تكبّدت بورصات العالم خسائر فادحة بسبب الرسوم الجمركية الأميركية. ووفق تقرير بوكالة بلومبيرغ، اليوم الاثنين، فقد خسرت أسواق المال العالمية 9.5 تريليونات دولار خلال ثلاثة أيام وهي الخميس والجمعة واليوم الاثنين. وكانت أسوق المال قد عمقت خسائرها واتجهت نحو الانهيار اليوم الاثنين، وسط موجة بيع مذعورة، بينما يصرّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على فرض سياسة الرسوم الجمركية.

ويأتي الكشف عن تلك الأرقام في الوقت الذي تراجعت أسهم "العظماء السبعة" في بورصات وول ستريت، اليوم الاثنين، في موجة هبوط خسرت خلالها كبرى شركات التكنولوجيا تلك نحو تريليوني دولار من قيمتها الإجمالية، في ظل قلق المستثمرين من التداعيات المالية لحرب رسوم جمركية عالمية شنها ترامب. و"العظماء السبعة" هي آبل ومايكروسوفت وإنفيديا وألفابت، مالكة جوجل، وميتا بلاتفورمز، شركة فيسبوك الأم، وأمازون وتسلا.

وجاء أحدث تراجع بعد أن خفض دان إيفز، وهو من أكثر محللي التكنولوجيا تفاؤلاً في وول ستريت، السعر المستهدف لسهمي آبل وتسلا، وحذر من "كارثة اقتصادية بسبب الرسوم الجمركية".

ويأتي خفض السعر المستهدف في وقت رفع فيه ترامب الرسوم الجمركية، ودعا المستثمرين إلى تحمل العواقب، كما استبعد إجراء محادثات تجارية مع الصين في الوقت الحالي.
وهوى سهم تسلا 7% إلى 223 دولاراً في أكبر خسارة بين العظماء السبعة. وخسرت تلك الشركات مجتمعة أكثر من ستة تريليونات دولار من قيمتها السوقية منذ أن بلغت مستويات غير مسبوقة أواخر 2024. وجرى التداول على أسهم آبل وألفابت ومايكروسوفت عند أدنى مستوياتها في عام، إذ انخفض سهم الشركة المصنعة لهواتف آيفون 4.8%، بينما انخفضت أسهم شركات أخرى بين العظماء السبعة بين 1.5 إلى 4.8%. وتركزت في تلك الشركات نسبة كبيرة من خسائر المؤشر ستاندرد آند بورز 500 التي تجاوزت خمسة تريليونات دولار خلال جلستي التداول الماضيتين.

وقال إيفز المحلل في ويدبوش إن شركة التكنولوجيا الأميركية آبل هي الأكثر تأثراً بالرسوم الجمركية على السلع الواردة من الصين، حيث يجري تجميع معظم أجهزة آيفون.

وأضاف أن الحرب التجارية ستزيد من التحديات التي تواجه شركة صناعة السيارات الكهربائية تسلا، ومنها أزمة أثارها دعم الرئيس التنفيذي إيلون ماسك للرئيس ترامب وسياسات اليمين المتطرف في أوروبا.

ويؤكد ذلك التحذير المخاوف المتزايدة من أن الرسوم الجمركية قد تؤثر بهوامش الأرباح وتعطل سلاسل التوريد، في وقت تواجه فيه العديد من شركات التكنولوجيا تدقيقاً بشأن إنفاقها الضخم على الذكاء الاصطناعي.

وحصلت آبل على إعفاء من الرسوم الجمركية الأميركية على الصين خلال ولاية ترامب الأولى، لكن المحللين غير متأكدين من قدرتها على الحصول على إعفاءات هذه المرة رغم إعلانها عن استثمارات في الولايات المتحدة بقيمة 500 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة. وفيما يتعلق بشركة تسلا قال إيفز إن التوتر التجاري قد يدفع المشترين في الصين إلى المنافسين المحليين مثل بي.واي.دي.وتواصلت عمليات البيع المحموم لاستباق الخسائر في الأسواق المالية يوم الاثنين، مع تخلي المستثمرين المتوترين عن آمالهم في أن يُغير دونالد ترامب سياسته المتعلقة بالرسوم الجمركية. ووفق بلومبيرغ، انخفضت الأسهم، مما أدى إلى تراجع قيمة الأسهم العالمية على مدار ثلاثة أيام إلى حوالي 9.5 تريليونات دولار. وأشارت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى خسارة بنسبة 3%، وارتفع مؤشر فيكس (VIX) فوق مستوى 50. وتراجع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 5%. وشهدت آسيا أسوأ يوم لها منذ عام 2008. وارتفعت سندات الخزانة والين مع لجوء المستثمرين إلى الملاذ الآمن.
وعزز المتداولون توقعاتهم بخفض أسعار الفائدة من قِبَل مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" هذا العام، مُقدِّرين ما يعادل خمسة تحركات ربع نقطة. كما أظهرت عقود المبادلة مخاطر اتخاذ إجراء طارئ، مما يعكس احتمالاً بنسبة 40% لخفض الفائدة بحلول الأسبوع المقبل، قبل اجتماع الاحتياط الفيدرالي في مايو بوقت طويل.

وعزّز تصميم ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع على المضي قدماً في فرض الرسوم الجمركية، رغم تحذيرات خبراء اقتصاديين بارزين من الركود وانتقادات مديري صناديق التحوّط، مثل مؤيده بيل أكمان، الشعورَ بضآلة احتمال تراجع الرئيس عن استراتيجيته. وحثّ ترامب الصحافيين على متن طائرة الرئاسة يوم الأحد على "تجاهل الأسواق للحظة" في لمحةٍ من الاستخفاف بموجة البيع التي تجتاح وول ستريت.
وقال ستيفان كيمبر، كبير استراتيجيي الاستثمار في إدارة الثروات في مصرف "بي أن بي باريبا" الفرنسي: "يبدو أن السوق بدأ يتجه نحو البيع الآن، ثم طرح الأسئلة لاحقاً". وأضاف: "يتطلع السوق إلى نقطة الانهيار القصوى التي تبدأ عندها إدارة ترامب و/أو الاحتياط الفيدرالي بالتراجع".