تدفئة بالقمامة ونوم في القبور والجحور.. عن شتاء اللاجئين في الدول العربية

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٠٧ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


تدفئة بالقمامة ونوم في القبور والجحور.. عن شتاء اللاجئين في الدول العربية

يرمم الرجال خيامهم ويسندون أعمدة خشبها كي تُصبح أقوى في مواجهة الرياح والأمطار. يعكفون أيضًا على إغلاق كل التشققات منعًا لتسلل الصقيع إلى أجساد أبنائهم وشيوخهم؛ هكذا يبدو مشهد الشتاء في مخيمات اللجوء الخاصة بالسوريين والعراقيين واليمنيين في العالم العربي.

مقالات متعلقة :

وعند غرق الخيام بمياه الأمطار، يتغير المشهد لآخر، فيبدأ الجميع بإزاحة المياه التي تسربت إلى داخل الخيام، وزخات المطر فوق رؤوسهم. واحتماءً من صقيع الشتاء وأمطاره، اتجه البعض إلى الاحتماء في القبور، وحفر بعضهم جحورًا كالقبور للسكنى فيها، فيما لجأ آخرون إلى حرق القمامة للتدفئة.

الشتاء الخامس لبرد الشتاء

مخيم الزعتري وأطمة والرقبان والركبان والحدلات وسليمان شاه ومخيمات عرسال، هذه بعض من المخيمات السورية، المنتشرة على حدود دول الجوار، أو داخلها، ويواجه اللاجئون فيها تداعيات فصل الشتاء للعام الخامس على التوالي.

وتبين إحصائيات مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن هناك حوالي أربعة ملايين سوري لاجئ، 2.8 مليون في تركيا، و1.7 مليون في لبنان، و630 ألف في الأردن، و240 ألف في العراق، و125 ألف في مصر، من بينهم مليوني لاجئ معرض لخطر كارثي خلال هذا الشتاء، بسبب سوء الأوضاع التي يعيشونها في المخيمات.

وتظهر أرقام المفوضية، أن نصف أعداد اللاجئين تقريبًا من الأطفال، مما يعني أن «مليون طفل سوري حياتهم معرضة للخطر على مستوى البقاء، في ظل عدم توفر الإمكانات لمواجهة فصل الشتاء، سواء من حيث وسائل التدفئة أو من حيث الوارد الغذائي، أو من حيث النقص بالأدوية والعلاجات وغيرها»، بحسب المفوضية الأممية.

أسوأ لجوء وأسوأ شتاء في لبنان

«اضطررت أنا وأفراد أسرتي مغادرة الخيمة التي غرقت بسبب الأمطار، دون أن نتمكن من اصطحاب أي شيء من حاجياتنا الأساسية، التي اغرقتها وأفسدتها المياه. أمضينا تلك الليلة برفقة ثلاثة أسر أخرى في خيمة بعيدة عن الوحل والمطر». كانت هذه شهادة لاجئ سوري في مخيمات عرسال، أقصى شرق لبنان، نضال عيّاش، وهو أب لخمسة أطفال، واجهوا معه ذلك الموقف قبل أيام.

كانت صور اقتلاع الرياح القوية لخيام اللاجئين السوريين في بلدة عرسال قاسية، فقد غرقت أكثر من ٥٠٠ خيمة في الثالث من ديسمبر (تشرين الأول) الجاري وكان أشد قسوة، إذ حوّلت العاصفة المخيم إلى مستنقع موحل بخيام مقتلعة، وهو ما أجبر عشرات العائلات للاستنجاد بمنازل المدنيين اللبنانيين في عرسال.

ويعيش في مخيمات عرسال وحدها أكثر من 120 ألف لاجئ سوري، وسط أجواء معيشية صعبة. ولأن المنطقة على ارتفاع 1400 متر عن سطح البحر، فإن شتاءها يكون شديد البرودة، بخاصة على اللاجئين، لضعف إمكانيات المخيمات، لذا فقد تكررت في مخيمات عرسال، حالات الموت في الشتاء، بخاصة بين الأطفال.

وليس الحال في باقي أماكن توزيع السوريين في لبنان، ببعيد عما هو عليه في عرسال، ففي لبنان حوالي 1.7 مليون لاجئ سوري موزعين على 1700 موقع، معظمها مواقع جبلية مُرتفعة، فيعيشون هناك في مواجهة الفقر والثلوج.

وفي وادي حميد، يُواجه حوالي 15 ألف لاجئ، خطر الموت بسبب منع دخول المساعدات إلى خيامهم. وتناقلت وسائل الإعلام أخبارًا تفيد قيام بعض اللاجئين بحرق ثيابهم وثياب أطفالهم، للتدفئة.

وقال محمد عبد الباري، من منطقة البقاع في لبنان، إن الجميع متخوفون مما ستحمله الأشهر الأربعة القادمة، مُوضحًا أن «الرياح في هذه المنطقة قوية للغاية نظرًا لقرب المخيم من الجبل الذي لا يبعد سوى خمسمائة متر، ومع اشتداد الرياح تبدأ المعاناة لمن لا يملكون ما يثبت خيامهم ويمنع تطايرها أو دخول المياه إليها».

برد الأردن والتدفئة على القمامة

ظهر لاجئو مخيمَي الركبان والحدلات الصحراويين في الأردن، خلال الأيام الماضية، وهم يقفون أمام خيامهم مشعلين القمامة والأكياس البلاستيكية لتدفئة ومواجهة البرد القارس، بعد تدني درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

ويعيش في الأردن 630 ألف لاجئ سوري، ظروفًا إنسانية صعبة، حالت دون فعل شيء لإنقاذ طفلين توفيا بينهم، بسبب البرد، وعدم وجود رعاية طبية، إذ تظهر الأرقام أن تسعةً من أصل 10 لاجئين مسجلين في الأردن فقراء، لا يستطيعون توفير الأغذية والأدوية وغيرها، فكيف لهم بتوفير مستلزمات الوقاية من البرد.

وكانت ذكريات هؤلاء مع الشتاء الماضي مؤلمة للغاية، إذ خلّف ذاك الشتاء خيامًا مهدمة وممزقة، وعشرات العائلات بلا مأوى.

وأشار الناطق الإعلامي باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، محمد الحواري، إلى أن ثمة خطة لحل مشكلة اللاجئين مع الشتاء، تشمل إعادة تنظيم أماكنهم، بالتعاون مع الدفاع المدني الأردني، بحيث لا تتواجد خيامهم في أماكن تجمع لمياه الأمطار.

حملات تطوعية لإنقاذ اللاجئين السوريين

وسارعت عدة مشاريع فردية ومؤسساتية بتقديم يد العون للاجئين السوريين خلال فصل الشتاء الجاري، إحدى هذه الحملات، هي حملة «إيد بإيد»، التي دشنتها نساء سوريات لتأمين كسوة الشتاء للاجئين السوريين.

ولأن حادثة وفاة سبعة لاجئين سوريين في عرسال، العام الماضي، ما زالت عالقة بذاكرة كلٍّ من إبراهيم وعيسى، عمل الشابان السوريان الذين يقيمان في لبنان، على تأمين جهاز تدفئة مجاني للاجئين في لبنان.

وصمم الجهاز الذي يعمل بالطاقة الشمسية، على إعادة تدوير القمامة. وشرح عيسى طريقة عمل الجهاز قائلًا: «هذا الجهاز عبارة عن صندوق مكون من 72 من علب التنك، مصمم كي يدخل الهواء البارد من أسفل الصندوق ومن ثم يتم تسخينه من الداخل عبر الطاقة الشمسية ومن ثم يخرج من أعلى الصندوق عبر مروحة لخارجها ويمر عبر أنبوب إلى داخل الخيمة».

أما حملات مثل حملة «جئنا لمواجهة الشتاء»، وحملة «الشتاء من أجل سوريا»، فقد أشرفت عليها منظمات مجتمع مدني في تركيا.

من بين هذه الحملات، واحدة باسم «البرد يضني والمساعدة تدفئ»، تابعة لمنظمة منبر الأناضول، التي يتولى رئاستها تورجاي ألديمير، والذي قال: «لا أحد سيتفرج على حال السوريين والشتاء يطرق أبوابهم».

وتسعى منظمة الإغاثة الإسلامية، هذا العام، من خلال حملة «شتاء دافئ»، إلى توفير احتياجات فصل الشتاء، للتخفيف عن اللاجئين والمحتاجين.

اللاجئون العراقيون: «البرد سلخنا»

«لقد قمت بنفسي بحفر القبر لعائلتي، وكنت مضطرًا لأوفر لأطفالي مكانا أفضل من العراء في موسم الأمطار، رغم مخاطر القبور، فلا نملك حلًا آخر بعد أن تخلى عنا الجميع»، هكذا لخص العراقي حسين العميري، المعاناة التي يعيشها وأسرته هذا الشتاء، بعد نزوحه من مدينته الموصل، إلى قرية رجم صليبي، جنوب محافظة الحسكة على الحدود مع سوريا.

ولم يكن حال اللاجئة العراقية، زهرة (65 عامًا)، أفضل من حال العمري، فقد تركت السيدة بيتها ومدفأتها في منطقة بعاج التابعة لمدينة الموصل، لتصبح الآن بلا مأوى.

تقول زهرة: «نعاني هنا من قلة الإمكانيات، حيث لا يوجد لدينا حرامات كافية لنقي أنفسنا من برودة الجو، انتشر بيننا الكثير من الأمراض وخاصة أطفالنا». لاجئ آخر لم يجد للتعبير عن شدة البرد إلا الجملة العامية العراقية: »البرد سلخنا سلخ».

وتسببت المعارك الأخيرة في العراق، ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في لجوء نحو 72 ألف عراقي من مدينة الموصل، ليصبحوا حبيسي الخيام في المناطق الحدودية.

ولجأ بعض هؤلاء اللاجئين إلى حفر القبور للهرب إليها بأطفالهم وشيوخهم من برد الشتاء. يقول أحدهم: «لم يجدوا سقفًا يحميهم، ولا حتى خيمة تؤويهم من تقلبات الطقس وتغيراته، فقرر عدد من الشباب البدء بمشروع حفر القبور، وأنجزوا عددا منها، مما مكن بعض العائلات العراقية من السكن بشكل ملائم نوعا ما، رغم مخاطر تحول الحفرة إلى بركة من الماء في حال نزول الأمطار».

دفع هذا الوضع بالأمم المتحدة، لأن تطلب من المانحين، تمويلًا لتوفير الاحتياجات اللازمة لمواجهة الشتاء، لنحو 1.2 مليون شخص، استعدادًا للسيناريو الأسوأ في حالة فرار الكثير من سكان الموصل.

النازحون اليمنيون بين قساوة النزوح والبرد

تسببت الحرب في اليمن بنزوح قرابة ثلاثة ملايين يمني، وما يزيد عن 170 ألف لاجئ. ومع دخول فصل الشتاء هذا العام يفتقد هؤلاء النازحين كافة مستلزمات وسبل الإيواء، يعيشون غالبًا بالمدارس والكهوف دون فرش وأغطية وهم يعانون أكثر بسبب قلة المساعدات المحلية والدولية.

ويعيش لاجئو عشرات المخيمات اليمنية، مثل ضروان والخانق والسلام، في ظروف مناخية صعبة، إذ تنخفض درجات الحرارة في المناطق الجبلية، وصولًا إلى درجة مئوية واحدة، ولا يُستبعد وصولها إلى ما دون الصفر.

هذا بالإضافة إلى الفيضانات التي تعرض حياتهم للخطر دائمًا. عن ذلك، تقول سيدة يمنية تكنى بـ«أم طه»، وهي نازحة في مخيم ضروان، إنها تخشى الأيام القادمة من الشتاء، «لا يوجد لدينا فراش ولا ملابس شتوية تقينا من البرد، ونأمل أن يتم الالتفات إلينا، حياة مُزرية.. فالأطفال يعانون من الجوع والعطش، ويأكلون أحيانًا من القمامة»، على حد قولها.

اجمالي القراءات 3457
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق