العراق نحو إنهاء الحظر البحري... أسطول السفن مكبّل منذ 30 سنة

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢٩ - مايو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


العراق نحو إنهاء الحظر البحري... أسطول السفن مكبّل منذ 30 سنة

بعد أكثر من ثلاثة عقود على الحظر الدولي المفروض على الأسطول البحري العراقي، أفصحت وزارة النقل العراقية عن تحقيق تقدم وصفته بـ "الملموس"، في ملف رفع هذا الحظر الذي فُرض عام 1991 عقب حرب الخليج الثانية، ما أدى إلى تجميد نشاط الأسطول البحري الوطني وحرمان العراق من ممارسة سيادته البحرية الكاملة في المياه الدولية.

ويمتلك العراق حالياً أسطولاً بحرياً يضم سفناً مختلفة، إلا أن القيود الدولية منعت العراق من رفع علمه الوطني على هذه السفن، وأوقفت الاعتراف بالشهادات البحرية العراقية، ما حدّ من دوره في التجارة البحرية الدولية. وفي سياق هذا التطور، أفاد المتحدث باسم وزارة النقل ميثم الصافي بأن بلاده حققت خطوات ملموسة بشأن الحظر الدولي على الأسطول العراقي. مشيراً إلى أن الوزارة ستستقبل خلال الفترة المقبلة وفداً من المنظمة البحرية الدولية، لبحث الملف، وتسجيل مدى تطبيق الهيئة البحرية العراقية الشروط والمتطلبات الدولية والتزامها بتطبيق المعايير العالمية.

30 عاماً من الحظر
وتأتي الخطوة بعد أكثر من 30 عاماً على فرض الحظر الدولي على الأسطول البحري العراقي، الذي حدّ من قدرة العراق على ممارسة سيادته البحرية والتجارة عبر مياهه الدولية، رغم امتلاكه أسطولاً بحرياً متوسط الحجم، ويُتوقع أن يفتح رفع الحظر آفاقاً اقتصادية جديدة للبلاد، خاصة مع افتتاح ميناء الفاو الكبير الذي يعد بوابة استراتيجية للنقل البحري العراقي. وكان العراق يمتلك في نهاية ثمانينيات القرن الماضي 17 باخرة تجارية ذات سعات متنوعة تنقل البضائع من وإلى موانئه، وكانت هذه البواخر تمثل ركيزة قوية للاقتصاد العراقي، بل ومصدراً للدخل القومي. أما اليوم، وبعد سنوات طويلة من الحظر والحروب وسوء الإدارة، لم يتبقّ للعراق سوى ست سفن تجارية فقط، ثلاث منها (البصرة، المثنى، والحدباء) تعمل في المياه الدولية وتنقل حمولات تصل إلى 14 ألف طن، وسفينتان صغيرتان للتزويد بالمياه والوقود، إضافة إلى باخرة (بغداد) التي تحمل حاويات بسعة عشرة آلاف طن.

انعكاسات سلبية على العراق
عضو لجنة النقل والاتصالات في البرلمان العراقي، زهير الفتلاوي، قال لـ"العربي الجديد"، إن الحظر الذي فُرض على الأسطول البحري العراقي خلال العقود الماضية شكّل ضربة قاسية لقطاع النقل البحري، وترك آثاراً وانعكاسات سلبية عميقة على التجارة والاقتصاد الوطني، لا تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم، مضيفاً أن الاعتماد المفرط على الشركات الأجنبية في نقل البضائع أدى إلى استنزاف مستمر للعملة الصعبة وزيادة كبيرة في التكاليف التي تتحملها الخزينة العامة، فضلاً عن فقدان آلاف فرص العمل التي كان يمكن أن يوفرها قطاع النقل البحري العراقي لو تم تأهيله واستثماره بالشكل المطلوب.

وأشار إلى أن الأسطول البحري الحالي لا يتجاوز بضع سفن تجارية، تعمل بمجالات محدودة تشمل نقل البضائع وتقديم خدمات الإمداد للسفن الوافدة، خاصة في ميناء أم قصر، وهو ما لا يغطي سوى جزء ضئيل من احتياجات البلاد الفعلية، مما يعكس الحاجة الماسّة إلى تطوير هذا القطاع الحيوي الذي ظل مهمشاً لسنوات طويلة.

وأكد الفتلاوي أن عودة العراق إلى البحر ليست مجرد خطوة تقنية بل هي استحقاق اقتصادي وسيادي يرتبط بمكانة العراق في الخارطة الإقليمية للنقل البحري، مضيفاً أن "البرلمان يعمل بشكل مشترك مع الحكومة العراقية على تذليل جميع العقبات التي تواجه قطاع النقل، ومن ضمنها قطاع النقل البحري". وبين أن المرحلة المقبلة تتطلب استراتيجية واضحة لإعادة إحياء الأسطول البحري الوطني، ورفع كفاءته، وتوسيع دوره في دعم الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد الأحادي على النفط.

فرص اقتصادية واعدة
قال الباحث الاقتصادي أحمد عبد الله إن منع العراق من إدارة شؤون موانئه بحرية، وخاصة المعوقات التي تواجه ميناء الفاو الكبير الذي يُعد أحد أكبر المشاريع البحرية الاستراتيجية في المنطقة، والذي من المتوقع أن يلعب دوراً محورياً في تعزيز التجارة البحرية العراقية والإقليمية له انعكاسات سلبية تهدد الأمن الاقتصادي للعراق.

وبيّن عبد الله، لـ"العربي الجديد"، أن طريق التنمية وميناء الفاو الكبير، الذي يُعتبر بوابة العراق البحرية، يمثلان مستقبل النقل البحري للبلاد، ورفع الحظر عن الأسطول البحري سيمكن العراق من الاستفادة الكاملة من هذه المشاريع، عبر استيعاب حركة السفن الوطنية وتنشيط التجارة البحرية بشكل مباشر، ما يقلل التكاليف ويزيد الإيرادات.وأشار إلى أن تطوير الأسطول وتحديث قدراته يتطلب استثمارات تقدر بنحو 500 مليون دولار، لتحقيق عائد اقتصادي كبير يصل إلى أكثر من ملياري دولار سنوياً من خلال زيادة حجم الصادرات والواردات البحرية، وتحفيز الصناعات المرتبطة بالنقل والخدمات اللوجستية. وأكد عبد الله أن رفع الحظر سيدعم تحقيق رؤية العراق الاقتصادية في جعل ميناء الفاو مركزاً إقليمياً للنقل البحري، ويخلق آلاف فرص العمل، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة عبر تقليل الاعتماد على الأساطيل الأجنبية، وتنشيط النشاط الاقتصادي البحري في البلاد.

يذكر أن صادرات النفط العراقي في إبريل/ نيسان 2025، سجلت انخفاضاً في أحجام الصادرات اليومية بمقدار 50 ألف برميل يومياً، وفق بيانات رسمية.
وكشف بيانات وزارة النفط العراقية، أول من أمس، أن صادرات العراق اليومية من النفط الخام قد سجلت 3.65 ملايين برميل يومياً، بينما سجلت الصادرات المنقولة بحراً نحو 3.3 ملايين برميل يومياً (من النفط الخام وحده). وكانت صادرات النفط العراقي قد سجلت في شهر مارس/ آذار الماضي ارتفاعاً بنحو 42 ألف برميل يومياً، مع تصدير 3.70 ملايين برميل يومياً (3.35 ملايين من الخام وحده)، مقارنة مع صادرات شهر فبراير/ شباط الماضي، التي سجلت نحو 3.398 ملايين برميل.

وكانت دائرة الموانئ العراقية قد أعلنت تحقيق البلاد أكثر من تريليون دينار عائدات مالية من الموانئ خلال عام 2024. ووفقاً لبيان صدر عن الموانئ العراقية، فإن عمليات التبادل التجاري في الموانئ الواقعة جميعها في محافظة البصرة، المطلة على مياه الخليج العربي جنوب العراق، ارتفعت بشكل كبير، إذ بلغ عدد البواخر الراسية في موانئ العراق أكثر من ثلاثة آلاف باخرة.
اجمالي القراءات 53
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق