نزلاء السجون الإصلاحية التابعة للوزارة يبلغ نحو 70 ألف محكوم، نحو نصفهم محكومين بتهم تتعلق بقضايا الإرهاب، فيما تشير آخر بيانات الوزارة إلى عدد المحكومين المفرج عنهم وفقاً لقانون العفو العام يبلغ 6818 محكوماً بقضايا مختلفة، أطلق سراحهم من سجون الوزارة البالغة 30 سجناً إصلاحياً في عموم البلاد.

وخلال العامين الماضيين، عملت القوى العربية السنية في البرلمان العراقي لسن قانون العفو العام من أجل إنصاف المظلومين الذين صدرت بحقهم أحكامٌ قضائية بتهم الإرهاب إما بعد انتزاع الاعتراف بالإكراه وإما بسبب شهادة المخبر السري، لكن الضغوط السياسية أضافت إلى القانون فقرات عدة أفضت إلى شمول فئات أخرى من المعتقلين بقضايا جنائية ومنها قضايا الفساد، والاختلاس، والمخدرات، وغيرها. وتظهر شهادات من ذوي المعتقلين تفيد بعدم شمول ذويهم بإجراءات العفو لغاية الآن، إذ تقول أم إسماعيل من سكنة حي الأربجية شرقي الموصل وهي والدة أحد المحكومين بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش"، إن ابنها قبض عليه من مخيم النازحين في الجدعة في العام 2018 رغم خضوعه للعديد من عمليات التدقيق الأمني التي أكدت سلامة موقفه الأمني.

وتؤكد خلال حديث مع "العربي الجديد"، أن ابنها من مواليد 1993 نزيل حالياً في سجن التاجي شمالي بغداد بعد أن صدر حكم قضائي بحقه بالسجن لمدة 15 عاماً بتهمة الانتماء إلى التنظيم، وهي تهم تنفيها وتشير إلى أنه اعتقل من قبل قوة أمنية جراء بلاغ من مخبر سري ثم صدر عليه الحكم القضائي بعد انتزاع الاعتراف منه تحت التعذيب، فيما توضح أن ابنها كان معتقلاً لدى داعش خلال العام 2015 بتهمة بيع السجائر.وتطالب أم إسماعيل، رئاسة مجلس القضاء ورئاسات الوزراء والبرلمان والجمهورية بالنظر في ملفات المحكومين ظلماً، والإيعاز بإعادة المحاكمات الخاصة بهم والإفراج السريع عنهم. وأوضحت أنها قدمت طلباً إلى محكمة الجنايات في نينوى قبل 3 أشهر من أجل إعادة التحقيق مع ابنها، لكن لم يرد جواب على الطلب لغاية الآن، وبينت أن الطلبات التي تقدم اليوم ترافقها عمليات ابتزاز كبيرة، قائلة "الذي يدفع مبالغ مالية لبعض المتنفذين فإن طلبه قد يلقى قبولاً، أما الذين لا يدفعون تلك المبالغ فإن طلباتهم تبقى قيد الانتظار أو الرفض".

أما علي عادل، وهو عراقي يسكن غربي الموصل ووالد أحد المحكومين من رفض طلبه المقدم للنظر بإعادة التحقيق مع نجله الصادر بحقه حكمٌ بالسجن المؤبد بتهمة الانتماء إلى داعش. يقول عادل لـ"العربي الجديد"، إن نجله أحمد من مواليد 1999، واعتقل ووقع على اعترافات بالانتماء إلى تنظيم "داعش". ويشير إلى أن قانون العفو الصادر من مجلس النواب يتضمن فقرة إعادة تعريف الانتماء إلى داعش وأن المشمولين بالانتماء هم فقط الذين شاركوا في عمليات قتالية أو ارتكبوا جرائم وهذا يعني أن نجله سيكون ضمن المشمولين بالعفو العام، لكنه أكد أن طلبه المقدم بإعادة التحقيق والمحاكمة رفض بحجة وجود شهود على انتمائه إلى تنظيم.

وعن هذا الموضوع أكد مصدر قضائي في نينوى أن محاكم الموصل شهدت عمليات رفض واسعة للطلبات المقدمة من ذوي المعتقلين بشأن شمول ذويهم بالعفو العام. وقال المصدر في حديث مع "العربي الجديد"، إن "أغلب الطلبات التي قدمت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من إصدار قانون العفو كانت تقابل بالرفض وعدم الشمول بإجراءات إعادة التحقيق وهو ما شكل صدمة للكثير من الجهات السياسية السنية التي قدمت طلبات مستمرة والتقت رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان وشكت له من إجراءات المحاكم في التعامل مع ملف العفو". وبين أن القاضي زيدان وبعد تلك اللقاءات أصدر توجيهات للمحاكم في مختلف المحافظات لتسهيل إجراءات قبول الطلبات وعدم وضع العراقيل أمامها وتحويل النظر في إمكانية شمولهم بالقانون من عدمه إلى اللجان القضائية المختصة.

وأشار المصدر إلى أن جميع السلطات تعلم بأن نحو 70 % من المحكومين بقضايا الإرهاب إما قد صدرت بحقهم أحكام تعسفية مشددة وإما أن أغلبهم قد صدرت عليهم أحكام ظالمة جراء الخلل الحاصل في التحقيق من قبل أجهزة الأمن التي كانت تستخدم آلية انتزاع الاعترافات من المعتقلين بالقوة والتعذيب، لافتاً إلى أن العديد من المحكومين الذين قدمت بحقهم طلبات الشمول بالعفو اعتقلوا بعد عمليات التحرير بسبب وجود أسمائهم في سجلات داعش، ولكن في قوائم المطلوبين للتنظيم أو المعتقلين في سجونه، وهو ما يؤكد وجود أعداد كبيرة من المحكومين الأبرياء في السجون العراقية. وأوضح أن تطبيق قانون العفو يواجه مشكلة في التنفيذ بسبب ضغوط القوى الشيعية التي تضغط لعدم شمول المحكومين بقضايا الإرهاب بالعفو، كما أن جهات التحقيق الأمنية تدفع إلى عدم تطبيق القانون كونها ستظهر مدانة بالانتهاكات خلال انتزاع الاعترافات من المعتقلين.

وفيما أكد عضو البرلمان طالب المعماري وجود تأخير في تطبيق قانون العفو والإفراج عن المفترض شمولهم بالقانون، أشار إلى وجود بطء في تنفيذ إجراءات العفو، لكنه عزا ذلك إلى أسباب عدة منها الزخم الحاصل في الطلبات المقدمة من ذوي المعتقلين. وقال المعماري لـ"العربي الجديد"، إن "التأخير في تطبيق القانون يرجع إلى الزخم الحاصل على المحاكم بسبب العدد الكبير للمحكومين وكذلك قلة عدد اللجان القضائية المختصة بالنظر في الطلبات"، مبيناً أن طلبات قدمت من أعضاء مجلس النواب للجهات القضائية من أجل زيادة عدد تلك اللجان من أجل النظر في قضايا المعتقلين وحسمها بشكل سريع.

وأوضح أن التأخير كان بشكل واضح في الأشهر الأولى التي أعقبت صدور القانون، ولكن تلك الإجراءات بدأت مؤخراً تسير بشكل أسرع بعد توجيهات صدرت من القضاء بهذا الخصوص، وإلغاء شرط تقديم طلبات العفو من قبل محامين والسماح لذوي المعتقلين تقديم الطلبات بشكل مباشر مما سهل في آلية تقديم الطلبات، ولا سيما في مجال إعادة المحاكمات والتحقيق في الأحكام التي اعتمدت على شهادة "المخبر السري" والشاهد المتهم أو تحت التعذيب ووجود التقارير الطبية التي تثبت التعرض للتعذيب. ونبّه المعماري إلى عدم وجود اعتراضات على تدقيق الجهات القضائية في قبول ورفض طلبات الشمول بالعفو وذلك لأن الجميع لا يرغب في شمول مسلحي داعش ومرتكبي جرائم القتل قانون العفو، فيما كشف عن موافقة القضاء مؤخراً عن تقديم ذوي المحكومين طعوناً في طلبات الشمول بالعفو والتي صدرت بها قرارات بالرفض في وقت سابق، ما يعطي فرصاً أخرى لإنصاف المعتقلين وإعادة النظر في قضاياهم.من جهته، يرى الخبير القانوني داود العكيدي عدم وجود أي مبررات قانونية لتأخير تنفيذ قانون العفو العام بعد أن أقره مجلس النواب، وأشار إلى وجود تنفيذ القانون وفق ما صوت عليه البرلمان وعدم إفراغه من محتواه. وقال العكيدي في حديث مع "العربي الجديد"، إن "المحاكم في نينوى لم تتفاعل طيلة الفترة الماضية مع طلبات الشمول بالقانون، ولكن القضايا بدأت بالتحرك خلال الشهرين الماضيين بشكل أفضل من السابق"، مبيناً أن محاكم نينوى تقوم وبشكل يومي بالنظر في مئات الطلبات وتسيير نحو 300 طلب نحو إعادة التحقيق والمحاكمة. ولفت العكيدي إلى أن التأخير الحاصل في الإجراءات يرجع إلى قلة اللجان القضائية التي تنظر في القضايا والطلبات وعدم تفرغها للنظر في تلك الطلبات، إذ إن تلك اللجان تنظر في طلبات العفو إضافة إلى مهام أخرى كانت تمارسها سابقاً وهو ما يتسبب ببطء في سير إجراءات تطبيق قانون العفو العام.
اجمالي القراءات 26
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق