مصر: الحكم على 269 متهماً بـ"الإعدام" في النصف الأول من 2025

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢١ - يوليو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


مصر: الحكم على 269 متهماً بـ"الإعدام" في النصف الأول من 2025

تثير عقوبة الإعدام في مصر قلقاً متزايداً على الصعيدين المحلي والدولي، في ظل تصاعد لافت في أعداد الأحكام الصادرة وتنفيذها، خاصة خلال النصف الأول من العام الحالي. حيث تظهر إحصائيات حديثة أن السلطات المصرية أصدرت هذه العقوبة على نحو 270 متهماً، مستمرة في استخدام هذه العقوبة القصوى بشكل مكثف، ما يضعها تحت مجهر الانتقاد من قبل منظمات حقوق الإنسان التي تُشير إلى انتهاكات جسيمة لمعايير المحاكمة العادلة.

وكشفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اليوم الأحد، عن أرقام صادمة تتعلق بعقوبة الإعدام في مصر خلال النصف الأول من عام 2025. فقد أصدرت المحاكم المصرية أحكاماً بالإعدام بحق 269 متهماً في 194 قضية مختلفة. من بين هؤلاء، أصبحت أحكام الإعدام الصادرة ضد 17 متهماً نهائية وغير قابلة للطعن، ما يعني قرب تنفيذها. وبالإضافة إلى ذلك، أُحيلت أوراق 197 متهماً آخرين إلى مفتي الجمهورية في 137 قضية، وهي خطوة تمهيدية لإصدار حكم الإعدام. وفي ما يخص التنفيذ الفعلي، جرى تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق ثلاثة أشخاص خلال الفترة نفسها. ولم يغفل التقرير الصادر عن المبادرة الإشارة إلى أن هذه الأرقام تمثل الحد الأدنى الذي تمكن الباحثون من توثيقه من خلال التواصل مع الأهالي ومتابعة ما يجرى تداوله في وسائل الإعلام، ما يُشير إلى أن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى.
على الصعيد العالمي، تضع الأرقام المتزايدة لأحكام الإعدام والتنفيذ مصر في مصاف الدول التي تُكثف استخدام هذه العقوبة على مستوى العالم. فعلى مدى السنوات الماضية، أظهرت تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والمصرية أن مصر تحتل مراتب متقدمة في قوائم الدول الأكثر إصداراً وتنفيذاً لعقوبة الإعدام. بل وشكلت السنوات الأخيرة في مصر فترة مفصلية في تاريخ عقوبة الإعدام، حيث شهدت البلاد ارتفاعاً غير مسبوق في أعداد الأحكام والتنفيذات. فبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وتحديداً عقب أحداث 3 يوليو/ تموز 2013، شهدت المحاكم المصرية موجة غير مسبوقة من أحكام الإعدام الجماعية، خاصة في قضايا العنف السياسي والإرهاب.

تزايد أحكام الإعدام في مصر
ووفقاً لتقارير متواترة من منظمات حقوقية بارزة مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والشبكة المصرية لحقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يمكن رصد نمط واضح من التصاعد في تنفيذ عقوبة الإعدام في مصر، حيث شهدت الفترة من 2014 إلى 2017 ارتفاعاً تدريجياً في عدد أحكام الإعدام وتنفيذها، خاصة في القضايا المرتبطة بالاضطرابات السياسية. كانت تلك السنوات بمثابة بداية لتوسع غير مسبوق في استخدام هذه العقوبة. ثم استمر هذا التصاعد بين عامي 2018 و2019، مع تزايد أعداد القضايا التي يُصدر فيها حكم الإعدام. ورغم أن الأرقام الدقيقة تختلف بين المصادر، إلا أن الاتجاه العام كان نحو المزيد من الأحكام والإعدامات.

ثم شكل عام 2020 نقطة تحول مقلقة، حيث كشفت منظمة العفو الدولية عن ارتفاع بنسبة 45.4% في أحكام الإعدام مقارنة بعام 2019. كما أشارت منظمة "كوميتي فور جستس" ومنصة "نحن نسجل" إلى أن مصر احتلت المرتبة الثالثة عالمياً في قائمة الدول الأكثر تنفيذاً لأحكام الإعدام في هذا العام، بعد الصين وإيران، لتسجل بذلك أعلى رقم لها منذ عام 2017. واستمر هذا الاتجاه التصاعدي خلال عام 2021 حيث سجلت مصر المرتبة الثالثة عالمياً في تنفيذ الإعدامات بعد الصين وإيران، ما يعكس استمرار استخدام هذه العقوبة بشكل مكثف.

بعدها، أظهر تقرير صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في عام 2023 أن مصر كانت من بين أكثر خمس دول تنفيذاً لأحكام الإعدام في العالم في عام 2022، حيث قامت بتنفيذ 24 حكماً بالإعدام على الأقل. ووفقاً لمركز الشهاب لحقوق الإنسان، أصدرت المحاكم المصرية 364 حكماً بالإعدام، وجرى تأييد 33 حكماً نهائياً، في حين جرى نقض 169 حكماً آخر. وظلت المعدلات متقاربة خلال عام 2024 حيث سجلت مصر 365 حكم إعدام على الأقل، لتحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد الصين من حيث عدد الأحكام الجديدة على الإطلاق

وتُصنف مصر باستمرار ضمن الدول الخمس الأولى عالمياً من حيث عدد تنفيذ أحكام الإعدام، وغالباً ما تحتل المرتبة الثالثة أو الرابعة بعد دول مثل الصين وإيران والمملكة العربية السعودية. هذا الترتيب يضعها في موقع حرج على المستوى الدولي، ويثير تساؤلات جدية بشأن مدى التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما في سياق المطالبات العالمية بإلغاء عقوبة الإعدام أو فرض وقف اختياري على تنفيذها.

ولطالما أعربت منظمات حقوق الإنسان الدولية والمصرية عن قلقها البالغ إزاء استخدام هذه العقوبة في مصر لعدة أسباب، على رأسها المحاكمات غير العادلة؛ إذ تُشير تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية إلى أن العديد من أحكام الإعدام تُصدر في محاكمات جماعية لا تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. كما تُثار مخاوف من أن الأحكام غالباً ما تُصدر ضد متهمين يتعرضون للتعذيب أو الإخفاء القسري، ما يقوّض شرعية هذه الأحكام.كما تنتقد المنظمات الغياب القسري والتعذيب، حيث تظن أن الاعترافات التي تُبنى عليها أحكام الإعدام تُنتزع تحت وطأة التعذيب أو بعد فترات من الإخفاء القسري، ما يُشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، بخلاف الطابع السياسي للقضايا، إذ تُلاحظ المنظمات الحقوقية أن العديد من هذه القضايا تحمل طابعاً سياسياً، خاصة تلك المتعلقة بالمعارضين أو المتهمين في قضايا "الإرهاب"، ما يثير الشكوك حول دوافع هذه الأحكام.

ويعد غياب الشفافية، إذ إن عمليات تنفيذ أحكام الإعدام في مصر تُحاط بسرّية وبتكتم كبير، أحد الأسباب التي تجعل من الصعب على المنظمات الحقوقية توثيق الأرقام بدقة والتحقق من ظروف التنفيذ.
اجمالي القراءات 17
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق