حبس ممثل رابطة المستأجرين في مصر بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية"
قرّرت نيابة أمن الدولة العليا في مصر، اليوم الأحد، حبس المحامي أيمن عصام، الممثل القانوني لرابطة الدفاع عن المستأجرين. لمدة 15 يوماً احتياطياً بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، وذلك بعد تحقيق استمر معه لمدة سبع ساعات في مقر النيابة بضاحية التجمع الخامس، شرقي العاصمة القاهرة. وتعرض عصام للإخفاء القسري لمدة ثلاثة أيام، إثر اعتقاله في محافظة الإسكندرية أثناء توجهه للمشاركة في اجتماع تأسيسي للرابطة، على خلفية آرائه الرافضة لبنود مشروع تعديل قوانين الإيجارات القديمة، الذي وافقت عليه لجنة الإسكان في مجلس النواب الأسبوع الماضي بصفة نهائية، تمهيداً للتصويت على المشروع مع معاودة المجلس للانعقاد نهاية الشهر الحالي.
وكتب المحامي الحقوقي خالد علي، عبر صفحته في فيسبوك، قائلاً: "الأستاذ أيمن عصام محامي عدد من المستأجرين يقول وجهة نظره في قانون الإيجار القديم الذي يجري تعديله، ولا أحد يعرف مصيره أو مكانه. ليس معقولاً أن يكون الحل في القضايا التي تهم المجتمع هو القبض على بعض الناس لتسييد وجهة نظر معينة، وشيطنة وجهة النظر الأخرى!".وكان مقرّ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في الإسكندرية قد شهد انتشاراً مكثفاً لقوات الأمن، بالتزامن مع دعوة الحزب إلى اجتماع تأسيسي لرابطة الدفاع عن المستأجرين، إذ مُنع عشرات من الراغبين في المشاركة من الصعود إلى مقر الحزب، الذي حاول مراراً حجز قاعة أكبر لعقد الاجتماع دون جدوى، رغم سماح السلطات لرابطة الملاك بعقد مؤتمرين في فندق الماسة التابع للجيش بالقاهرة. وشارك عصام مع مجموعة من ممثلي المستأجرين، في جلسات الحوار التي نظمها البرلمان بشأن مشروع الإيجار القديم، وأعلن رفضه المشروع مطالباً بإلغاء النص الذي يؤدي إلى تحرير العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، والاكتفاء فقط بزيادة قيمة الأجرة.
من جهته، أعلن حزب العيش والحرية (تحت التأسيس) رفضه القاطع لإجراءات الحكومة المصرية في ملف الإيجار القديم، محذراً من أن المشروع الحكومي الجديد "يمثل تهديداً مباشراً لحقوق ملايين المستأجرين، ويهدف إلى ترهيبهم تمهيداً لتشريدهم".
وذكر الحزب، في بيان، أن "إصرار الحكومة على تمرير نفس مشروع القانون السابق، الذي يتضمن فترة انتقالية قبل فسخ العقود، وزيادة في الأجرة تصل إلى 20 ضعفاً مرة واحدة، هو مخالفة واضحة لأحكام المحكمة الدستورية العليا، خصوصاً الحكم الصادر في عام 2002 بشأن الامتداد القانوني لعقد الإيجار لجيل واحد بعد المستأجر الأصلي".
وأضاف الحزب أن "الزيادة المقترحة غير عادلة وتعجيزية، لا سيّما للمستأجرين الذين وُقعت عقودهم في فترة الثمانينيات والتسعينيات، كما أن الزيادة السنوية بنسبة 15% لمدة سبع سنوات، قبل فسخ التعاقد، تُحمل المستأجرين أعباءً غير محتملة، ولا تراعي العدالة الاجتماعية أو القدرة الاقتصادية للمواطنين".
وأكد الحزب أن "السلطة الحاكمة بدأت في كشف وجهها القمعي عبر سياسات ترهيب المدافعين عن حقوق المستأجرين، التي تجلت في الأحداث التي وقعت يوم الخميس الماضي في مقرّ حزب التحالف الشعبي بالإسكندرية، إذ كان من المقرر عقد اجتماع لتدشين رابطة المستأجرين على مستوى الجمهورية. وفرضت قوات الشرطة طوقاً أمنياً حول المقر، ومنعت المواطنين من الوصول إليه، في انتهاك واضح للحق في التنظيم وحرية التعبير"، وطالب الحزب بـ"الإفراج الفوري عن المحامي أيمن عصام، ووقف الملاحقات الأمنية للمدافعين عن حقوق السكن، والتوقف عن سياسة الترهيب والتخويف التي يمارسها النظام لإسكات الأصوات المعارضة للقانون".
ودان الحزب "استخدام الحكومة والبرلمان حكم المحكمة الدستورية الخاص بزيادة الأجرة ذريعة لاستهداف مصالح ملايين المستأجرين، لصالح فئات محدودة من الملاك والمستثمرين"، خاتماً بأن "السكن الآمن والمستقر هو حق دستوري وإنساني لا يمكن التفريط فيه".
وفي بيان مشترك لمنظمات: المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وديوان العمران، والإنسان والمدينة للأبحاث الإنسانية والاجتماعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومرصد العمران، اعتبرت أن تمرير القانون الجديد للإيجار "سيُحدث أزمة سكن، وحالة من الخلل في السوق العقارية، عند اضطرار مئات الآلاف من المستأجرين، نصفهم في محافظات القاهرة الكبرى، إلى البحث عن سكن بديل، سواء بالإيجار أو التمليك، في آن واحد"، وبينت المنظمات أن التحرير المتزامن لعقود الإيجار "سيزيد من مخاطر انتشار الممارسات الاحتكارية في سوق السكن، لما سيترتب على ذلك من زيادة في الطلب على الوحدات السكنية أكثر من المعروض، مع ارتفاع مجحف في الأسعار، كما حدث مع موجات اللاجئين والوافدين في السنوات الأخيرة".
واقترحت المنظمات "تعويض المستأجر بنسبة 10% من قيمة الوحدة القانونية، بحسب مؤشر الضرائب العقارية، واسترداد المالك للوحدة الخاضعة لأحكام قانون الإيجارات القديمة بعد فترة انتقالية يجري تقديرها بواقع شهر عن كل سنة سكنها المستأجر في الوحدة"، كما اقترحت "تحرير الوحدة خلال ستة أشهر من إقرار القانون، في حال ثبوت غلقها أو عدم استخدامها دائماً، أو عند تأجير الوحدة من الباطن"، مشدّدة على ضرورة "تقديم الحكومة دعماً لمحدودي ومتوسطي الدخل يساعدهم على تسديد الإيجارات الجديدة، مع وضع معايير خاصة لكبار السن وأصحاب المعاشات".
وشهد الشارع المصري حالةً من الغضب بسبب مواد المشروع المقترح من الحكومة، الذي كان يقضي بإنهاء عقود الإيجارات السكنية القديمة بعد مرور خمس سنوات من تاريخ سريان القانون. بينما نص المشروع الجديد على تمديد فترة إنهاء العقود إلى سبع سنوات، في ما يخص الأماكن المؤجرة لغرض السكن، والإبقاء على مدة الخمس سنوات للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكن.وجاء التعديل وسط مخاوف حكومية من أن يسبب صدور القانون حالة اضطراب اجتماعي، بسبب الخلافات العميقة بين الملاك والمستأجرين حول إيجارات نحو ثلاثة ملايين وحدة سكنية وتجارية على امتداد البلاد. ونص المشروع، بعد تعديله، على زيادة القيمة الإيجارية الشهرية للأماكن المؤجرة لغرض السكن في المناطق المتميزة بواقع 20 مثلاً، بحد أدنى 1000 جنيه (نحو 20 دولاراً)، و10 أمثال للوحدات الكائنة في المنطقتين المتوسطة والاقتصادية، بحد أدنى 400 جنيه في المناطق المتوسطة، و250 جنيهاً للوحدات الكائنة في المناطق الاقتصادية.
ومن المتوقع أن يؤدي صدور قانون الإيجارات القديمة، في شكله الجديد، إلى موجة احتجاجات شعبية، خاصةً في الأحياء القديمة والمكتظة بالسكان في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية. ويعيش الملايين من المصريين في وحدات مستأجرة بعقود قديمة تمتد لعقود طويلة، بأجور زهيدة لا تواكب أسعار اليوم، لكنها تمثل الملاذ الوحيد لهؤلاء من الفقر والتشرد.
اجمالي القراءات
35