اقالة اللواء حسن الالفي بسبب جاسوسة عراقية

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٧ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


اقالة اللواء حسن الالفي بسبب جاسوسة عراقية

 

10/17/2011   5:40 PM

مقالات متعلقة :

 

 

مما هو معروف أن وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد حسن الألفي قد أقيل من منصبه بسبب العمل الإرهابي الذي حدث بالدير البحري بالأقصر صباح يوم 17 نوفمبر 1997، ولكن هذه هي نصف الحقيقة، حيث إنه صحيح أن الأماكن جاءت بعد الحادث الإرهابي.. لكنها لم تكن السبب الوحيد وراء خروج الألفي من وزارة الداخلية، فقبل الحادث كان هناك تداعيات أدت لاتخاذ قرار الإقالة من قبل مبارك، والسبب تورط الألفي في قضية نادية ديب فودة الفلسطينية الإسرائيلية التي تجسست لحساب العراق لمدة 8 سنوات. 

حيث حققت أجهزة سيادية عليا مع العقيد بمباحث أمن الدولة أحمد رمزي ومع وزير الداخلية محمد حسن الألفي بسبب معرفتهما بنادية ديب فودة التي اعترفت زورا علي أحمد رمزي وحسن الألفي عند استجوابها بعد سقوطها في إسرائيل ولذلك كان قرار استبعاد أحمد رمزي من أمن الدولة إلي الأمن المركزي وكذلك قرار إقالة محمد حسن الألفي من وزارة الداخلية الذي أعلن بعد الحادث الإرهابي الشهير. 

البداية كانت في نهاية عام 1985، حيث حصلت مدرسة اللغة العربية والعبرية "نادية ديب فودة" العربية الإسرائيلية والتي تقيم مع أسرتها في مدينة عكا المكونة من أب وأم و33 أخاً وأختاً علي منحة خاصة من وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية للالتحاق بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة.. تشجيعا لها في إطار برنامج تبادل علمي مع الجامعات الإسرائيلية لا يزال موجودا حتي يومنا هذا. 

في القاهرة عاشت نادية أيامها الأولي في الدراسة لدي معارف للأسرة من أصول فلسطينية، لكنها ما لبثت أن تعرفت علي طبيب مصري شاب يدعي "محمد حلمي عبد الفتاح" خريج جديد من كلية الطب جامعة القاهرة قسم الأمراض النفسية، يبحث عن عمل فأعجب بها بعد أن قابلها مصادفة أثناء زيارة له لكلية الآداب. 

بعد لقاءات وتفاهم انتقلا معا بعد عقد قرانهما في الشهر العقاري الموجود بشارع قصر العيني إلي شقة مؤجرة في حي الدقي.. ونظرا لعلاقاتها الجيدة مع عدد من رجال الأعمال في إسرائيل، نجحت في إقناع زوجها الجديد بفتح مكتب صغير للإسايراد والتصدير في مدينة بورسعيد المصرية، بعد أن نجحت في عقد اتفاقات بسيطة مع عدد من الشركات العاملة في ميناء عكا مسقط رأسها في إسرائيل. 

لكن المكتب لم يسر كما توقعا معا، فعادا سريعا للقاهرة.. وكانت قد حصلت علي شهادة الليسانس في اللغة العربية بدرجة جيد عام 1989 وبدأت تعمل كمترجمة محترفة من اللغة العبرية للعربية لدي دار نشر مصرية سورية.. كانت تعمل من القاهرة وكان يملكها رجل يدعي في ملف القضية الإسرائيلية من واقع ملفاتها بمحكمة عكا الجنائية "حلمي الزغبي".. وطبقا للقضية فبعد أن بدأت نادية تعمل لدي حلمي الزغبي فوجئت به في أحد الأيام يقدم لها نفسه علي غير سند من الحقيقة علي أساس أنه يعمل في جهاز مباحث أمن الدولة المصري. 

نادية التي كانت تعرف وقتها ماذا تعني كلمة جهاز مباحث أمن الدولة وافقت، وكانت طلباته قد انحصرت في أن تقوم بتجنيد أختها الصغيرة 31 عاماً وتدعي "فايزة ديب فودة" لتصوير عدد كبير من المنشآت والمراكز الحيوية في مدن حيفا وتل أبيب وعكا مع عدد من قواعد الجيش الإسرائيلي من الخارج. 

وسلمها حلمي الزغبي مصاريف التصوير حتي يمكن لأختها أن تستأجر مصوراً محترفاً في إسرائيل يعد أفلاما جيدة وأقنعها حلمي الزغبي أن الأفلام ستستخدم في برامج تليفزيونية في محطات عربية جديدة تدفع جيدا. 

نادية التي كانت تحتاج وقتها للنقود بشكل حيوي حتي تنقذ زوجها وتستطيع الإنفاق علي جزء من المعيشة.. وافقت وكلفت أختها فايزة التي كانت تبحث عن عمل في عكا بالمهمة مقابل راتب مجز وبالفعل راحت فايزة تمد أختها نادية في مصر بالأفلام حتي بدأت حرب عاصفة الصحراء في مساء 17 يناير 1991 من أجل تحرير الكويت التي احتلتها قوات صدام حسين. 

في ثاني يوم لتلك الحرب.. كان يمكن أن نعلم في أي غرض تم استخدام الأفلام التي صورتها فايزة لشقيقتها نادية في مصر، والتي بدورها سلمتها لحلمي الزغبي، فقد أطلق صدام حسين يوم الجمعة 18 يناير 1991 عدد 6 صواريخ سكود دفعة واحدة تجاه ذات المناطق الموجودة في أفلام فايزة وبواقع 43 صاروخ سكود طبقا لشهادة العميد الركن "حازم عبد الرزاق الأيوبي" قائد منصات سكود العراقية تباعا.. وبشكل يومي حتي الإثنين 25 فبراير 1991 ، عندما أطلق العراق في هذا اليوم آخر صاروخ سكود تجاه تل أبيب. 

في إسرائيل نشطت كل أجهزة المخابرات الإسرائيلية بحثا عن أسباب اختيار صدام لتلك الأماكن التي أصابتها الصواريخ بالتحديد.. فوجدوا مصوراً إسرائيلياً شاباً تقدم إليهم بشهادة أفاد فيها أن فتاه من عكا تدعي فايزة ديب فودة وقدم كل المعلومات عنها قد كلفته قبل الحرب بتصوير نفس المناطق في أفلام فيديو وأنه كان يعتقد أنها أفلام لمحطات تليفزيونية أوروبية كما أعلنت له. 

علي الفور ألقت المخابرات الإسرائيلية القبض علي فايزة ديب فودة في نهاية يناير 1991، ولأنها كانت قد أرسلت كل الأفلام الأصلية لشقيقتها نادية ولم يكن لدي المصورين نسخ لتقديمها للمحكمة التي أحيلت إليها فايزة بتهمة التجسس لحساب "أحمد رمزي" والوزير "حسن محمد الألفي" بتجنيد خاص من شقيقتها نادية ديب فودة التي اختفت في القاهرة، ولأن المدعي العام الإسرائيلي لم يتمكن من إثبات تهمة التجسس علي فايزة، فقد وجهوا إليها اتهاماً فضفاضاً بزعم اتصالها بعملاء أجانب يعملون لحساب دول هي مصر والكويت والعراق.. وعميل كان يعمل لمنظمة التحرير الفلسطينية وحكم علي فايزة ذات الـ31 عاما بالسجن 4 أعوام في سجن "هاشارون". 

الغريب أن المعلومات أفادت أن نادية كانت في زيارة لعكا مسقط رأسها في أول يناير عام 1991 لكنها عادت لمصر قبل أيام من القبض علي شقيقتها فايزة وعلي معبر رفح الإسرائيلي سجلت الدفاتر أنهم صادروا منها عدداً من الأفلام بدعوي أنها ممنوعة لكن أحدا لم يشك فيها وتركوها تدخل مصر. 

أما في الموساد في إسرائيل فراحوا يبحثون عن نادية التي استقرت في مصر، فعلمت نادية أن ضباط الأمن في السفارة الإسرائيلية يبحثون عنها في القاهرة فتركت شقة شارع نوال بالدقي علي عجل ولم تعلن لأحد عن وجهتها، وأشاعت أنها عائدة لبلدها لكنها في الواقع كانت قد انتقلت مع زوجها إلي شقة جديدة مؤجرة في حي مدينة نصر وتحديدا في شارع الطيران أمام سكن الطالبات. 

في السكن الجديد اختفت نادية تماما عن الأنظار وأشاعت لجيرانها أنها من محافظة الشرقية حيث إن لكنتها كانت الأقرب للهجة أهالي الشرقية، ولكنها أكملت العمل مع حلمي الزغبي حتي فوجئت باختفائه في يوم وليلة وإغلاق دار النشر التي كانت تعمل بها. 

في تلك الأثناء كانت مضطرة للعمل فاتصلت بصحيفة لبنانية وبدأت تعمل لحسابها من مصر، وفي ذلك الوقت عادت للظهور من جديد في المركز الأكاديمي الإسرائيلي الذي ساعدها في الماضي بخطابات التوصية الشخصية لجامعة القاهرة، حيث يوجد بروتوكول تعاون بين المركز والجامعات المصرية بناء علي معاهدة السلام. 

كان المركز الأكاديمي الإسرائيلي الذي أنشئ طبقا للبروتوكول الخاص الملحق علي معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية والموقع في 25 فبراير 1982 قد استقبل نادية من قبل مئات المرات فكانت تعرف بشكل شخصي مديره "شيمعون شامير" من 1982 حتي 1984، وكانت قد حضرت آخر فترة له في القاهرة ومن بعده عملت مع البروفيسور "جبرائيل فاربورج" من 1984 حتي ..1986 ثم توددت بشكل كبير لمدير المركز البروفيسور "أشير عوفاديا" من عام 1986 إلي عام 1989، وكشفها ضابط المخابرات الأسبق البروفيسور "يوسف جينات" الذي شهد قمة عمليتها منذ عام 1989 إلي عام 1992 . 

في ذلك الوقت كان يوسف جينات هو الأخطر علي نادية وهو صاحب الدراسة الشهيرة التي يعمل علي أساسها جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشين بيت" ليومنا هذا التي تقضي بإعتقال النساء العرب وضربهن واغتصابهن حتي يعترف ذووهن بسهولة وهي الدراسة المنشورة علي موقع شبكة التليفزيون الإسرائيلي القناة السابعة حتي يومنا هذا. 

فكشفها ووثق ترددها علي المركز الأكاديمي بالقاهرة، وكان يوجد العقيد "أحمد رمزي" ضابط أمن الدولة في الجيزة من فترة "أشير عوفاديا" والذي استمر لفترة يوسف جينات يراقب الموقف عن كثب فاتصل بنادية ديب فودة وكان يرغب في معلومات عن المركز في القاهرة.. وفي الواقع لم تكن هناك أية علاقة لما طلبه رمزي من نادية وبما يدور في إسرائيل فمدي اختصاص رمزي كان لا يتعدي حدود مصر فقط. 

نادية وافقت علي الفور.. لكنها ورطت "أحمد رمزي" في علاقة عمل عميقة فسرتها إسرائيل علي أن رمزي جندها للعمل لجمع المعلومات عن إسرائيل لحساب مصر، وساعد علي هذا الفهم أن رمزي كان يدفع بأحد ضباطه لحضور جميع محاضرات المركز العلنية التي كانت تحضرها كلها نادية ديب فودة.. وخلال الحفلات التي تلي المحاضرات كان ذلك الضابط يقع في أخطاء خطيرة مثل إلقاء التحية علي نادية وهو ما وثقه يوسف جينات في صور فوتوغرافية أكدت العلاقة. 

مع أن ذلك لم يكن صحيحا، فنادية لم تخدم مصر من قريب أو بعيد.. لكن المثير أن نادية استمرت في الخطة التي وضعها لها حلمي الزغبي كما هي حيث أعجب رمزي بسذاجته متجاهلا خطورة كشف عملية كتلك بما يمكن أن يستزيد به من معلومات ربما تكون ذات أهمية، فطلبت نادية من أختها فايزة أفلاما أخري فاستأجرت فايزة مصوراً عربياً إسرائيلياً يدعي "عماد المصري" صور عدداً من الأفلام لكنه شك في طلباتها الأخري فأبلغ هو الآخر عنها وفي إسرائيل كانوا ينتظرون نادية بأي شكل. 

كانت نادية قد قطعت علاقتها بأختها فايزة بعد توريطها إياها ودخولها السجن في إسرائيل وفي عام 1996 عادت قريبة لنادية فودة من مقر إقامتها في جنيف وكانت تدعي "هدي فودة" فاعتقلتها المخابرات الإسرائيلية بدعوي أنها شاركت في عملية تفجير سيارة مفخخة في السفارة الإسرائيلية بلندن في عام 1993 لكنهم ما لبثوا أن أطلقوا سراحها وعادت لجينيف حيث كانت تحمل الجنسية السويسرية وفي الحقيقة كانوا يبحثون عن نادية. 

كانت كل الشواهد تنذر بالخطر ضد نادية فودة في مصر، لكنها كانت مضطرة في 20 أغسطس 1997 للعودة لإسرائيل للعزاء في أختها الكبيرة "عايدة فودة" التي ماتت وكانت بالنسبة للإخوة فودة بمثابة الأم التي ربتهم جميعا.. فقبض عليها في المطار ولم يسمح بالنشر عن قضيتها سوي في الأربعاء الموافق 27 أغسطس 1997. 

في إسرائيل كانت العلاقة بين القاهرة وتل أبيب ملتهبة حتي أن صحيفة يديعوت أحرونوت عدد 28 أغسطس 1997 نشرت في مانشيتاتها علي الصفحة الأولي عنوانين يثبتان تلك العلاقة المتدهورة أولهما: "القاهرة تعلن ديفورا جناني شخصية غير مرغوب فيها" وكان العنوان الثاني: "جلسة الحكم علي عزام عزام يوم 31 أغسطس 1997". 

ونادية ديب فودة مواليد عام 1952 في التحقيقات أعلن محاميها أنها ستعترف في إطار صفقة قانونية تعفيها من العقوبة طبقا للقانون الإسرائيلي.. فشهدت بقصص لم تحدث أصلا منسوبة إلي أحمد رمزي ومحمد حسن الألفي وزير الداخلية المصري علي أساس أنهما جنداها للعمل لحساب مصر و،هو ما لم يحدث لأنها كانت تتعاون مع المخابرات العراقية وحدها عن طريق الضابط حلمي الزغبي الذي اختفي من القاهرة. 

فقلبت إسرائيل الدنيا دوليا علي مصر وكان رئيس وزرائها يومها هو "بنيامين نتانياهو" وحققت أجهزة سيادية عليا مع أحمد رمزي ومع محمد حسن الألفي وزير الداخلية علي أساس علمه المسبق بموضوع نادية ديب فودة الذي ورطه فيه رمزي، فأنكر الرجل.. لكن مبارك كان يجب عليه التصرف.. فراح يفكر جليا في إقالة حسن محمد الألفي وكان قد أمر بعدم نشر أية موضوعات عن علاقة الداخلية بالجاسوسة نادية ديب فودة، وأن يتركوا الموضوعات المترجمة العادية عن أخبارها علي أساس أن مصر لا علاقة لها بقضيتها. 

في محكمة عكا بدأت محاكمة نادية ديب فودة في الأربعاء 3 ديسمبر 1997 التي اتضح أنها تجسست لحساب العراق لمدة قاربت 8 أعوام، وما لبثت أن وقعت الصفقة القانونية واعترفت زورا للمرة الثانية علي أحمد رمزي ومحمد حسن الألفي ووثقت القضية السفارة المصرية في تل أبيب وسجنت نادية لمدة أربعة أشهر فقط بشكل صوري وبعدها عادت لتختفي عن الأنظار حتي سجلت المحاكم الإسرائيلية لها قضية باسمها في جلسة 12 أغسطس 1999 برقم 5313 قيدتها بمحكمة العدل العليا طالبت فيها مع زوجها المصري "محمد حلمي عبد الفتاح" الذي استقر معها في عكا وراح يعمل طبيبا بالتعويض من وزارة الداخلية الإسرائيلية وفرع الوزارة بمدينة عكا بدعوي تعكير صفو حياتها في إسرائيل فرفضت المحكمة القضية. 

نادية ديب فودة قدمت اعترافا وهميا عن مصر لكن فايزة أختها رفضت العرض القانوني فطاردها الموساد في حياتها وفي 24 أكتوبر 2006 لفقوا لها قضية عمل بدون ترخيص وحصول علي دعم من حماس في القضية رقم 6009 محكمة السلام بالقدس وحكم عليها بالسجن 30 شهرا فخرجت في 20 إبريل 2008 بعد قبول استئنافها في 17 إبريل 2008 وهي تعمل حاليا في إدارة حضانة أطفال في بيت لحم وما زالت تنكر أي علاقة لها مع مصر. 

أما حسني مبارك، فقد فوجئ بحادثة الأقصر وكان رسميا قد قرر من قبلها إقالة محمد حسن الألفي في ديسمبر 1997 فاضطرته الحادثة البشعة لتنفيذ قرار الإقالة سريعا، فعزل الألفي الذي سجل التاريخ له أن حادثة الأقصر كانت هي السبب الرئيسي في إقالته بينما كانت قضية نادية ديب فودة هي الأصل

روز اليوسف 

اجمالي القراءات 7164
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق